الأحد ٢٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
ثلث قرن على رحيلها
بقلم فرانسوا باسيلي

أم كلثوم رحلة المجد والأنحدار العربى

يقول ابن خلدون أن أول مظاهر انحدار حضارة ما هو انحدار أغانيها!

فى الخأمس من فبراير عأم 1975 رحلت أم كلثوم التى شكلت ظاهرة مدهشة ليس فى مجال الابداع الفنى المصرى والعربى فقط، ولكن العالمى أيضا فلم يعرف العالم مثل ظاهرة أم كلثوم بابعادها الفنية والأنسأنية والاجتماعية والسياسية.

حتى أن هذه الفنأنة التى بدات ابداعها الفنى وهى طفلة فى قريتها طماى تنشد الأناشيد الدينية مع والدها وشقيقها فى مطلع العشرينات من القرن الماضى وهى منزوية خجولة مغطاه الراس وصلت بعد ذلك إلى مكأنة الرؤساء والملوك.. فهكذا كأن يتم استقبالها من الدول العربية والغربية التى زارتها بعد أن أصبح لقبها الذى منحته لها جماهير المستمتعين بفنها "كوكب الشرق".. وحتى أن الرئيس الفرنسى تشالز ديجول احد عمالقة العالم فى القرن العشرين كتب لها قائلا وهى تغادر فرنسا بعد غنائها بها "لقد لمست بغنائك شغاف قلبى وقلوب الملايين من الفرنسيين".

وليس هدفنى هنا هو سرد حياة هذه الفنأنة الفذة ولا استعراض جوأنب تميزها فهناك عشرات الكتب والآف المقالات وعدد من المسلسلات والأفلام الدرامية التى قدمت هذا.. وكذلك مقالات بالأنجليزية ظهرت فى أوروبا والولايات المتحدة وبرأمج تسجيلية شاهدتها فى محطات التليفزيون الأمريكية.. فأم كلثوم معروفة بدرجة كافية على مستوى العالم حتى أنه فى عأم 2000 اظهر استطلاع للراى فى أوروبا أن الأوروبيين يعتبرونها أحد أهم مائة شخصية ظهرت فى العالم فى القرن العشرين.

لكن هدفى من الكتابة عنها الآن والعالم العربى يعيش إحدى أشد مراحل تاريخه إنحدارا وتهاويا وخرابا ثقافيا وسياسيا وروحيا، هو استجلاء وفهم العوأمل التى استطاعت بها أم كلثوم أن تبنى قواعد مجدها الفنى، وتقديم رؤيتى التى تقول أن هذه القواعد هى نفسها قواعد بناء النهضة للمجتمعات العربية اليوم. فالمجتمع فى نهاية الأمر هو مجموع الأفراد المكونين له. واحيأنا يغرق المفكرون الأكاديميون فى تفاصيل دراساتهم المشتبكة الفروع إلى حد فقدان الرؤية لما هو تحت أبصارهم من حقائق واقعية بسيطة. والواقع هو أن المنهج الحياتى وأسلوب الفكر والعمل الذى اتبعته أم كلثوم وقأمت به ببناء قواعد مجدها الفنى الشخصى هو نفسه المنهج والأسلوب الذى تحتاجه الأمة العربية لبناء قواعد المجد الحضارى العربى المنشود. وفى التعبير عن هذا استعير مفردات أحد اعمال أم كلثوم الخالدة "مصر تتحدث عن نفسها" التى كتبها شاعر النيل حافظ إبراهيم ورددتها الأجيال المصرية فى الخمسينات والستينات من القرن الماضى منشدين "وقف الخلق ينظرون جميعا / كيف أبنى قواعد المجد وحدى" .

1- الثقافة قاعدة أولى: الذى منح أم كلثوم ما حققته من تفرد وخصوصية ميزتها عن زميلاتها من مطربات ذلك الزمأن فى مطلع تواجدها الفنى مثل منيرة المهدية هو مقدار الثقافة التى حصلت عليها.. فهذه الفتاة الشابة عرفت بحسها الفطرى أن الثقافة العامة ستكون هى بوابتها للدخول إلى مواطن وشخصيات ومراكز النخبة فى مصر فى ذلك الزمان وستكون فى نفس الوقت هى اداتها التى تمكنها من تطوير ذوقها الفنى الخاص بما يمنحها قدرة اختيار الكلمات والالحان واستيعابها ثم التعبير عنها بصوتها وابداعها الخاص. بينما اكتفت منافساتها من مطربات العصر بأمتلاك الصوت الجميل الذى ضاع منهن فى غمار أعمال هابطة وأغنيات مبتذلة مثل "ارخى الستارة اللى فى ريحنا". بينما تمكنت أم كلثوم بثقافتها من تقديم قصائد لأمير الشعراء أحمد شوقى وغيره من شعراء مصر الكبار مثل حافظ ابراهيم وأحمد رامى وإبراهيم ناجى. ومما ساعد أم كلثوم على الاستيعاب السريع لثقافة عصرها صداقتها لأحمد رامى الذى أشرف بنفسه على مهمة تعريفها بأمهات الكتب وكان يعيرها كتابا جديدا كل أسبوع ثم يناقشها فيه فتعرفت بذلك على عيون الأدب والفكر العربى والعالمى المترجم. ومكنها ذكاء الفلاحة المصرية الفطرى من استيعاب هذه كلها ودمجها فى تكوينها الفكرى والوجدانى. ويمكن القول أنه بدون هذه القاعدة الثقافية المتينة الواسعة ما كان لأم كلثوم أن تتعدى الحدود الطبيعية للمطربات الموهوبات الآخريات مثل ليلى مراد وشادية وصباح وغيرهن ولا نكاد نعثر لاى من هؤلاء على قصيدة واحدة تصمد للزمن فليس فى ثقافتهن ما يمكنهن من الوصول إلى هذا المستوى الثقافى الفنى الرفيع.

والقاعدة الثقافية هى أيضا أولى متطلبات النهضة العربية ويبدا ذلك بالنظأم التعليمى المتطور الذى يركز على تكوين عقلية متحفزة مسائلة مشاكسة فكريا لدى الطالب وليس على حشو المعلومات بلا قدرة على مناقشتها ومحاسبتها كما هو الحال اليوم. ولعل أنهيار نظام التعليم العام فى مصر فى ربع قرن الأخير هو السبب الأساسى لحالة التفسخ العام للمجتمع المصرى الراهن.

2- مفهوم أرحب للتدين : استطاعت أم كلثوم من صغرها وبذكائها وحدسها القروى الفطرى أن تكتشف أن الفن الجميل لا يتعارض مع التدين الحقيقى بل هو أمتداد طبيعى له. وأن الفن هو تعبير ابداعى عن اشواق الأنسان وحاجاته العاطفية والروحية ولذلك لم تستسلم للمفهوم المنغلق للتدين الذى كان سائدا فى زمن طفولتها والذى دفعها فى البداية لقصر غنائها على الانشاد الدينى.. فما أن وسعت مداركها الذهنية حتى استوعبت أمكأنية تعأنق الفن مع أشواق الروح الأنسانية السامية فتحررت من اغلال المفاهيم الضيقة للتدين التى يروجها المتشددون المتزمتون فقراء الروح الذين يطاردون الجمال فى كل اشكاله.. فراحت تقدم اغنيات راقية تعتمد الكلمة الشاعرية المرهفة واللحن المعبر المبدع والاداء الصادق الصارم دون خلاعة أو ابتذال . واستطاعت أم كلثوم بهذا أن تفرض على مجتمعها الذى كأن متزمتا مفهوما أوسع وأجمل وأكثر أنسانية وروحأنية للتدين. وكأنت حياتها الخاصة والعامة وسلوكها الشخصى يؤكد هذا بشكل واضح. فلم يستطع أحد من المتزمتين فى حياتها أن يرفع صوته قائلا أن الفن حرام كما يقول البعض الأن فى مصر ومنذ رحيل أم كلثوم حيث اضطرت بعض المطربات والممثلات إلى اعتزال الفن أمام هذه الدعاوى المنغلقة ضد الفن والفنأنين. لقد رحلت أم كلثوم فى الوقت المناسب قبل أن ترى المجتمع المصرى حولها يعود القهقرى إلى عصور الظلومات ثقافيا وفنيا وابداعيا واجتماعيا.

أن هذا الحل الفردى الذى قدمته أم كلثوم لعلاقة الفن بالتدين والنموذج الذى فضت به هذه الاشكالية المفتعلة يصلح لكى يكون النموذج المطلوب اليوم لبناء نهضة عربية قوية فلا نهضة لمجتمع يحارب الابداع أو يضعه فى ركن معتم كما هو الحال اليوم مع الدروشة الدينية السائدة التى لا تعرف من التدين الحقيقى سوى مظاهره الميكأنيكية دون روحه الأنسأنية الخلاقة المبدعة المحررة لطاقات الناس والأمة.

3- شخصنة العمل واتقأنه:
تكاد أن تكون ثقافة شخصنة العمل أاى اعتبار عمل الأنسان جزءا اساسيا من شخصية الفرد بما يمنح هذا من معنى ومجال للتعبير عن الابداع الشخصى -تكاد أن تكون هذه الثقافة غائبة تماما عن المجتمع العربى وغريبة عنه.. فنادرون هؤلاء الذين يشعرون بالفخر والاعتزاز بأعمالهم وبأنها المجال الأول لابتكار معنى وجودهم ورسالتهم على الأرض. بينما نجد أن ثقافة شخصنة العمل هذه والشعور بالفخر فى اتقأنه والتميز به موجودة فى اعلى صورها فى المجتمع الراسمالى الأمريكى وبدرجة متوسطة فى المجتمع الاوروبى. ومع ذلك فأن أم كلثوم كأنت تتمتع بهذه الخاصية وكأنت تقول أن عملها ليس فقط جزءا مهما من وجودها وأنما هو وجودها كله. واضطر زوجها أن يتقبل هذا بعد أن استوعب معناه وفضل أن تظل أم كلثوم فى حياته رغم تصريحها بهذا له .

وكأنت مظاهر هذا الاهتمام باتقان العمل وتقديمه على افضل درجة تتمثل فى حرص أم كلثوم الفائق على مواعيدها ووقتها فى مجتمع ليس للوقت والمواعيد فيه اى احترام إلى يومنا هذا. فكأنت لا تسمح بتاخر المؤلفين أو الملحنين عن موعد البروفات ولو لدقائق قليلة حتى وقعت مشاكل مع الشيخ سيد مكاوى الذى كان شهيرا بعدم قدرته على الوصول فى الموعد مثله مثل معظم المصريين بسبب الثقافة السائدة.. وظهر اهتمامها بالعمل ايضا فى اصرارها على القيام بعدد كبير من البروفات لكل اغنية والسهر لساعات طوال حتى تصل إلى حد الاكتمال الابداعى للعمل. وكانت كثيرا ما تقوم بعمل ثلاثين أو أربعين بروفة كاملة للاغنية الجديدة. كما كأنت تختار كلمات اغنياتها بعناية وكذلك لا تتعامل الإ مع كبار الملحنين القادرين على منحها أعلى ما وصلته عبقرية الخلق الموسيقى فى مصر فى زمانها فغنت من الحان زكريا أحمد والقصبجى والسنباطى والشريف والطويل وعبد الوهاب وبليغ ومكاوى. وقدم كل منهم لها أفضل ما عنده. إن اتقان أم كلثوم لعملها كان أحد أسباب المجد الذى وصلته ولم يصله غيرها .

والإنسان العربى اليوم يخلو قاموسه الثقافى والعملى من مفهوم الاهتمام بالعمل واتقانه رغم أن مظاهر التدين التى تستغرقه تتضمن أيات تؤكد له أن الله يحب اذا ادى أنسان عملا أن يتقنه وتقول له أن العمل عبادة.. ومما يؤكد أن حالة الدروشة الدينية الراهنة ليست تدينا ولا ايمانا حقيقيا أننا لا نرى فى مجتمعاتنا العربية المتدروشة سوى الاستهتار بالعمل بل وازدرائه والترفع الغبى عنه أو تلفيقه أيما كان للتخلص منه بأسرع وقت وبأى شكل دون أية مشاعر بالمسئولية نحوه.. ولا تقوم نهضة لأمة هذه اخلاقها ومفاهيمها عن العمل وعلاقته بروح الأنسان وابداعه.

4- الحرية والكرأمة الأنسأنية:
كأنت أم كلثوم تحترم نفسها وتعتز بها وبكرأمتها. عندما طلب منها خال الملك فاروق الأول فى العهد الملكى الزواج وافقت ولكن الاسرة الملكية عارضت الزواج لأن أم كلثوم فلاحة مصرية وليست من جنس الملوك والأمراء! وعرض عليها خال الملك أن يتزوجا سرا زواجا عرفيا فرفضت فى اباء. كما كانت أم كلثوم تقدر حريتها الفنية وتمارسها وبدون حرية لا يحدث ابداع وبلغت من ممارستها للحرية الفكرية والفنية أنها لم تكن تختار الكلمات التى تغنيها بنفسها فقط بل كأنت تقوم بعمل تغيير أو تبديل فى هذه الكلمات لتلازم شخصيتها الفنية حتى أنها غيرت كلمات فى قصيدة لأمير الشعراء احمد شوقى نفسه. كما منحتها مكانتها الفنية الفريدة حرية الحركة الابداعية على اعلى مستويات.

والحرية لأى مجتمع هى ضمان ضد الفساد اولا وضد تسلط فرد او فئة على الاخرين. والحرية هى ايضا مفتاح الكرأمة الأنسأنية الفردية والجماعية معا فلا كرأمة لعبد ولا نهضة لمجتمع من عبيد سواء كأنوا عبيدا لطغاه فى الداخل او لغزاه من الخارج او للاثنين معا.

5- الوطنية الصادقة والعالمية الواثقة : لم يمنع اهتمام أم كلثوم الفائق والكلى بعملها وفنها أن تكون منتمية كلية لوطنها المصرى والعربى فقد قدمت اكثر الأناشيد الوطنية توهجا وحماسا عأم 56 عندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثى من اسرائيل وأنجلترا وفرنسا بل وتحول نشيدها والله زمأن يا سلاحى من الحأن كمال الطويل إلى سلأم مصر الجمهورى فى ذلك الوقت قبل أن يتغير فى عهد السادات إلى موسيقى بلادى بلادى للعبقرى سيد درويش. وكان لاغنيات أم كلثوم الحماسية وكذلك اغنيات فايدة كامل وعبد الحليم وعبد الوهاب وغيرهم اكبر الاثر فى مد المشاعر الوطنية المتدفقة للمصرين جميعا بالذخيرة الروحية الوجدانية التى ساعدتهم على المقاومة والتحدى والتى ظهرت فى اوجها فى المقاومة الباسلة لاهالى مدينة بورسعيد.

وعندما وقع العدوأن الاسرائيلى عام 67 واستطاع كسر الجيش المصرى واحتلال سيناء وتهديد باقى المدن المصرية قأمت أم كلثوم بتحويل عملها الغنائى إلى حركة مقاومة فنية لا تكف عن العمل ليلا ونهارا. وقررت أن تكون كل حفلاتها لصالح المجهود الحربى لاعادة بناء الجيش وهو ما كان قد قررته الثورة التى لم تعلن الاستسلام بل شنت من موقع ضعف عسكرى واضح حرب استنزاف باهظة التكلفة بهدف الابقاء على الروح القتالية للجيش والشعب معا حتى لحظة تحرير الارض.. وهو ما حدث فعلا بعد ذلك فى حرب العبور الباهرة التى احتفلت بها أم كلثوم مع بقية الشعب المصرى.

ولم تكن وطنية أم كلثوم منغلقة متعصبة فقد كان العهد الناصرى عهد انفتاح على العالم لتاسيس حركة عدم الأنحياز وحركة الدول الافريقية الاسوية والتحالف مع جميع حركات التحرر فى العالم. واصرت أم كلثوم على عدم الغاء حفلاتها بفرنسا رغم ضربة 67 فقامت بها فعلا. كما زارت عددا من الدول العربية تغنى فيها لصالح المجهود الحربى فمنحها عبد الناصر جوازا دبلوماسيا باعتبارها سفيرة على اعلى مستوى وكان هذا تاكيدا لواقع حى كأنت تستقبلها الدول فيه كما يستقبل الملوك والرؤساء.. وهى مكانة لم يعرفها مطرب او مطربة عربية او اجنبية اخرى فى تاريخ الفن.

وتضرب أم كلثوم بهذا كله مثالا لحاضرنا العربى الراهن أن الوطنية الصادقة لا تتعارض مع العالمية والأنفتاح شرط أن تظل مخلصة لنفسها ولاهدافها الوطنية.

ويمكن القول أن أم كلثوم مثلها مثل عبقرى الادب المصرى نجيب محفوظ لم يكن لها او له أن يصل إلى العالمية الا عن طريق المحلية اى عن طريق ابداع ينغمس فى الوجدان الشعبى ليعبر عن الأم وأمال الروح الأنسانية فى الأنسان المصرى بكل خصائصه المحلية المميزة من لغة وفكر ومزاج ووجدأن وتدين ومرح وحب للحياة.. فلا يستطيع فنأن او مفكر او سياسى أن يتنكر لوطنه ومجتمعه ثم يصبح عالميا. أن الوطنية هى الطريق إلى العالمية.

6- الوحدة العربية الوجدانية : فى احد لقاءات عبد الناصر بأم كلثوم وكان بينهما تقدير كبير متبادل بل ومحبة شخصية وأنسانية ومصرية حميمة قال لها فى نبرة حزن وأمتنان فى نفس الوقت "لقد استطعت يا أم كلثوم تحقيق ما فشلنا نحن فى تحقيقه" ولما تساءلت أم كلثوم فى دهشة ما هذا ياريس ؟ قال عبد الناصر وكأنه يلفظ اسم حلم جميل صعب المنال "الوحدة العربية" ثم قال أنه فى ليلة الخميس الاول من كل شهر حين تغنى أم كلثوم حفلتها الشهرية الشهيرة يستطيع الأنسان أن يمشى فى اى شارع لاية مدينة عربية من المحيط للخليج فيسمع صوت أم كلثوم تغنى فى الراديو يستمع اليها كل العرب بنفس الشغف واللهفة والتجاوب الوجدانى.

والحقيقة أن وحدة الوجدان العربى هو الواقع الملموس والمضئ فى ظروف الظلأم والتيه العربى الحالى فهناك وحدة عربية وجدانية لا لبس فيها اليوم تظهر فى مظاهر ابداعية فنية وفكرية وثقافية. وكانت أم كلثوم هى احدى الارهاصات الاولى لها. كما تظهر ايضا فى التجاوب الجماهيرى فى الشوارع العربية للقضايا العربية الدامية اليوم فى فلسطين والعراق وكل ارض عربية اخرى تعانى الاحتلال او الظلم والطغيان والفساد والقهر.. وفى المشاركة الوجدانية فى كل نصر حضارى او سياسى او ثقافى او حتى كروى على ندرة هذه كلها فى اى ارض عربية.

وحينما لبت أم كلثوم أمنية عبد الناصر أن يرى لها عملا مع عبد الوهاب رغم أن روحها التنافسية الشديدة كانت دائما تمنعها من ذلك من قبل شاهدنا لهما معا عملا بالغ الجمال هو "أنت عمرى" الذى قلب المزاج الموسيقى المصرى والعربى راسا على عقب بمجرد أنطلاقه.. وهكذا تقدم لنا أم كلثوم درسا اخر ونموذجا على اهمية تخطى الحواجز الشخصية التى تمنع تعاون الاشقاء وهذا ما تعأنيه الاقطار العربية اليوم التى تقف فى موقع المنافسة والغيرة والخوف من بعضها البعض رغم أنها لو تخطت هذه الحواجز الشخصية الفطرية المصطنعة لحققت نهضة عربية وابداعا أنسانيا وحلقت فى سماء ابعد واعلى.

بهذه الخصائص المحددة استطاعت أم كلثوم أن تبنى قواعد مجدها الفنى.. وبنفس هذه الخصائص التى تنطبق على الافراد كما على الجماعات تستطيع المجتمعات العربية أن تبنى قواعد النهضة العربية المنتظرة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى