السبت ١٩ أيار (مايو) ٢٠١٢

محاولة اغتيال المحكمة الدستورية العليا

صبرى مسعود

وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب علي مقترحين بتعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا، بحيث يكون اختيار رئيس المحكمة الدستورية عن طريق جمعيتها العمومية وليس عن طريق رئيس الجمهورية، كما يقضي المقترحان باعادة تشكيل هيئة المحكمة، وتعيين قضاة المحكمة لمدة تسع سنوات علي أن يجدد لثلثهم كل ثلاث سنوات، كما حدد المقترح اختصاصات المحكمة الدستورية العليا في إبداء الرأي في دستورية مشروعات القوانين قبل إصدارها وذلك سواء كانت هذه القوانين عادية أو مكملة للدستور أساسية أو استثنائية ورأيها يكون غير ملزم في هذا الشأن (م7 من المقترح المقدم من أحد نواب حزب النور).

إن البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان يعرب عن قلقه الشديد إزاء هذا الأمر من ناحيتين:
الناحية الأولي هو توقيت مناقشة هذا التعديل قبيل الانتخابات الرئاسية مع ما يتضمنه ذلك في حالة إقرار القانون وإعادة تشكيل هيئة المحكمة من تأثير علي اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وعلي موعد الانتخابات الرئاسية مما يثير غضبا شعبيا عارما في تلك اللحظة الراهنة، وكذا أثر هذا التعديل علي قانون العزل السياسي المنظور أمام المحكمة الآن.

ومن ناحية ثانية يعرب البرنامج العربي عن قلقه من فحوي التعديلات نفسها والتي تنتهج نفس سياسة النظام السابق في دس قليل من السم في كأس العسل، فمسألة رئاسة هيئة المحكمة وتعديلها لتكون من سلطة الجمعية العمومية لقضاتها هو أمر مرغوب ولطالما نادينا به، أما مسألة أن يكون اختصاص المحكمة بالرقابة علي دستورية القوانين هي رقابة سابقة وغير ملزمة في السياق ذاته فهو أمر مرفوض تماما لأسباب مفادها أن الرقابة السابقة هي في الأصل رقابة سياسية وليست قضائية، أن المحكمة إذا فصلت في قانون ما قبل إصداره-مع عدم الأخذ بهذا الفصل-فإنه يمتنع عليها النظر فيه ثانية بعد تطبيقه، وكذلك مسألة تعيين قضاة المحكمة لمدة تسع سنوات وجواز التجديد لهم هو أمر يخضع قضاة المحكمة لسلطان الرغبات والأهواء وقد يتم استخدامه لاستصدار أحكام معينة من هؤلاء القضاة.

إن البرنامج العربي يري أن يبتعد مجلس الشعب المصري عن الزج بالقضاء والقضاة عن مجال العمل السياسي واستخدامهم في ألاعيب سياسية وضغوط في محاولة للفوز ببعض المكاسب السياسية هنا أو هناك، كما يشدد البرنامج العربي علي أهمية دور المحكمة الدستورية العليا في حماية حقوق الإنسان المصري من خلال تصديها للعديد من القوانين التي تقيد وتنتهك حقوق وحريات الانسان، ويخشي أن يكون الهجوم علي المحكمة عبر مثل هذه التشريعات بداية لمحاصرة السلطة القضائية واستلاب سلطتها وولايتها واستقلاليتها لصالح السلطة التشريعية وهو أمر لا نقبل به ولا نقره.

صبرى مسعود

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى