قراءة في قصة حبة القمح الكسولة
قصة حبة القمح الكسولة تأليف الكاتبة النصراوية ليلى حجة، اصدار دار الهدى للطباعة والنشر كريم، سنة الإصدار 2014، رسومات الفنانة منار الهرم، مراجعة لغوية جورج جريس فرح، تقع القصة في 24 صفحة (وهي غير مرقمة )، غلاف سميك مقوى.
القصة تتحدث عن الفلاح " أبو رمزي " نشيط ولا يعرف الكسل، بذر حبات القمح في أرضه استقرت الحبات في الأرض تتغذى من خصوبة الأرض وترتوي من مياه الأمطار، نمت ومع بداية فصل الصيف أصبحت سنابل تحمل حبات وفيرة، جميعها خضعت لقوانين الطبيعة.
الا واحدة قالت في نفسها " لن أجهد نفسي بالنبوت والنمو، ولن أكبدها مشقة الازدهار والاثمار، فماذا أستفيد اذا أصبحت سنبلة صفراء عجوزا ؟ سوف تحرقني حرارة الشمس في شهر أيار، كل هذا من أجل الانسان الذي سوف يقوم بعجني...." وهكذا ظلت نائمة مرتاحة في باطن الأرض، عندما جاء موسم الحصاد، كانت حبات القمح سعيدة في رحلتها وخاصة عندما توجتها بالوصول الى مائدة الطعام، ذروت الفرح عندما قالت أم رمزي " شكرا لحبات القمح الكريمة "، أما حبة القمح الكسولة، فقد تعثر حظها وتبددت أحلامها، بعد حراثة الأرض لإعدادها للسنة القادمة، خرجت الى سطح الأرض، فانقض عليها طائر الغراب وابتلعها ولم يستمع الى توسلاتها.وهكذا اهدرت حياتها.
رسالة الكاتبة
تقوية انتماء الانسان بالأرض وخاصة الفلاح.
الدعوة للنشاط الفلاح " أبو رمزي " صورة للفلاح النشيط يزرع ويحرث الأرض ويعدها للسنة القادمة دون ملل أو كلل أو كسل.
شكر أصحاب الفضل، قامت أم رمزي بشكر حبات القمح لكريمة وهي على مائدة الطعام.
أهمية السير مع قوانين الطبيعة، وعدم مخالفتها لان قوانين الطبيعة قوية وتثني كل تمرد.
العطاء يسبب السعادة للشخص نفسه وللآخرين، حبات القمح كانت سعيدة خلال رحلتها، فهي أهم غذاء للإنسان.
رحلة حبة القمح، حتى تصبح رغيف خبز في أفواه الناس، الكاتبة عرضت بصورة غير مباشرة الدرب الطويل الذي تمر به حبة القمح لينعم الانسان بجهده وعرق جبينه.
الكسل يضر في النهاية بصاحبه، حيث تأتيه الضربات على غير ميعاد، فحبة القمح الكسولة انقض عليها غراب والتهمها، والغراب في المجتمعات الشرقية يرمز الى الفال السيئ وأيضا للمعرفة والحكمة.
دعوة للعودة لتناول خبز القمح، فهو صحي ومفيد، وخاصة ان مجال عمل المؤلفة هو ممرضة فهي ملمة بمجال الغذاء الصحي.
ملاحظات حول القصة:
الصفحات الداخلية غير مرقمة.
الكاتبة في نهاية القصة حاولت تفسير قصدها من كتابة القصة، من الأفضل ترك الأمر للقارئ الفطن، وعدم هضم حقه في التفسير والتفكير وتأويل والتخمين، من المستحسن أن يترك الكاتب مساحة كبيرة للقارئ ليفكر ويستنتج ورد في القصة " هكذا أضاعت حبة القمح الكسولة حياتها بغير فائدة، لأنها لم تعرف كيف تسعد بما عندها، ولم تعرف كيف تعطي لتسعد الاخرين ".
ضرورة السير مع ثقافة القطيع ومع قوانين الطبيعة القوية، الكاتبة من خلال قصتها لا تمنح الفرصة للاختلافات الفردية ولاجتهاد الشخصي، وللمبادرة وللتجريب، أحيانا التجريب وان نظر اليه اخر على أنه كسل وتقاعس أو تملص، ربما ينجح من يتمرد على ثقافة القطيع، وثقافة المصير المحتوم معظم الاختراعات البشرية جاءت الينا من اشخاص تمردوا على النظريات والمسلمات العلمية التي كانت سائدة في عصرهم من جاليليو وأرخميدس ونيوتن واديسون،عباس بن فرناس، نوبل وغيرهم، اكتشافاتهم غيرت وجه البسيطة وبفضلهم حققت البشرية الكثير من التقدم والرخاء، بينما في قصة حكاية الفأر سمسم للكاتب جليل خزعل، الفأر سمسم لم يعمل كسائر رفاقه وظل يحلم لكن في الشتاء كان حيويا يقص عليهم الحكايات والأشعار، فلكل انسان دور في هذه الحياة بسبب الاختلاف في قدرات وأفكار البشر وأحلامهم، لكن في قصة حبة القمح الكسولة الاختلاف في التفكير ممنوع ومصيره الفشل المحتوم والتمرد على واقع يترصده غراب لا يرحم ولا يسمع الاستغاثة،عندما قرأت القصة لأول وهلة اخذت أفكر بما حدث ويحدث في العالم العربي بعد ثورات الربيع العربي، وان كنت استبعد أن تحمل القصة في طياتها الأبعاد السياسية.