الثلاثاء ١٦ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

مَــأْدُبَــةُ الذِّكْــرى

جهاد يحى على الكريمي

بِمـــأْدُبَـةِ الذِّكْـرى وعِيْــــدِ احتفــالِكِ
أُعلِّلُ خَيْبــــاتيْ وأُهْــديْ لَيَـــالِكِـيْ(¹)
أُعــارِكُ فيكِ اليأْسَ تَوْقًا إلى المُنــى
فتكْسِـرُني الذِّكْـرى بِأعْتـى المَعـــارِكِ
أتـــوِّجُ إنْجــــازًا فتُــرْديْــهِ خَيْبـــــةٌ
وأسْمَـعُ نعْـيًا في خِطـــابِ المُبـــارِكِ
وطَيُّ مَـدى الذِّكْـرى يَفُوْقُ ادِّكــارَها
إذا أصْبَحَتْ سِجْنَ الخُطا والسَّنــابِكِ(²)
ولسْتُ كَلِيْـــلًا إنَّمــا الدَّرْبُ شـــــائكٌ
ودارُ النَّجَـــــا مَحفُـوْفـةٌ بالمَـهــــالِكِ
يَجُـوْزُ الذي يَغْدُوْ - بِحِـلْمٍ- صِـراطَـهُ
ونــارُ اللَّظــى تخْبُـوْ بِمــــاءِ التَّـدارُكِ
ودارُ الدُّنـا تَسْتَتْبِـعُ الشَّـــــيْءَ ضـدَّهُ
وعتْمَتُـها تُبْكـيْ شُمـوْسَ الضَّـواحِـكِ
بِـلادي أَراكِ اليـومَ خَجْلـى نَكِيْــــرةً
يُعَمِّمُـكِ النُّقْصَـــــانُ رغْمَ اكْتِمـالِكِ
أراكِ مـع الذِّكْــرى تُصَلّيْـــنَ خِلْســةً
على سُبْحةِ البلْوى وحَـرِّ العَواتِكِ(³)
ولِلْوَيْـلِ أَلْفــا مِهْـرجـــــانٍ ورَقْصَــةٍ
بِخَتْمِ اشتعـاليْ وابتــداءِ اشْتعــالِكِ
وآثـــارُنــا نهْــــبٌ لـــدى ألْـفِ دَولـةٍ
تُزَيِّـــنُ مــاضِـيْهــا بِمَعْنــى جَــلالِكِ
تصيْغُ بِأمْجـــادِ اليَمــانِيْـنَ مجْــدَها
وتقْرِيْ طَـوى(⁴) تارِيخِها مِنْ غِـلالِكِ
أأعْـــــذُلُ أرْضًـــا ذَلَّلَـتْـهـا غُــــــزاتُـهـا
ونـارُ بَنِـيْـها قدْ خَبَتْ في التَّمـاحُـكِ؟!
وما لَوْمُهـا إنْ مـــات جُــوْعًا رِجــالُها
وغُلَّتُـهـا تُجْـبــى لِغَــــــازٍ وفـــاتِـكِ؟!
وتُــوِّجَ أغْـــــرارٌ، وفــــاحَتْ بَلاهَـــةٌ
وعُـيِّــرَ أرْبــــابُ النُّـهــى بِالمَــــدَارِكِ
بَلَـوْنا سَجـاياهُمْ عُقُـــــــوْدًا مَدِيْـدةً
ولَمْ نَبْـــــلُ إلّا آفِــكًـا وابْـنَ آفِــــــكِ
عِزافٌ عن الإعْطـا، خِفافٌ إلى الجَبَـا
شَيــاهِيْـــنُ صَيْــدٍ لِادِّراكِ الدَّرَائــكِ(5)
يَبِيْعُـوْنَ ما أَلْفَــوْا ولو مَلكُــوا الهَــوا
لَباعُـــوْهُ أو ضَنُّــوْا بـهِ عـن رِجـــالِكِ
صَنَعْنا الضُّحَى فاطَّيَّرُوْا من شُمُوْسِهِ
وذَمُّوا السَّنـا واسْتَبْشَـرُوا بِالحَـوالِكِ
وباغٍ هُـدى النَّوْكَـى كَغَــادٍ بمُصْحَفٍ
على المَـوْتِ يرْقِيْ هـالِكًا بعْد هـالِكِ
فلا تأْمُلِـيْ إعْمــــارَ شَعْـبٍ ومَوْطِــنٍ
بمَنْ هَدَمُوا مَجْدًا عَريْضَ«المَدامِكِ»(6)
فقدْ خَذَلُوْا أمْسًا.. ولن يَنْصرُوْا غـدًا
وقد حَرَّزُوْا فَخْـــمَ الْكِسَـا والمَبــارِكِ
بِــلادي، رَمَتْـنِيْ مِنْ تَشَظِّيْـكِ غُــرْبةٌ
تَبُـتُّ وصــــالِيْ عنْــوَةً عن وصــالِكِ
أُكـــــــــابِدُ فيـها كُـلَّ يـــومٍ رَزِيَّـــــةً
لأجْمَـعَ ما فَتَّ الطَّوى من تَمــاسُكِـيْ
صَبَـوْتُ ولمْ يقْضِ الصِّبــا فِيْكِ إرْبَـهُ
ظَمِئْــتُ ولم أَرْوِ الظَّــمَـا مـن زُلَالِكِ
وليستْ بِلادُ الناسِ مَأْوَى صَبــابَتِـيْ
ولـو شَيَّعَتْـنِـيْ في النَّـــدى بِالأرائـكِ
ومُـرْضِـعـةُ ابْـنِ القَـوْمِ لَيْسَتْ كأُمِّــهِ
ولـو أرْضَعَتْـــهُ مِنْ حَلِيْــبِ النَّيــازِكِ
ولكـــنْ إذا رِيُّ الفتــى فـي مَفــــازَةٍ
أَنــاخَ إلى السُّقْـيـا ظُهُـــوْرَ العَــوارِكِ
بِـلادي ألا عَـــــوْدٌ حَمِيــــدٌ لِمَجْــدِنا
وسُكْنى الأَعـالِيْ واسْتِباقِ المَمـالِكِ؟!
أكــالِيْــلُنا من كُلِّ فَتْـــحٍ مَصُوْغــــةٌ
وصَيْحـاتُنا في كُلِّ فجْــــرٍ مُبــــارَكِ
أعيْـريْ النِّدا سَمْعًا، أنِيْـلِيْ الفِدَا يدًا
وقَرِّيْ -لـدى التَّحْرِيْـرِ- عَيْـنًا وبــارِكِيْ
وضُمِّيْ من المَنْفــى شَرِيْدًا مُهجَّــرًا
يَراكِ عُــلا الأسْمــا وأُوْلى المَنــاسِكِ
ففي كُلّ نَبْضٍ أنْــتِ حُـــبُّ مُقــدَّسٌ
وفي كُـلِّ أرْضٍ أنْـتِ بَـهْـــوٌ مَـلائكِـيْ

(¹) الليالك: جمع ليلكة وهي نوع من الزهور.
(²) السَّنابِك: حوافِرُ الخيل، والمراد بها الأقدام.
(³) العواتك: اليوم العتيك: شديد الحرارة، والعواتك: جمع عاتِكة وهي: القوس القديمة أيضًا.
(4) تقْرِيْ طَوى: القِرى: طعام الضيافة، والطوى: الجوع.
(5) لادِّراكِ الدرائك: لصيد الفرائس والإجهاز عليها.
(6) المَدامِكِ: جمع مدمك وهو أساس البناء وقاعدته في اللهجة اليمنية.

جهاد يحى على الكريمي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى