كتابات متناثرة (8)
شيء من التفكير:
قال أحدهم، لرفيقه، في تحد وكبرياء: "هل أنا هندي!"..
اندهشت من هذا الشخص، الذي نطق بمصطلح "إستعلائي" أصبح من الماضي!
فالهنود، يملكون من الفهم، والإرادة، والتقدم، ما مكنهم من الوصول إلى مرتبة المجموعة النووية!
وحتى لا يسيء أحد الظن بي، لا بد من الاعتراف، بانني لا أمت بأي صلة قرابة من قريب أو بعيد للهنود.. سواء كانوا صفراً، أو حمراً، أو على أي لون آخر!...
ما قلّ ودلّ:
نحن أكثر خلق الله ابتهالاً بالقول المأثور: "خير الكلام ما قلّ ودلّ".. ومع ذلك، لا نزال نعشق: "العنعنة" في نقل الأحاديث المتواترة.. مع أننا لو ذكرنا قائلها رأساً؛ لكان ذلك أوقع، وأوفر!
ولا نزال ننطق الأسماء، ونكتبها بصورتها التاريخية، مثال: "عثمان بن عفان"، و"سكينة بنت الحسين".. بدلاً من "عثمان عفان"، و"سكينة الحسين"!
أما الأعجب؛ فهو استمرارنا، في عصر العولمة، كتابة الاسماء في شهادات التخرج الدراسي، وفي عقود التمليك، هكذا: "فلان بن فلان"!
وفي قوانين التقاضي، تدهشك هذه الاشارات المضيّعة للوقت: "القانون رقم كذا المعدّل بالقانون كذا وكذا".. مع أننا لو ذكرنا القانون بصورته النهائية؛ لكان في ذلك الكفاية، والافادة!
ومع أننا ندّعي بأن الغرب نقل عنا الكثير من المصطلحات، إلا أننا نرفض بإباء وشمم، أن نعاملهم المعاملة بالمثل، فلا نريد، مثلاً، الاعتراف بكلمة: "ساندويتش".. مجبرين أنفسنا على تبني لغة التطويل الممل، كما في أعمالنا الدرامية، لنقول: "شاطر ومشطور وبينهما طازج"!
يبدو أن مقولة: "خير الكلام ما قلّ ودلّ"، مجرد: "كلام مأثور"، يضاف إلى شبيهه: "كلام جرائد"!...
وبينهما "لعم":
أعرف زميلاً، مرحاً.. عندما تطلب منه أن يعطيك الموسي؛ لتبري قلمك الرصاص، أو تقشط به شيئاً ما، فأنه يرد عليك بأحد ردين:
فان كان عنده الموسي، يقول لك: موس.. ممكن!
وان لم يكن عنده، يقول لك: موس.. تحيل، أي: مستحيل!
وبين الممكن والمستحيل، بين النعم واللا، شفرة قاطعة وواضحة، تؤكد مواقفنا بدقة وأمانة. لكن يحلو للبعض أن يقدم لنا وجبة فاترة نكاد نتقيأها، وهي: "نعم ـ لا، وبينهما: لعم"!
أنه شخص يفتقد الشجاعة الأدبية، ويعرف جيداً كيف يستخدم تعبير: "لعم".. في وقت الشدة؛ لكي يوقع المستمع في الحيرة.. فلا يُعرف ما إذا كان قد قال: "لا".. ولا يُعرف إذا كان قد قال: "نعم"..!
وهذا هو غير الممكن، وهذا هو المستحيل!...