الاثنين ٢٨ نيسان (أبريل) ٢٠٢٥
بقلم ضرغام فاضل

فرقة المغامرين الخيرية ـ القسم 4 من 4

يوم جديد

يوم جديد ..ونهار جديد..والحديقة التي يجتمع بها الأصدقاء صباح كلّ يوم ..هاهي هذا الصباح خالية ,إلا من مصعب الذي راح يتمشى فيها.متأمّلاً الأشجار والأزهار.وسارحاً مع خيالاته..وكيف باءت كلّ محاولاته بالفشل,إنها هزيمة لايرضاها لنفسه..فرغم أنه لم يكن مقتنعاً بفكرة الانسحاب من هذه المغامرة.إلا أنه وجد نفسه مجبراً على التخلّي عنها بعد ضاقت به السبل ,وخابت الآمال.وبينما هو شارد الذهن ..يقكّر في أمور مختلفة..وإذا به يلمح شخصاً ..يخطف أمامه..ويختفي..لم يستطع أن يميّز ملامحه,لأنه كان شارد الذهن مع أشياء أخرى..ولكنّه متأكّد أن الشخص الذي لمحه, اختفى فجأة عندما أحسّ بوجود مصعب في الحديقة..وفي هذه الأثناء نزل صالح من غرفته لينضمّ إلى مصعب في الحديقة.وسأله:
 هل سلّمت عليها؟.
أجاب مصعب:
 من تقصد؟.
ردّ صالح :
 الخالة فوزية ..كانت هنا قبل قليل .لمحتها وأنا في غرفتي .
استغرب مصعب .وقال:
 الخالة فوزية؟؟نعم فعلاً ..الآن عرفت من هو الشخص الذي تراءى لي شبحه قبل قليل.
سأل صالح:
 تقصد أنها لم تكلّمك ..ولم تكلّمها؟.
أجابه مصعب:
 ولم أحسّ بوجودها أصلاً إلا بعد أن انصرفت..
تمتم صالح:
 غريب!!..مع العلم أنها كانت على بعد بضعة خطوات من سور الحديقة.
فكّر مصعب قليلاً قبل أن يقول:
 لابدّ أنها كانت بحاجة لشيء ما وخجلت ..أو تراجعت عنه عندما رأتني في الحديقة..
هزّ صالح كتفيه قائلاً:
 ربّما..
ثم راحت الأفكار تتراود في ذهن مصعب ..وقال بعد لحظات من التفكير:
 أو ربّما أنها اكتشفت شيئاً جديداً ..وجاءت لتنقله إلينا ..ولكن.. لمِ تراجعت ؟؟.
ثمّ نظر إلى صالح وسأله:
 مارأيك؟.
أجاب صالح ببرود:
ربّما..
انزعج مصعب من جواب أخيه ..فثار في وجهه:
 ياأخي ألاتعرف غير هذه الكلمة؟؟قل شيئا..
قال صالح :
 شيئاً..
ثم ضحك ضحكة عالية.ودخل بعدها إلى البيت.أما مصعب فظلّ مع توقّعاته ,والاحتمالات الممكنة التي دعت الخالة فوزية للمجيء إلى بيت مصعب,ثم التراجع عن قرارها. أيعقل أن يكون له صلة بالحريق؟؟لم يتمالك نفسه أكثر من هذا ..لذلك قرّر أن يخرج راكضاً وراءها .ربما لم تصل إلى منزل الدكتور بعد..
خرج مصعب من بيته مهرولاً ناحية بيت الدكتور لطفي,وعندما دخل إلى الشارع الذي يقع منزل الدكتور لطفي فيه ..فوجيءأن الخالة فوزية تقف في أوله .وكأنها تراقب شيئاً ما.. استغرب من هذا الأمر,لكنه اقترب منها ليستوضح منها ويفهم كل شيْ.اقترب منها وهو يلهث وقال:
 مرحباً يا خالتي.. خيراً إن شاء الله!!..
أجابت الخالة فوزية بارتباك:
 مَن مصعب!! أهلا يابني ..كيف حالك؟؟..
أجابها مصعب وهو مايزال لاهثاً:
 بخير والحمد لله..
سألت الخالة فوزية:
 خيراً إن شاء الله ؟؟مابالك تركض؟؟هل هناك شيء؟؟ .
أجابها مصعب:
 بل أنا الذي أردت أن أعرف ماسبب مجيئك لبيتنا.ثم عندما رأيتني عدلت عن قرارك.
استغربت الخالة فوزية..وقالت:
 أنا؟؟.لالا..لم أكن أقصد بيتكم..
أجاب مصعب:
 لكنّك كنت قريبة جداً من بيتنا.لقد لمحتك أمام الحديقة..وأريد أن أعرف لماذا اختفيت أول مارأيتني؟؟ .
تلعثمت الخالة فوزية لاتعرف بم تجيب ..فبدأت الشكوك تراود مصعب ..فسألها بشجاعة:
 خالة ..هل أنت متورطة بموضوع الحريق؟..أرجوك أجيبيني..هل ورّطك أحد بشيء ما ؟؟.
هزّت الخالة فوزية رأسها بالنفي قائلة:
 لا..لا. لقد فهمت الموضوع خطأ..ليس هناك شيء من هذا القبيل..
اقترب مصعب منها ..وقال لها بنبرة هادئة:
 ولكنّك مرتبكة ياخالة..أرجوك ماذا كنت تفعلين بالقرب من بيتنا؟؟هل كنت تراقبيننا؟.
ابتسمت الخالة فوزية.ولم تجد بدّاً من الهرب من الحقيقة..فقالت:
 كنت قد نويت أن أصارحك يامصعب بكلّ شيء.ولكن ليس قبل أن أتأكد.
سأل مصعب:
 ممّ؟.
أجابت الخالة فوزية:
 سأحكي لك كلّ شيء..ولكن علينا أولاً أن نسرع لحاوية النفايات الموجودة في أول الشارع ..
اندهش مصعب من طلب الخالة فوزبة..فسألها ساخراً:
 حاوية النفايات!!..ومادخلها بالموضوع؟؟.
سبقته الخالة فوزية وهي تحثّه على أن يتبعها ,,قائلة:
 لاوقت عندنا ..اتبعني للحاوية ..وبعدها نتكلّم.
أسرعا الخطى باتجاه بداية الشارع, حيث يقع بيت مصعب هناك ..قريباً من حاوية النفايات الكبيرة ,التي تتجمّع فيها نفايات الشارع الطويل, لتأتي السيارة الخاصة لجمعها.وعندما صارا قريبين منها ..تلفتّت الخالة فوزية يميناًويساراً..ثم تقدّمت إلى الحاوية ونظرت داخلها..لكن سرعان ماخابت آمالها ..وأصابها الإحباط..وكادت الدمعات تنهمر من عينيها ..لم يفهم مصعب لحد الآن ماذا يجري أمامه..فسأل:
 أرجوك ياخالة فوزية..ماذا هناك؟؟.
أجابت الخالة فوزية:
 للأسف يامصعب .كّنا على شفا الحقيقة .لكنّ كل شيء ضاع .
طلب مصعب من
الخالة فوزية أن ترافقه إلى بيتهم ,ويجلسا في الحديقة الخارجية, ليفهم منها كلّ الأمور التي تتحدث عنها .ولتهدّيء من روعها.فوافقت الخالة فوزية, بشرط أن لاتتأخّر أكثر من ذلك.
وعندما وصلا إلى بيت مصعب .طلب من أخته زينب أن تأتي بكوب ماء ,بعد أن نشف ريق الخالة فوزية.وفي حديقة المنزل جلست الخالة فوزية تحكي لأمّ مصعب ومصعب وزينب وصالح.. ماجرى في بيت الدكتور لطفي بعد خروج مصعب وصاحبيه مباشرة.فقالت:
 يوم أمس وبعد خروجكم من منزلنا مباشرة..سمعت أن الدكتور لطفي اتصل بأزهر السائق, وطلب حضوره فوراً,وهو يصرخ ويزعق..صحيح كعادته .ولكن هذه المرة مع أزهر ..وهي المرة الأولى التي يرفع صوته على أزهر. لأن أزهر هذا يطيع الدكتور لطفي طاعة عمياء ..ينفّذ كلّ مايطلبه الدكتور دون أي نقاش.وبعد قليل ناداني ..فحضرت فوراً.. وإذا به يطلب مني أن أشتري له علبة كاكاو من محلات السعادة.وعندما أخبرته أن العلبة القديمة لم تنفد بعد .طلب مني نوعاً آخر, غير الذي اشتريته في المرة الماضية..عرفت حينها أنه يريدني أن أغادر البيت لأي سبب كان..وأمر الكاكاو حجّة فقط..أدركت مقصده, وخرجت من البيت..عدت بعد حوالي ربع ساعة.ولكن يبدو أن الدكتور لطفي لم يحسّ بعودتي.فقد كان صوته عالياً,بحيث استطعت أن أسمع بعضاً من الحديث الدائر بينه وبين أزهر السائق..ومن هذه العبارات:
 ((أي ساعة أحضرت السيارة إلى المطار؟)).
 ((لاأذكر بالضبط يادكتور..ولكن قبل موعد وصول الطائرة بساعتين تقريباً)).
 ((حاول أن تتذكّر ماذا كنت ترتدي ذلك اليوم ..وأي حذاء )).
 (( على الأغلب ..كنت أرتدي بدلة رياضية وحذاء رياضياً أيضاً..لأنّني أردت أن أرتاح أياماً من ملابس العمل))..
 ((أنت غبيّ ياأزهر..غبيّ..)).
وفجأة توقّف الدكتور لطفي عن صراخه.كأنّه قد أحسّ بعودتي..ثم خفّض صوته, بحيث صرت لاأسمع منه شيئاً..بعد دقائق خرج أزهر منزعجاً جداً ..وعاد بعد أقلّ من ساعة..وهو يحمل كيساً أسود..أردت أن آخذه منه, ظناً مني أنه شيء يخصّ البيت..لكنّه امتنع أن يسلّمني إياه..ودخل إلى مكتب الدكتور لطفي ..وخرج منه بعد لحظات ..سأل مصعب:
 وماذا تتوقّعين أن يكون داخل الكيس؟.
أجابت فوزية:
 لاأدري..ولكن انتظر ريثما أكمل بقية القصة..
تحلّق الأصدقاء حول الخالة فوزية وهم يستمعون منه إلى معلومات خطيرة..إذ قالت:
 في نفس الليلة..عندما كنت في فراشي.. أتقلّب ذلت اليمين وذات الشمال..أفكّر بكل ماسمعته ..وهل للدكتور لطفي علاقة بالحريق..وأشياء أخرى..وإذ بي أسمع صوت خطوات في الطابق السفلي..من البيت..وبالتحديد في الممرّ المؤدّي للباب الخشبي الكبير..نهضت لأتبيّن مايجري..قد يكون لصّ دخل المنزل .وصرت أنزل درجات السلّم ,درجة درجة, من غير أن أحدث صوتاً..فرأيت الدكتور لطفي يحتضن الكيس الذي أحضره له أزهر السائق.وكان يفعل مثلما أفعل.أي أنه كان حريصاً على عدم إحداث صوت ..كي لايسمعه مَن في البيت..حتى فتح الباب الرئيس ..وخرج..بصراحة.ازدادت شكوكي..فقرّرت أن أتبعه وأراقب تحرّكاته....فخرجت وراءه. ثم وقفت عند الباب الخارجي ..أراقب أين سيتوجّه..وعندما ابتعد مسافة كافية..تبعته..فرأيته يرمي بالكيس في حاوية التفايات التي ذهبنا إليها اليوم ..اندهشت من تصرّفه هذا ..وتساءلت مع نفسي عمّا يحتويه هذا الكيس ..فقرّرت أن أول شيء أفعله بعد خروج الدكتور من البيت, هو أن آتي للحاوية..وأستخرج الكيس ..قبل أن تأتي سيارة النفايات وتفرغها ..والباقي تعرفه يامصعب.
ضرب مصعب كفّيه ببعضهما..قائلاً:
 ضاع كلّ شيء..أنا متأكد من أنّ الكيس كان يحتوي على الحذاء الذي نبحث عن صاحبه..
صاح صالح:
 صدقت ..بعد أن أخبرناه أنه الدليل الذي يدين الفاعل..ياه ..كنّا سبباً في التستّر على الجاني..
تمتم مصعب:
 هل يعقل هذا؟؟هل يكون الدكتور مصعب هو من خطّط لهذا الحريق؟؟ومادخل أزهر السائق بالموضوع..؟؟
قالت أم مصعب:
 اسمع يامصعب وأنت ياصالح..المسألة لم تعد تتحمل الانتظار, سأتّصل بعمّكم ياسر..وعليه أن يتصرّف بسرعة.
نهضت أمّ مصعب لتّتصل بالنقيب ياسر..كما نهضت الخالة فوزية..وقالت موجّهة كلامها للجميع:
 يجب أن أعود فوراً قبل أن يعود الدكتور أويتصل , ويكتشف غيابي عن البيت ..ولكن ..أرجوكم ..كأنّكم لم تسمعوا شيئاً مني ..فأنا امرأة ليس لي في الدنيا سوى أن أربّي أولادي, وأوفّر لهم الحياة الشريفة.بعيداً عن أي منغّصات..لاأريد أن أدخل في سين وجيم..
هزّ مصعب رأسه قائلاً:
 أعرف ذلك ياخالة..توكّلي على الله.
* * *

ظهرت الحقيقة
اجتمع المغامرون من جديد في حديقة منزل مصعب بعد التطوّرات الجديدة ,والمعلومات الخطيرة التي أدلت بها الخالة فوزية.قال عبدالعزيز:
 لحسن الحظ..أنني أجّلت التحاقي بفريق كرة القدم للغد..
ثم ضحكت زينب قائلة:
 أما أنا فيبدو أنّني حصلت على نهاية رائعة للقصة التي بدأت بكتابتها.
نظر مصعب في وجوه الأصدقاء ..ثم سألهم:
 كيف تفسّرون ماحصل؟؟.
أجاب صالح:
 لحد الان لم تكتمل الصورة..ولاأدري ماسبب تأخّر عمّي ياسر,بعد أن اتصلت به أمي وأخبرته بما حصل:
وقالت محبة:
 لا أدري لماذا استبعدنا الأستاذ لطفي من شكوكنا..
أجابها زياد:
 لأنه المتضرّر الوحيد مما حصل .
ثم قال مصعب متحمّساً:
 آه ..لوكان الكيس مايزال في حاوية النفابات .لكنّا عرفنا مافيه..أنا متأكّد أنه حاول التخلّص من الحذاء, بعد أن عرف منّا بأنّنا صوّرناه ..وصار دليلا ًضدّ المتهم..
أجاب طارق:
 سأنهض لأعاود الاتصال بعمّي ياسر..يبدو أنه لم يأخذ كلامنا مأخذ الجدّ.
نهض طارق ليتصل بعمّه ياسر ,كي يحضر إليهم ليزوّدوه بمعلومات جديدة,أثارت شكوكهم حول الدكتور لطفي.وبعد أن اتصل طارق بعمّه ياسر ,عاد إلى أصدقائه في الحديقة ليخبرهم أن عمّهم مشغول بشيء مهم جداً ,وسيحضر إليهم بعد أقلّ من ساعة,وطلب منهم أن يبقوا في الحديقة ,ولايغادروها حتى يحضر إليهم.
قال مصعب:
 اتعرفون؟؟لو كنت في الشرطة وحصلت على هذه المعلومات الخطيرة .لكنت اتصلت من فوري بدائرة البلدية المسؤولة عن شارعنا ,لأستفسر منها عن السيارة التي تجمع نفايات شارعنا .ثمّ بسرعة أطلب من سائق السيارة عدم إفراغ النفايات ,حتى حضور الشرطة. وعندما نحضر ,أطلب من العمال أن ينبشوا النفايات حتى يعثروا على الكيس ..ثمّ ..ثمّ..
قاطعه طارق:
 والله عندك عقل يفكر تفكير ضابط شرطة حقيقي..اسمع..أول مايحضر عمّنا ياسر زوّده بهذه الخطّة ..أنا متأكّد أنه سينفذها بعد أن ينسبها إليه ..
ضحك الجميع ..وراحوا يتداولون الحديث بأشياء مختلفة ,بانتظار حضور عمّهم ياسر.
وبعد ساعة تقريباً كان النقيب ياسر يتوسّط أولاد أخويه ومن معهم من فرقة المغامرين..لينقل لهم خبراً كان كالصاعقة بالنسبة إليهم ..حيث أجابهم بعد أن ٍسأله مصعب عن سبب تأخّره في الحضور:
 كنت منشغلاً في متابعة قضية الدكتور لطفي ..حيث تبيّن لنا أنه هو من خطّط ودبّر لإضرام النار في مركزه الطبي .
سأل مصعب وهو يتلعثم بالكلام ..وكأنّه قد حقق مع المغامرين نصراً في هذه القضية:
 ماذا؟؟.تقول الدكتور لطفي؟..
أجاب العمّ ياسر مبتسماً:
 نعم..وهو الآن خلف القضبان لينال جزاءه.
فسأله مصعب:
 ولكن كيف استطعتم بهذه السرعة أن تلقوا القبض عليه؟فلم يمضِ أكثر من ساعة على الاتصال الذي أجرته معك أمي..
ضحك النقيب ياسر..وهو يقول:
 وهل تظنّ أننّا ألقينا القبض عليه معتمدين على معلوماتكم أنتم أيها المغامرون الأشقياء؟؟.
نظر الأصدقاء في وجوه بعضهم ..ثم أردف النقيب ياسر قائلاً:
 لفد أخبرتكم الخادمة فوزية بكلّ شيء..لكنها لم تخبركم بأن الدكتور لم يبت ليلته في بيته ..لأنه كان يحلّ ضيفاً عليناً ..
سأل صالح:
 أرجوك عمّي وضّح لنا ..
قال النقيب ياسر وهو يربت على أكتاف الأصدقاء تباعاً:
 لقد أدّيتم عملاً بطولياً.. وقدّمتم لنا مساعدة كبيرة..ولكن.ثقوا أنني كنت أراقبكم من بعيد, كيلا لا تقعوا في مأزق لا تحمد عقباه.. أشكركم يا أولاد..
سأل طارق:
 ولكن أرجو أن توضّح لنا كيف ألقيتم القبض عليه ؟.كنّا نعتقد أننّا نحن الذين أرشدناكم بمعلوماتنا التي حصلنا عليها.
قال النقيب ياسر موضّحاً:
 فعلاً.. لقد تبيّن لنا أن الأستاذ لطفي هو من أشعل النيران في مركزه الطبي, لينال مبلغاً فخماً من شركة التأمين.. بعد أن قام باستبدال الأجهزة الحديثة المؤمّن عليها,والتي لم تمضِ فترة طويلة على استيرادها, بأجهزة أخرى غير صالحة للاستعمال.
سأله صالح:
 وكيف عرفتم ذلك؟.
ابتسم النقيب ياسر وهو يقول:
 لقد سجّلنا إفادةعمّال مكتب الديكور , بعد أن راودتنا الشكوك في ذلك,حيث أخبرونا أنهم نقلوا الأجهزة والمعدات الطبية بعد أن غطوها بأغطية قماشية إلى منزل الدكتور لطفي , وبعد أيام قليلة, وعندما أعادوها إلى المركز بعد انتهاء عملهم ,تأكّدوا أن الأجهزة قد استبدلت , ولأن الأمر لايعنيهم في وقتها فإنهم لم يناقشوه .
فسأل مصعب:
 يعني عملية استبدال الأجهزة تمّت في بيت الدكتور لطفي ؟؟.
هزّ النقيب ياسر رأسه قائلاً:
 نعم .
ثم قال عبد العزيز:
 وحتى عملية إجراء الديكورات هذه كانت حجّة للدكتور لطفي, من أجل إخراج جميع الأجهزة خارج المركز .
ابتسم العم ياسر , وهو يؤشّر بسبابته ناحية عبدالعزيز:
 أحسنت ..فالدكتور لطفي وماعرف عن جشعه وحبّه للمال, لايؤهّله أن يصرف قرشاً واحداً, مالم يكن متأكداً بأن هذا القرش سيعود إليه أضعافا.
سألت زينب:
 والكيس الذي رماه في حاوية النفايات !؟.
أجاب النقيب ياسر:
 بعد ابتعاده بضعة أمتار عن حاوية النفايات, تمّ استخراج الكيس منها. لأنّنا كنّا نراقبه عن كثب. . وكان يخبّىء فيه الحذاء الذي استخدمه أزهر السائق ساعة أشعل الحريق.. بعد أن عرف منكم أن أزهز قد ترك آثاره في الحديقة.
سألت زينب:
 يعني أن أزهر السائق هو الذي أشعل النار في المركز فعلاً:
أجاب النقيب ياسر:
 طبعاً ..ولكن بناء على أمر من الدكتور لطفي..واختار له الوقت الذي يتزامن مع ساعة عودته,كي يشهد معه كل الناس أنه كان خارج البلد . .
قال مصعب:
 يعني أزهر السائق كان اليد المنفّذة.بينما الدكتور لطفي كان العقل المدبّر؟.
ضحك النقيب ياسر وهو يسمع من ابن أخيه هذه المصطلحات التي يتداولها منتسبو الشرطة.وقال:
 أحسنت يامصعب..ستكون في المستقبل ضابط شرطة ناجحاً إن شاء الله.
سألت محبة:
 وهل اعترف الدكتور لطفي ؟؟.
ابتسم النقيب ياسر قائلاً:
 ليس له إلا أن يعترف.. بعد أن قدّمنا له الأدلة التي تدينه.
وسأل زياد:
 وأزهر السائق؟..
أجاب ياسر:
 اعترف هو الآخر..وكان ينفّذ أوامر الدكتور لطفي تحت تهديد من الدكتور لطفي بالقتل..وبعد أن طمأنه بأن لاأحداً سيكتشف الأمر..كما أنه وعده بمكافأة مجزية, في حالة حصوله على تعويض شركة التأمين.
ثم سأل مصعب:
 والخالة فوزية,,ألم تستجوبوها,وتأخذوا منها المعلومات التي حصلت عليها؟.
ضحك النقيب ياسر قائلاً:
 لا..فالمعلومات التي حصلنا عليها..واللقاء الذي دار بين الدكتور لطفي وسائقه مسجّلة عندنا بالتفصيل.في حين لاتملك الخالة فوزية سوى بعض العبارات التي استطاعت أن تلتقطها من نهاية اللفاء.
سألت محبة عمّها ياسر عن ردّة الفعل التي أبداها الدكتور ياسر عندما داهمته الشرطة, وألقت القبض عليه..فابتسم العمّ وأجاب:
 الشعور بالندم طبعاً..أكثر المجرمين هكذا..لايعرفون التوبة إلا عندما يقعون في المحن..كان يردّد من بين القضبان ويقول: ((لقد أغراني الشيطان، وحبّ المال، وجعلني أنسى كل شيء،وصرت لا أفرق بين الحرام والحلال، بين الحقّ والباطل)).. واعترف أيضا أنه لابدّ أن ينال مايستحقه من العقاب.
ابتسم مصعب وهو ييستعرض الوجوه المبتسمة من حوله قائلاً:
 الحمد لله.. لقد ظهرت الحقيقة وهي تتوّج ما قمنابه من عمل...
وقالت زينب:
 ولكل بداية نهاية..وهذه هي نهاية مغامرتنا...
* * * ((تمت))


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى