

ذكريات امرأة في حرب الإبادة على غزة
تقول المواطنة أم كندة 42 عاما :" أنا أم لطفلة عمرها 9 سنوات عشت حرب الإبادة على غزة وكنت دون عائلة ولا سند لا لي ولا لابنتي سوى بعض الأصدقاء الذين يشكلون جدار جميل يحميني سأبدأ يومي قبل التصعيد والتهديد باحتلال غزة في ظل مجاعة أذابت أجسادنا كان وزني زهاء ال75 الآن قرابة 50 كيلو أصبحت عظام بارزة لون بشرة شاحب من قلة التغذية كان أصعب شيء هو فقدان الدقيق وإن وجد أسعاره غالية وإن توفر مجانا فثمنه الموت بالقرب من موقع زكيم عند الاحتلال.
وتتابع المواطنة التي عاشت تجربة الحرب لنحو عامين: "ولأني امرأة ممنوع علي الذهاب هناك لأن أعتى الرجال لا يستطيعون الوصول في ظل الأعداد الهائلة من المحتاجين للطعام (زكيم ) بوابة الموت المجاني،كنت أبدأ يومي قبل أن تتسلل الشمس إلى موقد النار كي أستطيع تجهيز الخبز ثم أعود للبيت لاستكمال أعمالي التي باتت معقدة بسبب طبيعة المنزل لأنه تضرر بفعل القصف سقف البيت وقع واستبدلته بالشوادر البلاستيكية
وتضيف" أيضا بسبب شح المياه وملوحتها وعدم وجود براميل مياه لأنها تعطلت بسبب القصف والشظايا التي اخترقتها، أمضى يعض الوقت في قراءة روايات والتي في مجملها وجدت غزة فلسطين كنت أبتسم وأقول يا أيها الشعب العربي المكلوم المكتوب عليه ولا أسف ثم بعدها اجلس بالساعات منشغلة بالتفكير القاتل وحول ماهية مصيرنا أصلي العصر وأبدا معركة طعام الغذاء واختراع الأكلات التي جلها من العدس بالأرز العدس بالمعكرونة العدس بالفريكة.
وتكمل "ننهي الطعام وفي الغالب النكهة طبيعية دون بهارات وعندما يوجد الفلفل الأخضر تكون الوجبة في أفضل حالاتها بعد الانتهاء من تناول الطعام أذهب لجلب المياه الصالحة للشرب من مخيم يبعد عنا حوالي نصف كيلو وتقول:"أحمل ما لا طاقة لي به أكاد أصرخ أتحمل رغم عني مرت أشهر دون تناول الطماطم أو الخيار لا طعام سوى البقوليات ولا أي جهة تقدم الدعم بسبب إغلاق المعابر وأنا أيضا واجهت مشكلة في الحصول على المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بسبب بعد المسافة مرة ومرات بل في الغالب لاني لا أستطيع الوصول لمقدمي الخدمات الإنسانية للأسف من حقي العيش في مخيم ولكن لم اجد لي مكان فمن يعيش في المخيم مكفول ويحصل على امتيازات كثيرة على خلاف قاطني البيوت المدمرة
وتواصل "لقد نزحت سبع مرات قبل عودتى لغزة، وعندما ألقيت التحذيرات عبر أوراق تناثرت في سماء غزة انذرتنا بالخروج الفوري عشت أصعب أزمة كيف سأخرج وحدي مع ابنتي بقيت مثل المحكوم علينا بالموت في البيت و أخبار اقتراب الدبابات والرصاص العشوائي يتساقط في البيت كنا نلتصق بالحيطان لماذا حكم علينا بالموت لأن وسائل المواصلات مرتفعة الأسعار بشكل جنوني لا أقوى على الدفع وعندما وفرت بعض المال حدثت غارة هربنا من البيت بسبب الشظايا والغبار وحملت حقيبة الطوارئ وقررت الخروج حتى انتهاء القصف انا وابنتي ولكن بعد عدة أمتار عاد القصف مرة أخرى تناثرت الشظايا فوقنا فهربت للمسجد القريب مني جلست هناك ومن هول المشهد نسيت حقيبتي بكل الأوراق والمال فيها ولم أتذكر غيابها عني الا بعد يومين حينها شعرت بأني سافقد عقلي سرت في الشارع ابكي كالمجنونة أسال أستفسر لا مجيب انتهى كل شيء سنموت من الجوع والقصف
وتستكمل "اسبوع مر علقم ولكن أتى فرج من الله فقد قرر البعض نقل الناس أصحاب الحالات الصعبة على نفقتهم حدث ما لم أكن اتوقعه فقد أنزلنا السائق في مكان غير الذي سنأوي اليه وبتنا وأغراضنا في الشارع ليومين متتاليين سرقت بعض الأمتعة والطعام والاغطية وحالتي النفسية ازدادت سوء حتى اني اضطررت للنوم فوق اشيائي في الشارع مع ابنتي رغم التحذيرات من الناس بوجود جرذان ولسوء الحظ كانت هناك طائرة الكواد كابتر المرعب فوقنا غطيت وجهي انا وابنتي ونمنا بطريقة مؤلمة واستيقظت على الفجر وبقيت حتى اتصلت صديقتي واقترضت بعض المال منها كي أصل للمكان الذي سآوي إليه مع ابنتي أجزم أن الله عوضنا بأناس طيبين احتضنونا وجهزوا لنا الخيمة وتناولنا الطعام سويا وساعدونا على قد استطاعتهم الآن احاول لملمة نفسي حتى أستطيع العمل والحصول على المال كي اعيش مع ابنتي دون الحاجة لأحد"
كابوس لم نتوقع العيش داخله..
وعن بعض الصعوبات التي واجهتها تتحدث قائلة "لدينا في غزة صعوبة في الحصول على الوقود نتيجة لمنع الغاز وأصبح سعر الحطب والخشب مرتفع ، بالنسبة لي وجدت ملابسي وملابس ابنتي وغرفة النوم في حالة يرثى لها الخشب انتفخ من المطر وتعفنت الملابس كما تمزقت فأصبح كل هذا وقودي لطهي الطعام كنت أنظر للملابس قطعة قطعة وأتذكر اختياري لها بعناية فائقة اتذكر ثمنها، شكلها، المحل الذي اشتريته منه، ذكريات ملابس العيد ملابس المدرسة، والكتب كنت ابكي وانا أحرقها وأتمنى أن تنتهي الحرب كي نستطيع شراء الملابس لأن ما هو موجود رديء وغالي الثمن لذا فنحن نحافظ على ما لدينا من أثواب وهي قليلة اتذكر المكتب وسرير النوم وأنا أحرقهم لكي نسخن المياه كي نستحم، أكاد أجزم أن رائحة معطر الملابس والعطور كانت تفوح من الخشب وكذلك الملابس
وعن وضع الأطفال بغزة تصف قائلة "يعانون من الهزال والضعف العام هذا خلاف دورهم الجديد استبدلت المدرسة بطابور المياه العذبة. والوقوف على التكية لجلب الطعام لأسرهم هذا اذا استطاعوا فالكثير منهم عاد محروق بسبب التدافع بات الأطفال ، محرومون من طفولتهم، وأما حال كبار السن فقد أهينت كبرتهم، ورأيت العديد من هرب من بيته عاد إليه مريض أو على كرسي متحرك وضعهم صعب لانهم في حاجة لحفاضات كبار السن وطعام مغذي وأدوية"
وتصف حال النساء قائلة "أما النساء أخذت أدوار فوق أدوارهم منها إشعال النار وجلب المياه والتكية، والبحث عن المساعدات العديد من النساء قتل رجالهم أي أن دائرة العنف ضد المرأة اتسعت وتيتم أطفالهم وأصبحوا بلا معيل وأصبح الاحتلال شريك رئيس في اتساع هذه الدائرة.
الخيمة أشبه بتابوت الأموات
لنزوح كلمة قاسية لان ما يحدث هو قسري دون إرادة مني انا بالكاد حصلت في المرتين على خيمة المرة الأولى كانت خيمة أشبه بتابوت الأموات كلما دخلت إليها أنحني حتى أستطيع العمل بها يجب أن أجلس في الغالب، فهي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء وقد سقطت علي انا وابنتي مرتين وغرقنا من المطر الذي بلل طعامنا وملابسنا وقد لجئنا لخيمة صديقتي فوقعت من شدة الريح فوقنا فأصبحت أمتعتنا بين خيمتين كنت خائفة على فقدانهم لأني لا أستطيع تعويضهم نمنا في خيمة رجل عجوز كالقطط وثاني ليلة قضيناها مع ثلاث عائلات في خيمة وضع صعب موجع"
وتصف النزوح قائلة "هو اهدار للكرامة الإنسانية كما انك بتتعرفي على ثقافات وعادات غريبة عنك منها ما هو ملائم لك ومنها لاء اختلاط مريب مرعب وفي نفس الوقت لما تتعرفي على ناس طيبين بشوشين بيهونوا النزوح عليكم مثل الحجة ندى التي تشبه عمتى الحبيبة التي كانت بمثابة الأم والمرشدة والتي احتضنتني وهونت علي الكثير"
تستذكر نزوحها لمشفى الشفاء فنقول "رأينا العجب فيه حيث نقلنا من مرحلة البث الحي المباشر عبر التلفاز إلى المباشر أقصد كنا نرى المجازر عبر القنوات أصبحنا نرى الضحايا وخيمة الشهداء التي نصبت بدل الثلاجة لاكتظاظها كنا نرى الأحداث ونعيشها وكنا نرى الأحداث ونعيشها عالم آخر النزوح في الشفاء بين أروقة الأقسام حيث المصابين والشهداء والمكلومين اطفال وشيوخ ونساء نوعية الإصابات