في حوار مع خبير الكمبيوتر جورج قندلفت : احذروا من الحشرات داخل الكمبيوتر
هل لك بداية ان تعرف نفسك للقراء
– انا من مواليد دمشق منذ 40 عاماً وكسور لن افصح عنها. درست العلوم الاقتصادية في بيروت ثم تخصصت في الاحصاء ونلت شهادات عالية من فرنسا وبريطانيا لا اعرف في اي درج مرمية. اذكر انها كانت معي حين كنت ادرّس الاحصاء في الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف في بيروت في الثمانينات. ولا بد انني وضعتها في مكان لا يعرفه الا انا بعد ذلك ونسيت اين هو.
وفي التسعينات عملت كخبير كمبيوتر وصحافي من لندن ورأست تحرير مجلة «ابل في العالم العربي» ومجلة «تصميم» وساهمت في صفحة الكمبيوتر في جريدة «الحياة». ومنذ 1995 اعمل في حقل الانترنت والنسيج العالمي وبالاخص في انظمة النشر الآلي على النسيج.
فأشارك حالياً في تطوير نظام ادارة المحتوى المتعدد اللغات SPIP اضافة الى تطوير العديد من مواقع النسيج.
ما هو SPIP وما دورك في تطويره؟
– SPIP هو احد انظمة ادارة المحتوى (CMS)، اي انه يتيح انشاء المواقع التي تعتمد على المواد التحريرية بكثرة مثل الصحف والمجلات الالكترونية كما يتيح العمل الجماعي في ادارتها وتغيير بنيتها دون الحاجة الى لغة برمجية معينة وذلك من خلال اي برنامج تصفح عادي.
وقام فريق فرنسي بتطوير SPIP لكن سريعاً ما تخطى هذا النظام حدود الفرنسية واصبح متعدد اللغات وكانت العربية احدى اولى اللغات التي دعمها. فهو يقدم واجهة استخدام بالعربية (انظر الصورة) وبلغات اخرى كما يدعم المواقع المبنية على اتجاه الكتابة العربي (اي من اليمين الى اليسار).
ويوزع هذا النظام برخصة البرامج الحرة، اي انه يمكن لاي كان تحميله واستخدامه وتعديله (شرط ان يوفر التعديلات للمستخدمين الآخرين). ويمكن تحميله من موقع SPIP الرسمي الذي يحتوي ايضاً على كل المعلومات اللازمة لاستخدامه.
هناك العديد من انظمة ادارة المحتوى، لعلا اشهرها phpNuke، الا ان SPIP يتمتع بمرونة اكبر بكثير وهو متخصص في انتاج المجلات الالكترونية ويستطيع دعم المواقع الضخمة. ومن المواقع الذي تعتمد على SPIP يمكننا ذكر صحف Le Monde Diplomatique وl’Humanité بالفرنسية وديوان العرب وفلسطين بالعربية.
وفي ما يتعلق بدوري في تطوير النظام، فأنا مسؤول عن تعريبه ونقله الى الانكليزية.
تنتشر الان مشكلة كبيرة لعلها اكبر من الفيروسات التي يتحصن الناس منها في الكمبيوتر وهي مشكلة ما يسمى بالسباي وير وهي كما تعلم عبارة عن اعلانات تختبئ داخل جهازك بمجرد ان تدخل الموقع ولو زائراً لثوان حيث علمنا ان هناك بعض هذه السباي وير عطل اجهزة فيما بعد.
السؤال كيف يعمل السباي وير وهل يوجد قوانين تمنعه باعتباره معروف المصدر وكيف يتم الاحتماء منه ؟
– يندرج ما يسمى بسباي وير في فصيلة الحشرات (pests) وليس الفيروسات. والحشرات هي العبارة الجامعة التي تصف مقاطع برمجية ليست خبيثة مثل الفيروسات وتشمل احصنة طروادة وادوات التحكم عن بعد وادوات الهاكرز والسباي وير والديدان. ويمكن لهذه المقاطع البرمجية ان تدخل خلسة الى اجهزة الكمبيوتر وتختبئ فيها بعد تخطي انظمة الحماية التقليدية مثل برامج مكافحة الفيروسات والجدران النارية وغيرها.
وتتيح هذه الحشرات لمستخدم غير مرخّص ان يعبر الجدار الناري ويصل الى جهاز الكمبيوتر بالتنكر بهيئة مستخدم مرخّص والعبث بما يحتوي هذا الجهاز. الا انه يجب التذكير بأن مهمة اكثرية هذه الحشرات هي عرض الاعلانات على المستخدم (دون ارادته) ويكون اسمها هنا آد وير وهناك اقلية منها تكون مهمتها العبث بالجهاز او التحكم فيه عن بعد او ارسال تقارير حول نشاط الجهاز الى موقع مركزي معين بهدف التحكم بالجهاز عن بعد او التسويق.
ان الحشرات مختلفة كلياً عن الفيروسات بحيث تأتي على شكل برامج قائمة بنفسها او كعكات يتم وضعها من خلال برنامج التصفح (cookies) وليست فقرات برمجية تربط نفسها بملفات اخرى. بالتالي، تأتي تقنيات محاربة هذه الحشرات مختلفة تماماً عن تلك المستخدمة في محاربة الفيروسات. وتتقاسم كل الحشرات الخصائص نفسها وهي: معظم مستخدمي الكمبيوتر يجهلون كل شيء عنها ولا يشعرون بوجودها في جهازهم ولا يريدونها فيه. وهذ هو لب المشكلة، فأنظمة الكمبيوتر اليوم تحتوي على الآلاف من الملفات، وليس من المفترض على المستخدم ان يعرف ما يفعل كل منها. وبدون التقنية اللازمة لمساعدته في العثور على الحشرات، يمكنها ان تسرح وتمرح داخل الجهاز لوقت طويل قبل ان تُكتشف ويكون قد فات الاوان.
وتأخذ هذه التقنية شكل برامج متخصصة قد يكون اشهرها Ad-aware. ويقوم هذا البرنامج بفحص النظام واكتشاف الحشرات المزروعة فيه وتدميرها. وتوزع نسخة مختصرة منه مجاناً الا انه من الافضل دفع حوالي 25 دولاراً وشراء النسخة الكاملة التي تتيح مراقبة دائمة للنظام.
لا توجد حلول مضمونة مئة في المئة لمعالجة هذه المسألة، ولكن تتوافر عدة ادوات وسبل للمستخدم لكي يقلل من احتمال التعرض للحشرات والفيروسات الى حد بعيد، منها استخدام البرامج المتخصصة لمحاربة الفيروسات والحشرات وبناء جدران نارية واستخدام الانظمة والبرامج الاكثر مناعة. وبخصوص هذه النقطة الاخيرة، نلاحظ ان اكثر ما يتعرض للاختراق من الفيروسات والحشرات هي تركيبة نظام ويندوز ومتصفح انترنت اكسبلورر مع مرافقه برنامج البريد اوتلوك اكسبرس من جهة المستخدم وتركيبة ويندوز وخادم النسيج IIS من جهة ناشر المواقع،
فهذه التركيبة هي الاكثر تعرضاً للاختراق لأنها، على مستوى المستخدم (ويندوز وانترنت اكسبلورر) الاكثر انتشاراً بين مستخدمي الكمبيوتر، وعلى مستوى الناشر (ويندوز وIIS) والمستخدم معاً لأنها تحتوي على ثقوب امان لدرجة تجعلها تشبه الجبنة السويسرية رغم كل الترقيعات التي تنشرها مايكروسوفت.
اما في ما يتعلق بالمستخدم، فبالطبع لا اطلب من المستخدم الذي لم يعرف في حياته الا ويندوز، الانتقال الى نظام ثان اكثر اماناً مثل لينكس او ماكنتوش ولكن يمكنه بسهولة تجنب التركيبة الجهنمية، رغم استخدامه نظام ويندوز وذلك باستخدام متصفح آخر مثل موزيلا او فايرفوكس اللذين يتمتعان بميزات امان افضل بكثير من انترنت اكسبلورر ولا يحتاجان الى كثير من الوقت لاتقان استخدامهما. واما من جهة الناشر، فيبدو الامر افضل اذ ان اكثر من 60٪ من خدام مواقع النسيج يعتمدون على تركيبة لينكس واباشي التي تتمتع بميزات امان تتفوق بكثير على منتجات مايكروسوفت وخاصة خادم المواقع IIS الذي تنشره.
تصلنا وربما تصلك ايضا رسائل من عناوين صديقة واحيانا يصلنا من عنواننا نفسه رسائل محملة بالفيروس.
كيف يستطيع هؤلاء الاشخاص استعمال عنوان الشخص نفسه لارسال فيروسات للناس؟
– هناك برامج صغيرة لديها وظيفة وحيدة هي التفتيش في مواقع النسيج على كل ما يشبه عنوان بريد الكتروني. فإذا كان العنوان منشورا في الموقع تنسخه وتضمه الى دليلها. وهكذا يمكن للذين يرسلون الفيروسات الاختباء وراء هذه العناوين لإرسالها. ولا شك ان البعض حصل على رسائل ملوثة مرسلة من عنوان جزؤه الثاني (اي اسم النطاق) مثل اسم نطاق المرسل اليه ولكن الاسم الاول يختلف. مثلاً اذا كان عنواني me@mysite.com قد احصل على رسالة من support@mysite.com تقول بأن عنواني سوف يلغى اذا لم انقر على الملف المرفق وهذه الخدعة ناتجة عن شخص حصل على اسم نطاق علبة البريد لكنه لم يحصل على اي اسم محدد.
يقول العديد من الناس ان الفيروسات ترسل من قبل اجهزة امن اسرائيلية ما رايك ؟
– لا املك معلومات محددة في هذا الخصوص. صحيح ان بداية انتفاضة الاقصى شهدت حرباً الكترونية بين المقاومة والصهيونيين، وسجل المقاومون انتصارات ملحوظة؛ الا ان هذا لا يدل على ان اجهزة الامن الصهيونية هي التي ترسل الفيروسات اليوم. اننا نشهد حالياً طفرة من هذه الفيروسات التي يتلقاها مستخدمون لا دخل لهم بهذا الصراع.
فعلى سبيل المثال، اني ادير قائمتين بريدييتين (mailing lists) حول تطوير انظمة ادارة المحتوى على النسيج وبالتالي ليست لهما اية علاقة بالصراع العربي الصهيوني ورغم ذلك تتلقى كل منهما حوالي المائة رسالة ملوثة كل يوم.
من جهة اخرى من المحتمل ان تكون اجهزة الامن الصهيونية وراء هجمات على مواقع معينة بهدف اعطابها ولا شك انها تقوم بعمليات اختراق اجهزة ولكن لا املك حالياً اي دليل على انها تتعامل مع رسائل البريد الملوثة.
ما هي افضل الاقتراحات لحماية اجهزة الكمبيوتر ؟
– يجب حماية الجهاز من الفيروسات والديدان، وهما مختلفات مع انه توجد علاقة بينهما. فتنتشر الفيروسات عادة بواسطة برامج اخرى مثل برنامج البريد اوتلوك اكسبرس حيث يأتي الفيروس مرتبطاً برسالة الكترونية ويقوم المستخدم بتفعيله لدى النقر عليه. اما الدودة، فلا تحتاج الى برنامج آخر اذ انها من فصيلة الحشرات التي تكلمنا عنها سابقاً.
اقل ما يمكن فعله هو تثبيت برنامج مضاد للفيروسات. والعديد من المستخدمين يعتقدون انه بمجرد تثبيت هذا البرنامج في الجهاز يصبحون في منأى عن ضرر الفيروسات. ولكن الفيروسات تتغير وتطور كل يوم لذلك لا يكفي البرنامج وحده بل يجب تحديث لائحة الفيروسات التي يحتويها بشكل منتظم (اسبوعياً اذا امكن) ليتمكن هذا البرنامج من التعرف على الفيروسات الجديدة. ومعظم برامج محاربة الفيروسات توفر وظيفة آلية لتحديث قائمة الفيروسات، فيكفي تفعيل هذه الوظيفة ليتمكن البرنامج من تحديث قائمته دورياً. ويجب التذكير بأن وجود برنامج مضاد للفيروسات قديم هو اخطر من عدم وجود اي برنامج لأنه يعطي المستخدم شعوراً زائفاً بالامان. وزيادة في الحماية، يجب التأكد من ان البرنامج المضاد للفيروسات يراقب البريد الالكتروني وجهاز خدمة الملفات (سيرفر) اذا وجد.
اما المستوى الثاني للحماية، فهو جدار ناري فعال لأن هناك العديد من الديدان التي تستغل المنافذ (ports) المفتوحة بين الجهاز والشبكة لتتسلل. واذا كان المستخدم متصلاً بالشبكة عبر جهاز مودم عادي يمكنه تفعيل الجدار الناري الذي يأتي مع نظام تشغيله او تثبيت برنامج متخصص في ذلك. اما اذا كان متصلاً بالشبكة بواسطة اتصال سريع (broadband) مثل DSL او الكابل فالافضل ان يقتني جهاز مودم مزود بجداره الناري لأنه اكثر فعالية من الجدران البرمجية المثبتة في الكمبيوتر.
هناك اخيراً برامج محاربة السباي وير التي تحدثنا عنها سابقاً.
اخيراً وليس آخراً، لا توجد طريقة مثلى للحماية، واضافة الى ما ذكرناه يجب على المستخدم ان يتمتع بثقافة انترنت كافية ليحمي نفسه، فلا يفتح اي ملف مرفق برسالة الكترونية لا يعرف مصدرها وان يعدّ برنامج التصفح لرفض الكعكات قدر الامكان (الا تلك التي يعرف المستخدم لماذا يريد الموقع وضعها) كما عليه ان يعرف ان هناك الكثير من الخدع المنتشرة على الشبكة. فإذا ارسل الخال ابو جميل او العمة ام عفيف رسالة حول احدث فيروس ينتشر بين الاجهزة، لا يعني ذلك ان هذا الفيروس موجود حقاً. فهناك عدد لا يحصى من المستخدمين الذين يضيعون وفتهم ووقت غيرهم في نشر هذه الاشاعات قبل التأكد من صحتها.
بصفتك متخصص في شؤون النشر الالكتروني ، هل يمكن لاشخاص اقتحام السيرفر وتخريبه ؟ وكيف تتم الحماية اذن ؟
– نعم يمكن الدخول الى جهاز الخدمة والعبث به. ويجب على مسؤول الجهاز ان يكون متمرساً في النظام الذي يدير الجهاز وفي خادم النسيج المثبت في الجهاز ليعدّ هذا الجهاز بشكل يضمن امانه الى اقصى حد. اذا اعتمدنا على الاحصاءات وعلى ميزات الاجهزة الموجودة نلاحظ ان تركيبة نظام ويندوز وخادم IIS لا توفر مستوى الامان الذي توفره تركيبة نظام لينكس وخادم اباشي. لكن يمكن لشخص متمرس ان يدخل على الاثنتين مع صعوبة اكبر في ما يتعلق بالتركيبة الثانية.
كما تعرف فان القاعدة الاساسية للانترنت موجودة في امريكا ، يعني باستطاعة الامن الامريكي ان يراقب كافة المراسلات في العالم فهل هذا صحيح ؟؟ وما الحل للتخلص من الهيمنة الامريكية اذن ؟
– ليس من الضروري ان تكون القاعدة الاساسية للشبكة في الولايات المتحدة ليتمكن الامن الاميركي من مراقبة كل ما يحصل. فمنذ بضع سنوات شاع صيت مشروع Echelon (يكفي القارئ ان يدخل هذه الكلمة في محرك غوغل ليتعرف على هذا المشروع بالتفصيل) الذي اقامته الولايات المتحدة بالتعاون مع اقرب حلافئها (اي الدول الانغلوسكسونية) لمراقبة الاتصالات العالمية بكل اشكالها. ومن المعروف ان اكبر مركز لهذا المشروع خارج الولايات المتحدة، موجود في بريطانيا. ويبدو ان هذا المشروع لا يكتفي بالتجسس على من تعتبرهم الولايات المتحدة اعداءها، فقد اتهمت السلطات الفرنسية الولايات المتحدة باستخدام Echelon للتجسس الصناعي والتجاري على فرنسا.
من جهة اخرى، من المعروف ان اكبر عدد من خدام النسيج موجود في الولايات المتحدة. ويمكن لأي كان ان يدفع مبلغاً زهيداً للغاية من اجل تخزين موقعه على احد هذه الاجهزة. وهنا يمكن للسلطات الاميركية اغلاق موقعه (ليس اسهل من اختراع الذرائع) بسهولة. بالتالي، اسهل حل لتجنب هذه المشكلة هو تخزين الموقع في اجهزة خدمة موجودة خارج الولايات المتحدة (اوروبا مثلاً) رغم ان هذا الحل مكلف بعض الشيء مقارنة بتخزينة في الولايات المتحدة.
اما ما هو الحل للتخلص من الهيمنة الاميركية، فهو جزء من كل ويندرج ضمن المقاومة الشاملة للعولمة وديكتاتورية السوق. واعتقد ان افضل اسلوب للمقاومة في مجال الكومبيوتر وانترنت في الوقت الحاضر هو تشجيع البرامج والانظمة الحرة واعتمادها لأنها وجدت لتقاوم طغيان السوق ولا سيما انها احياناً تتفوق بأشواط على مثيلاتها التجارية من حيث الاداء والامان والدعم.
تقول الاحصائيات ان 60 بالمئة من الداخلين للانترنت يتجهون الى المواقع الجنسية فهل تغيرت هذه الاحصائيات ؟
– لا اعرف اذا كانت هذه الاحصاءات دقيقة ام تغيرت، ولكن يمكنني ان اجزم، من خلال خبرتي بأن الاكثرية الساحقة من المستخدمين الذين يدخلون على الشبكة للمرة الاولى، يزورون، اول ما يزورون، المواقع الجنسية. فقد ساعدتُ العديد من المستخدمين في تثبيت الاتصال بالشبكة لأول مرة وتشمل هذه المساعدة ارشادهم الى محركات البحث لأنها الاداة الاساسية في تصفح النسيج. ولاحظت ان اول ما يبحثون عنه (او على الاقل اغلبهم) هو المواقع الجنسية. واعتقد ان المستخدمين الذين ساعدتهم يشكلون عينة جيدة لمستخدمي الشبكة.
ولا ينحصر الامر بالمستخدمين بل يتعداهم ليشمل مطوري المواقع نفسهم (وانا منهم)، اذ ان المواقع الجنسية كانت اول من يستخدم احدث التقنيات التي تظهر في مجال النشر على النسيج. وكان يستفيد المطور كثيراً حين يختبرها... في المواقع الجنسية.
المواقع العربية على الانترنت تزيد بكثرة فهل لديك احصائية بعددها بشكل تقريبي ؟
– صحيح ان المواقع العربية تزيد بسرعة لكنها لم تتعدى العتبة التي تتيح لها الظهور في الاحصاءات. فلا تزال كل الاحصاءات الجدية تضع المواقع العربية في بند «مواقع اخرى» (حسب احصاءات نهاية 2003) لذلك من المتعذر معرفة عددها او حتى اخذ فكرة عنه. ويجب التذكير اننا نتحدث هنا عن المواقع «بالعربية» وليس عن المواقع «العربية» المنشورة بلغة اخرى. فمع ان المتكلمون باللغة العربية يشكلون 5٪ من سكان العالم الا ان مواقعهم لا تتعدى الـ1٪ لتظهر في الاحصاءات.
هل نستطيع ان نقول ان العرب قد اخذوا دورهم على صعيد الانترنت وانهم استغلوا هذه الشبكة بالشكل الذي يفيدهم ؟
– اذا كنت تعني استغلال الشبكة من الناحية التجارية فلم يستغلوها بعد وهذا جيد لأن شبكة انترنت لم تظهر اساساً لتكون دكاناً تجارياً ولكن الشركات التجارية اختطفتها لمصالحها الخاصة.
ظهرت الشبكة اساساً لتكون مجال اتصال وتواصل بين البشر ولتكون مجال حرية للذين لا يملكون هذا المجال في حياتهم الفعلية وعلى هذا الصعيد لم يستغل العرب الشبكة بعد، لأن المهم ليس فقط النشر على الشبكة بل الاطلاع على ما يُنشر والاشتراك فيه. وهذا لا يزال في بدايته في البلدان العربية لأن عدد مستخدمي انترنت ضئيل جداً مقارنة بالبلدان الاخرى. فلا تتعدى نسبة المستخدمين العرب للشبكة 1.5٪ من اجمالي المستخدمين وذلك حسب الاحصاءات المختلفة المنشورة حالياً، وتبلغ نسبة العرب الذين يتصلون بالشبكة 0.11٪ من اجمالي الشعوب العربية. فما الفائدة ان تنشر على الشبكة وتعطي فسحة من الحرية لإبداء الآراء ولا يأتي احد الى موقعك لأنه لا يوجد العدد الكافي من الزوار؟
هل تعتبر ان الانترنت قد ساعدت في التعبير عن الراي في الوطن العربي ام لا زالت المشكلة نفسها والناس تخاف ان يتم التجسس عليها ؟ من جهة اخرى تقوم بعض الحكومات العربية بحجب بعض المواقع عن مواطنيها ، فهل تؤيد انت ذلك ، وهل من طريقة لتجاوز هذا المنع ؟
– لا اؤيد اي منع من اي كان ولا اعترف لأي كان بحق تنصيبه وصياً على الناس. فبأية معجزة طبيعية او غير طبيعية، وجد اناس يعرفون مصلحتنا اكثر منا؟ وهل لهم خلايا دماغية اكثر من سائر البشر ليعرفوا ما يجب على البشر ان ترى وما لا يجب. ان اي منع من اي نوع يعني ان الذي يمنع يعتبر الذين يمنع عنهم قصّاراً لا يدركون مصلحتهم وما هو نافع لهم ويعني ان المانع بمعجزة خارقة صار يتمتع بالبصيرة والعقل اللذين يجعلانه وصياً على البشر.
تحتوي شبكة انترنت الصالح والطالح والناس تعرف ما ينفعها وما يضرها وهي تقرر كيف تستخدم الشبكة.
في الحقيقة، كل ما سبق هو خارج عن الموضوع نوعاً ما لأن المنع اساسه سياسي وليس اخلاقي. ومن يمنع يريد فوق كل شيء منع الناس من الوصول الى فسحة الحرية.
لتجاوز هذا المنع، هناك عدة وسائل وقد تكون اكثرها انتشاراً، وجود مواقع مخصصة في محو هوية المستخدم لدى تصفحه النسيج. فهذه المواقع تقوم بحذف المعلوكات المتعلقة بالمستخدم بما فيها عنوان IP الخاص به وهوية موفر وصوله والمواقع التي يزورها. ولأن هذه المواقع تلجأ الى اللف والدوران واغراق المستخدم في بحر من المستخدمين الآخرين لإخفائه، يصبح تصفح النسيج بطيئاً بالنسبة الى هذا المستخدم لا سيما اذا كانت وسيلة اتصاله بطيئة اصلاً (مودم عادي مثلاً) ولكنها «احسن من بلاش». ومن المواقع التي توفر هذا النوع من الخدمات نذكر httptunnel و JAP — Anonymity & Privacy. _ _ هناك ايضاً دروس في كيفية اختراق المواقع توفرها بعض المواقع العربية وغير العربية ويمكن اتباعها للخروج الى فسحة الحرية (بحث صغير في غوغل يدل على هذه المواقع). واخيراً يمكن تجاوزه بالطريقة البديهية والمكلفة وهي الاتصال بموفر وصول في بلد آخر اكثر حرية.
انا متأكد من ان شبكة انترنت شجعت الناس على التعبير عن آرائهم بحرية اكثر من السابق ولكن لا يزال هذا الامر في ارهاصاته الاولى. فالناس تحتاج الى تعلم ثقافة حرية الرأي قبل ممارستها وهذا ما يزال غير مرض. وافضل دليل على ذلك نقاشات المنتديات المرتبطة بمقالات «ديوان العرب»: فبعد المشاركة الاولى او الثانية يبدأ المشاركون بشتم بعضهم وبكيل كل انواع الاتهامات الى بعضهم. ومن الجيد ان تكون هذه المنتديات مرابقة بشكل استباقي والا لكانت قامت القيامة.
لا زال عدد العرب المشتركين في الانتر نت قليل جدا، فهل يعبر ذلك عن لا مبالاة ام ان الوضع الاقتصادي هو السبب ؟
– لا يعبر ابداً عن اللامبالاة. فلاحظت من تجربتي، الحماس الذي يبدو على الناس حين تحدثهم عن الشبكة. فمن المعروف كيف انه في البلدان العربية التي تأخرت في ادخال شبكة انترنت مثل السعودية وسورية، لم ينتظر الناس بل صاروا يتصلون هاتفياً بالبلدان المجاورة للدخول الى الشبكة رغم التكاليف الباهظة الذي يرتبه هذا الاتصال عليهم.
لذلك السبب الاول في قلة عدد المشتركين العرب هو اقتصادي. فهناك شرائح واسعة من الناس لا تملك الهاتف في بيوتها، فكيف تريد لهاان تدخل الى الشبكة او حتى ان تفكر في الدخول. وحتى الذين يملكون هاتفاً، لا يمكنهم دفع بدلات الاشتراك التي لا تزال مرتفعة جداً.
صحيح ان ظهور شبكة انترنت اعطى دفعاً كبيراً للديمقراطية المباشرة بين الناس ووضع في تصرفهم كماً هائلاً من المعلومات. الا انه بسبب التفاوت الاقتصادي بين الشمال والجنوب، ظهرت ثروة جديدة حلت تقريباً مكان الثروات القديمة مثل المواد الاولية والرساميل المالية وهي ثروة المعلومات وزاد ظهور هذه الثروة الشرخ بين الشمال والجنوب لأن الشمال زاد ثروة فوق ثروات ولم يتقاسمها مع الجنوب.
الكثير من المواقع تنقل عن بعضها بعضا افلا يوجد قوانين تمنع من ذلك ؟
– هناك قوانين ولكن لا احد يطبقها. والافضل حين تكتشف ان احداً سرق محتواك ان تحاول فضحه امام زواره.
مشهور عنك انك تستخدم اجهزة ماكنتوش مع انها نادرة جداً ، فما الفرق بينها وبين الكمبيوتر الشخصي؟
– لن اقول ان اجهزة ماكنتوش نادرة جداً فمعظم الذين يعملون في مجال النشر (خاصة الورقي) يستخدمون هذه الاجهزة وتبلغ حصة ابل في سوف الكمبيوترات الشخصية حالياً حوالي 7 الى 8 ٪. استخدم ماكنتوش وويندوز ولينكس وهذا طبيعي لدى المطور. وبالنسبة لي تتميز اجهزة ماكنتوش بتفوقها المطلق في كل ما يتعلق بالتصميم الفني. فمع ان برامج التصميم مثل فوتوشوب والستريتر وفريهاند وغيرها موجودة في بيئتي ماكنتوش وويندوز، يبقى التعامل معها افضل بكثير في بيئة ماكنتوش التي خلقت من اجل ذلك، هذا فضلاً عن ان ادارة الالوان في نظام ماكنتوش تتفوق بكثير على مثيلتها في الانظمة الاخرى.
اما على صعيد شخصي، فقد اعتدت الكتابة باستخدام لوحة مفاتيح ماكنتوش (ويختلف توزيعها عن لوحة ويندوز) لا سيما وان العربية دخلت على نظام ماكنتوش منذ زمن بعيد (النصف الثاني من الثمانينات) مما خلق قاعدة مستخدمين عرب واسعة، وإذا اردت الاجابة على هذه الاسئلة باستخدام لوحة ويندوز لاستغرقت العملية شهراً كاملاً كوني بطيء للغاية عليها.
مشاركة منتدى
14 آذار (مارس) 2008, 13:39, بقلم محمود
عندى فيرس