حتّى النَّفَسِ الأخير...

دَعِ التّارِيخَ يَكْتُـبُ مَـــــــا يَرَاهُ
وَلَا تَحْفَلْ بِمَنْزِلَةٍ سِـــــــــــــوَاهُ
يُحَاكُ الظّلْمُ فِي الأَكْوَانِ نَجْمــًا
وَيَبْقَى العَدْلُ بَدْرًا فِي سَـــمَـــاهُ
وَلَا تَنْسَ بِأَنَّ الله يَقْضِــــــــــي
وَيَعْرِفُ مَا يَكُونُ وَمُنْتَهَــــــــاهُ
لِغَزَّةَ يَصْهَلُ التّـــــــارِيخُ فَخْرًا
يُبَايِعُهَا الشّمُوخُ وَمَـــــــــا حَشَاهُ
دِمَــاءُ الطّهْرِ فِي الرَّيَّانِ تَجْرِي
فَأَنْعِمْ بِالصَّفَاءِ وَمَا صَفَــــــــــاهُ
هُنَا طِفْلٌ تُقَاتِلُهُ المَنَايَــــــــــــــا
وَيُفْطَمُ بِالرَّصَاصِ وَمَا شَقَـــــاهُ
تُغَازِلُنَـــــــــــــا شَجَاعَتُهُ وَلَكِنْ
دُمُوعُ الغَدْرِ قَدْ فَطَرَتْ أَبَــــــــاهُ
هُنَا الأَقْصَى تُلَوِّحُ فِي شُمُــوخٍ
سَيَنْبَذُ مَنْ يُغَالِبُهُ عَمَـــــــــــــــاهُ
فَبَعْدَ المَوْتِ لَنْ يَنْأَى عَـــــــــدُوٌّ
وَلَنْ تُنْسَى القُبُــــــــورُ وَمَا رَوَاهُ
وَيَنْهَشُ مَنْ أَتَـــــاهُ الدَّوْرُ عُرْفاً
سَيُخْفِي تَحْتَ ضِحْكَتِهِ عَصَـــــاهُ
فَإِنْ غَابَتْ عُيُونُكَ فِي المَآسِـــي
فَلَيْسَ القَلْبُ يُنْكِرُ مَــــــــــــا يَرَاهُ
وَمَا الإِنْسَـــــــــــانُ إِلّا رَدُّ فِعْلٍ
يَصُدُّ الرِّيحَ إِنْ لَمَسَتْ أَخَـــــــــاهُ
يُضَمِّدُ جُرْحَ مَنْ أَلِفَ المَنَايَـــــا
بِسَنِّ الشّــــــــعْرِ إِنْ عَجَزَتْ يَدَاهُ
وَيَسْتَلُّ الحُرُوفَ عَلَى يَقِيـــــــنٍ
يُبَارِزُ فِي الجُرُوحِ وَمَـــــــا كَوَاهُ
يُقَـــاتِلُ فِي الحُرُوبِ بِأَلْفِ بَيْتٍ
لِكَيْ تَمْضِي الجُيُوشُ عَلَى خُطَـاهُ
سُيُوفُ الشّعْرِ لَنْ تُسْتَلَّ دَمْعــــًا
طَرَدْنَا الذّلَّ مُذْ عِشْنَــــــــــــا أَذَاهُ
فَلَا تَزْرَعْ رِثَاءَكَ فِي شَهِيـــــــدٍ
يَشَاءُ الدَّهْرُ أَنْ يَطْغَــــــــى كَرَاهُ
وَرَصِّعْ بَيْتَ شِعْرِكَ بِالتَّحَايَــــا
لِأَنَّ الفَخْرَ مَشْهَدُنَا دَعَـــــــــــــــاهُ
لِغَزَّةَ يَنْحَنِي التّــــــــارِيخُ مَجْدًا
لَهَـــــــــــــا عَرْشٌ يُخَلّدُ فِي عُلَاهُ