
شعر محمد بن ابراهيم: قراءات ورؤى

نظم المختبر المتعدد التخصصات للبحث في الديداكتيك والتربية والتكوين بالمدرسة العليا للأساتذة –جامعة القاضي عياض مراكش- ومختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء،جامعة الحسن الثاني،، ندوة علمية وطنية في موضوع: شعر محمد بن ابراهيم: قراءات ورؤى، وذلك يوم لخميس 17 أبريل 2025 في الساعة العاشرة صباحا بالمدرج (1) بالمدرسة العليا للأساتذة بمراكش.
شارك في هذه الندوة العلمية ثلة من الأساتذة الباحثين، والذي تحقق فيه تبادل الأفكار والتداول والنقاش في قراءات شعر محمد بن ابراهيم، وتميز بموضوعات ومقالات متنوعة وغنية، وبحضور وازن ومتميز. وتم تقسيم الندوة إلى جلسة افتتاحية ومداخلة افتتاحية قدمها الأستاذ أحمد شوقي بنبين، وجلسة علمية ثم جلسة ختامية لتوقيع الشراكة وتوزيع الشواهد.
تناولت الكلمة، في الجلسة الافتتاحية، التي أدارها الأستاذ العربي الحضراوي، السيدة مديرة المدرسة العليا للأساتذة بمراكش، حيث حثت على قراءات في التجربة الشعرية المغربية وأشارت إلى أن هذه الندوة تسلط الضوء على رؤى التطوير الأدبي وتنصب على شاعر الحمراء محمد بن ابراهيم، وعلى ما اضطلع به الأستاذ أحمد اليبوري في قراءته النقدية لشعر هذا الشاعر. ثم تناول بعد ذلك الكلمة ممثل مختبر المتعدد التخصصات للبحث في الديداكتيك والتربية والتكوين، الأستاذ المصطفى أورهاي، متحدثا عن الشراكة بين المختبرين وأهمية ذلك في تعزيز التعاون العلمي في مجالات الاختصاص.
وفي كلمة مختبر السرديات والخطابات الثقافية، تحدث الأستاذ شعيب حليفي عن أحمد اليبوري باعتباره رائدا في الأدب المغربي الحديث وممسكا برؤى التنوير والحداثة، كما تلا رسالة الأستاذ للمشاركين.
في المداخلة الافتتاحية لهذه الندوة في موضوع «ما لا يعرفه الناس عن شاعر الحمراء»، تحدث الأستاذ أحمد شوقي بنبين، مدير الخزانة الملكية بالرباط، بإسهاب عن جوانب عديدة من شخصية الشاعر المراكشي محمد بن إبراهيم وإبداعه الشعري الغزير المتميز، مبينا أن طبع وإصدار الديوان ( روض الزيتون) أسهم في ظهور قراءات جيدة منها عمل الأستاذ أحمد اليبوري. وبعدها تطرق إلى التحدث عن ديوان الشاعر والذي حققه تحقيقا علميا، وما يتضمنه من القصائد الشعرية مثل الغزل والمدح، وأن مجموعة من القصائد نسبت إلى شاعر الحمراء وإلى غيره، كما أن الديوان يتضمن مجموعة كبيرة من أعلام مراكش وآسفي والرباط وسلا.

في الجلسة العلمية التي أشرف على تسييرها الأستاذ مولاي مامون المريني من كلية اللغة العربية بمراكش، افتتح الجلسة متحدثا عن أهمية هذا اللقاء وضرورته بالنسبة للذاكرة والمستقبل، متوقفا عند دور الدراسات في تفعيل الأسئلة الأساسية لثقافتنا في ارتباطها الجدلي مع.
بعد ذلك تناول الأستاذ عبد الواحد المرابط في ورقته "أدوات النقد الشعري؛ قراءة في كتاب (في شعرية ديوان رياض الزيتون)" لأحمد اليبوري، مُركِّزًا على الجانب المنهجي الذي اعتمده اليبوري في نقده، منطلقا بتأطير تاريخ النقد الأدبي بوصفه تاريخًا للأسئلة المتشعبة التي تصبُّ في سؤال مركزي: أين تكمن أدبية النص الأدبي؟ مُشيرًا إلى أن الإجابة تُحاط بثلاث دوائر منهجية:دائرة الإنتاج: وتُفسر أدبية النص عبر شروط الإنتاج التاريخية أو الاجتماعية أو النفسية؛ ثم دائرة النص: وتُرجِع الأدبية إلى البنية اللغوية والأسلوبية وخصائص الجنس الأدبي؛ بعد ذلك،دائرة القراءة والتلقي: وتُشدِّد على دور القارئ في إضفاء الصفة الأدبية على النص عبر تلقِّيه.
ثم طرح ذ/ المرابط تساؤلا نقديا حول كيفية صياغة اليبوري لإشكاليته، وموقع إجابته ضمن هذه الدوائر، لافتًا إلى أن عنوان الكتاب "في شعرية ديوان رياض الزيتون" يُقدم سؤالا ضمنيا عن "أدبية النص"، مع تركيزه على مصطلح "الشعرية" كفرع من الأدبية. وقد تكرر هذا السؤال بصيغ مختلفة داخل الكتاب، مثل: "أين أمسك بأدبية هذا النص؟"، مما يعكس محاولة اليبوري الجمع بين الدوائر الثلاث في تحليله، حيث رأى أن شعرية الديوان تنبثق من تفاعل شروط الإنتاج التاريخية مع الخصائص النصية وقضايا التلقي النقدي.
مداخلة الأستاذ محمد جاري: «انطباعات شاعر ناشئ عن شاعر كبير»، تناول فيها ثلاثة محاور من خلال الحديث عن محاضرة الشاعر السوسي التناني: (الأدب الحي وحظه من اعتنائها) والتي كتبها سنة 1940م، وتعالج الشأن الفكري للأدب الحي، مقابل الأدب التقليدي الذي صار أدبا ميتا فارغا لا حياة فيه، لذلك أسقط ثقافيا من أن يكون مثالا لمعادلة النهوض والتحرر.من تمّ أكد التناني أن الأدب الحي يجمع بين غرابة الجديد ودقته ومتانة القديم وطراوته. وهكذا فإن مفتاح المعادلة الأدبية الجديدة هو الجمع بين الممارسة النصية بين الأدب القديم والأدب الجديد أو بين ما فيهما.ثم يتوقف الأستاذ جاري في نهاية مداخلته عند فصل "شاعر الحمراء بين عالمين" فشاعر الحمراء يجمع بين عالمين: عالم علوي بعيد بوصفه ينتمي إلى عباقرة الشعر وتنصاع له القوافي وتفرد شعره، وعالم اجتماعي قريب.
أعطيت بعد ذلك الكلمة للأستاذ محمد الدوهو وورقته «الحفر في الذاكرة الشعرية المغربية: قراءة في كتاب "في شعرية روض الزيتون" لشاعر الحمراء لأحمد اليبوري»، والتي انصبت على ما يتميز به الأستاذ أحمد اليبوري في مجال القصة والرواية فهو من رواد السرد المغربي، حيث علم طلابه التفكير في الرواية بشكل ثقافي. واعتبر أن مؤلف اليبوري هو حفريات في الذاكرة الشعرية المغربية، إذ يرصد التحولات السّياسية والاجتماعية التي عرفها المغرب في الفترة الزمنية التي عاشها الشاعر، مشيرا إلى أن عنصر التاريخ حاضر بقوة في الكتاب، فحياة الشاعر تُمثل فترة ما قبل الحماية، وحقبة الحماية وما رافقها من الأحداث الكبرى داخلياً وخارجياً، إذ له قصائد حول الوضع السياسي في مراكش. وختم أن كتاب أحمد اليبوري يعيد فيه كتابة تجربة شاعر الحمراء محمد بن ابراهيم، وهذه التجربة تتداخل فيها الذاتية والوطنية، وتكشف عن ثقافة الشاعر الحمراء في تأتيت المخيال الشعري في سيرورة الذاكرة الثقافية.
مداخلة الأستاذ رشيد أعرضي "الإيقاع وبناء المعنى في شعر محمد بن ابراهيم شاعر الحمراء"، قارب فيها إيقاع النص بوصفه مكونا من مكونات الظواهر الشكلية، ثم انطلق مفسرا علاقة الايقاع في شعر ابن إبراهيم وكيفية تنويع بناء المعنى والدلالات، ممثلا لذلك بقصيدة "هذا هو العيد" والتي نسجها الشاعر على بحر الكامل، معتبرا أن القليل من الشعراء الذين يجيدون النظم على هذا البحر، فقد يقبل الأغراض الجادة كما يقبل الأغراض الطربية. وبعد تحليل مفصل ودقيق، خلص الباحث إلى أن الإيقاع في القصيدة أحدث تأثيرا في العلاقة بين الشعب وملكه، ودور تكرار الحروف في ذلك التأثير.
الأستاذ العربي الحضراوي في مداخلته: "محمد بن ابراهيم شاعر الحمراء المتعدد الأبعاد"، رأى أن تكوين محمد بن ابراهيم له أبعاد أدبية، وأسرية، وفقهية، واجتماعية، ووطنية. مع الإشارة إلى مسألة جمالية الخطاب اليومي والشعري في قصائده.
واختمت هذه الجلسة بمداخلة الأستاذ عبد الله بوفلجة والأستاذ يوسف الكيناني، في موضوع:«تيمة التغيير عند محمد بن ابراهيم»، والتي ربطت شعر الشاعر المراكشي بالتغيير من خلال المعرفة والفكر التي تفيد الحياة الإنسانية، فالشعر مجال ينبغي أن ينضبط فيه الشاعر إلى القواعد الاجتماعية والجمالية الفنية. وقد قسم مستويات التغيير إلى الفردي والجماعي والأمة، لتخلص المداخلة إلى أن المعاني في شعر الحمراء تحضر بقوة بارزة.
خلال المناقشة تحدث الأستاذ أحمد متفكر بإضافات مهمة بخصوص حياة وشعر ابن إبراهيم.
في الجلسة الختامية والتي ترأسها الأستاذ فيصل الشرايبي، ألقى خلالها كلمة في الموضوع وأهميته، ودور الباحثين والجامعة في التأسيس لبحوث متصلة بالهوية وتقوية أفقها. بعد ذلك أشرف على توزيع الشهادات على المشاركين وكذلك الذروع التكريمية، لتختتم هذه الندوة بتوقيع شراكة علمية بين المختبر المتعدد التخصصات للبحث في الديداكتيك والتربية والتكوين ومختبر السرديات والخطابات الثقافية.
تقرير الطالبة الباحثة: اسمهان حلوي
تحت إشراف الدكتور: رشيد أعرضي