المَمَرُّ مشؤوم والسبب معلوم
مساكين من سلكوا الوادي الحار وبدل أن يفرحوا بالنجاة انشغلوا بالروائح الكريهة التي عَلِقَت بأجسامهم جميعها من أعلى شعيرات في رؤوسهم إلى أظافر أرجلهم، ولن تكفيهم مياه المملكة المغربية العذبة منها والملوثة لتنظيف أنفسهم، على الأقل، خلال السنوات الخمس القادمة، بعدها سيطويهم الزمن طي أوراق كُراس لم يعد الموضوع المدون داخلها يجلب اهتمام أحد، فيكون مصيرهم بين يدي خالقهم العالم بختام أحوال كل عبد من عبيده سبحانه الحي القيوم ذو الجلال والإكرام.
غافلون عن الحقائق وهم يصفقون لمظاهر متحركة على حساب عرقهم أ يلعبون نفس الأدوار التي أوصلت الأحوال لما وصلت إليه، ِلتُعَوَّضَ (بعد حين) بآخرين، كما رُسِمَ في صَكِّ الوراثة بحبر القهر والاستفزاز وفرض الصمت بلسعات سياط، كما انطلق الأمر ذات تاريخ من مدينة "سطات"، في تناقض ينهش مقامهم كلما فكروا في التغيير المهيأ على مقاسهم دون ترك ما ينبه المتقدمين نحوهم عن بقايا أخطائهم الداعية أساسا لذاك التغيير، دلائل تكون بمثابة إدانتهم بما يجب، على ما كان القيام به من زمان واجب، ليحظى كل متغطرس أنه مهما طغى التغيير يلاحقه وفيه تكمن إعادة الحقوق لذوي الحقوق بالتي هي أحسن من ضوضاء يصيب ظلماً الأبرياء، ولو أدركت الأفاعي طريقة تخلصها من بقايا جلود استبدلتها بأخرى، لاستعملتها لإبعاد دلائل تنبه المعنيين بالسلامة عن جحورها كي يحتاطوا قبل التوجه من أي زاوية لمثل الأمكنة، لذا الأمر بَيِّن واضح، فكما لكل زمان رجال ونساء، لهذا الزمن مميزات قد تغني نفس الرجال والنساء عن التقيد بما طُبِّقَ عليهم بالقوة في أزمنة سابقة، سُنَّة التطور تدعو لذلك إن كانت طبيعية، اليوم المفروض أن يكون أحسن من البارحة، أما أن يوصف بالأسوأ منه، فالعاقل من يراجع نفسه ويبحث عن مصدر الخلل المؤدي لعرقلة التقدم نحو الأحسن. الشريط ألطرقي الممتد من مدينة "تطوان" إلى مدينة "الفنيدق"عرفتا ضفتيه نهضة عمرانية غير مسبوقة، لكن وللأسف الشديد "الممر المشؤوم" بين الأخيرة ومدينة "سبتة " يَضْرِبُ عرض الحائط بما أُنْجِزَ وصولا حتى لمدينة "طنجة"، إذ ليس هناك ما يعوض اهانة تَعَرَّضَ لها إنسان مغربي (رجلا كان أو امرأة) فبالأحرى أن يكون العدد المُهان يطال الآلاف من المغاربة خمسة أيام في الأسبوع ومن زمان ،على مسمع ومرأى سلطات المملكة المغربية ، المفروض أن تضع نفسها رهن إشارة كل حامل للبطاقة الوطنية، بدل الاكتفاء بالتفرج ومن بعيد كأن الأمر يخص فضاء سرك تتصارع الحيوانات من كل الأحجام الجسدية والنسب العمرية داخله ، للحصول على لقمة عيش، ينغص عليها الحياة مَنْ يملك ظلماً حق المرور صوبها، هذا وحده يكفي لإدانة السياسة المُتَّبَعة في وضع استراتيجيات تخدم مصالح معينة على حساب الطبقات الشعبية المسحوقة و المُبْعَدَة (بالطرق المحرمة) عن حقوقها المشروعة. ألآف النساء يتعاطين الرذيلة والبغاء، في مدينة "سبتة"، يبعن أجسادهن علناً دون حياء، وبكيفية لا وجود لها (إلا نادراً) في حي "بيغال" بمدينة "باريس" الفرنسية ،تفوق بشاعةً عما يقع في ملاهي "لاس فيغاس" الأمريكية، و بأبخس ثمن قلَّلَ من قيمته العرض الفائض بكثير عن الطلب، فأي عار يلطخ سمعة المملكة المغربية كما هذا يلطخها ؟؟؟، في زمن تسعى فيه لنشر اهتمامها بأماكن لن تستطيع فيها حجب شمس حقيقة ما تعانيه داخل أجزاء من أراضيها مكدسة بمشاكل لا تزدها الأزمنة إلا تفاقما وأزمات ، وأي مصيبة ألعن مما أصابت هذه المنطقة؟؟؟
الظاهر أن المسؤولين الرسميين المركزيين لم يطَّلعوا على تاريخها إلا بالقدر المسجل في "منوغرافيات" جماعاتها المحلية، التي لا تعني غير در الرماد في العيون لتظل أبصار شباب هذا الجيل مكتفية بالمسموح مشاهدته لا غير، وأي مصير تترقبه؟؟؟، إن كان الحاضر فيها ممزوج بأقصى ما يتحمله الصابرون المغلوبون على أمرهم، المقذوف بهم لنزع ما يسد رمقهم من "سبتة"، ولهم مع كل خطوة، تقليل قيمة، ومس شرف، ومذلة تعافها حتى البهائم، فلو هيأت المملكة المغربية ما يغنيهم عن مثل التنقل اليومي من مجال تشغيل مُعطَّل إلى مساحة بالرغم من حاجتها لمن ينظف أجزائها من مخلفات استهلاك سكانها ،يبالغ من يحكمها، في تشديد الخناق عليهم، رافعاً شعار إن كانت المملكة المغربية استغنت عنهم فلن نتحمل مسؤولية إعالتهم ولو بذلوا ما بذلوه من عرق سبيل ما نحققه من إرباح مادية ومساهمة غير مباشرة في تقدمنا وازدهارنا، لو هيأت المملكة المغربية لهؤلاء ما المفروض أن تهيئه، ولها من الإمكانات ما تستطيع على انجازه لو اتبعت حكمة الانصاف في توزيع ما تزخر به جغرافيتها من خيرات توزيعا يشمل كل قرية ومدينة، وتخلت عن سياسة الانشغال بناحية دون أخرى لأسباب معروفة لدى الجميع، تابعة سياسة أخرى تنظر بعين الحق أن المغاربة سواسية حيال الخدمات الرسمية،علما أن الأموال أموالهم والأرض أرضهم والاستقرار هم صانعوه. (للمقال صلة)