يا طائرَ البرقِ ما للبرقِ يُصبيني؟ |
ويوقدُ الشوقَ في صدري ويغريني |
أبيتُ أرقبُ خلـفَ الغيـمِ مطلعَـهُ |
وفي الحكايـا وأزهـارِ البساتيـنِ |
أرى الوميضَ كأنّ الصبحَ يسكنـهُ |
وحولهُ الغيمُ سارٍ فـي شرايينـي |
أسامرُ الغيمَ علّ الهمسَ يحمِلنـي |
إلى فضاءٍ سرى في الفجر يَحكيني |
أضمُّ عطرَ الثرى فالصبحُ يألفنـي |
ويشربُ الخمرَ من دنّي ويروينـي |
وأسْكِرُ الصبحَ من خمر القصيدِ بها |
وإن تنكّر لـي صبـوُ الشياطيـنِ |
فقد غدوتُ حروفاً مـن حكايتهـا |
تشيخُ فيها أساطيـري وتوحينـي |
مضى الزمانُ بها، ما للزمانِ ولي |
حتى تبعثرَنـا ريـحُ الخماسيـنِ؟ |
تلوذُ فـيَّ وتـذرو دمعَهـا ألمـاً |
وما تظـنّ بـأنّ الدمـعَ يُدمينـي |
وما تظنّ بـأنّ الـروحَ تسكنهـا |
وتسكنُ الطيرةُ النجوى وسيرينـي |
وفيّ حلّت ربا حيفا ومـن ألمـي |
تبوحُ ميعارُ أسـراري ومَيْرونـي |
تعيش فيّ وتحلو حيـن تنبضنـي |
بين الضلوع وعند الليل تهذينـي |
تجيشُ في الصدر آهـاتٌ أعلّلهـا |
بما أمِلتُ وهل دهـري يُوافينـي؟ |
فلستُ أدري إذا ما شاخ لـي أمـلٌ |
والليـل يظلـمُ والأيـام تعيينـي |
فمنذُ أن كنتُ كنتِ الجرحَ يُؤلمنـي |
وكنتِ دفءَ حروفي في دواوينـي |
وكنتِ لي وطناً في القلب أحملُـهُ |
وما يَزالُ علـى الآمـالِ يحيينـي |
لك القصائد مثل السيـل تسكبهـا |
روحي فتسقي لماها ما تُساقينـي |
ما أنت إلا احتراقاتـي وموجدتـي |
ولستِ إلا عبيرَ الشعـر يعرونـي |
أدمنتُ روحك أسقيها الهوى بدمي |
وأعزفُ الدهرَ ألحـانَ المجانيـن |
فمـا ذكرتـك إلا بـتّ أبصرنـي |
من رقّة الشوقِ قد تاهت عناويني |
فهل نعودُ وهل للنفس مـن وجـعٍ |
إلا فـراقٌ, وأرضُ الله تَطويـنـي |
وهل تروقُ الليالي بعـد جفوتهـا |
وتشرقُ الشمسُ بينَ الغيمِ تحدوني |
ظمئتُ واللهِ، إذ ضاقت بما رحُبـت |
كلُّ الحدودِ وغيضَ الحبرُ من دوني |
وتاق قلبي شذا الأغصان مائسـةً |
مع النسيم وأصـواتِ الحساسيـنِ |
فكيف أسلو وما في سلوتـي أمـلٌ |
إلا اجتراحُكِ من عطر الرياحيـنِ؟ |
فما سلاني اختلاجُ الروح أو بكرتْ |
إليّ تسعى الخوافي كي تُناجينـي |
فصرتُ أهذي وتهذي بي مخيّلتـي |
في كلّ ناحيةٍ قـد تـاهَ مكنونـي |
وقفتُ ليلاً أناجي الظلّ واشتعلـت |
في مقلتـيّ أساريـري لتصبينـي |
فتثملُ الروحُ من راحٍ بها انسكبت |
على القوافي فكانت فيـكِ أفيونـي |
لك الدواوينُ من جرحٍ ومـن أمـلٍ |
يسري بقلبي وروحي يومَ تكويني |
فلا تظنّـي بـأنّ الشعـرَ ينبضُـهُ |
سوى ربوعك في الوهج الفلسطيني |