الموروث الحضاري العربي في التصميم الحديث
عندما نشر لاول مرة سنة ٢٠٠٥، شكل كتاب مراد بطرس [1] «العربية للمصممين» دليلاً فريداً للمصممين المتكلمين باللغة الانكليزية والعاملين للعربية مع صعوباتها الثقافية والتصميمية بالنسبة لهم.
واحتوى الكتاب على مجموعة ضخمة من الصور والرسوم ليتعامل مع ارتفاع نسبة الاهتمام بالثقافة العربية ويوفر اطاراً واضحاً للتأقلم مع هذه الثقافة واحترامها. وكان هدف المؤلف هو اظهار كيف يجب ان يتعامل المصمم غير العربي مع اللغة العربية ويتفهم تنوعاتها الثقافية واحترام هذه التنوعات وان يتجنب المطبات والاخطاء التي وقع فيها العديد من المصممين القليلي المعرفة بالعربية وثقافتها.
وامام النجاح الذي سجله هذا الكتاب، اصدر مراد بطرس الطبعة الثانية بعد عشر سنوات. وهذه الطبعة ليست نسخة منقحة من الطبعة الاولى بل هي طبعة قائمة بنفسها اذ اضافت الكثير من المواضيع الجديد على الطبعة الاولى استهلتها بنظرة شاملة الى اللغة العربية على انها من ابرز اللغات العالمية. وعرض الكاتب تطور هذه اللغة من كونها شفهية الى تحولها الى لغة مكتوبة واظهر تأثرت بظهور الاسلام الذي رفع كتابتها الى درجات عالية من الاناقة والجمالية.
وبعد عرض وفي لانواع الخطوط العربية المختلفة، تطرق الكاتب الى تطور الكتابة العربية وصفها من البدايات البطيئة في مرحلة الاحرف الرصاصية الى التقنيات الرقمية الحديثة. وشدد الكاتب على التغلب على الصعاب التي تعتري الكتابة العربية في العصر الحديث لا سيما لدى تصميم خطوط ثنائية اللغة (عربي لاتيني) التي تلبي حاجات عولمة الاتصالات.
ويغرف مراد بطرس من تجربة اربعين عاماً في التعامل مع مصممي الخطوط ووسائل االاعلام وشركات الاعلان ليؤكد على اهمية التعمق في الثقافة العربية للتمكن من انتاج تصاميم ناجحة.
وادت ظروف الحياة العصرية في عالم الاتصالات الاعلام الى تكثيف تهجين اعمال التصميم لتدمج العربية واللاتينية. وكما يوضح الكتاب، تؤدي عملية التهجين هذه الى نتائج غاية في الجمالية والابداع. ولكن بدون معرفة عميقة بالثقافيتين، قد تؤدي هذه العملية الى نتائج كارثية.
وباستخدام مكثف للرسوم والصور التوضيحية والامثلة الحقيقية، يأخذ مراد بطرس القارئ في رحلة شيقة عبر تطبيقات التصميم الثنائي اللغة يشمل الصحف والمجلات والاخبار المتلفزة والكتب والشعارات واللوحات الاعلانية والفنون البصرية.
تشكل هذه الطبعة الحديثة من كتاب اصبح كلاسيكياً دليلاً مصوراً للتعامل مع اللغة العربية واستيعاب تنوعاتها الثقافية واحترامها. ويبقى الكتاب مرجعاً لا غنى عنه للمصممين المهنيين وطلاب التصميم على السواء اضافة الى كل المهتمين بالتصميم الجيد والثقاقة العربية.