

فرقة المغامرين الخيريّة ـ قسم 1 من 4
((روايةبوليسية للفتيان والفتيات))
بقلم : ضرغام فاضل
المغامرون ..((أو فرقة المغامرين الخيرية)) ..هكذا يحلو لهم أن يسمّوا ..رغم أن أكبرهم لايتجاوز الخامسة عشرة ..في حين أن أصغرهم كان في العاشرة ..لكنهم سيكونون أبطال روايتنا هذا,وهذاما يستدعي منّا أن نلقي الضوء على جوانب من حياتهم قبل أن نخوض في سرد روايتنا (( المغامرون )) .
إنهم سبعة شباب,,وليسوا أطفالاً,لأنّ هذه الكلمة تثير غضبهم,وغضب أيّ فتى بمثل أعمارهم ..
كان مصعب ابن الرابعة عشرة شغوفاً بقراءة المغامرات البوليسية,ونادراً ماكانت تفوته قراءة رواية من روايات( أرسين لوبين),أو روايةمن روايات الكاتبة(أجاثاكريستي),أو أيةروايةبوليسيةعالمية,تماماًكماكان
عندماكان صغيراً,حتى تكلّلت هوايته هذه بالانخراط في سلك الشرطة,وبالتحديد في التحقيقات الجنائية.أما زينب الأخت الصغرى لمصعب فكانت لها اهتمامات أدبية..فهي تفرأ كثيرا جداً ولها محاولات بسيطة في كتابة القصص,والاحتفاظ بها على جهاز كومبيوتر وضعته في غرفتها,أمّاصالح شقيق مصعب والأصغر منه بسنتين وأكبر من أخته بسنة,فكان لايدري بالضبط مالذي يختاره من الهوايات ليحدّد على أساسه مستقبله,فمرّة تراه يختار كتاباً علمياً عندما يرافق شقيقه مع والدهما للمكتبة ويخيّرهما أي الكتب يختاران.وعندما يسأله صالح عن سبب اختياره هذا يبتسم مجيباً :
– أريد أن أواكب التكنولوجيا .
ومرّة تراه له اهتمامات موسيقية,ويستطيع أن يدندن بعض النغمات على البيانو الموضوع في بيت خالته أم طارق,التي تسكن في الشارع نفسه الذي يسكنونه.حيث إن ابن خالته طارق اشترط على أبيه أن يجلبه له بعد نجاحه بتفوق بالدراسة الثانوية. وخصوصا أن أباه ميسور الحال,ويملك شركة للمقاولات الهندسية,وهذا ماجعله يختار سكناً في حيّ راقٍ ,لايسكنه إلا المترفون .ومن وقتها راح طارق يجمع كلّ الأشرطة الصوتية الخاصة بالمقطوعات الموسيقية العالمية, من سمفونيات ومقطوعات أخرى لكبار الموسيقيين ,مثل باخ وموزارت وبتهوفن وشتراوس..ويشجّع ابن خالته صالح لأن يحذو حذوه ..فكان صالح يسايره..ولكنّه سرعان ماينسى كلّ شيء, بمجرّد خروجه من بيت خالته..وينصرف إلى اهتمامات أخرى, بعيدةكلّ البعد عن الموسيقى..أمّا زياد شقيق طارق فكانت هوايته تنصبّ في التصويرالفوتوغرافي, حيث يملك جميع المعدّات اللازمة, من كاميرا وكومبيوتر وطابعة ,وأوراق وأحبار خاصة بالطباعة,كما يملك ألبومات جمع فيها عدداً لابأس به من الصورالفوتوغرافية,التي التقطها لمناظركثيرة,في أثناء زيارته لها خلال الرحلات المدرسية,حتى إنه شارك فيها بمعارض أقامتها المدرسة,ونال عنها جوائز كثيرة.
أما هواية كرة القدم فكانت من نصيب عبد العزيز,ابن عم مصعب وصالح وزينب. ذي الخامسة عشرة من العمرووالده هو شقيق النقيب ياسر,ويعمل مهندساً مدنياً في الشركة التي يملكها ويديرها أبو طارق الذي تربطه بالعائلة علاقة نسب ..في حين كانت مشاهدة أفلام الرعب أو كما تسمّي بعضها( أفلام الأكشن)هي الهواية المفضّلة( لمحبّة) أخته,ويبدو أن هذا الشيء هو ماجعل شخصيتها قويّة,رغم أنها لم تتجاوز الحادية عشرة .
إذن..مصعب وصالح وزينب من جهة,وطارق وزياد من جهة أخرى,وعبدالعزيز ومحبّةفي جهة أخرى,كلّهم حين يجتمعون في مكان ما,تقول عوائلهما أنّ ((فرقة المغامرين)) قد اجتمعت,رغم أنّ أهواءهم مختلفة,لكنّ روح المغامرة هي القاسم المشترك الذي كان يجمعهم .
في إحدى ليالي الصيف المقمرة,وبينماكان مصعب وأخوه صالح يستعدّان للنوم. سمعاصوت جلبة في الخارج... فتح مصعب نافذة الغرفة ,ليطلّ برأسه ..مستكشفاً مايحدث قائلاً:
– اللّهم اجعله خيراً ..
اقترب منه صالح مستفسراً:
– ماذا حدث ؟..
ولمّا لم يستطع أحد منهما تبيّن مايحدث في الخارج,اضطرّا للنزول من غرفتهما التي في الطابق الثاني من المنزل, ليفاجآ بأن والديهما أيضاً يقفان عند باب البيت الرئيسي,حيث لاحت لهم من بعيد جموع الناس المحتشدة,من أجل شيء ما.. ثم شمّوا رائحة شيء يحترق,دفع الفضول مصعب وصالح أن يسيرا بضعة أمتار باتجاه مايحدث, بعد أن استئذنا والديهما بذلك ..وعندما صارا على مقربة من الشارع المجاورشاهدا من بعيد ألسنة اللّهب تتصاعد من إحدى بناياته الفخمة.استغرب مصعب مما رآه فقال:
– ياه !..حريق هائل !! .
تمتم صالح:
– ياساترياربّ !!.
وصارا يقتربان من موقع الحدث شيئاً فشيئاً .حتى صاح مصعب :
– زياد وطارق هنا أيضاً ؟ !.
راح زياد يفرك عينيه من أثر النعاس وهو يقول مفسّراً لابني خالته مايحدث:
– إنه مركز طبّ الأسنان..في الشارع المجاور ..
ثم تثاءب أخوه طارق الذي خرج من منزله بثياب النوم قائلاً:
– لم نستطع النوم..فخرجنا لنعرف ما حدث..
مدّ زياد يده في جيب ثوبه,ليخرج منه كاميرته الصغيرة الجديدة,والتي لم يمض أسبوعان على تدشينها..ثم قال:
– سأوثّق الحدث بالصور، لذلك.. علينا أن نقترب من المكان..
أجابه مصعب:
لاأظن أنّ باستطاعتك التصوير في مثل هذا الجوّ المظلم ..
فأجابه زياد:
– لاياعبقريّ..فهذه الكاميرا رقمية ..وباستطاعتها أن تلتقط أيّ صورة في أي ظرف..أي أنها تحتوي على عقل ألكتروني .يبرمجها كيفما يريد .
ثم نظر إلى صالح وقال له:
– يبدو أنّ صاحبنا بعيد كل البعد عن التكنولوجيا ..أفهمه ياصالح ..
ضحك مصعب قائلاً:
– أرِنا كيف ستنفعك التكنولوجيا,عندما تمنعك الشرطة من التصوير ..
غيّر زياد من نبرته ..وقال بجدّية :
– هذا بحث آخر ..
ثم قال ضاحكاً:
– إنما عنيت إمكانية التصوير الفنيّة وليست الأمنيّة ..
ثم قال طارق وهو يحثّ الأصدقاء للتقدّم أكثر من الموقع قائلاً:
– لا أظنّهم يسمحون لنا بذلك..
أجاب صالح:
– لنجرّب...
ثم راحوا جميعاً يقتربون من موقع الحريق شيئاً فشيئاً , كانت سيارة الإطفاء الكبيرة تقف قبالة المركز..وراح رجال الإطفاء ينتشرون في كل مكان. في محاولة منهم للسيطرة على الحريق..وماهي إلا لحظات قليلة,حتى وصلت سيارة إطفاء أخرى ..تتبعها سيارة إسعاف تحسّباً لوقوع حوادث نتيجة اشتعال النيران . أرادوا التقدم أكثر, لكنّ أفراد الشرطة منعتهم من ذلك ..
انبعث صوت رجل من أفراد الشرطة من مكبّر الصوت المثبّت في سقف سيارة الشرطة ..يقول:
– ابتعدوا عن المكان رجاءً.. ابتعدوا..
لكنّ زياد كان يتمتم مع نفسه:
– لابدّ من أخذ صورة..
وحاول خلسة أن يلتقط صورة ولو عن بعد لهذا المنظر المروّع ..بعد أن وضع خيار التصوير على التصويراللّيلي ..تقدّم بضعة أمتار ..لكنّ رشقات خاطئة من الماء المتدفّق بغزارة ,كادت تسقط الكاميرا من بين يديه ..صاح أخوه طارق:
– احترس يا زياد ..
أما صالح ومصعب.. فكانا يقتربان من الناس المتحلّقة حول الموقع ,في محاولة لمعرفة أسباب اندلاع الحريق,ومصير من فيه,لكنّهما اطمئنا إلا أن أحدا لم يكن داخله عندما شبّت النيران في المركز.
وفي هذه الأثناء..وصلت سيارة مرسيدس سوداء,يقودها شخص ذو ملابس أنيقة, تحمل حقائب في أعلاها,وكانت مسرعة باتجاه الشارع المجاور,لكن منظر الناس المحتشدة جعلتها تتوقف, وإذا به الدكتور لطفي,صاحب المركز الطبي..نزل صارخاً:
– ياإلهي!! ..مالذي يحدث؟؟ ..
ثم نزلت زوجته الدكتورة مينا وهي أجنبية ..لاتجيد العربية باستثناء بعض المفردات.. وانفجرت في بكاء مصحوب برعب وخوف . وتحلّق الناس حول السيارة التي أقلّت الدكتورلطفي وزوجته,الواصلين توّاً من المطار,بعد سفرة خارج لبلد قضياها بصحبة ابنهم في أوربا,استغرقت أسبوعاًكاملاً..في محاولة لتهدئتهما ومواساتهما على مصيبتهما..قال أحدهم:
– الحمد لله أن الحادث صار في الليل وليس في النهار.
وقال آخر:
– لقد أنجاكم المنجي ..
وردّ الأخر :
– حمدا لله على سلامتكم ..
لكنّ الدكتور لطفي ..سقط على ركبتيه ..وراح يلطم على رأسه من غير شعور منه ..وهو يولول:
– ياللمصيبة..ياللمصيبة.!!ضاع كلّ شيء..ضاع تعب العمر..ضاع كلّ شيء..
كان منظراً مؤثرّاً في نفوس المحتشدين من حوله..مما دعى أحد رجال الإطفاء للاقتراب منه ومواساته ..أمسك بإحدى يديه وأنهضه من الأرض ..وهو يقول:
– تحلَّ بالصبر يادكتور.فقد استطعنا أن نحصرالنيران في الطابق السفلي فقط.
لكن الدكتور لطفي ماانفكّ يردّد:
– ضاع كلّ شيء ..ضاع كلّ شيء.
هزّ رجل الإطفاء رأسه قائلاً:
– لا حول ولا قوّة إلا بالله..
ثم اقترب منهما رقيب الشرطة ..مزيحاً الناس من أمامه :
– تفرّقوا من فضلكم..سيكون كل شيء على ما يرام .
وعندما صار قريباً من الدكتور لطفي ..قال الرقيب:
– لقد تأكّد لنا يادكتورأنّ الحريق قد تمّ بفعل فاعل,لذلك نرجو أن تحضرصباح الغد إلى المخفر لتسجّل إفادتك.
وضع الدكتور لطفي يده على جبينه..وراح يفركه بشكل لاإرادي,حتى استقرّت يداه على عينيه ..فأغلقهما وراح يستمع بيأس إلى كلام الشرطي,وهو يهزّ رأسه,بعد أن استوعب الموقف تماماً .بينما راحت زوجته الدكتورة مينا تنحب بكلمات وعبارات لايفهما من حولها...
كان مصعب وصالح وطارق وزياد يقفون على مسافة بضعة أمتار,واستطاعوا أن يسمعوا كلّ مادار من حديث مع الدكتور لطفي,ورغم أنهم لم يكونوا على علاقة مباشرة مع عائلة الدكتور لطفي هذا,الذي يسكن في بيت فخم خلف مركزه الطبي,لعدّة أسباب منها: أنه معروف عنه تكبّره على جيرانه وأقاربه, وارتفاع الأجور التي يتقاضاها في مركزه الطبي,الذي يحوي على عيادات لطب وجراحة الأسنان, ويعمل به تحت إدارته عدد من الأطباء,أمّا ابنه فهو يكبرهم سنًاّ كثيراً ..ويدرس الطبّ خارج البلد منذ ثلاث سنوات تقريباً..إلا أنهم وبرغم ماتقدّم . تأثّروا كثيراً بكلّ ماسمعوه ...
بدأت جموع الناس تتفرّق إلى حال سبيلها ..وهمّ الأصدقاء بمغادرة المكان ..فقال مصعب:
– هل سمعتم ما سمعته ؟.
أجاب زياد:
– نعم..الحادثةصارت بفعل فاعل.. يعني أن هناك جريمة..
وقال طارق:
– ويعني أيضاً..أن هناك من دبّر لهذه الجريمة..
سأل صالح بصوت مرتفع وكأنه اكتشف مايعنيه الأصدقاء:
– يعني..مغامرة جديدة؟؟..
فما كان من مصعب إلا أن يضع يده على فمه..قائلاً:
– هسس..اسكت لئلاّ تفضحنا ..فهذا الرقيب يعمل مع عمّي ياسر في الشرطة,وإذا عرف عمي بنيّتنا هذه ضاعت عليناالمغامرة ..
ودّع أولاد الخالة بعضهم البعض,على أمل اللقاء صباح اليوم التالي,في منزل مصعب.. واتّفقوا على أن يقوم زياد بتبليغ صديقهم عبدالعزيز..وهو ابن عم مصعب وصالح,لكنه صديق مقرب من زياد.وانصرفواكلّ إلى بيته,بعد أن كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل.
* * *
العاشرة من صباح اليوم التالي
بصعوبة نهض مصعب من نومه,بسبب السهر وإرهاق التفكير بالمغامرة الجديدة ,طوال الليلة الماضية. وهاهو الآن يجلس برفقة أخيه صالح وأخته زينب, بعد أن تناولوا طعام الإفطار.بانتظار حضور البقية .
نظر إلى ساعته ..إنها العاشرة صباحاً. وهو الموعد الذي حدّدوه للقائهم .ما إن رفع رأسه حتى رأى ابن عمّه عبدالعزيز مع أخنه محبّة , وهما يدخلان من الباب الرئيسي للبيت , ويتوجّهان إلى الحديقة ,حيث يجلس مصعب بانتظارهما .
– السلام عليكم ..كيف حالكم؟؟..
– وعليكم السلام ..أهلاً وسهلاً....
جلس عبد العزيز قريباً من مصعب..بينما جلست محبة إلى جانب زينب..وبعد أن التقط عبدالعزيز أنفاسه وجه حديثه إلى مصعب:
– أخبرنا زياد عن هذا اللقاء..وهو وطارق في طريقهما إلينا..
وضع مصعب رجله فوق الأخرى ..وقال بنبرة القائد:
– إذن..سنؤجّل الحديث وتوزيع المهمّات ريثما يحضران..فأمامنا مغامرة جديدة..
سأل عبد العزيز:
– ولكن أرجو أن تنتهز هذه الفرصة, لتحكي لنا ماحدث في الليلة الماضية ,لأنني لم أفهم شيئاً من زياد أبداً, عندما هاتفني صباح اليوم .
ضحك مصعب ..وراح يقصّ ماسمعوه وشاهدوه ليلة أمس.
بعد دقائق قليلة كان الجميع قد حضر إلى بيت مصعب,قال زياد بعد أن رشف من قدح العصير رشفة سريعة:
– نعتذر عن التأخير..لأنّني كنت منشغلاً منذ الصباح الباكر,بطباعة الصور التي التقطناها بالأمس.
داعبته زينب يضحكة ساخرة:
– يظنّ نفسه مصوّراً ماهراً.....
ضحك الجميع, بعدها راح زياد يطلعهم على مهارته بالتصوير,خصوصاً بعد أن كانت نتيجة تصويره في العتمة ممتازة ,وأعجب الجميع بالصور, التي طبعها بنفسه على آلة الطابعة المرتبطة بجهاز الكومبيوتر. ثم أشار مصعب لأصدقائه بأن يتحلّقوا حوله, ويكونوا أكثر دنوّاً منه,وصار يخفّض من صوته, كي لايسمعه أحد من الجيران .. وقال بجديّة:
– فلنؤجّل مزاحنا قليلاً.. فوقت الجدّ قد بدأ منذ اللحظة..
أجابه زياد:
– وهذا ما دعانا للحضور والاجتماع في هذا المكان..
بدأ مصعب حديثه بالقول:
– اسمعوني يا أصدقاء..لقد تأكّد لنا أنّ الجريمة حدثت بفعل فاعل.لذلك يتوجّب علينا أن نبحث عمّن تحوم حولهم الشبهات..
قالت زينب:
- وهذا لن يتمّ إلا إذا عرفنا كلّ من له صلة بالدكتور لطفي .
أشار عبد العزيز بسبّابته قائلاً:
– لذلك..أقترح أن نزور المركز الطبي أولاً,علّنا نكتشف شيئاً,يرشدنا إلى شيء آخر يفيدنا في معرفة الحقيقة..
نظر مصعب إليه ..وهزّ رأسه قائلاً:
– وهذا ما سيحدث فعلاً. لذلك سترافقني أنت لدخول المركز..
ثم نظر إلى زياد وصالح ..وأردف قائلاً:
– أما زياد وصالح فسيظلان في الحديقة الخارجية للمركز ليراقبا المكان, ربما يكتشفان دليلاً يساعدنا في تقصّي الحقيقة.وإذا تطلب الأمرالدخول في منزل الدكتور, فسيتحجّجان بأيّ حجّة ليفعلا ذلك..
أما الأصغر في المجموعة , وهي محبّة ..فقد اقتربت أكثر من ابنة عمتها زينب,لتقول:
– أما أنا..فسأظلّ قرب الهاتف مع زينب.. لأردّعلى مكالماتكم في حالة ضرورة الاتصال .
ثم التفت ناحية طارق ..وقال له:
– وستبقى أنت يا طارق في البيت بانتظار مكالمة هاتفية مني..أخبرك فيها عن مهمّتك .
وضع طارق قبضة يده اليمين على صدره ..ونهض مغيّراً من نبرة صوته ..قائلاً:
– أنا حاضر للمهمّات الصعبة يا سيادة الضابط ..
ضحك مصعب ..وقال:
– سيتحقّق ذلك إن شاء الله ..
ثم نهض ..وطلب منهم النهوض قائلاً:
– والآن..هيا للانطلاق..
* * *
المهمّة بدأت
اقترب صالح ومصعب وزياد وعبد العزيز من المركز الطبّي لجراحة الأسنان.. الذي تحيط به حديقة عالية الأشجار من كل جوانبه..والذي أغلق أبوابه هذا اليوم,ولم يستقبل زبائنه إلى إشعار آخر,بسبب ما أصابه..وصاروا يدورون حوله ..سحب صالح نفساً عميقاً ..وقال:
– رائحة النار ما تزال موجودة..
ابتسم عبدالعزيز وهو يقول:
- هذه الرائحة تذكرني برائحة أجلدة الكتب النايلون. ..
لاحظ مصعب أن أوراقا قد تطايرت من المركز ..وتناثرت في كل مكان, قسم منها قد أكلته النيران..والآخر بين محترق وسليم.وأورق أخرى ماتزال النيران لم تمسسها...فخطرت بباله فكرة ..إذ قال:
– هذه الأوراق المتناثرة حول المركز ستكون سبباً لدخولنا إليه.
سأل صالح:
– كيف؟.
أجابه مصعب:
– سنتعاون على جمعها ..رغم أنها لاتنفعنا بشيء ..فعلى مايبدو أنها ملفّات قديمة ,أو أوراق تخصّ الحسابات ..لكنها حجّة للدخول.
ابتسم عبدالعزيز قائلاً:
– فكرة ممتازة...هيا إذن لنجمعها...
وخلال دقائق قليلة استطاع الأربعة أن يجمعوا كلّ ماتطاير وتبعثر من الأوراق ..نظر مصعب إلى عبدالعزيز, وهو يحتضن إلى صدره أوراقا مختلفة الألوان والأحجام..وقال:
– هيا يا عبدالعزيز..اتبعني لندخل من الباب الرئيس ..أما أنتما ياصالح وزياد .فانتظرانا في حديقة المركز.
تبعه عبدالعزيز ..وتوجّها إلى البوابة الرئيسة ..التي كانت ترتفع ثلاث درجات عن المدخل الرئيس ..كان الباب الزجاجي مغلقاً. لكن لم يبقَ منه أيّ زجاج سليم ..كلّه قد تكسّر من أثر الحرارة العالية الناتجة من الحريق.لكنّهما لاحظازرّ جرس يمين الباب ..وفوقه عبارة..بصعوبة استطاعا أن يقرآها, بسبب اسودادها وتعرّضها للأدخنة: ((أخي الزائر ..اضغط زرّ الجرس ..نحن في خدمتك 24 ساعة)) .
رنّ الجرس..الحمد لله إذن الكهرباء ماتزال موجودة.. وإذا بموظفة الاستقبال ليلى,تخرج من إحدى غرف المركز المنتشرة على جانبي ممرّ طويل ..وعندما لمحت الصديقين الواقفين عند الباب, راحت تؤشّر بكفيها بالنفي وهي تقول بصوت مرتفع:
– المركزمغلق لمدة أسبوع في الأقل.
هزّ مصعب رأسه..وهو يحاول أن يتكلّم بصوت مرتفع أيضاً كي تسمعه الموظفة من بعيد:
– نعرف ذلك , جئنا لنساعد .
ابتسمت الموظفة ثم تقدّمت نحو الباب..وعندما صارت قريبة منه .لاحظت الأوراق التي يحتضنها الصديقان .ففتحت لهما الباب .وقالت مبتسمة:
– أهلاً وسهلاً بكما..وشكراً لكما.. فلربّما تكون أوراقاً مهمّة للمركز..
أجابها مصعب وهو يضع الأوراق على مكتب الموظفة :
– وهذا كان رأينا أيضاً..
قالت الموظفة:
– آسفة لاأستطيع أن أقوم بواجب الضيافة ,لأنكما بالتأكيد تعرفان الوضع الذي نحن فيه الآن . ولكن أرجو أن تستريحا قليلاً, لأنكما تلهثان من التعب.
قال مصعب:
– لايهمّ ..فنحن نعرف أنكم بصدد إعمار ما أصاب المركز.
أجابت الموظفة:
– لا..فقد طلبت منّا الشرطة أن نترك كلّ شيء على ماهو عليه, ريثما ينتهي التحقيق.وبعدها يتم إعمار المركز ..
سألها عبدالعزيز متظاهراً بعدم معرفة ماتقصده الموظفة:
– تقولين تحقيق؟؟لماذا؟.
أجابته ليلى:
– لأنهم.. أي الشرطة.. اكتشفوا أن الحريق صار بفعل فاعل..أي أن هناك يداً خبيثة ارتكبت الجريمة.
نظر عبدالعزيز إلى مصعب وهو يهزّ رأسه, وكأنه أدرك ماتعنيه ليلى ,ثم قال مجاملاً:
– للأسف ..فبالتأكيد هي خسارة فادحة للدكتور لطفي.
أجابت ليلى بعد أن سبقت كلامها حسرة طويلة:
– بل قل خسارتين .
لم بفهم الصديقان ماتعنيه الموظفة ..فتشجّع مصعب أن يسأل:
-لم نفهم ماتعنيه!! ..
أردفت ليلى:
- لأننا كنّا قبل أسبوعين تقريباً من الحادث قد انتهينا للتوّ من إجراء صيانة كاملة على المركز, وقمنا بدهن جدرانه,وعمل ديكورات جديدة لردهاته ومرافقه المختلفة .مما اضطرّنا أن نغلق المركز ريثما تنتهي هذه الأعمال ,وهذا ماشجّع الدكتور لطفي على أن يتمتع بإجازة ,وعندما انتهينا من العمل قمنا بالاتصال به لنخبره بذلك...
سأل مصعب:
– يعني أنكم تعاونتم على القيام بهذه الأعمال ..أم ..
قاطعته ليلى ضاحكة:
– لا ..بل إن مكتب أعمال الديكور, هو الذي قام بكل شيء..فهذا عمل لايتقنه إلا المختصّون بهذه المهنة..
كان مصعب يتعمّد أن يكون أبله ,ليحصل على أكبر قدر ممكن من المعلومات ,لذلك سأل:
– مكتب ديكور!!؟ ..وهل هناك شيء اسمه مكتب ديكور.؟؟.
ابتسمت ليلى وهي تجيب:
– طبعا ..يبدو أنك لم تقرأ اللافتة الموضوعة على ذلك المحل الكبير(( اللمسة الأخيرة), الموجود في أول الشارع الرئيس؟. وهو نفس المكتب الذي قام بعمل الديكور في مركزنا.
هزّ مصعب رأسه قائلاً:
– ربما ..لكنّها لم تجذب انتباهي لأنها لاتعنيني..
استرسلت ليلى قائلة:
– فريق عمل متكامل جاء إلى هنا وباشر العمل ,وقام بإجراء ترميمات وأعمال صيانة كثيرة استغرقت أياماً, ولكن للأسف ضاعت الجهود من غير فائدة .وهانحن بحاجة لهذه الأعمال من جديد.
أدرك مصعب وعبدالعزيز أنّ المسألة ازدادت تعقيداً ,بعد أن دخل العمّال على الخطّ.وصارت المسألة بحاجة لتفكير عميق.
أما في الخارج, حيث زياد وصالح ينتظران في الحديقة الكبيرة التي تحيط بالمركز الطبي, والتي تبدو أشجارها قد احترقت, وتحوّلت الخضرة إلى السواد ..فيبدو أن زياد قد رأى شيئاً أثار انتباهه..إذ أشار بيده إلى شجرة ساقطة على الأرض, متيّبسة الأغصان ومتفحّمة.وقال موجّهاً كلامه لصالح:
– انظر هناك !! .
توجّه الصديقان ليصيرا قريبين من الشجرة اليابسة المحترقة . وراح مصعب يتفحّص الأرض المحيطة بها ,ثم أشار بإصبعه إلى آثار أقدام مطبوعة على الأرض, قائلاً:
– انظر!!.. إنها آثار أقدام واضحة..
أجاب زياد:
– نعم.. أثر نعل قديم.. فيه نقوش متميّزة!!.
ثم أخرج الكاميرا من جيب سترته,والتقط صورة مقرّبة لأثر القدم ..تلفّت صالح حواليه خوف أن يراهما أحد من المركز , وقال وهو مايزال يراقب المكان:
– ماذا تفعل ؟.
أجاب زيادوهو يكرّر التقاط أكثر من صورة من جهات مختلفة:
– هذه الصورستفيدنا بالتأكيد...
بعد أن انتهى زياد من التقاط صوره,وبعد أن أدرك الصديقان أنّ لاأحداً يراقبهما ,جلسا قرب الشجرة,بحجّة انتظار صديقيهما ..قال زياد :
– يبدو أنّ شخصاً ماكان مختبئاً خلف هذه الشجرة...ظلّ يراقب المكان حتى سنحت له الفرصة ليشعل النار..
أجاب مصعب:
– نعم ..فآثار الأقدام تشير إلى أن صاحبها قد ظلّ جالساً هنا فترة طويلة.
ثم أضاف زياد:
– نعم ..هذا بالإضافة إلى أن آثار الأقدام هذه ,وحسب خبرتي المتواضعة. لم يمضِ عليها سوى ساعات فليلة.
أما في الداخل فكان مصعب وعبدالعزيز مايزالان يحاولان الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات, التي تساعدهم في التوصّل إلى معرفة الجاني.وهاهي موظفة الاستقبال تواصل إدلاءها من غير قصد بمعلومات مهمّة:
– لاأدري ماذا حصل للدكتورلطفي هذه الأيام..فقد تشاجر مع أكثر من شخص.ومنهم البستاني الذي يعتني بحدائق المركز. وكذلك مع الدكتورأسعد أحد الأطباءالعاملين في المركز, بعد أن طرده من عمله.. وتخاصم مع الأستاذعادل المحاسب أيضاً.لذلك قرّر أن يسافر خارج البلد للراحة والاستجمام..وعندما عادكان قد حصل ما حصل..
انشغلت ليلى بتوظيب الأوراق التي أخذتها للتوّ من الصديقين , بينما راح عبدالعزيز يهمس في إذن صاحبه:
– أسمعت يا مصعب؟..ثلاثة أشخاص تحوم حولهم الشكوك .
أجاب مصعب هامساً:
– سنحاول أن نعرف منها أين نجد كلاً من هؤلاء الثلاثة..لنتحرّك بعدها لاكتشاف الفاعل ..
وفعلاً استطاع مصعب وعبدالعزيز بدهائهما, أن يحصلا على عناوين الثلاثة المشتبه بهم..وشكرا ليلى على حسن استقبالها لهما, رغم الظروف التي ألمّت بالمركز الطبي الذي تعمل فيه.وبينما هما في طريقهما للخروج من الباب الزجاجي الرئيس , وإذا بالدكتور لطفي يفتح الباب بشدة, ليدخل إلى المركز قاطعاً طريقهما, وهو متجهّم الوجه وإلى جانبه الدكتورة مينا, وخلفهما تمشي سيدة ترتدي مريولاً أزرق...
– ماهذا ؟! ومن هم هؤلاء الأولاد ؟ كيف سمحت لنفسك بأن تدخليهما. ألم أقل إن اليوم عطلة؟ ها؟
قالها الدكتور لطفي بعصبية ,موجّهاً كلامه لموظفة الاستقبال.فماكان من ليلى إلا أن تردّ عليه بارتباك:
– عفواً يا دكتور.. ولكن..
لكنّ مصعب تدارك الأمر بقوله:
– رأينا حول المركز بعض الأوراق المتناثرة..فجلبناها لكم كي لاتتطاير مع الهواء ..فربما تكون مهمة..
وقال عبدالعزيز:
– ونعتذر إن كنا قد ضايقناكم دكتور.
أرادت ليلى مداراة الموقف , فقالت:
– دكتور لطفي يمزح معكما..أنتم أولاد رائعون..
كان الدكتور لطفي متعكّر المزاج , وفي حال من العصبية جعلته يدفع مصعب وعبدالعزيز إلى الخارج قائلاً:
– شكراً مع السلامة. لاتتأخّرا أكثر من ذلك, فقد يقلق عليكما أهلكما.
وجد الصديقان نفسيهما فجأة في الخارج , والباب تغلق بعنف خلفهما .قال عبدالعزيز منزعجاً:
– سامحه الله على هذا التصرف..
أما مصعب فقد كان يقف واجماً مفكّرا ً..سأله عبدالعزيز:
– مابالك تفكر ؟؟ هيا.. ماذا تنتظر؟.
أجاب مصعب:
– لاأدري أين رأيت وجه السيدة التي ترافقهما ..كانت تنظر إلينا بعين العطف .
أجاب عبدالعزيز:
– تقصد الخادمة ؟.
سأل مصعب:
– مصعب: أهي خادمة ؟؟.
أجاب عبدالعزيز:
– طبعاً. ألم تلاحظ أنها ترتدي زيّ الخدم ؟..إنها خادمة منزلهم..
نزل مصعب من الدرج مسرعاً وهو يقول:
– هيا بسرعة يا عبدالعزيز, لأتصّل بطارق وأكلّفه بمهمّة جديدة...
في الحديقة الخارجية كان صالح وزياد يقفان قريباً من الباب الخارجي بانتظار صديقيهما ..وعندما صار مصعب وعبدالعزيز قريبين منهما..قال زياد:
– وأخيراً حضرتما..لقد تأخّرتما كثيراً..
أجاب مصعب:
– أعرف ذلك, ولكنّنا حصلنا على معلومات مهمّة..
ردّ صالح مبتسماً:
– ونحن كذلك ..
أخرج مصعب من جيبه قصاصة الورق, التي سجّل عليها العناوين التي حصل عليها من موظّفة الاستقبال ..وتوجّه نحو كابينة الهاتف, الموجودة على بعد أمتار من الباب الخارجي للمركز ..وهو يقول:
– سنناقش كلّ المعلومات بعد أن أتصل بطارق.
اتصل مصعب بصديقهم طارق, الذي ينتظر في البيت لتكليفه بمهمّة حسب الاتفاق , وأعطاه عنوان منزل الدكتور أسعد, وطلب منه أن يتحرّك إليه فوراً.لكنّه لمح عند الباب الخارجي سيارة, يقف قربها رجل يرتدي ملابس أنيقة, ويضع على رأسه قبّعة زرقاء ..فسأل هامساً:
– من يكون ذاك الرجل؟.
أجاب صالح:
– إنه يرتدي الملابس الرسمية للسائق..
قال مصعب:
– تقصد أنه سائق ؟
أجاب صالح :
– ملابسه توحي بذلك ..
تمتم زياد :
– كأنني رأيت هذه السيارة من قبل .
هزّ مصعب رأسه مبتسماً:
– آه ..نعم ..تذكّرت. إنها سيارة الدكتور لطفي, التي شاهدناها ساعة اندلاع الحريق ..ويبدو أنّ هذا هو سائقه.
وعلى عجل تبادل الأصدقاء المعلومات التي حصلوا عليها ..وكانوا سعداء لأنهم استطاعوا أن يجمعوها بهذه السرعة ..قال زياد وهو يشير لكاميرته :
– سأذهب فوراً إلى بيتي, لأقوم بطبع الصور..وسأعود بعد نصف ساعة.لنلتقي في منزل مصعب في الحديقة..
فقال مصعب:
– طيّب ..ولكن أرجو أن تطبع أكثر من نسخة.
تركهم زياد وانصرف,وبعده بلحطات قصيرة ,لاحظ الأصدقاء خروج السيدة التي كانت ترافق الدكتور وزوجته من المركز ..
قال عبدالعزيز موجّها ًسؤاله لمصعب:
– هذه السيّدة التي كنت أخبرتنا أنّ وجهها ليس بغريب عنك .أليس كذلك ؟.
أومأ مصعب برأسه بنعم..وطلب من صديقيه التزام الصمت, عندما لاحظ أن السيدة تقترب منهم.وعندما صارت على مسافة قريبة جداً ..ألقت على الأصدقاء السلام ..وبعد أن ردّوا عليها ,قالت السيدة :
– لاعليك يا مصعب ..لقد فعلت أنت وأصدقاؤك الخير .وهذا يدلّ على خلقك الطيب ياولدي .
ابتسم مصعب وسألها :
– عجباً ..من أين تعرفينني؟.
بادلته الابتسامة وأجابته:
– هل نسيتني؟؟ ..أنا التي تتبضّع الخضار وباقي حاجيات البيت من محلاّت السعادة . كنت أراك باستمرار مع والدتك ..عندما كنت تحضر لمساعدتها .
ابتسم مصعب وكأنه قد تذكّر شيئاً:
– آه ..صحيح ..آسف لأنني لم أتذكرك لحظتها ..نعم أنت الخالة فوزية .
ابتسمت الخالة فوزية وقالت:
– أحسنت ..حتى إنك أردت أن تحمل عني بعض الحاجيات, لكنني لم أرِد أن أكلّفك تحمّل عناء ذلك.
هزّ مصعب رأسه وقد تذكّر كل شيء:
– نعم ..أتذكّر ذلك.
ثم انتبه لشيء ما فقال:
– ولكن مالذي كنت تفعلينه مع عائلة الدكتور لطفي في المركز ؟.
وما إن أنهى مصعب سؤاله حتى وخزه عبدالعزيز بذراعه ..فأدرك مصعب ماسبّبه من حرج للخالة فوزية بسؤاله هذا ,ومع هذا أجابته:
– أنا أعمل في منزل الدكتور لطفي منذ أكثر من سنة ,وعندما تراني أتسوّق الحاجيات من المحل. فهذا لبيت الدكتور .أما أنا فأسكن مدينة أخرى.
أراد مصعب أن يعتذر عمّا سببّه من حرج , ولكنّه قبل أن يفعل ذلك قالت الخالة فوزية:
– أرجو أن لاتنزعج من حديث الدكتور معك.فهذا سببه المصيبة التي حلّت به..فالمسألة ليست هيّنة .
إجابها مصعب:
– نعم .أعرف ذلك .وشكراً لمشاعرك الطيّبة ياخالة .
ربتت الخالة فوزية على كتفه قائلة:
– والان أستودعكم الله ,يجب إن أعود للمنزل ,وأرجو أن تبلّغ تحياتي لوالدتك.
أجابها:
– سأفعل .
ثم انصرقت والابتسامة تعلو محيّاها.