الشاعر يموت في قصائده الموقوتة
غافلنا الشاعر علي الجندي وهو يغادر إلى عزلته الأخيرة كما غافلنا وهو يعود منها في تابوت!
يرحل الشاعر في قصائده متنقلاً خارج الزمان والمكان، مائجاً بين الريح والنار لعله يجد الماء الأبدي في كلمة او صورة أو إشارة..
هذا ما فعله الشاعر علي الجندي وهو يؤسس للحظته الشعرية منذ مطلع الحداثة وحتى غروبه الجسدي.. ويظل مشرقاً بما أضمرته روحه ورؤاه في مجموعته الأولى: "الراية المنكسة" التي توقع فيها نكسة الروح والرايات والآلام!
هل "كان في البدء الصمت"؟ أم أن الصمت يختزل كل الأصوات ليتجول مع الشاعر بين سلمية ودمشق وبيروت واللاذقية؟ أم أنه "صار رماداً" محتلفاً يخون الرماد واللهب ليكتب الغامض بين قصيدة تأبطت العزلة و"سنونوة للضياء الأخير"؟
رحل علي الجندي عن عمر يناهز الثمانين عاماً، وعزلة، ومجموعات عديدة لفتت الشعر إلى تحولاته وتمرداته بهيئة أزلية يومية وأسطورية وفلسفية، فتاهت جهات الكلام، وضاعت بوصلة المكان، ولم يبقَ في الريح إلا ريح أخرى تشير إلى الموت لتبدأ من جديد!
هذا حال محمد الماغوط والسياب ومحمود درويش وسواهم.. وهذا حال المبدع العربي الذي يشعل الوقت في القصيدة ويمضي إلى حلم آخر اسمه الموت..
لم يكن الفضاء المحدود ولا الكلام المألوف عالمه، لذلك غادر مكان ولادته 1928 "السلمية" إلى دمشق ليدرس الفلسفة ثم ينتقل إلى بيروت مساهماً في مجلة شعر وليكون من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب 1969 وليبدأ من حيث تنتهي اللحظة الشكاكة بالمعتاد، ليكتب لحظته المزدحمة بالحلم والأسطورة والرؤيا القابلة للاحتمال..
شغل علي الجندي عدة مناصب ثقافية وإعلامية بين بيروت ودمشق كما عمل مديراً عاماً للدعاية والأنباء في دمشق، ولم يحترف الترجمة عن الفرنسية..
رحل كالمعتاد وترك اللا متوقع يقفز بين شعره وقبره وروحه التي صارت وردة من رماد.
مؤلفاته:
1- الراية المنكسة - شعر - بيروت 1962.
2- في البدء كان الصمت - شعر - بيروت 1964.
3- الحمى الترابية - شعر - بيروت 1969.
4- الشمس وأصابع الموتى - شعر - بغداد 1973.
5- النزف تحت الجلد - شعر - اتحاد الكتاب - دمشق 1973.
6- طرفة في مدار السرطان - شعر - اتحاد الكتاب - دمشق 1975.
7- الرباعيات - شعر - بيروت 1979.
8- بعيداً في الصمت قريباً في النسيان - شعر - بيروت 1980.
9- قصائد موقوتة - شعر - بيروت 1980.
10- صار رماداً - شعر - اتحاد الكتاب - دمشق 1987.
11- سنونوة للضياء الأخير - شعر - بيروت 1990.