الأحد ١٨ أيار (مايو) ٢٠٢٥
بقلم أحمد الخميسي

النكبة..كفاح المئة عام

بحلول 15 مايو من كل عام تصحو ذكرى نكبة فلسطين التي بدأت ولم تنته منذ عام 1948، وفي صحوة التاريخ تلك علينا ألا ننظر فقط إلى الجراح، لكن أن ننظر أيضا إلى أوسمة البطولة التي وضعها التاريخ على صدر الشعب الفلسطيني، خاصة عندما نستعيد حقيقة أن كفاح الشعب الفلسطيني استمر نحو مئة عام كاملة ومازال حيا، فهي قصة أطول وأشد صراع في التاريخ المعاصر، كفاح بدأ بثورة البراق عام 1929.

والبراق جزء من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف ادعت عصابات الصهاينة حينذاك ملكيته، فهبت ثورة البراق. ومنذ أن اتضحت ملامح الخطة الاستعمارية البريطانية أولا ثم الأمريكية لإخضاع المنطقة العربية هب الشعب الفلسطيني في ثورة ثانية من 1936 حتى 1939، ثم معركة الكرامة عام 1968، ويوم الأرض 1976، وانتفاضة أطفال الحجارة في ديسمبر 1987، والانتفاضة الثانية عام ألفين حتى 2004، وانتفاضة 2015، وهبات الأقصى المتواصلة، وصولا إلى طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وهذه كلها أوسمة على صدر الجراح والبطولات. وخلال ذلك التاريخ كان العرب قد أدركوا أن إسرائيل التي غرزت بالقوة ليست سوى أداة لإخضاع المنطقة للنهب الاستعماري، وقاعدة عسكرية أطلقوا عليها صفة دولة، وأن الخطر لا يهدد فلسطين فحسب، بل يهدد الجميع، وهو ما نراه الآن في عدوان إسرائيل على لبنان وسوريا واليمن وانخراطها في مؤامرات على النيل مع أثيوبيا، وتدخلها لتقسيم السودان، وحربها على العراق. هذا الادراك تجلى منذ اللحظات الأولى حين امتلأت شوارع القاهرة في 15 ديسمبر 1947 بالمظاهرات الشعبية احتجاجا على قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين،
ولذلك كانت حروب مصر والحروب عليها في 1956 ، و1967، و1973، وبعد نحو خمسة شهور اعلنت الوكالة اليهودية قيام دولة اسرائيل في 15 مايو 1948 على القسم المخصص لها بمقتضى قرار التقسيم، أما الحكومة المصرية فقد عقدت جلسة سرية في 14 مايو لاتخاذ قرار بالحرب، وعارض البعض دخول مصر بدعوى أن الجيش المصري غير مستعد، لكن رئيس الوزراء أكد أن لدي الجيش ما يكفي من السلاح والعتاد، وما لبث الملك فاروق أن وقع قرارا بالحرب، ولم يكن تعداد الفرق المشاركة يزيد عن عشرة آلاف جندي بقيادة اللواء أحمد علي، كما شاركت الأردن بنحو خمسة الاف جندي، وشاركت العراق وسوريا ولبنان بقوات رمزية، لكن العرب خسروا الحرب وتأكدت النكبة.

وقامت اسرائيل بغارات جوية على قصر عابدين, المقر الرسمي للملك فاروق, وقصر القبة مقره العائلي في رسالة واضحة بأن على مصر ان تفض الاشتباك بينها وبين القضية الفلسطينية! ومع ذلك كانت حرب 1948 أول اعلان رسمي أن قضية فلسطين قضية تخص العرب جميعا وليس فقط الشعب الفلسطيني، وتأكد ذلك لاحقا، في 1956، و1967، وحرب أكتوبر. ومع اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 أخذنا نسمع يوميا عن ارتقاء الشهداء من أطفال ونساء، وعن الحصار المضروب على غزة حتى أصبح الحصول على جرعة ماء حلما بعيد المنال، وأن الأطفال يموتون من الجوع، ويقتلون في المدارس والخيام والشوارع ، وما بين رشفة من قدح شاي ورشفة أخرى تصعد إلى السماء يوميا عشرات الأرواح الطفلة، وما بين اشعال سيجارة واطفائها تموت عشرات الأمهات حتى لم نعد نميز الموت من الحياة، ورغم ذلك علينا أن نحدق بالبطولة، وأن ننظر إلى الشجاعة ، وأن نعي أن شعبا بهذه البطولة لابد أن ينتصر.

الأحد ١٨ مايو ٢٠٢٥


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى