الثلاثاء ٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
بقلم
جُرحٌ قَديم
جُرحٌ قَديمْوَالبَحرُ أَبيَضُكَالمَسافَةِ بَينَ عُكّازَينِ مِن حَجَرٍ:فِطامِكَ وَاغتِرابِكَ في زَفيرِ النَّملِمِن أَليافِ مِشنَقَةٍتَهُبُّ الرّيحُوَعداً في خَرابِ الكّفِّلا رُؤيا تُظَلِّلُ ظِلَّكَ المَحروقَ فَوقَ أَصابِعيلِتَنامَ يا أَبَتيوَلا أُنثى تَفيضُ عَليكَتُطفِئُ شَهوَةَ الآتيتَهُبُّ الرُّوحُتُمعِنُ في الجَفافِ المُرِّفي السَّهوِ المُوَزَّعِ بَينَ مِرآتينِفي الصَّبرِ المُخَبَّأ في قِرابٍ تُثقِلُ الكَتِفَينِفي الضَّجَرِ المُلازِمِ لِلخُطى والتّيهِ في جُرحينِتَرحَلُ في تَمامِ الصَّمتِ فَضفاضاًكَأَنَّ القَومَ بَعدَ القَومِ أَعجازٌ لِنَخلٍفي صَريرِ الَّليلِ مَسكونٍبِداءِ الصَّبرِ وَالآثامْكًلُّ الَّذينَ تَقاطَعوا في الحَربِغابوا عَن شَوارِعِكَ العَتيقَةِوَاستُبِحتَوَأَقفَرَت طُرُقُ المَدينَةِوَحدَكَ الغَيبُ المُخَبّأُ في الحَقيبَةِوَحدَكَ القَلَقُ المُمَزَّقُ خَلفَ جُدرانِ الحَقيقَةِوَحدَكَ الجَسَدُ المُوَزَّعُ في تَمامِ الصَّبرِ نَثراً كَالغَمامْمَن يَكتُبُ التّاريخَ يَنسىأَن يَمُرَّ عَلى جِراحِكَ حافِياًلَو حافِياًمَن يَكتُبُ التّاريخَ تُدمي كَفَّهُ السَّمراءَذِكرى وَعدِكَ المَسكونِ خَوفاً يائِساًمَن يَكتُبُ التّاريخَ يَنسى صَوتَ صَمتِكَللسَّماءِ مُعاتِباًخَذَلوكَ يَومَ تَكَسَّرَت صُورُ المَدينَةِوَالقُلوبُ تَبَعثَرَتْ خَلفَ الحَناجِرِوَالخَناجِرُ في ضُلوعِكَ أُغمِدَتخَذَلوكَ يَومَ تَيَمَّمَوا مِن مِلحِ دَمعِكَ ثُمَّ قالوا:لِلسَّماءِ جُنودُهاإذهَب وَرَبَّكَ قاتِلاإنّا هُنامُتَحارِبونَ عَلى الصَّدىوَعَلى الكَلامْجُرحٌ قَديمْوَالبَحرُ أَبيَضُوَالفَراشاتُ الصَّغيرَةُ مِن وَريدٍ قَد تَدَلَّت كَالغَسيلْمَن ذا يهيِّئُ قَبرَهاوَالمَوتُ أَبيَضُ في الرَّحيلْ؟مَن ذا يهيِّئُ عِطرَهاوَالصَّوتُ أَبيَضُ في الصَّهيلْ؟مَن ذا يهيِّئُ ثَوبَهاوَأَنا المُؤَذَّنُ في الكَلامِ وَفي السَّلامِوَفي الصَّلاةِ عَلى الحُفاةِأَنا المُؤَبَّنُ في الجَنازَةِكُنتُ أَعرِفُ شَكلَ وَجهيوَالمَسافَةَ بَينَ حُلميوَانقِطاعِ الخَطِّ في أَعماقِ كَفّيغَيرَ أنّيقَد أَفَقتُ عَلى الدُّموعِعَلى مَراثي العابِرينَ عَلى الضُّلوعِعَلى الشُّموعِعَلى الغِيابِ يَعودُ في دَربِ الرُّجوعِعَلى الكَلامِ يَسيلُ مِن نَزفِ الغَمامِعَلى السَّماءِ تُفَتِّحُ الأَبوابَ ليوَالأَنبياءِ يُرَدِّدونَ صَلاتَهُم خَلفي...أَناما كُنتُ إلاّ زائِداً في المَشهَدِ الَّليليِّ أَهمِسُ لِلمَقاعِدِبَعدَ أَن يَمضي الجُنودُأُرَدِّدُ الأَحزانَ وَحدي:إن كَتَبتَ رَسائلاً لِلغائِبينَ وَلَم تَجِدْفيها فِلَسطينَ الَّتي غابَت عَنِ الدُّنياوَما زالَت تُظَلِّلُ جُرحَكَ المَفتوحَ في الُّلقيافَحُزنُكَ كاذِبٌكاذِبْما كُنتُ إلاّ زاهِداً في المَسجِدِ المَنسيِّ أَهذيإن نَسيتَ – وَأَنتَ تَرفَعُ في الدُّعاءِ إلى السَّماءِجَبينَكَ المَوسومَ مِن أَثَرِ السُّجودِ بِلَيلَكٍ –نَجوى فِلَسطينَ القَتيلَةِقِبَلَةَ العُشّاقِفاذكُرْ أنَّ دَمعَكَ كاذِبٌ كاذِبْما كُنتُ إلاّ شاهِداً في المَسرَحِ الَّليليِّ أَصرُخُ:إن نَسيتَ - وَأَنتَ تولِمُ لِلجِياعِ هَزيمَةً أُخرى –فِلَسطينَ الَّتي ماتَت عَلى أَعتابِ بَيتِكَفاذكُرِ الرِّيحَ الَّتي قَلَبَت قُدورَ العائِدينَمِنَ المَدينَةِدونَ أَعلامٍوَلا أَحلامْجُرحٌ قَديمْوَالبَحرُ أَبيَضُوَالسَّماءُ تَنامُ في جَيبِ القَتيلْلِلمَوتِ وَقتٌ ضائِعٌلِلحَربِ نابٌلِلسَّماءِ مَلاكُ مَوتٍ واضِحٌوَالرُّوحُ أُنثىوَالحَقيقَةُ أَلفُ وَجهٍ تَقبَلُ التَّعليلْهَل تُعرَفُ الأَسماءُ مِن لَونِ الوُجوهِوَمِن خُطوطِ الكَفِّ قَبلَ خَرابِهاأَم تُحشَرُ الأَجسادُ في الأَجسادِ غَيباًقيمَةًلا تَقبَلُ التَأنيثَ وَالتَذكيرَ وَالتَأويلْ؟كُلُّ الَّذينَ تَكاثَروا في الكَهفِ ماتواوَالمَدينَةُ لا تُعِدُّ صَلاتَهاالأَنبياءُ الأَنبياءُ العائِدونَ مِنَ الخُرافَةِهَل سَيَخرُجُ مِن حَرائِقِ فِتنَةِ الصَّمتِ المُدانِ مُحَمَّدٌ؟وَالجائِعونَ الجائِعونَ تَدافَعوا مِثلَ الذِّئابِ عَلى الفَريسَةِهَل تَرَبَّعَتِ المَدينَةُ في السَّماءِ عَلى السَّماءِوَغَيَّرَت أَبعادَها؟وَالتائِهونَ التائِهونَ تَناثَروا كَالغَيمِماذا يَكسِرُ الفَقَهاءَ لَو كانَ الصَّدى بُعدَينِ؟ماذا يَكسِرُ الخُطَباءَ؟ماذا يَكسِرُ المَوتى؟وَماذا يَكسِرُ الأَحياءَلَو كانَ الصَّدى بُعدَينِ يَلتَقيانِوَمضَةَ لَحظَةٍ في رَأسِ دَبّوسٍ؟هَل اكتَمَلَت شَجاعَةُ طائِرِ العَنقاءِكَي يَنزاحَ في جُرحَينِأَو روحَينِأَو فَتحَينِ؟ماذا يَلبَسُ الغُرَباءُ غَيرَ الصَّوتِ وَالذِّكرى؟وَماذا يُتقِنُ الغُرباءُ غَيرَ الصَّحوِ بَعدَ المَوتِوَالرُؤيا؟أَعُدُّ أَصابِعي لِتَنامَيَغفو البَحرُتُمعِنُ في السُّقوطِ الحُرِّ في جَسَديأُرَمِّمُ عَتمَةً سالَت عَلى شَفَتيأنا وَالخَوفُ مِرآتانِ في جَسَدٍ بِلا عَينينِتَختَنِقُ الحِكاياتُ الَّتي فاضَت بِماءِ البَحرِ في رِئَتيأَعُدُّ أَصابِعيوَالوَقتُ يَسرِقُنيأَعُدُّ أَصابِعيوَالوَقتُ يَترِكُنيأَعُدُّ أَصابِعيوَالوَقتُ دائِرَتيأَعُدُّ أَصابِعي وَأَفِرُّلا مَسرى سِوى مَسراكَيَختَلِطُ الإيابُ الحُرُّ بِالماضيوَتَشرَبُني مِياهُ الغَيبِلا ذِكرى سِوى ذِكراكَكَيفَ أُرَمِّمُ الكَلِماتِ بِالكَلِماتِوَالذِكرى سِتارٌ يَحجِبُ الرُؤيا؟تَعُدُّ أَصابِعَ الجُرحَينِ مَسكوناًبِطَيفِ العائِدِ المَولودِ في الآتي صَدىلأَنامَ يا أَبَتي عَلى وَجَعيكَكَيفَ أَنامُ وَالذِّكرى سِتارٌ يَحجِبُ الرُؤيا؟وَكيفَ أَمُرُّ كالرّيحِ الَّتي ضاقَت بِها الدُّنياعَلى جَسَدٍمِنَ الأَحلامِوَالأَوهامِوَالأَختامْ؟