الأحد ٣١ آذار (مارس) ٢٠٢٤
بقلم ياسين بعبسلام

وارثُ الشُّعراء

على قَدْرِ أحزاني القَصيدَةُ ترقُصُ
و يزدادُ إيماني بها.. ثم يَنقُصُ
لقد أخلَصَتْ للشِّعرِ رُوحي تَوَتُّراً
فمن سوفَ يَروي الشِّعرَ عنِّي و يُخلِصُ؟
أرَى حولِيَ الأكوانَ يمتدُّ سمعُها
و لكنَّ صوتاً داخلي يَتقلَّصُ
أنا آخرُ المارِّينَ في دَربِ إخوَتي
لمَوتي الذي مِن حضنهِ أتملّصُ
سأتركُ خلفي الأغنياتِ مُشَاعَةً
فلا تنكِروا الرُّؤيا التي عِشتُ أَقصُصُ
تقمَّصتُ مَن قَبلي إلى الشِّعرِ سافَرُوا
و في دَمِهِمْ ما لم يكُن يُتَقَمَّصُ
و حاوَرتُهُمْ نَصاًّ فنَصاًّ.. و عندما
:سألتهُمُ عن جوهَرِ الشِّعرِ نَصَّصُوا
فضجّ (امرُؤُ القيسِ): القصيدةُ أن تَرى
دُرُوعَكِ في الثَّأرِ المُؤَجّلِ تَشخَصُ
و غمغَمتِ (الخنساءُ): بل نِصفُ بَسمةٍ
تُخبِّؤُها.. عن مَدمعٍ يتلَصَّصُ
و (حسَّانُ) نادى: ذاكَ وجهُ مُحَمَّدٍ
و كفٌّ بها حَقُّ السَّماءِ يُحَصحِصُ
و زادَ (جريرُ): الشِّعرُ أن تبكيَ الّذي
لسانُك يوماً كان يهجو و يَقرُصُ
فلا تُبلِغَنْ قبرَ (الفرزدَقِ) أنَّني
كنَنتُ لهُ الوِدَّ الذي ليسَ يَرخصُ
و أفتى (أبو تمّام): قلُ ما تشاءُ أنْ
تقولَ.. و للمُصغينَ أن يتفَحَّصُوا
و بي (المتنبّي) صاحَ: أعلى قصيدةٍ
إذا اخترتَ أن تفنى و قلبُكَ ينكُصُ
فما دُمتَ تَلقى حتفَكَ اليومَ أو غدًا
علامَ إذًا يا صاحبي سَوفَ تحرِصُ؟
و نَمَّ (المَعرّي): الشِّعرُ عينٌ بَصيرةٌ
بها كُلّ غزلانِ المجازاتِ تقنِصُ
و تركُ اللُّزُوميّاتِ تمضي لحَالِها
لأنَّ القوافي تُجتَنى.. لا تُرَصَّص
و أمّا (ابن زَيدونٍ) فأطرقَ رأسَهُ
:و قد وَدَّ وصلاً عيشُهُ لا يُنغَّصُ
تربّصْ بحَسناءِ القصائدِ وحدَها
تَفي.. لو بِكُمْ كُلُّ الوُشَاةِ تربَّصُوا
و لمَّا أزَلْ أرنو لأشعارِ مَن مَضَوا
و أُصغي.. إلى ما لم يُقَلْ و أُمَحِّصُ
لعَلَّي أدري أيّ شَيءٍ أحاقَ بي
و أفهمَ ما خَطبي.. و دائي أشَخِّصُ
أرى فوقَ أوراقي أصابعَهُمْ بدَت
مُعَفَّرَةً بالحبر.. تُوشِكُ تعفصُ
و ألمحُ في وَجهي ملامِحَهُمْ فلا
أقولُ: لمَ البَلوى بصَدري تُقَرفِصُ
كأنِّي بجُرحِ الشِّعرِ وحدِي مُوَكَّلٌ
و قلبي لمأساةِ الكلامِ مُخَصَّصُ
و قد أورثَ اللهُ الأسى كُلَّ شَاعرٍ
و أورثهُمْ لي.. ثُمَّ جِئتُ ألَخِّصُ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى