1
كَانَ يَعُدُّ جُثَثَ اُلْكَلِمَاتِ
يُوَارِيهَا صَدْرَهُ
فَتَعْلُو اُلزَّفَرَاتُ خُطَاهُ.
اُقْتَرَبْتُ مِنْ غُبَارِ عَيْنَيْهِ
«هَلْ كُنْتُ نَفْسِي؟!!»
سَأَلْتُنِي وَأَنَا أَتَشَكَّلُ فِي حَرَائِقِهِ
حَبَوْتُ نَحْوَ بِسَاطِهِ اُلنَّازِفِ
رَأَيْتُ.....
يَا وَيْلِي مِنْ صَوْتِ لُهَاثِهِ !
2
كَانَ يَتَقَمَّصُهُ اُلذُّعْرُ
بَيْنَ يَدَيْهِ قِنِّينَةٌ مِنَ اُلْوَسَاِوسِ
ظَنَنْتُهَا خَمْرَةً نُوَّاسِيَّةً
قَهْقَهَتْ مَعَالِمُهُ
وَفَوْقَ سَرِيرِ اُلْجُرْحِ اُرْتَمَى.
حَرَّكْتُ زَوَايَاهُ
قُلْتُ:
«أَيُّهَا اُلْجَسَدُ اُلْمُتَهَالِكُ
بَيْنَ يَدَي اُلْمَوْتِ
هَلاَ أَفَقْتَ؟»
نَظَرَ إِلَيَّ شَزْرًا
تَمَطَّى فِي دُمُوعِهِ وَقَالَ:
"تُرَاكِ تَسْخَرِينَ مِنْ رَغِيفِ جُنُونِي
أَمْ تَسْتَسِيغِينَ رَائِحَةَ اُلشَّجَنِ؟ "
قُلْتُ:
ـ «لاَ تَتَعَجَّل اُتِّهَامِي
فَأَنَا حُلْمٌ يَمْضِي دُونَ عَسَسٍ
بَيْنَ أَوْرَاقِ اُلْإِشَارَاتِ».
لَمْلَمَ اُلدَّرَاهِمَ فِي كَفِّ تَبَارِيحِهِ
وَغَنَّى لِلْوَطَنِ مَوَّالَ عِشْقٍ.
كَانَتْ يَدَاهُ تَرْتَجِفَانِ
وَكُنْتُ أَرْقُبُ
كَيْفَ تَتَفَجَّرُ اُلْمَسَافَاتُ فِي حَلْقِهِ
فَجْأَةً حَمَلَ بَعْضَ تَوَارِيخِهِ
وَقَالَ:
ـ «لاَ تَتَقَمَّصِي ثَوْبَ اُلشَّمْسِ
هُنَا سَنَابِلٌ وَدِمَاءْ
وَطُفُولَةٌ اُغْتَالَتْهَا أَيْدِي اُلْجُبَنَاءْ
أَصْغِ لِجِرَاحِ اُلْأَرْضِ
فَهي قَبْرٌ كَبِيرٌ لِلْأَقْدَامِ اُلْعَارِيَةْ
تَمْشِي مِثْلِي فِي رَمْدَائِهَا
لَا تَتَدَثَّرُ بِغَيْرِ اُلْحُرِّيَّةْ !»
قُلْتُ:
ـ «أَلَا تَلْمَسُ فِي ثُقْبِ قَلْبِي
عَيْنَا اُلْهُدْهُدِ اُلْحَائِرِ؟»
قَالَ:
ـ «لاَ أَرَى غَيْرَ شَاعِرَةٍ تُمَجِّدُ اُلْهَوَى*
وَسَقْفُ اُلْعُرُوبَةِ مِنْ زَمَنٍ قَدْ هَوَى»
اُنْكَسَرْتُ أَمَامَ اُعْتِرَافَاتِهِ
قُلْتُ:
«أَيُّهَا اُلشَّرِيدُ فِي قَبْوِ اُلْأَنِينِ
نَبْضِي زَوَابِعٌ
مَعْنَايَ ظُلْمَةٌ
لاَ تَرَى غَيْرَ بُكاَءِ اُلْعَالَمِ».
لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيَّ
جَرَّ رِجْلَيْهِ بَيْنَ أَخَادِيدِ اُلْحَرْبِ
لَمْ أَسْمَعْ غَيْرَ سُعَالِهِ
وَهُوَ يَمْضِي