السبت ٢٠ آذار (مارس) ٢٠٠٤

طريٌ معولُ الفلسطيني ـ القسم الأول

والإهداء وقصائد أخرى

الإهداء

إليهما معا؛

إلى محمد حسين جابر أبي

إلى مليحة سلامة أبو عقيل أمي

اللذين ارتحلا دون أن أراهما ليهيئا لي قبرا جميلا هناك !

أحسِنْ إلى الحمامةِ القتيلة

أفسَدَ اللاعبونُ اللعبة

إذ أصغوا إلى صفارة الحَكَمْ.

بينا نهرُ جسدي يَدْفُقُ في حقلِ الألم

خلعت السماءَ زرقتُها

انقصف ظهْرُ الرعد

لكنَّ الضفادعَ تدثَّرت بأردية العفة.

أقلعتُ عن شرب المرارة

فوجدتها في حلقي .

أحسِنْ إلى الحمامة القتيلة

أحسِن إلى الولد المذبوح

هيئْ لهما مسلخاً حنونا

وكفناً أسودَ واسعاً .

حُلمُُ غريبُُ فاجأ الراعي

أدرك الذئبُ ؛

أنّ الخيانة بنتُ الليل.

جئتُ متأَخراً عن زمني

جئت مبكرا إلى زمني

جئت ولم أجيءْ

فمن يسمع صرختي في واد غير ذي جبلين ؟

أسلخُ من جسدي قطعةَ لحم

أكتبُ عليها إلى فان كوخ

أذني من خطيئة

وأذناك من طين .

ليس للماء حيلةٌ

سوى التشكل في الإبريق.

ياسمين

ليتني قبَّلت جيدها

ليتني طوقتُ خصرَها

ليتني قطفت زيتونها ورويت غرقدها

كانت تعد العدةَ للموت شبقا

وأنا من ضيَّع شهوة النهر

حين تلعثم .

أغراني الهدوء بالأبيض !

استسلم الليل

فأحرقته الشمسُ وقوداً للضحى .

كنْ

كائنا من قطن أو حليب

الأبيضُ نقيضُ الأَبيض .

في داخلِ الصومعةِ راهبٌ حائرٌ

لم يجد قبراً للشهوة

أو جسداً للعظة

فبكى عليه الصليب .

تَأَمَّلَ الفضاء

جثا عند أقدامِ خالقه

فبكى الاثنان .

أيكم أكثرُ بياضاً مني ؟

أنا أَرقُّ من الورق

وأبيضُ من البياض
,
أيكم أكثر جمالا مني؟

أنا أجملُ من مذبحة

وأبهى من دم مغدور.

أعرفُ أني حفرتُ قبرَكِ قبل

أنْ تموتي

وكتبت على شاهدة القبر ؛

هنا سترقدُ حبيبتي

هنا سترقد آخرُ المَلِكات الفرعونيات

هنا سترقد الخائنة ,

بلا أكاليل أو مخبرين !

بدأ الخلقُ من أزيز نحلة

وصارت الشمس من عبث أَرملة.

لا أقطعُ رأسَ الأفعى

فسُمُّها ليس مكنوزا لقتلي !

غرابُ الصديق

حمامةٌ بيضاءُ

فوقَ سرو العدو !

أُضيفُ شيئا للبرق

لم يكن عادلا وهو يشعُّ

لم يكن طيبا وهو يتمطى

أضيف صوتي للرعد

لم يكن مُزلْزلا وهو يقصف

لم يكن مُدمراً وهو يدوي

أضيفُ قليلاً للكون

قليلاً من ندى اُمي

وَحُنوِّ يديها .

الشمسُ تخجل

حين يطلع ابن المخيمِ عاريا

من رحم زقاق ميت

البيت يتناثر بين يدي الساحرة العجوز

يرفع رأسَه الجنين

لطرد ذباب الرذيلة.

كيف أَحْرَقْته يَتُها النار

قبل أن يرى النور؟

إبكِ

ليس مفروضا في الجبل أن يظل عاليا.

أتيتُ دجلةَ من بابه الواسع

رَكَلتُ الشاطئَ

نفضتُ خيمةَ الرمل

لقَّحتُ النخل

تفسخت الأرض

مادَتِ الجسور

أضاءت وجهَ النهارِ السماء

حملني زورق ٌ يتيم

انكسر المجداف

سقطَ النهرُ في جُبَّتي

فاستراح الماء في غيبوبة الحلاج!

الأصنامُ

ليست بريئةً من طقوس المريدين

الأصنام لا تعشقُ من يعبدها

ولا تكرهُ من يُريق لها القرابين .

ليس بيني وبين الناس سواي .

حُجَّتي لغتي

لغتي منفاي,

حجتي كلماتي

كلماتي مرةْ ,

مُرةٌ قهوتي

قهوتي بيضاء ,

مَزَّةٌ خمرتي

عنبي مسروق.
*
حفيف الخريف

كسَّر قلبي .

ذَبُلت شجرة المشمش

ذبُلت أشجار الدار

الدار التي لم أبْنها بعد

في بلدتي البعيدة .

قبري واسع

واسع أيها الأنقياء

احملوا أكفانكم

ولا تَتبعوني.

ملَّتي الطين

سواسية كلمات المقتول

بريد الغيمة

طابعُ برقٍ

تحت إبهام الريح .

بئسَ طبيعةٌ

لاتعرفُ دورانَ الروح في جسد الشجرة

بئس صحبةٌ

لا تحمل الصديق للمقبرة

بئس عداوةٌ

لا تفضّ بكارة الحدود ,

بئس بلاد

لا تكره أنبياءها .

أَربِطُ يدي بخيط النور

أمدُّ جسدي فوق ذرى الوهم

أبسطُ ذراعي للصاحب

بينا السكينُ في يد القَصَّاب.

حمراءُ

حمراءْ

يدُ القاتل

حمراء

حمراء

يد المقتول.

إصعدْ

أنت الوحيد من يصعدُ أعالي الخديعة

إصعد

ليس صعبا أن ترفع السماء

بباطن كفك

أيُّها الوثني الجميل .

نأيتُ

وتركتُ ظِلّي

على باب من أهوى.

لم يكن قميصي الذي قدَّ

كنت عاريا لما نُسجت الحكاية .

عفوا أيها الجبل

إبقَ حيث أنت

ليست لدي رغبة لوطئك .

سلاما أيها السحاب

لم يبق للريح ملاذٌ سواك.

16-11-2002عمان

طريُُ معولُ الفلسطيني !!

لا تبني العصافيرُ أعشاشَها فوق سرو المخيم ؛

في أدراج الثلاجات

في توابيت الشهداء

متسعٌ للطيور .

في لعبة الشطرنج
لا يموت الملك

من حصار جنديٍ وحيدٍ

وفيل !

كمن يدير وجهه

بعيدا عن شعاع الشمس

يرتعش اسم فلسطين !

ليس للباب وظيفة أخرى

حين تخلعه الجرافات

يدخلُ العرسان

حتى بدون ستائر أو أطفال يتلصصون

كل شئ صار واضحا

حتى دمنا الأحمر .

كمن يدفن جثة ابنه الشهيد

سقط القلب في عويل المجزرة؛

تشجّع المشيعون

لكن السماء

ظلَّت صامتةً ,

تكذب السماء

حين يتعلق الأمر بمصير الفراش .

جفنُ الزيتون ينتفض

يسيلُ لعابُ الطين

حنينُ الشجر

الحنينُ لشىء لن يأتي

لدولةٍ لم تجئْ

لفراشةٍ أحرَقَها النور

تطيرُ سبعُ حمامات من شباك القلب

تطير تسعة عصافير

وتنبني شواهد جديدة

استحمتْ امرأةٌ في دَمِ عاشقها

وحين أفاقت من نهار ميت

أخفته ليلةً أخرى

تأملتْ وجهَ حبيبها ؛

ليس لي وطنٌ بعدَكَ يا حبيبي

ليس لي حيلة لطرد الغزاة

البنتُ البكر

كدت أقول

دمَها البكرَ

كدت أقول

رحمها البكر

كدت أقول

لم تعدْ عذراء جوار المجزرة !

يابسٌ شجر الجنة

وطريٌّ معولُ الفلسطيني

يابس شجر الحرية

وطريٌ إصبعُ الجريح

طريٌ ,

لا يقوى على تحمل الضماد

لا يقوى على تحمل الفراغ

لم يعد للجريح يد أو ذراع

طريٌ مبضع الحرية

أربعة وخمسون صيفاً لا تكفي كي تجف دموعُ الجليل

خمس وثلاثون سنةً لا تكفي كي تخلع الضفةُ نعشَها العبري

لا تكفي سنوات مئةٌ وأكثر

كي نُعلِّق بابَ البيت خرقةً بالية

نؤدي لها التحية

كما يفعل كل المجانين

لم تساعدني الثعالب

لأفضَّ بكارةَ البلاد

وأشتم شمسها وغيمها

وألعن طينها

لم تترفق بي القصيدة

كي أكره ألوانَ العلم

لم تتصيدْ مرارتي القبرات

لأشقَّ صدرَ الياسمين

وأذرفَ دمعتين

على قبر الزهور .

الواثق من جيشه

الواثق من مستوطنيه

الواثق من سيوف إخوة الدين

الواثق من رداءة الطقس

الواثق من خساراتي ,

أحيا لدي شعلةً جديدة

أشعلتُ إبريقَ الزيت

لم يكن ضوءُ الإبريق

الضوء جاء من أصابع إيمان حجّو

بلاطةً

إثرَ بلاطة

يصير ساحةً واسعة

هذا قلبي

مرصوصٌ بالمخيمات

مرصوفٌ ببلاط أحمر

جنين,

لم تُجن الحافلات بعد

جُنَّت القابلة

فجاء طفل يرتعش مثل حزام ناسف .

بيت جالا

تعافى البيت و جالا

تعالى الرب

وقالا :

جسدي مليء بالطلقات

أموت

وتنخلع (جيلو) [1]

(كريات أربع) [2]

لو بنيت الحجارة فوق جسدي

لاحتملتها

لو شُقَّت الشوارع في صدري

لحمدت الله

حيث كان إبراهيم ضيفا

يقدُّ جلدَ العجل الخليلي

يذرع باب (عين سارة ) [3]

….حيث الآن

ينهمر رصاص كثيف فوق زهرة غضة !

ليست غزة

النقطة زائدةٌ فوق الحرف الأول

ليست مخيما ومدينة

إنها شجرٌ عاري الصدر

لن يهزمه أولاد يشربون (العسيس) [4]

ويتلذذون بمعلبات (اتنوبا ) [5]

ودم اللاجئين .

(سورعلى قميص الشهيد

غابة زيتون فوق صدره

خارطةٌ تبدأ من رأس الناقورة

حتى مصبِّ دمِه الفوّاح )

هكذا يدرس طلاب خان يونس كتابَ الجغرافيا

نكذب لو قلنا نحب فلسطين

أكثر من طفل سيولد بعد خمسين عاما

بعد تسعين سنة قادمة

بعد ألف وقرنين قادمين

نكذب لو قلنا نحب رام الله

أكثر من شظايا أبي علي مصطفى

نكذب لو بزغت علينا شمسُ نهارٍ جديد

ولم نعترفْ أن طوبَ الدهيشة

مجبولٌ بدم شفيف

أبهى من سماء الله .

لا تبني العصافير أعشاشها فوق سرو المخيم

ليسَ للمخيم سروٌ أو عصافير

ليس للطيور أجنحة

ولم تعدْ تطير ,

طِرْ يا ترابَ ا لمخيم

كن شجراً عاليا وأحراشا

كن هواءً للمحاصَرين

ملاذاً للاجئين

وللطيور أعشاشا

كن لعبةً للغيوم

شرفةً للنجوم

منجلاً مرجلاً أو رشاشا

كن قبرا لائقا في طولكرم

زيتونة في طوباس

معسكرا في بيت حانون

وشرشفاً من حماس

بلُّورُ

على الصدر

طاقةُ خيرٍ

فوق رأس الجدة

الزغاريد

لا تهبُّ من حلق أمٍ تودَّع قلبَها للذهاب الأخير

غربانٌ تحومُ حولَ شرفةِ البيت

نهارُُ مثقلُُ بالفجيعة

يدفع نهارا متعبا .

القطا يرفرف في سماء نابلس

القطا

لا يعير اهتماما لطائرات الاباتشي

إذ تقصفُ أجساد المساجين

واحدٌ منهم لا تصيبه الصواريخ

ليس لأن القطا

خبأه أو أخفاه

القطا لا يعرف سبب القصف

أدرك بلا ذكاء

أن أحد المطلوبين [6] .

سيقتل في وقيعة أخرى,

فلم يحذر أحدا من طائرات الإف 16

هكذا دائما

لا يساهم القطا في معركة

لا يناصر أحدا ضد أحد

لكنه دائما

يرفرف في سماء نابلس .

طوبى لعائلة الخيانة

على ماء بنيتُ قبري

ومن قطراتٍ

كان كفني

سريري الحوت

ومن ثلجي أَتَحلَّل .

غصنُ الهوان لاحَ في عمري

عمري عشب أسود

اصفر من قلة الحناء .

طوبى لمن يأكلُ طعام الغريب

أو يسرقُ زادَ الآلهة

طوبى لمن يذوقُ تفاح الملكة

طوبى لمن يبيع اليقين

ويشتري خمرَ الفراق !

لم أكنْ بَراً بهما

كنت عبدَهما الرضيّ.

الجنازاتُ لا تعنيني

لم أمشِ فيها ولم أرفعْ نعوشا

المرفوعون أهلي

لا يدان لي أو أكتاف

لا أقدام أو قامة

ولم أكن هناك

لأعين الريح على رفعها!

تمشي الجنازة للجنازة

يتضاحك النعشان

خسارتي فادحة

لم أسمع هسيس الميتين !

كبيرة خيانة الآلهة

كبيرة بلا ليل أو بكائين

بلا عسس أو خطايا !

الإله بعْثَرني

جمعتُ أشلائي

صحتُ في الجبال

نفخت في البوق

لم تتحرك قطعٌ أو أطراف

لم تَدّاع أعضائي

خانتني الأسطورة !

طوبى لمن يرزحُ تحت الحِراب

طوبى لعائلة الخيانة !

بلا قضاة أو شهود

علّقوا كلماتي على حبل الإعدام.

أذهبُ قبل غيري للخديعة

الغمامة ظلّ ملاكٍ غامض

تأخذ الطيبين إلى شِفار الأسى

أتون الندم

المطر ندى العاشقات

إذ تسيل اللذة

من لُعاب السماء

تصير السقوفُ ستائرَ للعراء

النهرُ خيطُ رصاص

يطعنُ المحيطَ بمائه العَذْب

بأَسماكِه العذرية

التلاميذُ كواكبُ تَؤوبُ من عزلة الفضاء

الكونُ كرةٌ تدور على طاولة الصف

القارات تتهيأ للركل ,

*

الشمسُ وجهُ راما ,

راما التي تركها الله أرملةً بلا مسيح !!

*

الحلالُ رضيعٌ مقطوعُ السُرَّة

يتيم الأبوين

ملقىً في مهد الحسرة !

*

الخير يمشي بعكازته المكسورة

الصلاح نعامة تدفن حكمتها في الشر ؛

عبث !!

*

في مقديشو

قَطعوا رجلَ الغريب

اكتوى بحرقة العدم

حمَلَ قدمه الوحيدة

لم يسخط على البحر

لم يلعن الحيتان وسمك القرش

لم يشتم أحدا

تحسر غدا

حين يعود الى مصر بلا قدمين

لن يقفز أمام الغزالات

في ساحة التحرير

لن يركض مثل ذئب طليق فوق رصيف القاهرة

لن يحمل قرن السماء ؛

لن يهز حافة الهرم

لن يوقف مجرى النيل بركلة واحدة؟؟

حزين أكثر من نهر جف

من حصان كسير

إذ يعود إلى بلاد

يقتضي العيش فيها أكثر من قدمين !

*

هذا ما يحدث الآن لرجل آخر

رجل يربطني به خيط وهم

لا يعلم الأول عن الثاني

لا يعرف الثاني عن الأول

لم يسمع أحدٌ بأحد

أنا الذي تشرب دمع البحر مرتين !

*

ليس لهم طريقة لرد الأذى

لهم مصلحة في سحق الوردة !

في منتصف الطريق ,

بنوا ملهى يطلُّ على منتصف العمر

وعمر الشك

وعمر التلعثم ,

ما أجملَ النزوات قبلَ سنواتِ الحكمة

ما أجمل الحكمة تطير بجناح واحد

فتسقط قرب ماخور البغاء !

أَذهبُ قبلَ غيري للخديعة

ليس مكرا

أو حُسْنَ تَدَبِّر

الخديعةُ تطرقُ البابَ

لكنها تدخل من بين الأصابع!

الحسرة مرة

لكنها تكبر أحيانا

لتصير شعبا كاملا برئيس وحرس !

ستختفي الفجيعة

ليس من بيت أمي وأمِّك

ليس من صدري وصدرك

ستختفي

من المقبرة

لتنام فوق العتبة !

معاملات سيئة

عاملوني بمحبة

عاملوني بما يليق بأمير خائن !

كَرَّست أصابعي لشفاه الغيب

وفمي لتقبيل العاصفة !

قابعٌ وراءَ الغيوم

مهملٌ ليست له وظيفة

كان يفتش عن خفقة طين أو قبضة نور

كان يبحث عن إلهة غائبة

فاكتشفها تبيع وردة الرغبة

في مدائن الحريق !

أَبيعُ هواي فمن يشتري ؟؟

أبيع قلبي بلا ثمن

بخُسَ العرض وما من زوبعة؟

أراقص الأشباح

أَقتفي أَثر الجنيات

أراوغ المصيبة

فترتمي في حضني ذئبة الحظ !

عمان- 2002

شجر الحنين

ولدتُ قبل اشتعال الضوء أو تأتأة الغيم
طرت سريعا نحو الأشجار عاليا نحو السماوات عانقت النار ضاجعت الريح
صاهرت الندى عَلَّمني النايُ سرَّ النبيذ أعطتني الأغصان سرير العاصفة اختبأتُ في
ملاءة البحر خلعتُ قميص العاطفة و حين رأيت الناس, يكتبون على صفحة الماء, _ أسماءَ أصدقائهم وجدتُ على خدي آثارَ صفعة
رقصتْ الكلابُ على نافذتي
العشُّ الذي دلَّتني عليه السنونو كان معسكرا للغربان
الصيف يعشق أصوات الصِبية؛
كنا نزهو تحت شجر الحنين
غير أن الحارس اللعين شدَّ الغصن فانكسر قلب القروي

رَجْعُ موسيقى بعيد
رائحة شعبٍ يحترق
خبطُ أجنحة ٍ
حفيفُ ملائكةٍ
خفقُ قلوعٍ وهبوبُ نشيد
نشيج هضاب منسية …

هَوَتْ أصواتنا في الغدير
البناتُ اللواتي كن يَلْهون معنا
كبرنَ سريعا
تساقط التوت عن أفخاذهن
كبرت صدورهن
تثنت قاماتهن
انتفخت بطونهن
ثم ولدن أطفالا لا يشبهوننا
صرنا آباء
تخطّى بعضنا اللعبة ؛
وقورا , يَبحث لأحفاده عن زوجات صالحات ,

آكلاتُ العنب الذي لم يعتق بعد
يذهبن بسرعة إلى الغد
الغيابُ مبعثُ خزي العمر
حين يطير كالجندب أيّام الحصاد تطير بنا الحكمة المقيتة ,
الآتون يلتهمون الأواني والنهار
تضحي الخليقة أشبهَ بالعَماء ,
لا رعدَ يلحقُ برقا
لا ريحَ تدفع غيما
لا أرضَ تسند نايا أو حكاية
النارُ تلتهمُ الأساطير
الصبايا , لم يعدن كما نتوهم
بتن في غرف الضباط
صرن زوجاتٍ صاغرات ,
حبيباتُنا
تركن لنا الماضي وتزوجن السياط,

لمن نُوَرِّثُ مصائبنا
وماءَنا المقدس ؟
لمن نمنح خسارتنا
وريحَنا المرتبك ؟؟

بلادنا صالة قمار
قاعة ترانزيت
غرفة نوم للغريب
البيارات التي تركها أجدادُنا هرمت
قصَّ أشجارَها ورثةُ (الكرنكيمت )
المفاتيح التي يحملها الأجداد صدئت
تهتكت أبوابها
الجدات سكَنَّ الغيوم الأزلية
تناست القرويات صواني القش
إبرَ التطريز ,مغازلَ الصوف ,مراوِدَ الكحل
أغاني الحصاد ,مواويلَ العاشقين
تلاشت ثرثرة الحارات, نميمة الجارات
سقطت أسطحُ المنازل
تَهَدَّمت تلك البيوت ؟؟
[ من يُصدِّقُ أن ظلَّت على الأرض بيوت !]

الخليقة امَّحت عن المشهد
لا يكفي شجر الصبر دليلا على جنة الراحلين
حيث يلوح الغرباء بمحارم العريس
وتلبسُ المومساتُ زيَّ الأُمَّهات !!

الناسُ تولوا خائفين
أزيز الطائرات رجّ سطوة الأكاذيب ,
الخوفُ تجوَّل في الأزقة
العيون إلى السماء
العقاربُ وجدتْ فرصةً للتنزه
الشاحناتُ أنقذتْ سمعتنا
حملتْ البكارى خارجَ الحدود
البساتين ذبلت
الحجارة أخفت وجهها
الطين بكى
الماضي أقام مأتماً للحاضر
المستقبل
أقعى مثل كلب الندم

هَيِّنا أمْرُك ,لا تنتفض
مأْسورُ كربلاءاتٍ وحسرة
استَجْدِ الدموع
يا للبكاء
نبعُ الراحة والفرج
سبيلُ المهزومين إلى الشفقة
أُعذق بيديك النهار, اقتلعْ شوكَ العار
_ أنبذْ دُخانَ العواصم والقرى ,
امتعضْ حين يشاءون
امتعض حين يمتعضون
امتعض كما تتطلب الجنازات والخاسرون .

انجلت هيئةُ الغمر
رَكَعَتْ زرافة الرياء , طار حمام الرجاء
توافد المهزومون

فالسلام عليكم
والسلام علينا والوداع يا قلاع الروح
حين تفقد الغانيات الراغبين في المتعة ,
_ الزنابق تصير سياجا للعفة
السلام علينا , السلام على الأعداء
فهم سلسبيل المحنة والعافية
دليلُ الله إلى عباده التائهين ؛
السلامُ إذن على عباد الله التائهين
اللاجئين إلى رحمته
النازحين من خيمته
المنبوذين المطرودين من جنانه
والسلام على العدو المطمئن والمستريح .

6-10-2000

والإهداء وقصائد أخرى

[1مستوطنة صهيونية قرب بيت لحم

[2كريات أربع : مستوطنة صهيونية قرب

[3حارة في مدينة الخليل

[4العسيس :عصير باللغة العبرية

[5اتنوبا: ألبان إسرائيلية

[6إشارة إلى الشهيد محمود أبو هنود


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى