أبنيتي
أبنيتي هيّا اربطي أرجوحتــــــــي **** بالتينِ والزيتـــــــــونِ والرمــانٍِِ
إن كنتُ في زمنِ المشيبِ فإننــــي **** أهوى التصابي في ندى الوديانِِ
إنَ الكهولةَ لم تقفْ في بابنــــــــــا **** هيَّا رواءُ* فرددي ألحانــــــــــــي
فالشمسُ تشرقُ في الصباحِ وفي المســـــا **** ءِ تودعُ الإشعاعَ طولَ زمـــــــــانِِ
والبحرُ يرسلُ موجَهُ متلاطمــــــاً **** لا يستكينُ لدافعِ الإنســــــــــانِِ
فَلِمَ ابنُ آدمَ إنْ تقادمَ سنُّـــــــــــــه **** دفنَ الشبابَ بعالم النسيــــــــان؟!
وبنى الهمومَ بقلبه وبعقـــــــــــــله **** ورمى التفاؤلَ في لظى النيرانِ؟!
أبنيتي هلاَّ نغردُ في الريـــــــا **** ضِ كبلبلٍ في قمةِ الأغصــــــــانِ
والطلُّ يطرقُ مهدنا مترنمــــــــاً **** فيحلُّ ضيفاً دونَ ما استئــــــــذانِ
والنحلُ يرقصُ والرحيقُ مرامُــهُ **** والشهدُ يدنو من سنا الأفنــــــــانِ
قسما سأنسى ما تعبتُ بُنيتـــــــي **** من حمله التغريبِ والهجـــــرانِ
وأنامُ مثلَ الطيرِ تحت شُجيــــرةٍ **** أو فوق سطحٍ شامخِ البنيـــــــــانِ
أبنيتي لولا الطفولةُ ما غـــــــدتْ **** أمٌّ تكفكفُ دمعةَ الأحـــــــــــــزانِ
فالمرءُ إنْ مُدَّتْ به أيامُــــــــــــهُ **** حبَّ البقاءَ كرغبةِ الولـــــــــــدانِ
والليلُ إنْ طالَ السباتُ بضيمـــهِ **** ملَّ الرقادَ وجلسةَ الخــــــــــــلانِ
والفجرُ يرسلُ للحياةِ بشاشـــــــةً **** والماءُ يطفئُ حرقةَ الظمــــآنِ
والنفسُ تلهو والزمانُ رقيبُهَــــــا **** والعينُ تبكي من جوى الوجــدانِ
فالمالُ في عينِ القناعةِ زائــــــلٌ **** والعلمُ يبقى درةَ الأكـــــــــــــوانِ
إنَ السعيدَ إذا الليالي أدبـــــــرتْ **** جعلَ الوفاءَ منابعَ الإحســـــــانِ
ورأى السعادةَ طفلةً في مهدِهَـــا **** تنمو بقلبٍ صادقِ التحنـــــانِِ
رواء: ابنة الشاعر في الربيع الثالث من عمرها