الأربعاء ٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٤
بقلم محمد عبد الحليم غنيم

الإوزة الذهبية حكاية شعبية ألمانية

كان هناك رجل لديه ثلاثة أبناء، أصغرهم كان يسمى دملنج، وكان يُحتقر ويسخر منه ويُهان في كل مناسبة.

حدث أن الأكبر أراد أن يذهب إلى الغابة ليقطع الخشب، وقبل أن يذهب أعطته والدته كعكة حلوة جميلة وزجاجة من النبيذ لكي لا يعاني من الجوع أو العطش.

عندما دخل الغابة، قابله رجل مسن ذو شعر رمادي، فحيّاه وقال: "من فضلك، أعطني قطعة من كعكتك، وامنحني رشفة من نبيذك؛ أنا جائع وعطشان جدًا." لكن الشاب الحكيم أجاب: "إذا أعطيتك كعكتي ونبيذي، فلن يبقى لي شيء؛ اذهب بعيدًا!" وترَك الرجل المسن واقفًا وواصل طريقه.

ولكن عندما بدأ في قطع شجرة، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى قام بضربة خاطئة وأصاب الفأس ذراعه، لذلك كان عليه العودة إلى المنزل لتضميدها. وكان هذا عمل الرجل ذي الشعر الرمادي الصغير.

وبعد ذلك ذهب الابن الثاني إلى الغابة، وأعطته أمه، مثل الابن الأكبر، كعكة وزجاجة نبيذ. وقابله الرجل الرمادي الصغير أيضًا، وطلب منه قطعة كعكة وكأسًا من النبيذ. لكن الابن الثاني أيضًا قال، ولسبب وجيه: "ما أعطيك إياه سوف يُنتزع مني؛ ارحل!" وترك الرجل الصغير واقفًا ومضى في طريقه. ومع ذلك، لم يتأخر عقابه؛ فعندما ضرب الشجرة بضع ضربات، ضرب نفسه في ساقه، حتى أنه كان لا بد من حمله إلى المنزل.

ثم قال "داملنج": "يا أبي، دعني أذهب وأقطع الخشب." فأجاب الأب: "إخوانك قد أصيبوا بأذى بسبب ذلك، اتركه، أنت لا تفهم شيئًا عن ذلك." لكن "داملنغ" توسّل طويلاً حتى قال الأب أخيرًا: "إذن اذهب، ستصبح أكثر حكمة عندما تؤذي نفسك." وأعطته أمه كعكة مصنوعة من الماء ومخبوزة في الرماد، ومعها زجاجة من البيرة الحامضة.

وعندما وصل إلى الغابة، قابله الرجل الرمادي الصغير أيضًا، وقال له: "أعطني قطعة من كعكتك ومشروبًا من زجاجتك؛ فأنا جائع وعطشان للغاية". أجاب دملنج: "ليس لدي سوى كعكة رماد وبيرة حامضة؛ إذا كان هذا يرضيك، فسنجلس ونأكل". فجلسا، وعندما أخرج دملنج كعكته، كانت كعكة حلوة رائعة، وتحولت البيرة الحامضة إلى نبيذ جيد. فأكلا وشربا، وبعد ذلك قال الرجل الصغير: "بما أنك تتمتع بقلب طيب، وعلى استعداد لتقسيم ما لديك، فسأمنحك حظًا سعيدًا. هناك شجرة قديمة، اقطعها وستجد شيئًا في الجذور". ثم ودعه الرجل الصغير.

ذهب "داملنج" وقطع الشجرة، وعندما سقطت، كانت هناك إوزة جالسة في الجذور بريش من الذهب الخالص. حملها معه، وذهب إلى نزل كان يظن أنه سيبقى فيه ليلته. كان لمالك النزل ثلاث بنات، رأين الإوزة وكنَّ فضوليات لمعرفة ما هو هذا الطائر الرائع، وكنَّ يرغبن في الحصول على ريشة من ريشها الذهبي.

فكرت الكبرى قائلة: "سأجد قريبًا فرصة لانتزاع ريشة"، وبمجرد خروج دملينج، أمسكت بالإوزة من جناحها، لكن إصبعها ويدها ظلتا ملتصقتين بها.

جاءت الثانية بعد قليل، وهي تفكر فقط في كيفية الحصول على ريشة لنفسها، ولكن ما إن لمست أختها حتى التصقت بها.

وأخيرًا جاءت الثالثة أيضًا بنفس النية، فصرخت الأخريان : "ابتعدي، من فضلك ابتعدي!" لكنها لم تفهم لماذا عليها أن تبتعد. فكرت في نفسها: "الأخريان هناك، من الأفضل أن أكون هناك أيضًا"، وركضت نحوهما. لكن ما إن لمست أختها حتى التصقت بها. لذا كان عليهن قضاء الليل مع الإوزة.

في صباح اليوم التالي، أخذ دملنج الإوزة تحت ذراعه وانطلق، دون أن يزعج نفسه بالفتيات الثلاث اللاتي كن يتمسكن بها. لقد كنَّ مضطرات للركض خلفه باستمرار، تارة إلى اليسار وتارة إلى اليمين، حسب الاتجاه الذي كان يختاره.

في وسط الحقول، التقى بهن القس، وعندما رأى الموكب، قال: "يا للعار، أيتها الفتيات التافهات، لماذا تركضن عبر الحقول وراء هذا الشاب؟ هل هذا لائق؟"وفي نفس الوقت أمسك بأصغرهن من يدها ليبعدها، لكنه ما إن لمسها حتى التصق بها هو أيضًا، وأُجبر على الركض خلفهن.

وبعد فترة قصيرة، مر خادم الكنيسة ورأى سيده القس يركض خلف ثلاث فتيات. فدهش من هذا الأمر وصاح: "مرحبًا، يا صاحب الجلالة، إلى أين ترحلون بهذه السرعة؟ لا تنسوا أن لدينا معمودية اليوم!" وركض خلفه وأمسكه من كمه، لكنه أمسكه أيضًا بقوة.

بينما كان الخمسة يهرولون واحدًا خلف الآخر، جاء عاملان من الحقول يحملان معاولهما. فنادى عليهما القس وطلب منهما أن يساعداه هو والمُرتل على التحرر. لكنهما ما إن لمسا المُرتل حتى التصقا هما الآخران، وهكذا أصبح هناك سبعة أشخاص يركضون خلف "داملنغ" والإوزة.

بعد ذلك بوقت قصير، وصل إلى مدينة كان يحكمها ملك لديه ابنة جادة للغاية لدرجة أن أحدًا لم يستطع جعلها تضحك. فأصدر الملك مرسومًا بأن من يستطيع جعلها تضحك سيتزوجها. عندما سمع "داملنج" هذا، ذهب مع إوزته وكل من التصقوا بها إلى الأميرة. وبمجرد أن رأت الأشخاص السبعة يركضون خلف بعضهم البعض، بدأت تضحك بصوت عالٍ وكأنها لن تتوقف أبدًا.

بعد ذلك، طلب "داملنج" الزواج منها، وتم الاحتفال بالزفاف. وبعد وفاة الملك، ورث "داملنج" المملكة وعاش حياة طويلة وسعيدة مع زوجته.

(تمت)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى