السبت ١٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٥
بقلم رانيا مرجية

نساءُ الضوء

1. افتتاح النار

في البدءِ لم تكن الكلمة،
كان الوجعُ يتلمّسُ طريقَه نحو النطق.
صرخةٌ أولى كسرت جدارًا،
وانفتحَ بابان:
واحدٌ على العالم،
وآخرُ على الذات.
ومنذ تلك اللحظةِ أدركَ الضوءُ أنَّ الولادةَ ليست حدثًا، بل اتجاهًا.

2. المرايا التي لم تكتمل

نحنُ بناتُ نساءٍ لم تكتملْ صورُهُنّ في الزجاج.
كسَرْنا المرايا لا لنُبعثرَ وجوهَنا،
بل لنجمعَ وجوهَهُنّ كلّها دفعةً واحدة.
في الشظايا رأينا الجباهَ التي علّمتِ التجاعيدَ معنى الصبر،
والأيادي التي اقتسمتِ الخبزَ والقلبَ بالعدل نفسه..
كلُّ تجعيدةٍ توقيعُ مقاومةٍ صغيرة،
وكلُّ خصلةِ شعرٍ حبلٌ يصلُ لغةَ اليوم بأغنيةِ الأمس.

لا مرآةَ تُكمِلُنا —
نحنُ الذين نكمّلُ الضوء.

3.كتاب الجسد

جسَدُنا كتابٌ مفتوحٌ على احتمالاتِه.
لا يُفتيهِ عرفٌ بلا قلبِنا،
ولا يوقّعُ سيادتَه إلا رضانا.
قالوا: الحشمةُ صمت.
قلنا: الصمتُ حين يُفرَضُ عُري.
قالوا: اخفِضي رغبتَكِ.
قلنا: الرغبةُ نبضٌ، ومن يُطفئُ النبضَ يعلنُ وفاةَ الإنسان.

ندباتُنا ليست عيبًا، بل فصولٌ ناجيةٌ من حروبٍ صغيرة.
دلائلُ أننا عبرنا ولم نخنْ أنفسَنا.

4. جغرافيا الأخوات

من شمالِ الأرضِ وجنوبِها تتردّدُ الأصوات:
امرأةٌ تخيطُ لابنتها معطفًا من قصائد،
وأخرى تطبخُ حساءً يدفّئُ الأخبارَ الباردة،
وثالثةٌ تكتبُ استقالتَها من الخوف وتضعُها تحت وسادتها.

نلتقي في المنتصف
لغاتٌ كثيرة، وإيقاعٌ واحدٌ للقلب.
نقسمُ أن نحملَ بعضَنا حين نثقل،
أن نختلفَ بلا خصومة،
وأن نبقي بابَ العودةِ إلى أنفسِنا مفتوحًا دائمًا.

يدٌ على كتف، وصوتٌ إلى صوت؛
هكذا تُبنى الجسورُ حين يغيبُ البنّاء.

5. العدالة والذاكرة

لسنا نطلبُ عدالةً عمياء،
بل ذاكرةً مبصرةً تُعيدُ الأسماءَ إلى أصحابِها.
تُكتَبُ حكاياتُنا كما جرتْ في دمِنا،
لا كما صاغها خوفُ مَن امتلكَ القلم.
نريدُ تاريخًا يبدأُ من أول امرأةٍ فتحتْ نافذةً وقالت:
“الهواءُ حقٌّ أيضًا”

6. نهضةٌ كعادةٍ يوميّة

ننهضُ كلَّ صباحٍ كما تنهضُ الحقولُ من نوم المطر.
لا ننتظرُ إذنًا، ولا نطلبُ تصفيقًا.
النهوضُ عندنا عادةُ عضلاتٍ وذاكرةُ قلب.
كلُّ نهوضٍ يُشعلُ أصبعًا في يدِ العالم،
وحين تمتدُّ اليدُ كاملةً بالضوء،
لا أحدَ يستطيعُ إخفاء النهار.

يا جسدُ، تذكّرْ عادتَك القديمة: النهوض.
يا قلبُ، لا تُساومْ على النبض.

7. بيان الضوء

لن نكونَ هامشًا في نصٍّ يُقرأ بعينٍ واحدة.
نحنُ اللغةُ التي صحّحتِ المعنى،
والجملةُ التي أعادتْ للوجودِ وزنَه العادل.
لسنا ضدَّ الرجال؛ نحنُ ضدَّ النقص أيًّا كان وجهُه.
نكتبُ كي لا يُعادَ دفنُنا بالصمت،
نرقصُ كي تتذكّرَ الأرضُ قلبَها،
ونصلّي كي يتذكّرَ الخالقُ أنّه نفخَ فينا الروحَ ذاتها.

8 الاسمُ الذي لا يُمحى

نكتبُ كي لا تُنسى الجدّاتُ اللواتي خبأنَ أحلامَهُنّ في وسائدِ البنات
نكتبُ لأنّ القصيدةَ لا تنتهي ما دامَ في الأرضِ امرأةٌ
تكتبُ نفسها من جديد… وتصدّق

الضوءُ كافٍ
وبأسمائنا ننجو

ميثاق نساء الضوء
١- الجسدُ سيادةٌ وحدودُه الرضا
٢- الصوتُ حقٌّ في البيتِ والشارعِ والقانون
٣- الحبُّ علاقةٌ تُبنى، لا ملكيّةٌ تُدار
٤- العملُ كرامةٌ وأجرٌ عادل
٥- الذاكرةُ عدالةٌ تُروى بأصواتِنا
٦- الأختُ أولًا: نُسنِدُ قبل أن نحكم
٧-اللغةُ بيتٌ يتّسعُ لكلِّ المعاني الجديدة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى