روحي شاهين.. نهر من الألحان لا ينضب

رغم مسيرته الفنية التي شارفت على نصف قرن ما زال الموسيقار روحي شاهين في قمة عطائه .. وما زالت ابداعاته الموسيقية راسخة عبر الزمن في اذهان الاردنيين على مختلف اعمارهم .. فيرددون اغنية"اهديك ما اهديك "و" فدوى لعيونك يا اردن" و" والله وكفيت ابو عبدالله"و" يا دار عبدالله" التي لحنت مؤخرا بمناسبة عيد ميلاد جلالة القائد الملك عبدالله الثاني.

روحي شاهين .. الذي بلغ السبعين من عمره حاله حال النهر الذي لا ينضب ابدا ما زال قادرا على العطاء والتلحين واثراء المكتبة الموسيقية الاردنية والابداع بذات الحماسة التي بدأ بها مسيرته الفنية منذ ان عزف اول لحن له على الته الموسيقية الخاصة التي ابتكرها باستخدام"جالون زيت فارغ"وقوس صنعه من الخيزران لتحريك شعرات ذيل الخيل التي ربطت على الجالون لتطلق الحانا لكلمات الاغاني الشعبية ليرددها واصدقاءه في اعراس وسهرات ابناء الحي.

شاهين.. المعروف بسماكة نظارته السوداء التي يخفي وراءها عينين حالمتين دافئتين مليئتين بحس الفنان المبدع الموهوب الذي تمسك بموهبته رغم رفض الاهل والمجتمع لها مذللا الصعاب التي واجهته خلال مسيرته الفنية .. خص وكالة الانباء الاردنية بحديث ودي استعرض خلاله مسيرته الفنية بكل ما حمله من ذكريات مؤلمة ومفرحة .. يقول شاهين انه رغم تجاوز مكتبته الموسيقية ال"500 لحن ونشيد وسكتش وموسيقى تصويرية"الى جانب تلحين معظم اناشيد الجيش التي اثرت المكتبة الموسيقية باعتراف كبار الموسيقيين اضافة الى مشاركاته في العديد من المهرجانات العربية والمحلية ورئاسته للجنة الموسيقية والغناء لمهرجان جرش وحصوله على العديد من الجوائز التقديرية العربية من بينها جائزة من جامعة الدول العربية الا ان فنه لم يكرم بجائزة او وسام تقديري من الدولة في حين تم تكريم من غنّى من الحانه.

ويقول ان قرار احالتي الى التقاعد نفى مقولة "الموسيقي لا يشيخ" معلنين من خلال هذا القرار هرمي وعجزي عن الابداع رغم نجاحي قبل يومين من احالتي الى التقاعد بتلحين اضخم عمل في تاريخ الموسيقي الاردنية وهو السكتش الغنائي "رحلة نغم في ربوع الوطن"كلمات عارف اللافي واداء كورال الاذاعة وتلقيبي ب" فارس الاغنية الاردنية"فجاءت مكافأتي بعد نجاح السكتش بفرض الاقامة الجبرية على موهبتي التي ما زالت قادرة على العطاء بنفس النفس والروح التي بدات بها قبل نصف قرن وجمعت مخزونا كبيرا من الابداع متناسين حاجة بلدنا للفن والنهوض به.
ومع ابتسامته العريضة يقول ..بدأت مشواري في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي بعد لقائي شابا موهوبا هو"صبري محمود"الذي يمتلك عودا خاصا به حيث خططنا لتطوير موهبتنا بالتحاقنا باحد المعاهد الموسيقية .. ونظرا لعدم وجود معاهد موسيقية في الاردن سافرنا الى العراق لتعلم الموسيقى حيث تركنا مدرستنا"رغدان" وتواعدنا على اللقاء بجانب البنك العربي بوسط البلد بعد توفير دينار ونصف الدينار اجرة الباص للعراق . ويكمل .. رفضت المعاهد الموسيقية العراقية استقبالنا لعدم حصولنا على شهادة الثانوية العامة لتاخرنا في الدراسة بسبب الهجرة من فلسطين للاردن ..لم نيأس وبحثنا عن معلم يدرسنا الموسيقى الى ان عثرنا على سيدة كفيفة تمتلك مركزا في شارع الرشيد ببغداد لتعلم الموسيقى على الة العود بالسمع مقابل نصف دينار عراقي للساعة الواحدة. ويشير الى انه لشغفهما بتعلم الموسيقى انهيا تعليمهما في عام واحد فقط ..وتفرقنا"صبري" ذهب الى الكويت وانا الى الاردن وبدأت مشواري الفني الصعب وتقدمت لبرنامج"هواة" الذي كان يقدمه ابراهيم الذهبي في الاذاعة الاردنية للبحث عن اصحاب المواهب لتعيينهم في فرقة الاذاعة في حين امتحن فهد نجار صوتي ..ولعب الحظ دوره معي ..فأثناء ادائي لاغنية"رمش عينه" صادف مرور مدير الاذاعة انذاك سيادة الشريف عبدالحميد شرف الذي قال لي"صوتك مش حلو كثير..بس بتأدي حلو" وقام بتعييني في كورال الاذاعة لاردد الاغاني خلف المطربين وهي مهنة ليست سهلة اذ يجب ان يمتلك مؤدوها أذنا موسيقية.

يهدى الموسيقار روحي شاهين جمهوره ومحبيه صورته وهو يحمل الة العود التي لم يعزف عليها منذ خمس سنوات بعد ان لازمته خلال مشواره الفني ..يتمنى جمع الحانه واعماله الموسيقية لتكون ارشيفا للاغنية الاردنية التي لعبت دورا في النهضة جنبا الى جنب مع السياسة .. كما يتمنى اكمال ما بدا به وزير الثقافة الدكتور عادل الطويسي الذي زاره وهو على فراش المرض في الفترة الاخيرة واصدر قرارا باعادة تسجيل اجمل الالحان والاغاني الوطنية التي قام بتلحينها شاهين ووضعت على شريط خاص وزع على السفارات الاردنية في الخارج ويقدم للضيوف في المناسبات وذلك ايمانا باهمية الاغنية التراثية الاردنية.