الحجر يحمل في جوفه اسم
شهيدٍ ينهض
وعادوا ببنادقهم يعانقون رائحة الدم ويسفحون دم الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء .
تشتعل الحرائق في صهد الظهيرة على صرخة الحق محاولين قلع قلوب مصوغة من الفولاذ الجامد المفتر عن البلاء والأذى في صدورٍ طويتها شبت على الغل والحقد المسمم بالجريمة الملطخة بدم الأبرياء.
- تلك هي شكيمتهم !.
اقتلوا --- ثم اقتلوا --- ثم اقتلوا --- وهكذا عادوا من جديدٍ يحققون رغباتهم في رؤية الدم ، تلك الرغبة الشنيعة التي تشعرهم بالغبطة حين يملؤون الشوارع بالضحايا غير مكترثين لابالرجاء ولا بالصراخ ولا حتى بضرب الحجر .
هاهي البنادق المسمومة برصاص السفك والاغتيال ترمي بعنفها المعربد الصغار والكبار لتعود قصة عودة " التتار".
كالوحوش الضارية يأكلون من شفتيه المرتجفتين لغة الحياة --- يصرعون البراءة--- فيقع " محمد الدرة " شهيدا ً جانب أبيه وقرب البرميل.
الوالد يصرخ بيديه العاريتين من أي سلاح : - لا--- لا--- ليس من أجلي --- بل من أجل الطفولة --- إنه مايزال طفلا ً--- ألا تفهمون؟!!.
وكأن الدم البارد المعجون بروح العبث والضغينة في سفك الدماء ما يزال منغمسا ً في لذائذه غير عابيء لا بالمعاهدات و لا بالنداءات يغتالون الكبير والصغير --- الشيوخ والعجائز ، وحتى الحبالى من النساء ، لا يفرقون ، يلعلعون برصاص رشاشاتهم نحو الوجوه المتحدية--- نحو الصدور المتوقدة--- نحو النفوس الرافضة للذل والاستكانة والاستسلام --- يريدون السلب عنوة ً.
– تلك هي شكيمتهم .
تنتفض الحجارة في أيدي أصحاب الأرض --- أصحاب الحق --- تترامى من سواعدهم الحجارة هادرة--- صانعة المستحيل --- أتعادل الحجارة الرصاص ؟!.
في وقتٍ من الأوقات تولد معجزة --- فالحجرة المقتطعة من صخرة الأرض المبللة بدم الشهادة ستحمل في جوفها اسم شهيدٍ سينهض بكفنه الخفي الحي * ترميهم بحجارةٍ من سجيل *.
ولأجلك ياصغيري يامحمد الدرة --- لأجلك أيها المغدور عنوة وترصداً سيكون يومك يوما ً محزونا ً، ذلك اليوم الذي زهت به تربة الوطن وهي تستقبل بين طياتها الزهرة الندية --- اندغمت دماؤك الطاهرة بذراتها لتنتفض الحجارة وتكون أكثر عناداً وأكثر إصراراً على مواجهة زيف الوجه الصهيوني البغيض ، ولتكون شجرة الزيتون المباركة الباكية الساعة أكثرنا ثباتا ً على المباركة ونحن نرى على راحات الرجال شهيداً تلو الشهيد--- تعلو جنازته على الأكتاف ، وصراخ يجلجل السماء والأرض ---
" لاإله إلا الله والشهيد حبيب الله "
وأشداق الرشاشات الإسرائيلية لاهية --- عابثة --- تغمر النظرات الحسيرة الملفوحة بالدمع تحت أزيز الرصاص المشتعل قتلا ً ولعنة ً وتدميرا ً--- ويبقى السؤال :
- أتعادل الحجارة الرصاص ؟.
والحجارة تترامى --- تشكل كتلا ً ملتهبة ً من نيران الصدور في مدى الشوارع والطرقات مثيرة في قلوبهم الفزع والبلبلة --- فالرصاصة حين انطلاقها تنطفىء --- والحجارة حين اطلاقها لاتعرف الانطفاء وهي هبة الطبيعة لأصحاب الحق وفي قبضة يديه تراها عارمة جارفة صارخة--- تهدد الكيان الإسرائيلي برمته .
وهذا لعمري حق الشعب وحق الأرض وحق النفس في الذود عن كرامتها وعن امتداد جذورها ،وفي هذا نحتاج إلى وقفةٍ جماهيريةٍ عربيةٍ واحدةٍ تجمع وحدة الضمير العربي --- فبالوحدة يبقى صاحب الحق هو الأقوى .
دمك المهدور ياطفلي الصغير ، يامحمد الدرة سيظل أمانة في أعناقنا ---- وستظل رائحة دمك الزكي الطاهر تعشش في نفوسنا --- تؤرق الصدور--- سيكون يومك يوما ً ماثلا ً في الأذهان حتى نرد الصاع صاعين --- سيكتب عنك كل من شاهدك على شاشة التلفزة وأنت متكورٌ مذعورٌ ، وساعدا أبيك وهما تصرخان : - لا --- لا --- لاتقتلوه وهي تحاول أن ترد عنك فوهات بنادقهم التي توجهت نحوك--- لتكون أمثولة تحكي عن غدرهم وانحدارهم إلى الدرك الوضيع من الخسة والجبن في دناءة ٍ تنفي وجود المشاعر البشرية في قلوبهم لأنهم-----؟!.
ولأنك الشهيد الطفل .