السبت ٢٠ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

55

محمد محمود صالح عطا البحر

كيف أصبحتُ رجلا ينظر إلى النهايات؟!
لو كانت أمي معي
لأخبرتني أنهما خمستان متعاقبتان
"خمسة وخميسة" لصد الحزن
ودرء العيون السوداء
لكنهما متجاورتان يا أمي
وفي حقيقة الأمر متلاحمتان في التجاور
لقد مَرَّ الوقت
وأنا لا أكذب على نفسي
كيف أصبحتُ رجلا ينظر إلى النهايات؟!
الطفل الذي ظَنَّ أنه يحمل العالم على طرف إصبعه
وعندما أبصر وعيه لم تنطلِ عليه اللعبة
الفتى الذي امتلك وَحْدَه المغناطيس الجاذب للفتيات
ولم تضل روحه
المراهق الذي شَقَّتْ القبيلة قلبَه
بلا نهر يغتسل فيه
الشاب الذي قاتَلَ الحياة باستغنائه المفرط
حتى جلس بين يديه سِرُّ المتعة
والرجل الذي زرع بذوره في الصحراء
فتحولتْ إلى جَنَّة بلا تفاح
وبلا غواية
أين ذهب هؤلاء الأنذال الخمسة بلا وداع؟
كيف تسربوا من روحي كنسمة هواء بارد؟
تمر ببطء
ولا أحد لا يستطيع رؤيتها
أو الامساك بها
هل حدث كل شيء فجأة
أم أننا حين نتجاهل النظر إلى ساعاتنا
يسرقنا الوقت؟!
منْ سيقول لي:
ـ إنهم عاشوا حيواتهم بداخلي، ثم ماتوا.
سأقتله
منْ إذن ذلك الذي يصخب بداخلي؟
الأصوات التي تذبح بسيف الحنين
الصور التي تأتي بهم جميعا
كأن الزمن لم يمر على جسدي
لا أحد يستطيع أن يراقب الزمن
نستطيع فقط أن نتحسس مروره على وجوهنا
دون أن ننتبه
وبلا خطيئة..
تخطفنا الحياة إلى الموت
كيف أصبحتُ رجلا ينظر إلى النهايات؟!
كان الصخب عنوان المدينة
وفي مواجهة كل ظلام أراد أن يُلقمني الصمت
زرعتُ كلماتي نجوما
وأهديتُ للعابرين صَكَّ الحياة
البنت التي أرادتْ أن تعرف
الصديق الذي أراد الخطوة التالية
الأستاذ الذي أراد ألا أسبقه أبدا
كنتُ جديرا بالصخب
لكنه انزاح في قسوة الوقت
فتحولتْ الصكوك إلى خناجر
أعرف الآن يقينا
لماذا كلما أصابنا الكِبَر تؤلمنا ظهورنا
ولا يُناسبنا الهدوء
كيف أصبحتُ رجلا ينظر إلى النهايات؟!
هل لأننا جميعا
لا نجني من الحياة سوى الأسئلة
ولا نخشى من الموت إلا السكون
الموج المكتوم على الهدوء
يتكسر الآن على شاطئ البحر
والكلمات التي يولدها الوشيش
تستحيل إلى أسئلة، وأجراس، وأغانٍ
ولا تكف عن الرقص
كأنما "مولد" القيامة يدُق أوتاده من حولي
العالم كله يتجمع الآن بين يديّ البحر
والطفل الذي يبصر بداخلي
لا يكف عن إزاحة المدى
لعل الرجل إذا نظر
لا يُبصر النهاية.

محمد محمود صالح عطا البحر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى