(إلى أبي/ الشِّعر، رحمه الله) (1)
| يا طائرَ الشِّعرِ، قُلْ لِيْ: كيفَ أَرْثِــــيْـــهِ؟ |
هذا الذي طَــيْرُ شِـــــــــعْـــرِيْ مِنْ مَعانِيْهِ! |
| مُحَلِّقًا في سَمـاءِ الحـَرْفِ مُنْطَلِقًــــــــــــــــا |
في مـا وَرَاءَ اندهاشاتـــــيْ وتَشْبِيْهِــــــــــــــيْ |
| أَرَى الكَلامَ كَلِيْلاً في مَـدَى شَفَــــــــــــــــتِيْ |
مِنْ أَوَّلِ البَثِّ حتَّى شُــــــــقْرَةِ التِّـيْـــــــــــــــهِ |
| أُعِــيْـذُ فِيْــكَ بَـيَـــــــــانِـيْ مِــــنْ تَلَعْــثُــمـــــــِــهِ |
وقَــدْ يَــهــــــلُّ بَـيـــــــانٌ فــي تَـــأبِّـــيـْــــــــــــهِ! |
| يا طائرَ الشِّعرِ، لِـــيْ بَيْـــــــــتٌ بِرَابِيَـــــــــــــــــةٍ |
آلَـيْـــــــــتُ فَوْقَ رِيَــــــــــــــــاحِ الرُّوْحِ أَبْـنِيْــــــهِ |
| يُعِيْـــــدُ لِيْ نــــــــاهدَ النَّايــــــــاتِ في دَمِـــــــــهِ |
تُعِــيْدُ بـيْ صَفْـوَةَ السَّاعـــــــــاتِ في فِـيْـهِ |
| بَيْـــتٌ هُــوَ العُمْـــــــــرُ والأَيَّـــــــــــــامُ بَـارِجَـــــــةٌ |
تَرْسُـوْ وتُبْحِـــرُ يَطْــوِيْـهـــــــــا وتَطْــوِيْــــــــــــــهِ |
| سَـــافَرْتُ في رِئَـةِ الأحـلامِ يَلْبَسُــــــــــــــــنِيْ |
وَجْـهٌ مِنَ المـَـــاءِ يُظْمِيْـنِـــــــــيْ وأَسْقِـيْــــــــهِ |
| يَحْكِيْ فَتَشْرَقُ بي الدُّنـيا وتَمْلَـؤُنِــــــــــــــيْ |
نَشْوَى الرَّحِيْلِ إلى أَشْــــــــهَى "حَكَاوِيْهِ" |
| يَقُصُّ دَهْشَتَــــــــــــــــــــــهُ كالطِّفْـلِ يَجْذِبُهــــــــا |
مِــنَ الأســاطــــــــــــيرِ أَفْــلاكـــــًـا فَـــتَــأْتِــــــيـْــــــهِ |
| في عَــــــيْــنِــهِ أَعْــيُـنُ الأقمـــــــــــــــــارِ ســامِــرَةٌ |
لا تَرْتَــــــــوِيْ مِنْ لَمَــــــــى مـــــــا ظَلَّ يَرْوِيْـهِ |
| هُـوَ الحِكَـــايـَـــــةُ والــــــــرَّاوِيْ ومَسْـــرَحُـــــــــهُ |
في المَــــــــهْـدِ طِــــــــفْلُ خَـــــــــيَالٍ إذْ يُرَبِّـيْـهِ |
| جِيْلٌ مِنَ الكَلِمَـــاتِ البِكْــــــــرِ مُشْعَـلَـــــــــةٌ |
بمــــــــا يَــــــــلِـذُّ ومــــــــا يُغْــــــــوِيْ وما يُوْهِـيْ |
| صَحِبْــتُـهـا عُمُـــرًا بالعُـــــمْـــرِ يَتْـبَعُـهـــــــــــــا |
في كُــــــلِّ مَــوْجٍ مِنَ الأَطْــوَادِ تَجْرِيْـــــــــهِ |
| يـا نــاعِـــــيَ الفِكْرِ والتَّــاريـخِ: "وا أَبَــتِــيْ" |
مــــــــاذا تَرَكْـــــــــتَ على الدُّنيــــا لنَاعِـيْـــــهِ؟! |
| إنَّ الذي نَعَتِ الأَنْبَــــــــاءُ ليــــــــس أَبِـــــــــيْ |
بـل أُمَّـــتِــــــــيْ أُمَّــــــــــةُ الآبـــــاءِ تَبْكِــــــــــيْــــــــــهِ |
| يَبْكِيْهِ مُصْحَفُــــــهُ والمَسْجِدُ الـــْ عَبَقَــتْ |
فــــــــي مَشْــــــــرِقَـــيْـهِ ابْتِهَـــــــــالاتٌ لِـــبَارِيْـــــــهِ |
| يَبْكِيْهِ "مَعْشَمُ"(2) والعُشْبُ الذي رَشَفَتْ |
مـــــاءَ السَّمَـــاءِ تَسَــــــــــــــــــابِــيْــحًـــا أَسَامِـــيْـهِ |
| يَبْكِيْهِ نَجْمُ الثَّرَى والأُفْقِ، كَمْ عَشِقَـــــــا |
فِيْهِ السَّحَــــــابَ الذي بالحُبِّ يُجْرِيْــــهِ! |
| يَبْكِـــيْـــــهِ جُـــرْحٌ على الأَيَّــــــــــــامِ مُنْدَمِـلٌ |
كَـــــفُّ "المُجَنِّـيْ"(3) بِكَـفِّ اللهِ تَشْفِيْـهِ! |
| يا طائرَ الشِّعْرِ، قُلْ لِيْ أينَ صَوْتُكَ في |
هذا المَسَاءِ مَسَــاءِ الصَّمْتِ تَسْرِيْــــــــهِ؟ |
| ما الشِّعْــــــــرُ والمَـوْتُ إلاَّ بـَـــــارِقٌ لَمَعَتْ |
مِــنْـــــــــهُ حَــيَـــــــــاةٌ بِمَـــــــــوْتٍ في تَرَاقِــيْـــــــــهِ |
| وأنتَ يا قَلْبُ تَمـْشِيْ فِيْهِمــا لَهُمـــــــــــــــــا |
مَشْيَ الكَسِيْرِ إلى بَوَّابَـــــــــــــــةِ الـتِّـيْــــــــــــــــهِ |
| كَمْ مِنْ هِـلالٍ وقَدْ أَمَّلْتــَـــــــــــــــــهُ قَمَـــــــــــــرًا |
حَــــــــــــــــطَّ الغُـــــــــرابُ على أُوْلَى قَوافِيْـهِ! |
| وكَمْ كَرِهْــتَ مِنَ الدُّنــــــــيـــا دَنــاءتَهــــــــــــــــــا |
فَشاقَــــــــــــــــكَ النَّجْمُ تَـيَّـاهًـا على الـتِّــيْـهِ! |
| هِيَ الحيـاةُ؛ فـلا مُسْتَقْـبَـــــــــــــلٌ بِغَـــــــــــــــــدٍ |
إلاَّ سَـيُـدْبِـــــــــــــــــرُ عَـــــــــنـّــا مِـنْ مـآتِــيْـــــــــــــــــهِ |
| والرُّوْحُ تَبْقَى وتَرْقَـى والبِلَـــــــى قَــــــــــــــــدَرٌ |
فـــــلا تُـــبَــالِ بِجِــسْـمٍ لســـتَ تُـبْقِـيْــــــــــــــــــهِ |
| كُــلُّ الأُلَــى رَحَـلُــــــوا لم يَرْحَـلُــوا أبَـدًا |
ما عــــــــــــــــاشَ بَرْقُهُمُ في الرُّوْحِ يُشْجِـيْهِ |
|
| مــــا الحُـــزْنُ أنَّــــتُــكَ الأُولَى ولاعِجُـهـــــــــا |
الحُـــزْنُ مـــــــــــــــا آلَ كَـهْـفَ اللَّيْلِ تَـــأْوِيْــهِ |
| يُصْلِـــــيْ فُـــــــــؤادَكَ مـــــِنْ وارِيْ مَواجِعِـــــــهِ |
مـا رَفَّ طَــيْــــــــــــــــفٌ بذِكْـــــــرَى في لَيالِـيْهِ |
| يا مَنْ رَحَـلْتَ، مَتَى اللُّقْيَــــــــــــا؟ وأينَ لنـا |
حتَّى القِيامَــــــــــــــــةِ مِــنْ صَـبْرٍ فَـنَشْرِيْـــهِ؟! |
| إنِّيْ عَرَفْــتُ حَيـاتـــيْ فِيْكَ، مِنْكَ، فَهَـلْ |
لِــــيْ في الحَياةِ انْتِماءٌ لَسْتَ لِيْ فِيْهِ؟! |
| مَنْ ذا يُصَـــــــــــدِّقُ أنْ قَدْ تَنْطَـــــــفِـيْ أَبَـدًا |
شَمْسٌ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ في القَلْبِ تُحْيِيْهِ؟! |
| مَنْ ذا يُصَــــــــــــــــدِّقُ أنْ قَدْ يَرْتَمِيْ شُهُـبًا |
تاريخُـنــــــا وكَـــأَنْ لا شَـــيْءَ نَـعــــــــــــنـِــيْـــهِ؟! |
| مَنْ ذا يُصَــــــــــــــــدِّقُ إِسْدالَ السِّتارِ كَذا |
والعَــرْضُ مـــا زال يُغْـــــــــــــــرِيْـنـــا بِتالِـــيْـهِ؟! |
| مـا أَقْــرَبَ المـَوْتَ! لَــــوْ كُـــنَّـا نَـراهُ، لَـمــا |
كُـــــــنَّا، ولكنَّ وَجْــــــــــــــــــهَ اللهِ يُنْـئِــــــــــــــــيْهِ! |
| ما يَمْلِكُ الشِّعْــــــــــــــــرُ أَنْ يُرْوِيْ غَياهِـبَنا |
بِــالنُّــوْرِ لــولا لُــبـانــــــــــاتٌ بِــشـــــــــــــــــادِيْـــــــهِ |
| هَلْ يَمْلِكُ الشِّعْرُ تَرْتِــــــــــيْقَ الوُجُــوْدِ إذا |
ما انـهـارَ فِـيْـنـا وأَعْـيَـتْـــنـا مَراقِيْــــــــــــــــــــهِ؟! |
| بَلْ يَمْلِكُ الشِّعْرُ، باسْمِ الشِّعْرِ، أَوْبَتَـنا |
فـي الخالِدِيْــــــــــــــــــنَ ويُحْـيِــيْـنـا تَجَلِّـــيْــهِ! |
| الشِّـــــعْـــرُ شُرْفَـــتُــــــــــــــــــنا الزَّرْقــــاءُ تَعْزِفُــــــنا |
حُــــــــــــــــوْرِيَّــــــةٌ شَـرِبَـــتْ أَشْهَــى أَغـــانِــيْــــــــهِ |
| فيُزْهِرُ الصَّخْـرُ فِــيْــنــا مِــنْ مَعـــــــــــــــادِنِـــــــهِ |
ويَلْثَـــــــــــــــــغُ الطِّفْلُ فِيْـنا مِنْ دَوالِــيْـــــــــــــــــهِ |
| ونَسْــــتَــرِدُّ بِـــــــهِ وَجْـــــــــهَ الغِـــيـــــــــــــــــابِ إذا |
مــــــا الشِّعـــــــــــرُ عــادَ فَقَدْ عُــدْنا بِوادِيْــــهِ |
| في البَدْءِ كانَ، وفي خَـتْمِ الخِتامِ، وفي |
شُــرْيــــــــــانِ مـا يَنْــــــتَــقِـيْ مِـــنَّــا فيُــبْــقِــيْـــهِ |
| الشِّعرُ نحنُ، بِما نَعْنِيْ، وما رَسَـمَـــــــــتْ |
فِــيْـنا الحَضـــــــــــــــــارَةُ، يـَبـْنِــيْــنا فَنَبْـنِــــــــــــــيْهِ |
| وسَــــــــــــــــيِّـدُ الأُمَمِ الشِّعـــــــرُ الصَّبَاحُ، إذا |
ما مـــــاتَ، ماتَتْ وماتَتْ شَمْسُها فِيْـهِ! |
| ما الشِّعــــــــــــــــرُ غَيْرُ أَبِـيْ، أَبْكِيْـهِ مُنْطَفِـئـًا |
في سَــيْــفِ قاتِلِــهِ، والضَّــادُ تَبْكِــــــيْـــهِ؟! |
| ورُبَّمــــــــــا كَشَـــــــفَ المَعْنَـــــــى غُلالَــةَ مـــــــا |
في البُعْدِ مِنْ مَأْتَـمٍ للشِّعـــــــرِ نُخْــفِـيْـــــــــهِ |
| الشِّعــــــــــــــــرُ، يا أَبَتِ، ما عادَ خَيْمَتَنـــــــــــا |
ولا البُـــــــــــــــرَاقَ الذي لِلْغَيْـــــــــــــبِ نَرْمِـيْـهِ |
| بِيْ نَوْءُ ما حَمَلَتْ في الحَيِّ مُرْضِعَـــــــــةٌ |
ما أَنْجَبَتْ في الوَرَى طِفْلاً نُرَجِّيْــــــــــــــهِ! |
| عَمْــياءُ مُوْمِسَــــــــــــــــةٌ باعَتْ أَسَاوِرَهــــــــــــــــا |
والسُّــــــــــــــــوْقُ لُعْبَتُها لا شَيْءَ تُغْلِيْــــــــــــهِ |
| وَقَفْتُ في ثَدْيِــــــــــــــــها العاتِيْ بِمَوْجَتِـــــــــهِ |
أَسْتَقْرِئُ الفَجْــــــــــــــرَ مِنْ أَغْوَى دَياجِيْهِ |
| قالتْ: «فَتايَ هُنا؟».. وافْتَرَّ عارِضُهـا |
واجتــــــــــــاشَ بِيْ صَدْرُها واهتاجَ ساجِيْهِ |
| جِنِّيَّـــــــةٌ ثَمِلَـــــتْ لا شَــــــــــــدْوَ في دَمِهــــــا |
والشِّعـــــــرُ مِنْ فَمِها يَدْنُوْ فَتُقْصِيْــــــــــــــــهِ |
| كأنَّ في يَدِهــــــــــــا جَيْــــــــــــــــشًا برايَتِــــــــــــــــهِ |
حَبِيُّــــــــــــــــهُ في المَدَى كاللَّيْلِ يُطْفِـــــــــــــيْهِ |
| سَهِرْتُ أَرْقُبُ إذْ تَصْحُــــــــــوْ بغَيْمَتِــــــــــــــــهِ |
رِيْــــــــــــــــمٌ غَفَتْ وحَمَــــــــــــــــامٌ في مَحانِــيْهِ |
| رَمَــــــــــــــــى الجَزِيْرَةَ حَتَّى لم يَدَعْ شَرَفًـــــا، |
رِيْحًــــــــــــــــا ورَعْدًا وبَرْقًــــــــــــــــا حاقِدَ الفِيْهِ |
| حَتَّى إِذا لَم يَدَعْ لِيْ وَبْلُـــــــــــــــهُ أَمَــــــــــــــــلاً |
في مُسْتَكَــــــــــــــــنٍّ وراحَ اللَّيْلُ يَمْرِيْـــــــــــــــهِ |
| واسْتَبْشَرَتْ بِهِ في الصَّحْرَاءِ أَكْبُدُهـــــــــا |
والبَدْرُ في البِيْــــــــــــــــدِ والأَعْرَابُ تَشْوِيْـهِ |
| أَسْرَى نَجِيْعًا عَلَيْنَا حافِشًـــــا ضَرِمًــــــــــــــــا |
ما كَــــــــــــــــفَّ حَتَّى تَغَشَّى الأرضَ والِيْـــهِ |
| مِنْهُ تَخَثَّرَ فِيْ خُــــــــــضْرِ العُــــــــــــــــرُوْقِ دَمٌ |
وأَمْحَلَــــــــــــــــت أَعْيُنٌ نُجْـــلٌ تُناجِيْــــــــــــهِ! |
| فلا سَقَى اللهُ وَسْــــــــــــــــمًا ولْيُـــــــــــــهُ لَعِبَتْ |
في مَنْكِبِ الوَقْـــــــــــتِ بالقَتْلَى غَوَادِيْهِ! |
| يا أُمَّةَ الشِّعْرِ، ثُوْرِيْ نَخْلةً خُصِيَــــــــــــــتْ |
للشِّعــــــــــــــــرِ فِيْكِ بِتَغْرِيْـــــــــبٍ كتَأْلِيْــــــــــــــــهِ |
| قالُوا: «الحَداثةُ»، إذْ قاءَتْ حَناجِرُهُمْ |
مِلْءَ الصَّحائفِ مِنْ يافُــــــوْخِ مَعْتُــــــــــــــوْهِ |
| والغايَــــــــــــةُ.. الغايَةُ القُصْوَى حِصارُ فَمٍ |
مِــــــــــنْ أنْ يُغَــــــــــــــــنِّيْ غَدًا ما قَدْ يُعَنِّيْـــــهِ |
| كَيْ يَبْكَمَ الشَّعْبُ، يَمْشِيْ القَهْقَرَى قُدُمًا! |
ما جَــــــــــــــــدَّ فِيْهِ سِــــــــوَى ما الرَّبُّ يَبْغِيْهِ |
| للرَّبِّ أَرْبابُــــــــــــــهُ، حُمْــــــــــــــــرًا جَـــــــــلاوِزَةً، |
مِنْهــــــــــــــــا الطَّرِيْــــــفُ ومِنْها تالِدُ الشُّوْهِ! |
| كَيْ يَبْصُمَ المُمْتَطَى فِيْنَــــا بِجَبْهَتِــــــــــــــــهِ |
كَيْ يَرْتَعَ الذِّئْــــــــــــــــبُ والرَّاعِيْ يُغَنِّيْـــــهِ! |
| الشِّعــــــــــــــــرُ كارِثَــــــــــــــــةٌ كَوْنِيَّـــــــــــةٌ رُصِدَتْ |
مِنْ أَلْــــــــــــــــفِ كَــــــــــــــــوْنٍ بِتَدْجِيْنٍ وتَتْفِـيْهِ |
| يِغْتالُــــــــــــهُ لُقَطــــــــــــــــاءُ الأَوْصِيَــــــــــــــــاءِ لَقَدْ |
خاضُـــوا دِمـــــــــــــاهُ مِنَ الشَّحَّاذِ «لِلْبِيْهِ» |
| في خطَّةٍ رُسِمَتْ عِبْرِيَّــــــــــــــــةً عَبَـــــــــــــــرَتْ |
رَمْــــــــــــــــلَ المَوَامِيْ إليــــهِ في مَوَامِيْــــــــــــــــهِ |
| كَيْ يَسْحَلُوا شَهْقَـــــــــــــةَ التَّعْبِيْرِ في دَمِهِ |
لَــــــــــــــــمّا اسْتَحــــــــــــــــالَ عَلَيْهِمْ ما يُوارِيْــهِ |
| لَــــــــــــــــمَّا غَــــــــــــــــزَوْهُ وجاسُوا في مَناكِبِـــــهِ |
واسْتَمْــــــــــــــــرَؤُوا رَقْـــــــــــدَةَ الإبْداعِ تُخْزِيْهِ |
| عاثَتْ بِقَلْعَتِهِ العُظْمَـــــــــــــــى ثَعالِبُهُــــــــــــــــمْ |
مِــــــــــــــــنْ كُلِّ أَلْخَـنَ أو لَخْنَاءَ تَفْرِيْــــــــــــــــهِ |
| حَاكُوا بَسُوْسِيَّةً جَسَّــــــــــــــاسُ ناقَتُهــــــــــــــــا |
في كُلِّ عاصِمَــــــــــــــــةٍ شُــــــــــــــــبَّتْ تُطَفِّيْــــهِ |
| هَدُّوا مَعاقِلَـــــــــهُ الشَّــــــــــــــــمَّاءَ وانْتَثَــــــــــرُوا |
تَزْقُـــــوا دَواجِنُهُمْ طَــــــــــــــــوْرًا وتَعْوِيْــــــــــــــــهِ |
| هاجُوا بِأَنَّ نِثَـــــــارًا بَرْقَشُـــــــــــــوْهُ غَــــــــــــــــدَا |
شِعْرًا أَمِــــــــــــــــيْرًا؛ فلا فُضَّتْ مَثانِيْــــــــــــهِ! |
| فاسْتَنْشَقُوا نَقْعَهُ واسْتَنْــــثَرُوا وَحَــــــــــــــــلاً |
لم يُبْدِعُــــــــــــــــوا قَــــــــطُّ مِنْ بَيْتٍ فَنَرْوِيْهِ |
| وكَيْفَ يَبْنِي الذي قَدْ بَاضَ في فَمِـــــــــــهِ |
بُوْمُ الخَرابِ؟ ألا ثُلَّــــــــــــتْ مَبانِيْــــــــــــــــهِ! |
| يا أُمَّةَ الشِّعْرِ، عُوْدِيْ حُرَّةً خَرَجَـــــــــــــــتْ |
مِنْ جِلْدِها إذْ طَغَـــــــــتْ فِيْهِ أَفاعِــــــــــــــــيْهِ |
| الشِّعْرُ خارِطَةُ الإنسانِ لَوْ صَدَقَـــــــــــــــتْ |
أَهْمَى على كَتِفِ الجَــــــــــــــــوْزاءِ صافِـــــيْهِ |
| ها نحنُ سِرْنا الثَّمانِيْنَ العِجـــــــــــافَ فلا |
كالغَرْبِ صِرْنا ولا كالعُــــــرْبِ نَبْنِــــــــــــــــيْهِ |
| مُسْتَوْرِدِيْنَ وُجُوْهًا غَـــــــــــــيْرَ أَوْجُهِــــــــــــــــنا |
مُسْتَنْزِلِـــــــــــيْنَ سَــــــــــــــــمَاءً لا تُواتِيْــــــــــــــــهِ! |
| تُدَخِّنُ النَّوَوِيَّ المُنْتَـــــــــــــضَى، وبِأعـْــــــــــــــــ |
ــــــــــــــــقابِ السَّجــــــــــــــــائِرِ تَرْمِيْنا وتَرْمِيْهِ! |
| وفَجْـــــــــــأَةً.. رَقْمُ جَوَّالٍ أَضَاءَ: «أَبِيْ»؟ |
وَكِــــــــــــــــدْتُ أَطْلُبَ قَلْبًا كانَ لِيْ فِيْـــــــهِ! |
| واسْتَيْقَظَ الشِّعْرُ والذِّكْرَى بِقافِيَتــــــــــــــــِيْ |
وَرُحْتُ أَسْأَلُ عَنْ حالِــــــــــيْ وَأَلْحِيْــــــــــــــــهِ |
| يا قَلْبُ، وَيْحَكَ! هَلْ حَقًّا يُجاوِبُنِــــــــــيْ |
صَوْتٌ كَبَيْتٍ سَرَى للغَيْبِ سارِيْــــــــــــــهِ؟ |
| الرَّقْمُ نَبْضُكَ ما زالَ الخَفُـــــوْقَ بِنــــــــــــــــا |
يَبْلَى الجَدِيْــــــــــــــــدانِ، نَمْحُوْنَا ونُمْلِيْـــــهِ |
| فأنتَ أنتَ أنـــــــــا والــــــــــــــــرُّوْحُ وافِيَــــــــــــــــةٌ |
ولْيَغْــــــــــــــــدِرِ التُّرْبُ مَنْ بِالتِّبْرِ يَفْدِيْــــــهِ! |
| يا طائِرَ الشِّعْرِ، وافِ الخُلْدَ:قَصْرَ أَبِيْ |
واقْرأْ سَــــــــــــــــلامًا قُلُوْبُ النَّاسِ تُقْرِيْــــــــهِ |
| وقُلْ لَهُ: (أَحْمَدَ العَلْيــاءِ)، يا رَجُــــــــــــــــلاً |
عــــــــــــــــاشَ الأَبِيَّ جَــــــــــــــوادًا في تَأَبِّيْـــــــــهِ |
| طِبْ حَيْثُ أنتَ، لَقَدْ نِلْتَ الذي غَرَسَتْ |
كَفَّــــاكَ مِنْ فَرَحٍ، طِبْ في مَغَانِيْـــــــــــــهِ! |
(1) قصيدةٌ أُلقيت في الأمسية الشعرية المقامة ضمن المهرجان الشِّعري العربيّ الأوّل الذي نظّمه نادي الباحة الأدبي، مساء الأحد 20 شوّال 1432هـ الموافق 18 سبتمبر 2011م.
(2) مَعْشَم: اسم بيتنا في فَيْفاء. ولعل أصل الاسم: الأَعْشَم. ولكلّ منزلٍ هناك اسمٌ خاصٌّ، متوارثٌ قديمٌ، قد لا يُعرف معناه.
(3) كان يُلقَّب أحيانًا بـ"المُجَنِّي"، لاشتغاله مُقَدِّرَ شِجاج، تابعًا للمحكمة.