الثلاثاء ٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٤
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

هلال حياتي

تعد مؤسسة دار الهلال من المؤسسات التي ساهمت في تشكيل فكري وثقافتي ومعارفي فخلال طفولتي كان والدي رحمه الله يشتري لي الصحف والمجلات ومن ثم زرع بداخلي حب القراءة وعقدت من الصحف والمجلات صداقة مازالت حتى الآن وعندما انتقلت للمرحلتين الاعدادية والثانوية كنت أقطع مسافة 3 كيلو متر سيرا على قدمي من قريتي السدس إلى مدينة الإبراهيمية بمحافظة الشرقية لشراء الصحف والمجلات والكتب من وحيد بائع الصحف رحمه الله وكنت شديد الحرص على شراء مجلات الهلال وسمير والمصور والكواكب وكتاب وروايات الهلال.

كانت تغمرني السعادة وأنا أقرأ لكتاب الكتاب وكنت أقلب صفحات مجلة الهلال بحب وسعادة ودفعنى حب المعرفة للبحث عن مؤسس مجلة الهلال وسر عظمتها وعراقتها وكيف تطورت مجلة الهلال؟ لتكون نبتة لمؤسسة صحافية كبرى فتحولت المطبعة الصغيرة في الفجالة إلى دار كانت تطل على ميدان التحرير ثم انتقلت إلى موقعها الحالي في شارع المبتديان في بداية الأربعينات وصدر عنها عشرات المطبوعات الدورية فعلمت أنه جرجي زيدان وتوصلت إلى أنه من مواليد 14 ديسمبر عام 1861 في بيروت بدولة لبنان لأسرةٍ مسيحية فقيرة من قرية عين عنب في جبل لبنان وكان والده حبيب زيدان رجلا أميًا يملك مطعمًا في ساحة البرج في بيروت يتردد عليه رجال الأدب واللغة وطلاب الكلية الأمريكية وقام والده بإرساله إلى مدرسةٍ متواضعة لتعلم القراءة والكتابة والحساب ليتمكن من مساعدته في إدارة المطعم وضبط الحسابات والتحق بعدها بمدرسة الشوام وتعلم اللغة الفرنسية ثم التحق بمدرسة مسائية لتعلم اللغة الإنجليزية وكانت والدته ترفض أن يعمل في مطعم والده وأرادت منه أن يتعلم مهنة فاتجه إلى صناعة الأحذية لكنه لم يستمر فيها لعدم رغبته في هذا العمل.

بدأ جرجي زيدان يميل إلى المعرفة والاطلاع وظهر شغفه بالأدب بعد أن احتك بالمتخرجين من الكلية الأمريكية ورجال الفكر والصحافة ممن كانوا يرتادون مطعم والده حيث كان يستمع لأحاديثهم وأفكارهم ويجلس معهم فشكلوا وجدانه وفكره وتوسعت مداركه .

رغب جرجي زيدان في تعلم الطب وقد تحقق له ذلك بعد اجتيازه لاختبار القبول فدرس الطب لعامٍ واحد في الكلية السورية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية) وانتقل بعدها إلى دراسة الصيدلة.

زار جرجي زيدان لندن وتردد على مكتباتها ومتاحفها ومجمعاتها العلمية وعاد بعدها إلى القاهرة ليتولى إدارة مجلة المقتطف حيث بقي فيها ما يقارب العام ونصف العام وقد قدم استقالته من المجلة ليعمل في تدريس اللغة العربية في المدرسة العبيدية الكبرى لمدة عامين وقرر إلى جانب نجيب متري إنشاء مطبعةٍ خاصة لكن الشراكة لم تستمر أكثر من عام انفصلا بعدها ليحتفظ زيدان بالمطبعة حيث أطلق عليها اسم الهلال فيما أسس متري مطبعة أخرى وهى مطبعة المعارف واحتفظ جرجي زيدان باسم الهلال .

قرر جرجي زيدان أن يسافر إلى القاهرة فاقترض بعض المال من أحد جيرانه في بيروت وحضر إلى القاهرة وحاول أن يلتحق بكلية الطب في القاهرة إلا أنه غير رأيه وبدأ يبحث عن عمل وبالفعل تحقق له ذلك وبدأ العمل في تحرير جريدة الزمان التي كان يمتلكها رجلٌ أرمني الأصل وكانت هذه الجريدة هى الوحيدة في القاهرة بعد أن أوقف الاستعمار البريطاني جميع الصحف في تلك الفترة ثم عمل مترجمًا في مكتب المخابرات البريطانية في القاهرة ورافق الحملة البريطانية التي توجهت إلى السودان لإنقاذ القائد الإنجليزي جوردن من حصار جيش المهدي وبعد رحلةٍ استمرت عشرة أشهر عاد إلى بيروت عام 1885 وانضم إلى المجمع العلمي الشرقي الذي أُنشئ عام 1882 كما تعلم اللغة العبرية واللغة السريانية الأمر الذي مكّنه من تأليف أول كتاب وهو فلسفة اللغة العربية عام 1886 م.

تزوج جرجي زيدان وأنجيب ابنًا وابنتين وعندما أصدر جرجي زيدان مجلة الهلال في القاهرة كان يحررها بنفسه وبعد أن كبر ولده إيميل كان يساعده في ذلك وصدر العدد الأول من مجلة الهلال عام 1892 وحمل افتتاحيةً بقلم جرجي زيدان موضحًا من خلاله خطته وهدفه من إنشاء هذه المجلة وبسبب نشاطه وعمله المتفاني تمكن من جذب الأنظار إليه حتى غدت المجلة خلال خمس سنوات من أوسع المجلات انتشارًا وقدم جرجي زيدان من خلال مجلة الهلال مجموعةً من كتبه وأعماله الأدبية على شكل فصولٍ متفرقة وقد خلفه في رئاسة تحريرها عام 1914 ابنه إميل زيدان ووصلت مجلة الهلال طريقها بنجاح وتميز حتى كتابة هذه السطور.

أذكر أيضا حلال دراستي الجامعية بالقاهرة كنت أمر أمام المبنى العريق لمؤسسة دار الهلال وأناجي مبانيه وكان يغلف قلبي وفكري أن هذا الصرح العظيم لايقل أهمية عن الأهرامات وماسبيرو وإبان تولى الكتاب الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد قيادة الهلال كان يشجعني ويحفزني على الكتابة ويردد: أنت موهوب وواصل دربك وحتى تكون كاتب جيد لابد أن تكون قارىء جيد وأنت تمتلك هذا .

شاء الله تعالى أن أكتب عبر صفحات مجلة الهلال والفضل يرجع بعد المولى عز وجل إلى الاساتذة خالد ناجح وطه فرغلي وإيمان الطيب وبفضل الله تعالى قدمت للمكتبة العربية 50 كتابا معظمهم في أدب الحرب وقصص الأبطال والشهداء وأكد النقاد أنني أعد أكثر الكتاب على المستوى المصري والعربي والعالمي الذين كتبوا في هذا المجال فقد جبت عزب وكفور ونجوع وقرى ومحافظات مصر وتقابلت مع عدد كبير من الأبطال وأسر الشهداء وكتبت عنهم كما تحدث عنهم أيضا في وسائل الإعلام المسموعة والمقرؤة فأعظم وأنبل وأخلد الكتابات تلك التي تكون عن الوطن وله ومن الأبطال الذين كتبت عنهم البطل عبد الجواد سويلم فخلال معارك الاستنزاف شارك مع رفاقه أبطال الصاعقة في تنفيذ 18 عملية عبور خلف وداخل القوات الإسرائيلية وتمكن من تدمير 16 دبابة و 11 مدرعة و 2 من عربات الجيب و 2 من البلدوزرات بالإضافة إلى أتوبيس وأشتراكه مع رفاقه فى تدمير 6 طائرات خلال الهجوم على مطار المليز وفي أخر عملية أصيب بصاروخ إسرائيلي ونتج عن إصابته بتر ساقيه وساعده الأيمن وفقد عينه اليمنى مع جرح كبير غائر بالظهر وبعد تركيب الأطراف الصناعية رفض الخروج من الخدمة العسكرية وأطلق عليه الزعيم جمال عبد الناصر (الشهيد الحي) وبالفعل عاد البطل عبد الجواد للجبهة وحضر معارك أكتوبر 1973 .

يعد البطل عبد الجواد سويلم الجندى الوحيد على المستوى العالمى الذى قاتل وهو مصاب نسبة عجز 100 % والجندى المصرى الوحيد الذى نال شرف التكريم من رؤساء مصر جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات ومحمد حسنى مبارك وعبد الفتاح السيسي.

ومن مؤلفاتي أذكر على سبيل المثال : ملامح مصرية ومن سجلات الشرف ووطني حبيبي وقال التاريخ وأبطال النصر ورجالات وبطولات وبطل من بلادي وحكاية بطل ويوميات مقاتل وقاهر الدبابات والبطل الأسطورة ومن دواويني الشعرية: قلبي على بابك واحكي وقول ياورق ونبضات والورد يحلم بالسفر وفي المجالات الأخري أذكر أيضا : أصوات من السماء وروضة القلب والحب والوطن في شعر فاروق جويدة ورؤى إبداعية في شعر رفعت المرصفي والعندليب لايغيب ومن قلب الميدان وموسوعة أغنيات وحكايات وموسوعة حلوة بلادي .. ألخ .. وقد ترجكته بعض كتاباتي إلى لغات أجنبية منها: الإنجليزية والفرنسية والأسبانية والتركية والعبرية والإيطالية والألمانية والأردية والفارسية وفازت بعض كتاباتي بجوائز مصرية وعربية وعالمية.

فضل مجلة الهلال بصفة خاصة وإصدارات مؤسسة دار الهلال بصفة عامة ليس على فقط بل على الملايين من ناطقي اللغة العربية فهي بالنسبة لي هلال حياتي فتحية شكر وتقدير لأسرة فريق العمل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى