السبت ٢٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم
طائرَ البرقِ
يا طائرَ البرقِ ما للبرقِ يُصبيني؟ | ويوقدُ الشوقَ في صدري ويغريني |
أبيتُ أرقبُ خلـفَ الغيـمِ مطلعَـهُ | وفي الحكايـا وأزهـارِ البساتيـنِ |
أرى الوميضَ كأنّ الصبحَ يسكنـهُ | وحولهُ الغيمُ سارٍ فـي شرايينـي |
أسامرُ الغيمَ علّ الهمسَ يحمِلنـي | إلى فضاءٍ سرى في الفجر يَحكيني |
أضمُّ عطرَ الثرى فالصبحُ يألفنـي | ويشربُ الخمرَ من دنّي ويروينـي |
وأسْكِرُ الصبحَ من خمر القصيدِ بها | وإن تنكّر لـي صبـوُ الشياطيـنِ |
فقد غدوتُ حروفاً مـن حكايتهـا | تشيخُ فيها أساطيـري وتوحينـي |
مضى الزمانُ بها، ما للزمانِ ولي | حتى تبعثرَنـا ريـحُ الخماسيـنِ؟ |
تلوذُ فـيَّ وتـذرو دمعَهـا ألمـاً | وما تظـنّ بـأنّ الدمـعَ يُدمينـي |
وما تظنّ بـأنّ الـروحَ تسكنهـا | وتسكنُ الطيرةُ النجوى وسيرينـي |
وفيّ حلّت ربا حيفا ومـن ألمـي | تبوحُ ميعارُ أسـراري ومَيْرونـي |
تعيش فيّ وتحلو حيـن تنبضنـي | بين الضلوع وعند الليل تهذينـي |
تجيشُ في الصدر آهـاتٌ أعلّلهـا | بما أمِلتُ وهل دهـري يُوافينـي؟ |
فلستُ أدري إذا ما شاخ لـي أمـلٌ | والليـل يظلـمُ والأيـام تعيينـي |
فمنذُ أن كنتُ كنتِ الجرحَ يُؤلمنـي | وكنتِ دفءَ حروفي في دواوينـي |
وكنتِ لي وطناً في القلب أحملُـهُ | وما يَزالُ علـى الآمـالِ يحيينـي |
لك القصائد مثل السيـل تسكبهـا | روحي فتسقي لماها ما تُساقينـي |
ما أنت إلا احتراقاتـي وموجدتـي | ولستِ إلا عبيرَ الشعـر يعرونـي |
أدمنتُ روحك أسقيها الهوى بدمي | وأعزفُ الدهرَ ألحـانَ المجانيـن |
فمـا ذكرتـك إلا بـتّ أبصرنـي | من رقّة الشوقِ قد تاهت عناويني |
فهل نعودُ وهل للنفس مـن وجـعٍ | إلا فـراقٌ, وأرضُ الله تَطويـنـي |
وهل تروقُ الليالي بعـد جفوتهـا | وتشرقُ الشمسُ بينَ الغيمِ تحدوني |
ظمئتُ واللهِ، إذ ضاقت بما رحُبـت | كلُّ الحدودِ وغيضَ الحبرُ من دوني |
وتاق قلبي شذا الأغصان مائسـةً | مع النسيم وأصـواتِ الحساسيـنِ |
فكيف أسلو وما في سلوتـي أمـلٌ | إلا اجتراحُكِ من عطر الرياحيـنِ؟ |
فما سلاني اختلاجُ الروح أو بكرتْ | إليّ تسعى الخوافي كي تُناجينـي |
فصرتُ أهذي وتهذي بي مخيّلتـي | في كلّ ناحيةٍ قـد تـاهَ مكنونـي |
وقفتُ ليلاً أناجي الظلّ واشتعلـت | في مقلتـيّ أساريـري لتصبينـي |
فتثملُ الروحُ من راحٍ بها انسكبت | على القوافي فكانت فيـكِ أفيونـي |
لك الدواوينُ من جرحٍ ومـن أمـلٍ | يسري بقلبي وروحي يومَ تكويني |
فلا تظنّـي بـأنّ الشعـرَ ينبضُـهُ | سوى ربوعك في الوهج الفلسطيني |