الجمعة ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥
بقلم
الشوارع
الشوارع أغنية الفاتحين الأوائلِ ,دفُّ الفرحْ :إننا قادمونْالشوارع ركضُ الفوارسِ , قوسُ انتصارهمُ المتلألأُ ,تفاحةُ الفقراءِوفرحتهم بالغناءِكأن الغناء – الغناء فقط – خبزُهم ,عشبهم حينما يتعبونْالشوارع صامتةٌ متعَبهْلم يعد من صلاحٍ بهاإنها تبحث الآن عن نبضةٍ ,رعشة البدءِ , عن لحنها* * *الشوارع مثل العيون , تراها فتقرأهافتحس بما قد يخبئه ملحُهاإنها أول الأمر , رُمَّته , وارتعاش الدخولْإنها سامرٌ للتحاور بين الفصولْثم ينفضّ , تبقى – شوارعنا – فى مناكبها نتحدّث ,تبقى ,نحدِّث أنفسنا بالرحيلِ , وتبقىنهيم وتبقىوتبقى الشوارع , تبحث عمَّن يعانقها – لحنها –ربما تتكدر لكنها ربما سأمتْ صفوهاثم لا بأس من ساعةٍ من نهارْتتجول فيه الشوارع باحثةًلتحاور وقتاً ..فاسمعواإنه موعد الصحوِ , وقت البذارْ* * *من أقام الشوارع صنَّعها شارعاً شارعاًفارسٌ أبصرتْ عينُه سرَّهاثم سخّر فيها مقدّرهاواستوى ..لم يكن شارعٌ يتفضّل يوماً فكلُّ سُوىكلها واحدهْثم أسرج فيها القلوبَ ؛ تنير لأصحابها طرقاًومسالكَ تقطف ظلمتهاربما أنت تحسبها جامدهْإنها تركض الآن هابطةً صاعدهْنحو فارسها , لحنها , تجتلى أمرها* * *الشوارع كانت طيوراً تحوم وتقبل , تدنو من الناس ,تدنو فلا تتفزَّع من أحدٍوتغنّى ..تغنّى وترقص فى يقظة النور , عيداً جديداًوترقص للناس ,تفتح أجنحة الوقت للناس ,ترتاح للناسثم ينادونها ..ربما تقف الآن فوق الكتفْربما تتوقف هادئةً لتحيِّى الجميع , تغنى لهم ..* * *الطيور تحيِّى لتختبئ الآن , قد أدركتْ أن إقليمها مستباحْأن هجرتها شرط ألا تعودْالذهابُ , الإيابُمعاناتهاالدخولُ , الخروجُضروراتهاالصعودُ , الهبوطُعلاماتهاالوجودُ , الجمودُمراراتهاالذبولُ , التوهّجُغاياتهاربما لم تعى ما تريد ولكنها- جيداً -تعلم الآن ما لا تريدْالطيور , الشوارع قد أدركت شرط ألا يجئ صباحْ* * *بين شارعنا والشوارع سورْالمدينة سورٌ كبيرْالمدينة سورٌ كبيرٌ ويخنقلم يعد الطيبون يجيدون فن التملّقسورٌ هنا يخفى لواعج مـن دمٍوتخـوّفٍ هـا قـد تمطّى ظلُّهُويعاند المجـرى ويقتعد المـسافـةَ بين أنّاتـى وصمـتى ليلُهُيعلو صراخى داخـلى , يرتجُّ لاأدرى أهـذى صرخـةٌ أم حفلُهُوتظلّ نفْثـاتى تئـن تحرقــاًمحمومـةً , شوكـاً تغابَى حقلُهُوأرى هناك ولا أرى غضباً أتىتعلـو سنابكـه ويطغـى دغلُهُمـرت ليـالٍ لا تـزال أريكتىيقعـى عليـها من جمودٍ خيلُهُالسور يعلـو ثم يعـلو هارباًأعـلى , يمـاوجنى بزيغٍ ختلُهُيُعمى صراخـاتى وهالةُ حكمهِقتـلٌ لأغنيتـى ومـوتُ رُسْلُهُأهدى مرايا كى نراقب من قريـبٍ يومنا – هرماً – تمايل ثقلُهُسورُ تراخى عمْره عقداً من الـأيام يسـرى الآن , أُتقن ركلُهُسورٌ يجاوز حـدُّه دربَ الحقيـقةِ ثـم مـاذا قـد يخبّئ فعلُهُ ؟* * *الشوارع فى مأزقٍ , حاوَلتْ أن تخبّئهُ ,إنها تضرب الآن فى قوةٍ نحو هوَّتهاوبأجنحةٍ من ذهبْالشوارع مفعمةٌ بالضياءِ الخفىِّ وبالأوجه الخابيهْحكمةٌ ماضيهْ :خاب من أعطى ..خاب خاب الذى قد وهبْكيف يمكنها وصف حدِّ الطريق بصوتٍ أجشِّكيف يمكن أن تتحدّث عنهُولم تدرِ – حتماً – إلى أين تمشى ؟* * *الشوارع فى المدن النائيات الصغيرات مهترئهْالشوارع هامدةٌ نيّئهْهى فى زمن الضوءِ رعشَهْالشوارع ُ ..قد خرجتْ من بطون المدنْوهى لم تدرِ شيئاً ..ثم شيئاً فشيئاً – لها – قدّر الوقتُ أبصارَها ,السمعَ , والأفئدهْالشوارع أخرجها الوقتُتعرف مشيتَهُ الهادئهْبل وتعرف أيضاً إذا هدر الوقتُ يحبس أنفاسَهُ بالطريقِويصبح وَحْشَهْالشوارع لونٌ يغيّره الوقتُ دوماً بلا هدأةٍهل ستدرك يوماً غوايتَها ,هل ستدرك غايتَها ؟ربما إن أرادتْ ..إذا عرفت موعدَهْ !