رفع أجور المكالمات التليفونية
طالعت في احدي الصحف القومية عدد الجمعة 31 مارس الفائت تصريحا لوزير الاتصالات، سبقه ذات التصريح للشركة المصرية للاتصالات، ومفاد التصريح أن زيادة تعريفة المكالمات التليفونية كان الدافع اليها والمبرر لها تجنب عودة قوائم الانتظار لطلبات تركيب التليفونات مرة أخري، وفي بيان ذلك اضاف الوزير أن زيادة تعريفة الخدمات للمشتركين تمثل محاولة لدعم انشاء خطوط جديدة، عائداتها محدودة، لأن معظم مستخدميها من الشرائح محدودة الدخل في الريف، فجاءت خطة هيكلة تعريفة الخدمات التي تؤدي للمشتركين الحاليين، علي نحو أمكن معه خفض رسوم التركيب من 500 جنيه حاليا الي 250 جنيها مما يعتبر تشجيعا لتركيب خطوط جديدة في الريف والمناطق النائية المحدودة الدخل.
ولقد هالني أن يكون الوزير ورئيس الشركة مقتنعين بصواب هذا المبرر، حتي يحاولا اقناع المخاطبين به.
وأود أن أنوه بأن الالتزام الدوري المتجدد علي مدار الايام اثقل عبئا¬ مهما قل مقداره¬ من الالتزام الوقتي الذي لا يؤديه الانسان إلا مرة واحدة مهما كبرت قيمة هذا الالتزام، ومن هنا فإن الالتزام باداء قيمة الخدمات التي ينتفع بها مستخدم التليفون¬ بما لها من صفة الدورية والتجدد¬ أثقل عبئا ولو لم تصل تلك القيمة الي مئات الجنيهات، وفي هذه الجزئية يشكو مشتركو التليفونات من تكرار ادائها علي اربعة اقساط سنوية، بعد أن كانت تؤدي علي قسطين، بما يودي اليه السداد علي دفعات متعددة من تعدد ضريبة الدمغة والمصروفات الاضافية الاخري التي يتحملها المشترك.
اما تركيب خط لمشترك جديد، والتفكير في تخفيض تكلفته من 500 جنيه كما هو الحال الان الي 250 جنيها، فليس مقبولا ان تكون مواجهة هذا التخفيض بما سيأتي من حصيلة زيادة تكاليف الخدمات التي تؤدي للمشتركين الحاليين، ومؤداه ظلم فريق لحساب فريق آخر، وأظلم الناس من يظلم الناس للناس، خاصة وأن الفريق الذي سيتحمل العبء لحساب غيره مشتركون قدامي، أدت نسبة كبيرة منهم مبلغ الفي جنيه تكلفة لتركيب الخط التليفوني منذ الثمانينات من القرن الماضي وهذا المبلغ يساوي الان ثلاثة آلاف جنيه علي اقل تقدير.
وهل يكفي في التبرير، أن الخطوط الجديدة المطلوب خفض تكلفتها ستكون في اعماق الريف ولفريق من محدودي الدخل كما قال الوزير في حديثه.
اننا مع ايماننا بمبدأ التكافل الاجتماعي، نلتزم به في ضروريات الحياة من مأكل ومشرب وملبس، مما لا تستقيم الحياة للناس إلا بها، أما امر تركيب خط تليفوني لمواطن محدود الدخل بعد أن وصلت التليفونات الي القري الصغري في اعماق الريف، منذ عهد الوزير سليمان متولي الذي تحمل في هذا السبيل من الجهد والعناء مالم يتحمله وزير آخر قبله أو بعده، حتي اصبح التليفون متاحا لدي طوائف وافراد لا يمثل وجود ا لتليفون لديهم ضرورة ملحة في مجال العمل او الانشطة التي يمارسونها، بل صار لونا من ألوان الوجاهة والرفاهية.
ليس مطلوبا من الجهة التي تحتكر العمل في مجال الاتصالات التليفونية ان تلبي طلب تركيب التليفون الجديد الا لمن يستطيع اداءتكلفة هذه الخدمة، وليس من العدل أو حسن السياسة توزيع اعبائها علي مجموع مشتركي التليفونات برفع اسعارالمكالمات.
ولما كانت الخدمة التليفونية تؤدي تنفيذا لعقد اذعان بين الشركات والمشرك، فان الشركة وهي تمثل الطرف الاقوي، والجانب الاكبر من رأسمالها مال عام مملوك لسواد الشعب من دافعي الضرائب، فانه يتعين علي الشركة عند اتخاذ قرارها برفع تكلفة الخدمات التي تؤديها للمتعاقدين معها الا يصدر قرارها من برج عاجي، بل ينبغي علي من يصدر القرار أن يتوخي قواعد العدالة والمنطق، وان يدرك ظروف المجتمع الذي يعيش فيه، والذي يضم أهله وذويه، فهو في اشد الحاجة الي ان يتوفر لديه هذا الادراك علي أعلي مستوي، وبمقياس غاية في الحساسية، حيث أن ظروفه الخاصة، ومايحصل عليه من دخل، من شأنه أن يفصله عن القاعدة العريضة من المجتمع الذي يتأثر بقراره، ربما يتقاضاه من راتب متميز، وبدلات مختلفة تحت مسميات متعددة، وخدمات مجانية تقررها له القوانين، فيصبح ممن يتقاضون الالاف، بينما يحصل 90 % من العاملين في الدولة ومتوسطي الحال علي المئات التي لا تبلغ الفا واحدا، بما باعد بين الاغلبية منهم وبين محل الجزار، وحرمهم من الفواكه الشعبية، اكتفاءبكوب الشاي الذي اصبح هو الآخر عزيزالمنال، بما أصاب السكر والشاي من ارتفاع الاسعارمع ثبات الدخل الشهري وضآلته.
اذكروا¬ ياسادة¬ يابعض من ولاهم الله أمورالناس، أن سواد الشعب مكافح صابر، يعيش مؤمنا بأن الشكوي لغيرالله مذلة، واذكروا أن القلوب قد بلغت الحناجر، بما يواجهه الناس مع مطلع كل شمس من مفاجآت وقرارات غير مدروسة، تحملهم من أمرهم عسرا، علاوة علي ابتلاءات السماء: أمراضا وأوبئة اصابت الطير والحيوان، ويخشي أن تمتد الي الانسان، وليس لها من دون الله كاشفة.
ورفقا بمواطنيكم الصابرين الصامدين، ممن يحسبهم الجاهل اغنياءمن التعفف، وارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.