الرصيد
كانت حياته قائمة على الإصلاح وفعل الخير
يقدمه سعيداً للإنسان وللحيوان وللطير
لم يعرف البخل طريقه إلى نفسه فى يوم من الأيام
فكان ينصف الضعيف والمريض وشتى الأنام
ويقف إلى جوار الشباب ويحقق الأحلام
وكلما أغدق فى العطاء وتمادى فى الكرم والسخاء
كلما زاد ماله وبارك الله فى عياله
واتسع رزقه وتضاعف كرمه وصدقه
لم يتوقع أنه بوقوفه إلى جوار المحتاجين
سوف ينال هذا الحب الثمين والعطف والحنان المبين
كان قدوة للطيبين والمصلحين
يقدم الخيرات ولا ينتظر شكر الشاكرين
وكان شديد المحبة والقرب من رب العالمين
رغم أن البخلاء التافهين والمسرفين الضائعين كانوا بطريقته غير مقتنعين ولأسلوبه محتقرين.
قدم الحب والمال لكل محتاج يعرفه أو لا يعرفه
ولا يوجد تيار غير الإصلاح يجرفه
لم يهتم يوماً يتكوين الثروات ولا ببناء البروج والعمارات
لأنه يؤمن أن الحياة فانية وأن لقاء الله قريب مهما توهمنا أنها باقية
فكان يبنى لنفسه عند الله مكانه ولم يأمن لحظة لغدر زمانه
إستيقظ مبكراً هذا الصباح كعادته وأقام عبادته
ومارس تمارينه الرياضية وعمل جولته الإنسانية التى يقوم بها بصورة يومية
ثم خرج إلى مكتبه وألقى التحية على الموظفين
وكان يحمل فى يديه بوكيهاً من الفل والياسمين
ردوا عليه جميعاً السلام وكل منهم يكن له الحب والإحترام
وبعد دقائق قليلة سقط مغشياً عليه فهرع الجميع مهرولاً إليه
ولم يكن هناك سبب معروف ولم يكن يعانى من مرض مألوف
كان صحيح القلب والبدن ولم يكن يعانى من الكدر أو الحَزَن
لكنها طبيعة الأقدار التى تختبر العباد فى الليل والنهار
وعلى أعناقهم حملوه وبسرعة البرق أسعفوه
وطلبوا له سيارة الإسعاف وخرجوا جميعاً خلفه خفاف
وبعد الكشف الطبى والفحوص اللازمة
اتضح إصابته بنزيف داخلى وعلة دائمة
لم يعرف لها قبل ذلك سبب وتملك الأطباء العجب
واحتاج لنقل كمية كبيرة من الدماء فتقدم الجميع للتبرع فى سرعة وعطاء
كانت قلوب الناس تحيط به من كل ناحية وكانت عيونهم عليه باكية
وكانت الوفود تتزاحم عند مكان العلاج وأحاطوا به مثل السياج
يقدمون له الحب والورد وكلمات الثناء
والدعوات بالشفاء من كل داء
حتى أفاق من غيبوبه وعاد إلى دنيته
وحمد ربه على نعمة الحب والسلام والكرم
وأيقن أن الإصلاح والخير ينجى من العدم
وأن الرصيد الحقيقى فى الدنيا والآخرة
هو تقديم يد المساعدة لكل نفس حائرة