الأربعاء ٢٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

سُكر مطبوخٌ مع الكرز

فلسطين حسن أبو زهو

للرب كلي وللفراغ لا شيء...
لو كان بوسعي تهشيم رأسي ومسح الذاكرة لَفَعلت...
لو كان بوسعي أن أشدّ الخطى أو الاختباء في قلب الأرض لفعلت!
فَصَلبُه على جِذع شجرة لم يكن مؤلما بقدر تَهتُك فروة رأسه المشدودة فوق شذرات الخشب...
تنثعب منه الدماء كنبع تَفَتّق في اسفل الجبل...
والجسد المُتفحم ما كان مريبا بقدر بقايا اللحم الغَرِق بالدم في جوف حذاء...
أتعلمين يا مريم: أريد أن أبكي!
أن أشلح الذاكرة...
أَتَذبّح كلما تذكرت صغيري وهو يُهرول حافيا للاختباء من الموت خلف خيمة ...
أَتَذبّح كلما تذكرته يَنشُج بصدره المُرتعد من خبط النعال والصمت...
يا الله كم كانت ذراعاي ثقيلتان وكأنني حَمَلتُه مع الأرض ...
وكم كان الدم ساخنا وكثيبا كأنه سكر مطبوخ مع الكرز....
كالآخرين ممن تبقوا احياء قادوني كالماعز...
فكنت والقطيع نسترسل في الثغاء...
كم كان مؤلما صفع وجهي كلما شدّ ذقني بقبضة يده القذرة... أتحاشى نزف الذاكرة مع كل رعد...
وأخاف ان يجلدني الشوق كلما هطل المطر...
مُنشَغِلٌ في خياطة جرحي فلا تذكريني بالبحر...
لا تَقرني ضربات الموج بالعناق لتهدئي...
كالحديد ينصهر الفؤاد كلما اقتربت من السياج....

قطاف العنب مجعدة وعجفة ...والاحلام تكثر في صدري كفراخ العصافير، وبينما اعيش النقيض يكبر الطير فيني ويجنح غريبا ولا يعود.

لطالما سألت وانا فوق سريري المتهتك بأطرافه التي تزعق كغراب...
لِمَ أقبية السجن كالبيوت الفارغة موحشةٌ ورطبة؟...
وكيف لجريدة ألصقتها على حائط عفن ان تصمد معي عشرات السنين؟
كيف لآدمي مكبل ومحاصر أطفئته الشمس، أن يحتمل ليلة العيد؟
أتصدقين يا مريم:
أمضيت ما أمضيت ، ولا زلت في كل يوم ادفن مع الصباح ولدي وفي الليل أعود الى تلك الليلة محاولا انقاذه من جديد.

فلسطين حسن أبو زهو

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى