إنهم يستنسخون الأفلام!!
ستشعر بقدر من الألفة تجاه الشخصيات الرئيسية في أفلام هذا الصيف، وسينتابك إحساس قوي بأنك تعرفها جيدًا، هذا إذا لم تكن شاهدتها من قبل، وحين تستمر في المشاهدة ستجد نفسك قادرًا على توقع الأحداث وتحديد مسارها وما يستجد في المشاهد التالية. وبعد خروجك من قاعة العرض، أو قبل ذلك، ستكتشف أنك شاهدت هذا الفيلم من قبل، أو ستبذل قليلا من الجهد لتدرك الأصل الذي تم استنساخ ذلك الفيلم منه.
سيحدث ذلك في أحسن الأحوال، غير أنك في أحوال أخرى ستدخل دار العرض من البداية وأنت تعرف أبطاله الذين كانوا -هم أنفسهم- موجودين بنفس النمط، وبالأسماء ذاتها، في أفلام أخرى سابقة وحققت نجاحا جماهيريا أغرى منتجي الفيلم أو منتجين آخرين باستغلال ذلك النجاح.
ستشعر بقدر من الألفة -إذن- لا لأن صانعي الأفلام نجحوا في خلق ذلك الجو، ولكن لأنك شاهدت مجرد مستنسخات.. أفلاما مستنسخة من أفلام سابقة، وشخصيات مستنسخة من شخصيات تم تقديمها من قبل، وكله عند تجار السينما أفلام!!
اللمبي بالميم والنون!
من أين جاء اللمبي؟ الظهور الأول للمبي كان في فيلم "الناظر"، إنه النموذج المثالي للشاب الضائع الذي يعيش حياته غائبا عن الوعي، لا يفيق، يعرف أصول "علم الصياعة"، وإليه يلجأ صلاح الدين عاشور (الراحل علاء ولي الدين) وصديقه عاطف (أحمد حلمي) ليعلمها لهما.
في الناظر نجح اللمبي نجاحا غير عادي، بل إن كثيرين أرجعوا نجاح الفيلم كله إلى تلك الشخصية، وعليه لم يكذب أحمد عبد الله (كاتب سيناريو الفيلم) ومحمد سعد خبرًا، وبدعم مادي ومعنوي من السبكي (المنتج، صاحب شركة السبكي فيديو فيلم) قاما بإعادة تقديم شخصية اللمبي في فيلم مستقل!
نجح اللمبي وأحدث انقلابا على مستوى شباك التذاكر، وكثيرون ردوا هذا النجاح لوصلات الردح (والردح هو التنابذ بأكثر الكلمات سوقية) التي أداها محمد سعد في الفيلم، والتي كيفها البعض على أنها إعادة إنتاج لمصطلحات وتعبيرات الشباب الضائع في أكثر الطبقات دونية في المجتمع، وكان نجاح اللمبي سببًا في مشكلات عديدة بين مجدي الهواري (منتج فيلم الناظر) والسبكي (منتج اللمبي)، وكان المَخرج هو أن الاسم اختلف، فبعد أن كان في الناظر بالنون (اللنبي) أصبح في الفيلم الثاني بالميم (اللمبي)، وبعد النجاح ظهرت عقود كثيرة وقعها محمد سعد لمنتجين، وبعد الصراعات كان اللمبي القادم من نصيب آل العدل أصحاب شركة العدل جروب للإنتاج السينمائي!! د
ومرة أخرى يظهر الصراع حول اللمبي وحول صاحب الحق فيه، وظل الأمر معلقا أمام جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بمصر حتى بعد أن تم تغيير اسم الفيلم من "اللمبي 2" إلى "مش اللمبي خالص" ثم إلى "اللي بالي بالك"، ولم يتم حسم الأمر إلا حين ثبت بالدليل القاطع والبرهان الناجع أن محمد سعد هو الوحيد صاحب حق الملكية الفكرية في شخصية اللمبي، وهو القرار الذي انتهي إليه جهاز الرقابة، وصدر حاملا توقيع رئيس الجهاز شخصيا!
وفيما كانت المشاجرات دائرة كان واضحا لكل من تشاجروا على اللمبي أن الأمر محسوم لصالح شركة العدل جروب التي قيل بأنها أغرت محمد سعد بمبلغ خرافي من تحت الطرابيزة غير القيمة المدونة في العقد، فهل ترك بقية المنتجين اللمبي؟
أم اللمبي وأخواته البنات
تعود أصول عائلة السبكي إلى منطقة شعبية بحي الدقي الراقي بالقاهرة وفيها تقع محلات الجزارة التي يمتلكها، وبهذا الشكل كان طبيعيا أن يعرف أن فن الردح في الأصل هو فن حريمي، ومن هنا استطاع مصطفى السبكي (وهو سيناريست ناشئ تربطه صلة قرابة بأصحاب شركة الإنتاج) أن يصل إلى صيغة نسائية من اللمبي ولم يكن الأمر صعبا.
كان لديهم عبلة كامل أم اللمبي، فقاموا بتفصيل سيناريو ليس به إلا وصلات من الردح، ومع المعلمة عسلية بائعة الطرشي (وهي الشخصية التي تلعبها عبلة في الفيلم)، كانت هناك أدوار لعدد من الممثلات الشابات يمكننا بمنتهى السهولة أثناء مشاهدتنا للفيلم أن نعرف صلة القرابة بينهن وبين اللمبي: إنهن أخواته البنات!!
على جهة أخرى، أو في ورشة أخرى، كان هناك آخرون يفكرون في تنويعات مختلفة على شخصية اللمبي، وهؤلاء قادتهم عبقريتهم إلى استغلال أم اللمبي نفسها وبالاسم نفسه: "خالتي فرنسا".
هؤلاء كانوا أكثر صراحة من سابقيهم، ليس في استخدام الاسم فحسب ولكن أيضا في المهنة التي اختاروها لها، فكان أن بدءوا من حيث انتهى الآخرون وجعلوها رداحة، والرداحة هي سيدة يتم استئجارها لتوصيل وصلات الشتائم إلى البيوت!!
استنساخ المستنسخ
لم تكن شخصية "أم اللمبي" هي المستنسخ الوحيد في "خالتي فرنسا" فقد أعاد المؤلف استنساخ شخصية أخرى كان لها أهميتها في فيلم "حرامية في كي جي وان" للمؤلف نفسه!! هي الشخصية التي قامت بها الطفلة مها عمار.
هكذا، أراد مؤلف الفيلم (بلال فضل، الذي لم يكتب من قبل غير حرامية في كي جي وان) أن يرد بشكل عملي على من سبق لهم استنساخ فيلمه الوحيد، في نسخته الجديدة "حرامية في تايلاند".
وهكذا، تظهر الصورة حين نرجع خطوات للخلف كالتالي: كتب بلال فضل "حرامية في كي جي وان" فاستنسخه "نبيل أمين" وقدم "حرامية في تايلاند". وكتب أحمد عبد الله فيلم الناظر، ومنه استنسخ "اللمبي"، ثم قام نادر صلاح وسامح سر الختم باستنساخ مرة أخرى "اللمبي" في "اللي بالي بالك". وقام مصطفى السبكي باستنساخ "أم اللمبي" في "كلم ماما" وجاء الدور على بلال فضل ليعيد إنتاج "أم اللمبي" في "خالتي فرنسا"، وتلك هي المستنسخات الواضحة شكلا وموضوعا، أما المستنسخات مطموسة الشكل فلدينا منها الكثير!!
هريدي يشتري العتبة مرة أخرى!
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.. فهل تخلى "هريدي" عن إيمانه ليضع ساقه كاملة في الجحر نفسه الذي لُدغ منه مرة قبل ذلك؟
هريدي هو الاسم الذي يرمز عادة لشخصية الصعيدي الذي رأيناه مرة يشتري ميدان العتبة الخضراء في فيلم إسماعيل ياسين الشهير الذي حمل اسم الميدان الأكثر شهرة.
ومرت الأيام والسنوات لنجد من يريد إعادة نفس التجربة، ولكن بشكل يبدو معكوسا، وجدنا من يريد أن يحصل على حصته في المال العام، ويستفيد من حقوقه الدستورية كاملة، وذلك هو العمود الفقري لفيلم "عايز حقي" الذي يقوم ببطولته هاني رمزي وهند صبري ويخرجه أحمد نادر جلال عن سيناريو كتبه أو فصله طارق عبد الجليل. وجديد هاني رمزي أنه تعاطف –ربما- مع الصعايدة وأراد ألا يجعل شراء العتبة أو القطار قاصرا عليهم، فحاول تعميمها ليكون هذا هو حال المواطنين في مصر!
وهناك خلاف جذري آخر بين ذلك الجاهل الذي اشترى العتبة، وبين سائق التاكسي الحاصل على الماجستير، فالأول دفعته سذاجته وطمعه إلى شراء العتبة، أما الثاني فقرأ الدستور واكتشف من قراءته له أن بإمكانه الحصول على "حقه ناشف"!!
دسوقي أفندي في الوزارة!
في المصيف رأينا دسوقي أفندي رب الأسرة المحافظة، ورأينا كيف اقتحمت الفتاة المتحررة حياته وحياة أسرته فقلبت كيانها وبدلت أحولها، أما هذا الصيف فنرى دسوقي أفندي في الوزارة!!
"دسوقي أفندي في المصيف" هو ذلك الفيلم الذي قام ببطولته عزت العلايلي وتيسير فهمي وآخرون وأخرجه عمر عبد العزيز عن سيناريو كتبه بسيوني عثمان، ولما دخل دسوقي أفندي الوزارة تغير اسمه إلى قدري، وحل عادل إمام محل عزت العلايلي، ونيكول سابا محل تيسير فهمي ليصبح اسم الفيلم "التجربة الدانمركية"!
هناك فروق بالطبع بين الفيلمين، لكن مساحات التشابه أكثر، إضافة إلى تطابق الفكرة فيهما، من بداية الأحداث وحتى نهايتها، ولم يشفع الفارق الكبير في السن بين عادل ونيكول لدى صناع الفيلم الثاني ليختاروا نهاية مختلفة عن نهاية الفيلم الأول، فرأينا نيكول تقع في غرام عادل، وعادل يقع في غرام نيكول، تماما كما وقع من قبل عزت في غرام تيسير ووقعت تيسير في غرام عزت!!
صعيدي في الأمن المركزي!
في أرشيف السينما المصرية يوجد فيلم اسمه "أجدع ناس" قد لا يتذكره كثيرون، رغم أنه كان البداية الحقيقة للمعان نجم علاء ولي الدين، وكان يقوم ببطولته الشحات مبروك ومعهم كان أشرف شتيوي، وآخرون.
لماذا وقفنا عند تلك الأسماء تحديدا؟.. وقفنا عند الشحات مبروك لأن اسمه هو الذي تصدر الأفيش، أما علاء وأشرف فقد وقفنا عندهما لأن الخط الدرامي الرابط بينهما هو الخط نفسه الذي يقوم عليه فيلم "عسكر في المعسكر"، فيلم محمد هنيدي الجديد!!
النجاح الكبير الذي حققه فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية" ما زال يداعب خيال هنيدي وما زال يحلم بتكراره، فكان أن حاول أن يعيد تقديم شخصية الصعيدي، لكن هذه المرة لم يضعه في الجامعة الأمريكية ولكنه حاول أن يستغل كل التيمات مضمونة النجاح مرة واحدة، فاستعار من إسماعيل ياسين إحدى أبرز شخصياته: شخصية العسكري، وضفرها بشخصية الصعيدي، وهكذا خُيّل له أنه جمع كل عوامل النجاح وعناصره في فيلم واحد!!
دوبلير علاء ولي الدين!
ليست شخصية العسكري الصعيدي جديدة على هنيدي فقد سبق له تقديم الشخصية نفسها في فيلم "قشر البندق"، وهكذا يمكننا القول بأن هنيدي استنسخ تلك الشخصية وبنى عليها فيلمه الجديد، واستنسخ أيضا الشخصية التي لعبها علاء في "أجدع ناس" وجاء بممثل شديد الموهبة هو ماجد الكدواني ليوقع به في فخ القيام بشخصية دوبلير علاء ولي الدين.
نكون ظالمين هنا، لو فعلنا ما فعله آخرون وأرجعنا فكرة عسكري الأمن المركزي إلى فيلم البريء، الذي هو بالطبع بريء من فيلم بهذه السطحية، أما من ربطوا بين عسكر في المعسكر والواد محروس بتاع الوزير من حيث شخصية البطل لا من حيث الأحداث، فنلفت نظرهم إلى أن فيلم الواد محروس هو الآخر كان مستنسخا من سهرة "السكرتير الخاص" التي كتبتها ماجدة خير الله وأخرجها عبد اللطيف زكي وعرضها التليفزيون المصري قبل أن يفكر يوسف معاطي (مؤلف الواد محروس) في كتابة الفيلم الذي كان بداية أفول نجم عادل إمام!!
هروب مومياء وأبناء الشيطان
قبل سنوات ارتكبت مدينة الإنتاج الإعلامي خطأ كبيرا بمشاركتها في إنتاج فيلم عنوانه "أبناء الشيطان" كان تقريبا نقطة النهاية لنجومية فاروق الفيشاوي وحسين فهمي السينمائية.
هذا الفيلم قيل إن كاتبه هو بشير الديك عن قصة كتبها مخرج الفيلم إبراهيم عفيفي، وحقق إيرادات تقل كثيرا عن تكاليف الدعاية التي وصفت الفيلم بأنه مفاجأة السينما المصرية.
مرت خمس سنوات تقريبا، وعاد أصحاب شركة العدل جروب لتقديم الشيطان وأبنائه ولكن من خلال حبكة جديدة وفي أماكن جديدة، واستبقوا التجربة بحملة من الشائعات حول أنهم سيقدمون "فيلما مصريا تركيا مشتركا" سيفتح الباب أمام السينما المصرية لتصبح عالمية!!
والحكاية هي هي، عصابة دولية ورجل شرطة مصري يتم زرعه فيها ليوقع بأفرادها، والفارق بين الفيلمين أن العصابة الأولى كانت تقوم بتهريب المخدرات أما الثانية فمجال عملها هو تهريب الآثار.
و... فيلم هندي!
هناك أيضا "فيلم هندي"، الذي كتبه هاني فوزي متميزا ومختلفا، (ونال عنه جائزة من صندوق التنمية الثقافية بمصر)، وجاء منير راضي (مخرج الفيلم) وأحمد آدم ليبذلا مجهودا مضاعفا ليضيعا السيناريو الأصلي فيحل محله سيناريو تم تجميعه من عدة أفلام مثل "الشقة من حق الزوجة" و"شقة وعروسه يا رب" و... و.... وحتى "سلام يا صاحبي"، وكلها لعبت على تيمة الصداقة القوية التي جمعت بين اثنين لديهما أزمة في الحصول على شقة أو يضحي أحدهما من أجل الآخر، ليضربا المثل على أن الصداقة قادرة على قهر كل الصعاب وعلى جعل مستحيل الأمور ممكنا، فقط الخلاف كان في أن أصدقاء الماضي مسلمون، أما هذه المرة فكان أحدهما مسيحيا، وطبعا، هناك اختلاف!
سينما اللعب في المضمون
علميا، يكون الاستنساخ بأخذ خلية من جسد الكائن الحي وتهيئة الظروف الملائمة لها لتنمو مكونة نسخة طبق الأصل من الكائن صاحب الخلية الأصلية، وعلى قدر ما يمكننا وصف ما حدث في أفلام موسم هذا الصيف بأنه استنساخ لأفلام أخرى، ولشخصيات سابقة التقديم، على قدر ما يمكننا الاستعانة بصيغة أكثر عملية وأكثر استخداما، وهي "قلب" فردة الشراب (الجورب)، التي يستطيع المرء من خلالها أن يظهر الشراب الواحد كاثنين، استغلالا لاختلاف لون نسيج وجهي القماشة الواحدة!
ليس بوسعك أن تقلب الشراب أكثر من مرتين، لكن هناك من أعمل عبقريته واستطاع أن يجعل الشراب الواحد يظهر بثلاثة أو أربعة أو خمسة ألوان، وهذه أصول اللعب في المضمون!!
مشاركة منتدى
21 أيلول (سبتمبر) 2003, 05:42, بقلم AKRAMALDBAI
نعم
ولا
وكيف ولمتذا
عرض مباشر : http:/WWW.AKRAM.COM
27 أيلول (سبتمبر) 2003, 19:58
منشور بالنص وبنفس الاسم فى موقع اسلام أون لاين وبالبحث يمكن الوصول اليه باختصار كاتب الموضوع غير أمين بالمرة والسكوت عنه ليس أمانة
aboseneta@hotmail.com