الثلاثاء ١٩ آذار (مارس) ٢٠٢٤
بقلم عبد العزيز زم

قلعة الأحرار

لا تَستَوي كلُّ المَعادنِ والذَّهَـبْ
والحرُّ ليسَ كَمَنْ تراجَعَ وانسَحَبْ
الكبرياءُ جُموحُ جُرحٍ ثائرٍ
لا يَحفظُ التاريخُ إلَّا
مَا بِدَمِّهِ قَدْ كَتَبْ
في قلعةِ الأحرارِ، عاصِفَةُ الغَضَبْ
شَعبٌ يُذابُ على صَفيحٍ مِنْ لَهَبْ
في كُـلِّ مَذْبَحةٍ لَنَا ناجٍ وحيدٌ
اسْمُهُ: عَارُ العُرُوبَةِ والعَرَبْ
قَدْ طالَ لَيلكِ أشْرِقي
يا شَمْسَنَا غَزّةْ.
يا مَركزَ الإعصارِ يا أيقونَةَ العِزّةْ

لانَتْ عَريكَتُنا فَهَاتي الشَّوكَ والصَبَّارَ
مِنْ صَحراءِ مَاضِينا
وَ غُــزِّينا
بِسَوءَتنا، بِخَوفٍ يَنـزَوي فِينا
بِحَاكِمِنا وقَاضِينا
ومَنْ بالذُّلِّ قدْ لَزَّ.
قَدْ طالَ لَيلكِ أشْرِقي
يا شَمْسَنَا غَزّةْ.

يا قلعةَ الأحرارِ
حَاصَرنَا صمودُكِ مثلَ
جُرحٍ في الكَرامةِ
كُـلَّمَا سَقَطتْ لَدَيكِ ضَحِيّةٌ
أذْكَتْ مَضَاجِعَ عَارِنا
والجُرحُ نَــزَّ
وَلَيلُكِ القَاني طَويلٌ
أشْرِقــي يا شَمسَنا غَزَّةْ

العالمُ العرَبيُّ والغَرْبيُّ والشَرقيُّ
يَرطُنُ بِاسمِ أمريكا
يُصَدِّقها، يُدَلِّلها
يُدَلِّكُها
لِتَبلغَ مُنتهى اللذَّةْ

سَبعونَ عَاماً
تحتَ أنقاضِ التَشرُّدِ والرّدى
ما رَفَّ جَفنٌ لِلوَرَى
 حُزناً -
ولا وجْدانُهُ اهْتَــزَّ

والآنَ هبَّ العالمُ الحَضَريُّ
يَسألُ غاضباً:
"كيفَ الضحيّةُ نَـبَّهتْ جَلَّادَها !!
لا يَستحقُّ العَيشَ مَنْ أبْكَى مُدَلَّلنا
وحَـزَّ سِياطَهُ حَــزّا
تَمادَى رافِضاً للموتِ
عَنْ أعرافِنا شَذَّ !!
هُبّوا ولا تُبقوا على أثَرٍ
ولا طِفلٍ ولا شيخٍ ولا ثَــكلى
بحقِّ اللاتِ والعُزَّى "

حُمَمٌ تُضيءُ بِلَيلكِ الدّاميْ
فأشلاءٌ مُضَمَّخةٌ، وأوصالٌ مقطّعةٌ
ونارٌ تُحرِقُ الأحْشاءَ في الأحْياءِ والقَتلى
وقَصفٌ يَمنعُ الأرواحَ أنْ تَسعَى لِبَارِئها
ويَحجُبها سِلاحُ الجَوِّ
أزَّ رَحيلَها أزّا
ثِقي بالفَجرِ يا غزّة

ثُوري على الوَهنِ الّذي يَغشى
مَفَاصلَ أمَّةِ الإسلامِ والأعْرابِ
هُمْ مَوتى ومنْسيُّونَ
ليسَ هناكَ منْ بِرَحيلهِم عَزَّى
ثِقي باللهِ يا غزّة

ثُوري على الغَربِ الّذي يَنسَى
بِأنَّ الحقَّ لا يُنسَى
بأنّ الأرضَ والتاريخَ
للأجيالِ مَن جُبِلوا بمِلحِ البَحرِ
لِلأمِّ الّتي وَحِمَت بزيتونٍ
فكانَ مخاضُها مُرّاً
وجاءَ الطفلُ مُعتَـزَّا
ثِقي بالجِيلِ يا غزّة

قُومي لِوَجهِ الله يا غزّةْ
ثُوري ولا تأسَي على أحَدٍ
ولا تَسْتَنجِدي أحَداً
فأنتِ اليَومَ بوصلةٌ
تُوجِّهُ نَبْضَ أمَّتِنا
"إلى الأقصَى" بِرُمَّتنا
وأنتِ اليومَ شَوكَتُنا
رِسالتُنا لإسرائيلَ
غُزِّي حِقدَها غَزَّا
ثِقي بالنصرِ يا غَزّة

لمْ يَشْهدِ التاريخُ عَشوائيّةً
في القتلِ والترهيبِ والتَنكيل
والتعذيبِ والتَرحيل
هذا وَحشُ إسرائيل
يغرزُ حِقدَهُ في الجِيل
مَزّقَ أحرفَ القرآنِ والإنجيل
وابْــتَــزَّ.
وَحْشٌ على أنيابهِ كَزَّ.
أدمَى،
ولمْ يَمنعْهُ نَزفُ الأمِّ والأطفالِ
مَزَّ دِماءَهمْ مَزَّا
لكِ الرحمنُ يا غزّة

قَتلاكِ في وَجهِ الزّمانِ مَنارةٌ
فَوقَ الرُّكامْ
لا أرضَ تَكفي للتراجعِ خطوةً
فالبَحرُ خَلفكِ
والجِهَاتِ امْتَصَّها عمقُ الظَّلامْ
والعَالمُ المَوتورُ يَعجَزُ
أن يغيثَـكِ قطرةً
والكلُّ نامَ
على مُعاهدةِ السلامْ
لم يبقَ إلّا وَمْضُ ثأرِكِ في الحُسَامْ
وَوَصيّةُ الأشلاءِ خُطَّتْ بالدّماءِ:
إلى الأمامِ
إلى الأمَامْ
لا عِزَّ إلّا في مُقَارعةِ اللِّئامْ.
لاعِزَّ فِينا إنْ نَسينا
لَيلكِ الدّامي يَخُزُّ قُلوبَنا خَزّا
ثِقي بالفجرِ ياغزّة

يا صرخةً لِلحَقِّ إنَّ دِماءَنا تَغلي
فهذا الثّــأرُ يَعنِــينا
ونَهتُفُ مِن وراءِ البحرِ
"يا غزّةْ .. أغِيثِـــينا"
ولا ندري مَنِ المُحتاج مَنْ فِينا!
أغِيثِـــينا
أصِيخي .. مِلحُ هذا البحرِ
يُشحَذُ مِنْ مآقِينا
بِهِ تَــكْوِينَ جُرحَ الليلِ
في فَجرٍ .. يُـلاقِــينا
وسَهمُكِ في صَميمِ الظُلمِ
قَدْ أصْمَاهُ وَ ارْتَــزَّ.
قَدْ طَالَ لَيلُكِ
أشْرِقي يا شَمسَنا غَزّةْ
يا مَركزَ الإعصارِ يا أيقونَةَ العِزّةْ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى