الخميس ٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

مطوَّلةُ الجراح …

إبراهيم سامي إبراهيم حسان

ناموا فغزَّةُ في الجحيمِ مدمَّرةْ
دمُها يسيلُ وليس ثمَّةَ عنترةْ
صرختْ هناك من المذابحِ مريمٌ
ما جاوبتْها غيرُ خيلِ الثرثرةْ
تجري وكفُّ الموتِ تجري خلفها
عريانةً نحو العراءِ مُهجَّرةْ
يا غزةَ الأوجاعِ في تلفازِنا
ذئبٌ يمزقُ عِرْضَنا بالشرشرةْ
لا ترقبي سيفًا يزمجر في الوغى
فأخُ العروبةِ لان باع أواصرَهْ
لا تطلبي من شيخٍ نفطٍ درهمًا
فجميعُهم عقدوا عليكِ السمسرةْ
أين السلامُ مرفرفٌ في أُفْقِها
فوق البيوتِ نرى الليالي مُقمرةْ
والأنسُ أين الأنسُ تحت ثقيفةٍ
جمعتْ قلوبَ الصادقين المثمرةْ
والأمنُ أين الأمنُ يرقص في المدى
وتطوف بين الأكرمِين المبخرةْ
فُزِعوا على قصفِ القنابلِ فجأةً
والخبزُ بعثر في المدارجِ زعترَه
ترتجُّ من قصفِ اليهودِ سماؤهم
والقدسُ ترقبُ والعيونُ مُغبَّرةْ
نمنا وغزةُ في المساءِ مجازرٌ
من ضربةٍ فيها الجحيمُ مُسيَّرةْ
دقِّقْ ترَ الأهوالَ فوق رؤوسهمْ
ودخانَ بارودٍ لنارٍ مُشْهَرةْ
شعبٌ على جمرِ المدافعِ واقفٌ
في وجهِهم وبكلِّ بيتٍ مجزرةْ
يا قِبلتي الأولى غدوتِ بحيرةً
للموتِ والأشباحُ فيكِ مُعمِّرةْ
وقطيعُ غربانٍ على أشلائهم
جُرْمٌ يحار العقلُ أن يتصوَّرَهْ
أرأيتَ جيشًا ساق كلَّ عتادِه
في وجهِ شعبٍ أعزلٍ ..ما أحقرَه!
قتلوا جميعَ الأمنياتِ بغزَّةٍ
حتى المساجدُ والكنائسُ مُهْدرَةْ
خفِّفْ خطاكَ إذا مشيتَ بغزةٍ
فبها الزهورِ على الترابِ مُبعثرةْ
شعبٌ تحاصره الكلابُ إبادةً
فبأيِّ ذنبٍ بالبوارجِ فجَّرَه!
جيشٌ تفاخر حين يشنقُ طفلةً
والعالمُ السفاحُ باع تحضُّرَهْ!
سبعون عامًا والنزيفُ على الثرى
من ألفِ عامٍ والخطوطُ مُدبَّرةْ
ما خلتُ أصعبَ من ولادةِ غزةٍ
الكلُّ فاءَ ولم تزل متعثِّرةْ
وإذا ذراعُ الغربِ أنَّ فصولةٌ
ولغزةٍ جُمَلُ الخنوعِ مُكرَّرةْ
كلُّ الشعوبِ تحسستْ أعداءها
وعروبتي لمَّا تزلْ مُستصْغَرةْ
الرعبُ في أقصى مشاهد ذعرِه
في وجه طفلٍ لم يشأ أن يُظهِرَه
جرحى ويرتعشونُ في نظراتِهم
أقسى عتابٍ والعيونُ مُعبِّرةْ
ذبحوا هنا الأحلامَ فوق بيوتهم
فإذا الدماءُ تسيل وهْي مُعطَّرةْ
شنقوا على الأسمنتِ جسمَ كريمةٍ
عذراءَ بالإسدالِ وهْي مُطهَّرةْ
هانتْ ديارُ المسلمينَ ولم تزل
أحوالُهم بين الشعوبِ محيِّرةْ
أممٌ تلمُّ من الشتاتِ نزيفَها
والعُرْبُ باتوا أمةً مُتناحرةْ
وجروحُهمْ مملوءةٌ بصديدِها
وخدوشُ أعدائي غدتْ مُتخثِّرةْ
طفلٌ ضعيفٌ الروحِ خلتُ أمامه
قد هرولتْ بين الحطامِ مُجنْزرةْ
كالموجُ يقفزُ فوق دباباتِهم
ويدبُّ في عينِ العدو أظافرةْ
كي يكتبَ التاريخَ من دمِه على
وجهِ الزمانِ إذا تجفُّ المحبرةْ
هذا هو الشعبُ المقاتل قلبُه
ما عاد يقبل للعروبة معذرةْ
قطعوا لهم كل الدروب لنجدةٍ
وأمام عين الكونِ دكوا معبرةْ
فإذا يقصون المعابرَ غزةٌ
مدتْ شرايين البطولة قنطرةْ
اليوم غزةُ بالقنابلٍ أحْرِقتْ
هُمْ صامدون إذا العروبةُ مُدبرةْ
فإذا رأيتَ على الطريق دماءهم
وطفولةً منكوبةً ومدمَّرةْ
وإذا تهاوت فوقهم أبراجُهم
وسمعتَ صوتَ الموتِ يبعثُ صافرةْ
وتعالت الصرخاتُ من أشلائهم
والأرضُ من هول الأسى متوتِّرةْ
سترى ملائكةً بثوبِ مجندٍ
من خلفهم خيلُ القطاعِ مُكبِّرةْ
ستقومُ غزةُ بعد طول بلائها
وتكون للأوغاد أكبرَ مقبرةْ
النصرُ ليس بقادمٍ من صمتِنا
أو من قلوبٍ قد بدتْ مُتحجِّرةْ
فهنا مشى الزيتونُ يحمل مدفعًا
والأرضُ ترفض أن تُرى مستعمرةْ
ولكلِّ طفلٍ في النبوءةِ حظُّهُ
وله السماءُ إذا القتالُ مبشرةْ
أتُرى لأجلِ الأرض عُمْرَكَ غاليًا
ما بعدَ أولَى القبلتينِ لنخسِرَهْ!
حجرٌ وطفلٌ ليس دونهما نرى
بُشْرى و أرضَ الأنبياءِ مُحرَّرةْ

إبراهيم سامي إبراهيم حسان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى