الشّاعر المغربيّ عبد العزيز أبو شيار
الشّاعر عبد العزيز أبو شيار من مواليد مدينة برُكان في المغرب
21 مارس 1956
أستاذ لغة عربيّة
مؤلّفاتُه:
صدر له ديوان شعر بعنوان (أوتاُر النّزيف) سنة 2010
ديوان (فيضُ الأباريق) سنة 2014
ديوان (معارجُ الرّوح) الذي طبع سنة 2019
وديوان ( نحتٌ فوق السّحاب) عام 2022
– كما ساهم في ملتقيات ثقافيّة في مجال الشّعر العربي
– يكتب الشّعر العموديّ، والنّثريّ.
– نُشرت كتاباتهُ في مجلات عربيّة عديدة.
ويعتبر الشاعر من مؤسّسي جمعية برَكان للثقافة والتراث و منتدى إبداع للثّقافة والفنون ببرَكان.
سأتحدّث بدايةً عن ديوانه (معارج الرّوح)، فسبق أن كتبتُ عنه قراءة نقديّة قلتُ فيها:
"يولي الشّاعر أهميّة كبيرة للرّوح يتبدّى لنا ذلك ليس من العنوان فحسب، وإنّما من عناوين قصائد عديدة في مجموعته وردت فيها كلمة (روح)، هذا عدا عن ورودها في قصائد المجموعة مرّات عديدة"
وكان إهداء المجموعة إلى الرّوح:
"أيّتها الرّوح طيري في مدارج اللامنتهى، وارسمي بنورك حياةً أخرى بعيدًا عن صخب الطّين. "
ومن القصائد الجميلة معنىً، وفكرًا في المجموعة:
فبِالجنسينِ يكملُ كلُّ عيشٍ
فهُنَّ بِذا شقائقُ للرّجالِ
وسنّتهُ يقدّرها بشفعٍ
سوى ربّي تفرّدَ بالجلالِ
فنحنُ لباسهُنَّ بكلِّ لونٍ
وهُنَّ لباسُنا في كُلِّ حالِ
وتوجد في الدّيوان بعضٌ من قصائد الشّعر الحديث، هذا مقطع من قصيدة (لونجا)، ولونجا في الجزائر تعني المرأة الفائقة الجمال:
لونجا يا سيّدتي كم أنتِ خرافيَّة الحُسن
يا عقدًا في جِيدِكِ يلعبُ طفلا
يا امرأةً لا أحبّها بالعمرِ والأعوام
تعالي يا سيّدةً صُنعتْ من فاكهةِ الأسطورة
قد تتحقّق في مُقتبلِ الأحلام
أمّا ديوانه (نحتٌ فوقَ السّحاب)، فهو من 96 صفحة، نلحظ الغلاف بألوانه الهادئة، حيث تمتزج زرقة السَّماء مع زرقة البحر، فنتهيّأ فكريًّا، وروحيًّا لتلك القصائد الّتي أهداها الشَّاعر لرفيقة دربه، وقد جعله في قسمين:
الأوّل شعر عاطفيّ 27 قصيدة
الثّاني: كوفيديّات 9 قصائد
ونقرأ القصيدة الّتي استوحي الشّاعر عنوان ديوانه منها حيث يقول:
أنا لا أكتب شعرًا كي أمشي
فوق السّجّادات الحمراء
ولا أغوي عصفورًا
كي يرقص في ريش عراء
أنا لا أكتب شعرًا
لأطاردَ بعضَ فراشات
لكنّي أكتب كي أنجو
من هذا العبث القابع في دمنا
لأزيح غيوم هزائمنا
أمّا في معظم قصائد الشّاعر، فنرى اللغة الرّقيقة، والهمسات المليئة بالاشتياق، حيث تتآلف المفردات مع جمال وسحر الطّبيعة:
نتحدّث عن عطش الأعوام
وعن غيمٍ يوهم بالقطر
وعن بعض همومٍ مشتركة
نتحدّث دون فمٍ لغةَ الأشجار
لا نسقط أوراقًا
نتحدّث عن عصفورٍ مرّ بنا أحببناهُ
ونرجو عودتهُ
نتحدّث عن تكسير الأغصان
نتحدّث عن فأس الحطّاب
ونبكي.. نمسحُ دمعًا سال
ونجد في القسم الثّاني (كوفيديّات)، قصائد تحكي حال الشَّاعر والنّاس من حوله في فترة انتشار مرض كورونا، يقول:
أنا هنا في حمّى الكوفيد أغنيةٌ حيرى تنازع فيها اللحنُ والوترُ
أنا هنا يا رفيق الرّوح قافيةٌ مرهونةٌ برؤىً يعتامُها السّهرُ
لا الشّعرُ يزهرُ في كفّي فأنثرهُ إلَّا حنينًا بقلبٍ كاد ينفجرُ
أختم أخيرًا بقصيدة سكبَ الشّاعر نبضَ قلبهِ في معانيها، وأهداها لفلسطين الحبيبة مُحتفيًا بطوفانِها:
الطّوفـان الأخضر
ضيّعتُ عمري على أبواب ما انهدما
لأنسج الأحرفَ السّمراء والنّغما
أدمنتُ شعريَ حتّى مَلّني ورقي
فكم تخضّبَ من نبضِ الحروف دما
نطقتُ بالحزن حتى لم أجدْ لغةً
أُدلي بها للأسى إذ ما وجدتُ فمَا
خُلقتُ للجرح جيدي فوق مقصلةٍ
و بين أشلاء أوطانٍ أسايَ نما
و ما الهزائم إلا من تخاذلنا
فكلما ثار منا ثائر هُزما
معاركٌ لم تلد نصرًا ولا بطلاً
كانت خياناتِ كَحّالٍ تزيدُ عمى
أرى مراقص عُرْبٍ في مواخرهم
وحين أفتح صفحاتٍ أرى عجما
فأين يا وجهةَ الأحرارِ حُرمتُنا
و البيتُ والقُبّة الخضراءُ أينَ هُما؟
إني أرى بشرا ما هُمْ سِوى عددٍ
منهم كثير ولكنّ الرجالَ دُمى
ولم تكن لبني الإنسان جمجمةٌ
ولم نجيِّشْ لجيش الروم معتصما
أحبّتي لا تلوموا شاعرا تعِباً
و ما يزال يعاني الغبن و الألما
الشعرُ يا أيها الأحبابُ أشعلني
فجئتُ أُشعل في أكنانكم حِكما
الشعرُ أنْ أُشعلَ الأبياتَ جامحةً
لا تنحني في مدار المنحني خدَما
أحببتُ أن تتجلى وهْيَ سابحةٌ
خيالُها عن حدود المستحيلِ سما
إذا رآها غويُّ الشعر جاذَبها
حبلُ الدّلالِ بماذا صاغها ولمَا؟
عجنتها من ثرى الأطفالِ فانبجست
بين الجوانح من نيرانها حِمما
قبائلٌ كلُّ شِرْبٍ صار عاصمةً
حدودُها تلعنُ الأنسابَ والرّحِما
يا رملَ غزّةَ ويلٌ للعروبةِ مِنْ
شرٍّ يلوح وسيلٍ في الخليج طمى
ألفيتُ مليارَ منفيٍّ بلا وطنٍ
من لم يمُتْ فيه غماًّ مات مُتَّهَما
و لا أعيدت إلى الأوطان هيبتُها
و لا أعادتْ لها رأسا ولا قدما
آمنتُ أن بلادَ العُرْب لاهيةٌ
كوَاهنٍ و يعاني العجزَ والهرما
أقول و القادمون الُخضرُ صرخَتُهمْ
وصبرهم كذّبَ الراوي بما زعما
عُلِّمْتُ ألف نشيدٍ عن مُواطنةٍ
والحالُ أظلمَ ينفي كلَّ ما عُلِما
تخاذلٌ لم يلدْ نصرا ولا بطلا
إلا الذي طرق الأنفاقَ ما هُزِما
ليُرْجِعَ الوطنَ المسلوبَ هيبتَهُ
طوفانُ عزٍّ أزلَّ الرأسَ و القدما
لكنّنا لم نمتْ فالثأرُ في دمنا
يفور والرّحِمُ الخلّاقُ ما عَقِما
لا تنتظر أحدًا يأتيك من مددٍ
كم كنتَ وحدكَ بالأنفال مختتِما
وحينَ غزّةُ غاصتْ في مواجعها
أيقنتُ أنّا وجودٌ يشبهُ العدما
مرابطون على أرض الهُدى نسجوا
للعائدين مدارًا يُنجبُ الحُلُما
وللزّناد على الطاغينَ زلزلةٌ
وما رميتَ و لكنّ الإلهَ رمى