

بعض أمسي
حين قبضتَ على جذع فؤادي تعريتُ من الموت ومدتني أمكنتك بالمعجزات ،وحين أوغلتُ في معارفك ارتقيتُ ، وعرفتُ من مسافات الهوى المستحيلات ...
وأمسكتَ بموجي المجنون، حينها عبرتُ الرمل من باب اليقين ،ومشيتُ حتى آنستني بحورك تغويني بالزرقة المبحرة في أعماقها ؛ لأكلمها دون خوف أو ظنون ، وخلعتُ عني أوهامي وغصتُ في امتداد موجكَ ، وأفضيتُ لمدكَ وجزركَ بما رشته علي أنواؤك من رذاذ الغرام ....
أفاجئك اليوم ببقايا أسراري ، وأنفضُ منها راحتيّ ، وأطالبك أن ترد بقاياي التي أودعتها أصدافكَ .. إليّ ...
الشوق يرسو في قيعاني ، وأنا مازلت أسارع الخطو مابين رمالي وأمواجك ، أشيح بوجهي عن أسى الزمان ، أوحي لليل الكئيب أن يختفي ؛ لأستكين من أوجاعي ، فيلقي بوشاحه عليّ ..
وآساني الفراق لما مضيت من دون وداع ، من دون أن أكلم في بحورك المسافات ، وحملت في نفسي حنيناً يجيئني كلما تهاوى الشوق عليّ ، فأنصب في ذاكرتي شراعاً يسافر بي إليك فرحاً رضيا ، أرقى به إلى شمس صباحكَ تلقي علي الترحاب والتحية ، وأستوقفها لتومئ إلي بمابقي من أسراري لديك ، أصرها في صندوق مصدف ، يطفح بالشوق إلى بحورك، وأدفعها إلى شواطئك الهائمة قليلاً قليلاً بكلتا يديّ ؛ عسى أن ترد إلي ماكان بيني وبينك ،عسى أن ترد إلي كياني الذي أمسى بقايا لديك وبعض أمسي .