

اُمرأة.. فتى.. وبندقية
هذه قصة نابعة من الجرح العربي النازف، لامرأة عانقت الموت مع ابنها.
فإلى المرأة العربية و إلى نساء غزة وأبنائها تنحني حروفي.
اُللَّيْلُ يُبَعْثِرُ أَوْرَاقَهُهَلْ كَانَ يَقْرَأُ لَهُمْ بُرْجَ اُلْحَيَاةْمُتَأَمِّلاً خَـطَّ اُلْمَمَاتْ ؟!!1كَانَ يَمْشِي بِلَا هُويَّةٍ يَتَأَمَّلُ بِحُزْنٍ خُطَاهُمُرْهَـقًا مِنْ صَوْتٍ يِئِنُّ فِي حَنَايَاهُاُلْتَفَّ حَوْلَ كَاحِلِـهِ اُلْحَرِيقْوَفَـاضَتْ عَيْنَاهُـ "لَا تَتْرُكِينِي أُمِّي لِذِئَابِ اُلْأَرْضِفَأَنَا يُوسُفُ اُلْقَادِمُ مِنْ بِئْرِ اُلْوَهْمِ"صَـدَّتْـهُاُنْتَفَضَ جَنَاحَـاهُ :ـ "دَعِينِي أَتَدَثَّرُ بِمِلْحِ اُلْأَرْضِوَأَرْكُضُ كَمَا يُوحَنَّالِيَقْتَاتَ مِنِّيَ اُلْمَوْت."2كَانَا لَا يَسْمَعَانِ غَيْرَ صَوْتِ اُلرَّصَاصِلَمْلَمَتِ اُلْمَرْأَةُ شَعْرَهَامَسَحَتْ بِلُطْفٍ عَنْ ثَوْبِهَاتَعَطَّرَتْ بِقِنِّينَةِ اُلْحَرْبِوَرَكَضَتْ نَحْوَ بِحَارِ اُلدَّمِ.وَقَـفَـتْتَأَمَّلَتْ مَصِيرَهَا.كَانَ اُلْقَمَرُ حِينَهَا يُضِيءُوَكَانَتْ خُطُوَاتُهُمَا تُزْهِرُ"إِلَى أَيْنَ يَمْضِيَانِ ؟"وَشْوَشَتْ مَحَارَةُ اُلْغَضَبْ.3اُلطَّرِيقُ طَوِيلٌ يَعُبُّ مِنَ اُلْخَوْفِ حَصَاهُوَكَانَ اُلْبَرْدُ اُلشَّدِيدُ يُقَوِّسُ ظَهْرَهَادَفَعَتْ فَتَاهَا نَحْوَ حُضْنِهَاوَغَنَّتْ مَوَاوِيلَتَفْهَمُ وَحْدَهَا جُرْحَهَا.جَلَسَتْ فَوْقَ أَعْضَاءِ حُلْمِهَاتَعُدُّ سُبْحَةَ عُمْرِهَايَـا لَلْهَوْلِ !كَمْ مَضَى تَقُولُ فِي سِرِّهَاـ "هَلْ كَانَ عَلَيْهَا تَوْدِيعُ أَنْفَاسِهَا؟!"قَالَ ظِلُّ اُلْأَرْضِ وَهوَ يَعْدُو مِنْ جَفْنِهَا.4كَانَا غَرِيبَيْنِ أَنْهَكَهُمَا اُلظَّمَأْدَنْدَنَ اُلْفَتَى بِلَحْنٍ حَزِينٍ"أَنَا اُلْأَرْضُوَاُلْأَرْضُ أَنْتِخَدِيجَة ! لَا تُغْلِقِي اُلْبَابْلاَ تَدْخلِي فِي الْغِيَابْسَنَطْرُدُهُمْ مِنْ إِنَاءِ اُلزُّهُورِ وَحَبْلِ اُلْغَسِيلْسَنَطْرُدُهُمْ عَنْ حِجَارَةِ هَذَا اُلطَّرِيقِ اُلطَّوِيلْسَنَطْرُدُهُمْ مِنْ هَوَاءِ اُلْجَلِيلْ" *5كَانَ اُلْعَالَمُ يُصْغِي لِذَبْحِ اُلْبَرَاءَةِتَسَلَّلَا مِنْ عَيْنِ اُلْهُدْهُدِرَأَيَاهُ يَهْذِي بِوَطَنٍ زَائِفٍوَلِلظُّلْمِ يُـصَلِّي.ـ "هَلْ وَصَلْنَا ؟ !!! "مَرَقَ اُلْفَتَى مِنْ تَحْتِ إِبْطِهَاـ "عُـدْ"قَالَتْ بِخُفُوتٍ لا يُسْمِعُ نَبْضَهَا.6ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـيَا لَهَذَا اُلْجُنونِ اُلَّذِي خَاصَرَ مَوْتَهَا !!
*من " قصيدة الأرض" للشاعر الكبير محمود درويش