نفسك في إيه؟
ماكل تلك الهزائم التي تتعمدها كلما هبت ريح لا تعرف كنه فصولها المنتقبة بلا سبب..؟
ماكل هذا الزحف الغائل للشحوب العليل الذي لايكلف نفسه زيارة لطبيب قد ينفحه أقراص عافية ربيعية تعيده إلى لعبة الحياة السحرية التي لم تزل ترتجل حروفاً جديدة لا تعرف ألسنة العرب والعجم..ولم يخطها بعد قلم بسن حبر يحفر الورق أو بمفاتيح إلكترونات قلقة تنتثر على الشاشات الزجاجية من ركن حجرة نصف مظلمة لتسافر بلاحياء إلى كل العيون المحملقة في نوافذ اللا واقع اللا افتراض؟
...أكاد أرى الصور التي تتسابق أمامي تمصمص شفتيها وتهمس في أذن بعضها البعض:(تلك المجنونة ستضيع حياتها هنا حقناً للمشاوير)
وماذا تعرفين أنت أيتها الصور البلهاء عن المشاوير؟
إنها الحمق الأسود المصر على ارتداء جلباب الجنون الحفي..كلما أردت أن أنسلخ منها احتضر بعضي بينما دفع البعض الآخر شطر ثروته الموعودة للحنين نظير عمليات ترقيع تجميلية لحروق الوجه الذي ماعاد يعرف له بداية ولا نهاية...
إنها الصمت المثرثر الذي لايكف عن احتراف الأحلام حتى في الصحو والذي يدعي كل حياة أنه سيغادر مع جلد الموت العقيم لكنه يعود فيسكن تلك الكائنة الحافية على جمر الخبث والألم تصلي صلاتها الأخيرة بينما(عشماوي) يتأكد من عقدة مشنقته ويسألها بعد أن يكمم فاها:
(نفسك في إيه؟)
تضحك..تثبت عينيها في عينيه..تنتف شاربه الملوي على الحب..وتتركه يتألم وهو يسحيها رويداً رويداً ويوقفها على الكرسي الخشبي فوق فتحة البئر الذي تحت المشنقة تماماً ويلف الحبل على عنقها...ويصرخ وهو يسقط بينما تظل عيناها المثبتتان في عينيه مفتوحتين بلا نهاية..