الاثنين ١٩ شباط (فبراير) ٢٠٢٤

صمت ورحيل

محمد المبارك

دخلت غرفتها أخذت أجول بناظري أتلفت يميناً وشمالاً استنطق كل ما هو مركون في تلك الحجرة في زواياها، على رفوفها، على المنضدة.

كل شيء مبعثر على الأرض مشطها الذي كانت تسرح به شعرها ذلك الشعر المسدل إلى ركبتيها، على تسريحة غرفتها يقع نظري على أحمر الشفاه الذي طالما رأيتها وهو بين أناملها تدقدق به شفتيها الزهراوان، بجانبه الحزام الذي تشد به خصرها المهفهف غير المغاض النحيف اللطيف.

لا زالت الأشياء في الغرفة متناثرة ذلك الفستان الأخضر الذي يذكرني باخضرار قلبها ونقائه.

سريرها الذي تغط عليه بأحلامها الوردية ولتصحو فأقابلها بوجهها الصبوح الملائكي، كل ذلك ذكرني بأيامها التي تأبى أن تفارق ذاكرتي التي شاخت وعفى عليها الزمن إلا من ذكرها الذي لا زال وسيظل يراودني، بكيت وبكيت تساقطت الدموع بغزارة عندما رأيت رسالتي التي كتبتها لها منذ أشهر مباركاً تفوقها في تخصصها في ذلك المعهد الذي ضلت تصول وتجول فيه لأربع سنوات من عمرها القصير.

المكان يأسرني ففي كل مكان أتخيل صورتها، صوتها، شكلها، في البيت وفي الطريق وفي السيارة، في المعهد، في كل مكان...

كل هذا وأنا في صمت مطبق أجهش بالبكاء في داخلي يحدثني قلبي ويخاطبني الوجدان وتهمس الذاكرة بكل تفاصيل وجودها معي.

ونحن على أريكة النادي نحتسي القوة، ونحن على منصة التتويج، ونحن بين الرفاق، في كل حال أتذكركِ أشتاق إليكِ، حتى وإن مررتِ بطيفي ورأيتكِ في عالم المنام سأظل أشتاق إليكِ

أين أنتِ يا جمانة، أين أنتِ...

أين أنتِ وأنتِ تهمسين في أذني عن اللوعة عن الحب عن الوله وهمسك يدغدغ أذني يلامسها

أتذكر ذلك جيداً..

أتذكر عندما ذهبنا سوياً إلى البائع لنأكل الذرة والترمس نضحك نغادر المكان والأعين ترقبنا

نتوارى عن الأنظار خجلاً ..

ونحن في مخاض الذكريات في مخاض السعادة والابتسامة ترحلين دون سابق عهد يتجدد دون موعد دون لقاء..

أين أنتِ يا جمانة، أين أنتِ..

محمد المبارك

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى