الأربعاء ٢٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

كرتونةٌ فوقَ الرَّفِّ

إبراهيم سمير عبد العزيز

رفضتُ الفِلاحةَ
لم تطأ قدمي حقولَ قريةِ (القرضا) ولا صالونَها الأدبي وطينتها المدعوكةَ بزعفرانِ وطيبِ الأدباء
لم أضرب بقلمي أرضَها
انشغلتُ بالحياة
لم يسبق اسمي لقبُ شاعرٍ أو أديب
الناسُ كانوا ينادونني (الدكتور راح.. الدكتور جه)
صرتُ مُتخمًا بجهالةٍ غير عادية
لا ممارسةَ لتمارينِ القراءةِ ولا شراءَ كتب
زادَ كرشي
قُمتُ كباقي البهائمِ ببناءِ زريبةٍ على أحدثِ طرازٍ وقتها
أُمارسُ فيها كلَّ الطباعِ الحيوانيةِ مِن جنسٍ ومأكلٍ ومشربٍ ونومٍ وإخراج- عدا الكتابة والقراءة.
استبدلتُ مكتبتي بحسابٍ بنكي
تيبَّست عضلاتُ يدي
تقلصَ حجمُ عقلي- لدرجةِ أني وضعتهُ فوق الرفِّ في كرتونة.
أدمنتُ استخدامَ عضلاتِ رجلي وفمي، ونسيجٍ يتمدَّدُ بين فخذيْ.
بين الحينِ والآخر أطالعهُ فوق الرفِّ
كلما همَّت زوجتي بالتنظيفِ تسألني
هل أحتاجُ هذه الكرتونة
تقولُ: (الرف مليان كراكيب)
اطمئنُ عليه
أضعهُ في أقصى ركنٍ
بناتي يُخرجنهُ ويلعبن به
واتفرجُ عليهن
مبتسمًا أشاركهن اللعب.
قررت زوجتي أن تبيعَ الكراكيبَ والكتبَ القديمةَ وكرتونةَ عقلي
لا أملكُ قرارَ الرفضِ
فعقلي هناكَ- في الكرتونة.
عند فرزِ الكراتينِ أقف أمامَ المرآة محاولًا لَبسَهُ مرةً أخرى
أحاول حشرَهُ حشرًا
أضعُ بعضًا من الصابونِ والمرطباتِ
شعورٌ غريب!
بعضُ الدوخةِ والزغللة
خدوشٌ بسببِ الحشرِ
كإنسانٍ آليٍّ بتم تشغيلُهُ للتو.
قررتُ عدمَ بيعه
بدأتُ إنشاءَ مكتبتي/ إزالةَ الأتربة/ ولوجَ نوادي الأدب/ خسارةَ الكثير من كيلوجراماتِ الجهالةِ/ التريضَ بين معارضِ الكتبِ وتمارينَ القراءة/ صنفرةَ هذا العقل
كرشي يتقلص، عقلي يزهر
أزلتُ الستائرَ الغامقة..
وحملتُ الشمسَ.

إبراهيم سمير عبد العزيز

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى