دينا ومحمود درويش !
هزت الراقصة المصرية دينا وسطها لمدة خمس ساعات ليلة رأس السنة فحصلت على 450 ألف جنيه، والعبد لله يهز كل أعضاء جسمه بما فيها العقل منذ 17 عاماً في عالم الصحافة أو مهنة «صاحبة الجلالة» ولم يدخر عشر هذا المبلغ حتى الآن!
الحمد لله في كل الأحوال، فالبعض لا يجد عملاً، والبعض الآخر يهز كل جوارحه في مواصلاتنا العامة، ولا يتجاوز دخله المئة دولار في الشهر!
ومنذ أيام فاز الشاعران العربيان الكبيران محمود درويش وعلي أحمد سعيد «أدونيس» بجائزة العويس للانجاز الثقافي والعلمي وسيحصل كل منهما على 100 ألف درهم، هذه الجائزة هي الأرفع عربياً قيمة ومالاً تمنحها مؤسسة غير حكومية، قبل ذلك بفترة فاز الروائي المصري صنع الله ابراهيم بجائزة الرواية العربية التي رفض تسلمها.. وهي الجائزة الرسمية العربية الأرفع والأعلى قيمة مالياً حيث تبلغ 100 ألف جنيه مصري.
أدونيس ودرويش وصنع الله وغيرهم كثيرون قضى كل منهم 40 أو 50 عاماً يهز في عقله يميناً ويساراً، أماماً وخلفاً، سعياً وراء عالم عربي أفضل، وفي النهاية لا يحصل الواحد منهم على ربع ما تحصل عليه راقصة في 5 ساعات!
أي منطق ذلك الذي يجعل من «وسط» راقصة أكثر قيمة من عقل شاعر أو روائي أو مفكر او عالم أو حتى مواطن بسيط وشريف يكدح ليل نهار ولا يجد في النهاية ما يسد رمقه؟!
بالطبع لسنا هنا بصدد اجراء مقارنة بين «وسط العالمة» و«عقل العالم»، فالمقارنة محسومة سلفاً ولا تحتاج لاجتهاد، خاصة اذا كان ذلك في «عالمنا» العربي المنحاز دوماً الى الوسط والمتجاهل دائماً للعقل!!
والمتفاخر دائماً بـ « وسطيته»
الصحف المصرية التي أوردت خبر الراقصة دينا وحصولها على 450 ألف جنيه في خمس ساعات قالت ان ادارات الفنادق القاهرية الثلاثة التي انفردت باستضافة الراقصة ليلة رأس السنة بمعدل حوالي ساعة و40 دقيقة لكل فندق، واجهت أزمة حادة في تدبير مقاعد للزبائن واضطرت لوضع مقاعد اضافية بلغ سعر المقعد في احدها 850 جنيهاً!
كل ما فعلته الراقصة تلك الليلة أو نصفها بالأحرى انها بدلت سبع بدلات رقص زاهية الألوان، وقدمت ثماني «وصلات»!
وعندما تقام أمسية شعرية او ندوة أدبية او علمية أو سياسية فالزبائن الذين يدخلون مجاناً، وأحياناً يتناولون عشاء مجانياً أيضاً من «الأوبن بوفيه»، يتكاسلون ويتلكأون في الذهاب، والنتيجة هي ان عدد الحضور في ندوة تضم صفوة عقول الأمة وتناقش أخطر قضاياها لا يتجاوز العشرات، وبعض الندوات يتم الغاؤها لأن الحضور هو الضيف فقط...
اذن وبما أننا نعيش عصر الحريات واقتصاد السوق المفتوح على آخره والعرض والطلب فإن دينا وأمثالها يكسبون بلا منافسة!!
كنت وغيري كثيرون يعتقدون ان ما تحصل عليه من مال هو نتيجة منطقية لما تبذله من جهد، عضلي او ذهني، او ما تملكه من موهبة عقلية، كان ذلك في الزمن البريء والغابر وقبل ان يعرف المرء ما تحصل عليه الراقصات أو فنانات علب الليل او نجوم الكرة العربية «الكسر».
الذين ينكشفون في أي مواجهة خارجية وكذلك قبل ان نسمع مقولة عادل امام الشهيرة في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة»: «اتكل على الله واشتغل رقاصة»!
في الغرب على سبيل المثال ما زالت معظم المعايير المنطقية موجودة، وهناك أرقام فلكية يحصل عليها الموهوبون من أمثال مقدمة البرامج الأميركية الشهيرة اوبرا وينفري التي تتقاضى 75 مليون دولار سنوياً، او زميلها لاري كنج الذي يقل عنها قليلاً لكن شروط عقده تتضمن تخصيص طائرة مروحية لنقله من المنزل للعمل والعكس، هناك ايضاً رؤساء شركات أميركية يتقاضى الواحد منهم راتباً يصل الى 10 ملايين دولار، وبعضهم يفوق راتبه ما يتقاضاه الرئيس الأميركي 62 ضعفاً!
الواحد من هؤلاء أمثال رؤساء شركات فورد أو جنرال موتورز يتقاضى هذه الأرقام الفلكية لانه ينتج بضاعة يستخدمها الناس وتجعل من بلدهم الأقوى اقتصادياً في العالم، وأبرز مثال على ذلك بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت وثروته هي الأعلى في العالم أجمع حيث تتراوح بين 60 و 80 مليار دولار حسب أحوال البورصة وتقلباتها.
حتى في الفن فالمقارنة بيننا وبينهم تثير الشجون، هم يقدمون فناً استطاع غزو عقول العالم، بما يجعل ممثلة مثل جوليا روبرتس تتقاضى 35 مليون دولار عن الفيلم الواحد، في حين ان «أتخن» فنانة لدينا لا تتقاضى ربع مليون دولار لأن الجواب كما يقولون «يظهر من عنوانه»!
مرة أخرى نحن لسنا بصدد المقارنة بيننا وبين الغرب حتى لو كان الأمر في مجال «الرقص»، او «الهلس»، فحتى في المجال الاخير هم يتفوقون علينا، لأنهم يعملون بجد و«يهلسون» بجد أيضاً..! كما، أننا لسنا بصدد تكرار كم أسرة عربية تستطيع حل مشاكلها المصيرية لو حصلت على ما حصلت عليه الراقصة في خمس ساعات، وكم يطعم هذا المبلغ من الأفواه العربية الجائعة؟!
لكن وبما ان «حالنا يصعب على الكافر» وقد فشلنا في كل شيء جاد، بينما نجحنا في الرقص، فلماذا لا نقلب المعادلة؟ بعبارة أخرى، هل يمكن تبديل الادوار بين الراقصة والسياسي؟ الراقصة العربية متفوقة في عملها تماماً، ولها حضور جماهيري لا ينكره الا جاهل او جاحد، ولو نزلت اي «انتخابات» ديمقراطية لحصلت على نسبة 999,99% حقيقية وليست مضروبة، في المقابل فإن السياسي العربي يمارس الرقص في غير محله، ويلعب على الحبال طوال الوقت.
كما انه لو ذهب الى ندوة أو ألقى محاضرة او صعد حتى على «البيست» فسوف يرى ما لا يحمد عقباه، وسيتم قذفه بالكؤوس وأطباق السلاطات ثم أنه في النهاية لا يجيد الرقص طبقاً للأصول المتعارف عليها!
اذن وبعد ان جربنا كل الوصفات لحل مشاكلنا العربية وفشلنا بالثلث، ماذا لو بدلنا الأدوار بين الراقصة والسياسي؟ ألا ترون ان الفكرة تستحق الدراسة نظراً لفوائدها المتعددة؟!
على الأقل أبسط ميزة لهذا الاقتراح الثوري او المجنون لا يهم أن الغرب الذي يطالبنا ليل نهار بالتغيير والاصلاح سيتوقف عن ترديد اسطوانته المشروخة، وقتها سيتأكد أننا نحترم المرأة.. وأي امرأة! وسنضمن توقف الرقص بعد انتقال الراقصات من الحلبة الصغيرة الى المسرح الكبير، في حين سنتخلص عبر هذه الفكرة ايضاً من كل السياسيين الذين فشلوا لعقود في حل اي قضية جادة.
وسيواجهون حين انتقالهم لحلبات الرقص العقاب الذي يستحقونه نظير فشلهم المتكرر، ومن حسن الحظ أيضاً ان معظم راقصاتنا وبسبب انشغالهن الدائم لم يتزوجن وبالتالي لا يملكن أبناء، وهنا سنتخلص من قضايا توريث السلطة للأنجال في الجمهوريات الرئاسية!
ثم ان الراقصة بطبعها ديمقراطية بحكم احتكاكها المباشر بالجماهير وعلى الهواء مباشرة، وهنا سنضمن عدم انفصالها عن القاعدة العريضة! واخيراً فإن أسوأ النتائج التي ستتحقق حين تمارس الراقصة دوراً سياسياً ستكون في كل الأحوال أفضل كثيراً مما نشهده حالياً في عالمنا العربي.
مشاركة منتدى
10 شباط (فبراير) 2004, 05:36
يبدو أن الراقصات هن الأكثر فهما .. بأننا أمة وسط .. لضلك عمدن إلى توسيط الأمور ، في زمن الوسط والواسطة والتوسيط والوسطيون ، والأهم من ذلك المشروع الصهيوني ـ الأمريكي المتوسطي ( الشرق الأوسط ) الممتد من كراسي الحكام إلى قبور المحكومين .
يكن مهما استوسطوا وتوسطوا فالغلبة دائما للحق .
قاريء مستقل
11 شباط (فبراير) 2004, 16:26, بقلم بكر التميمي
أعجبني هذا الرد ، وأعجبني أيضاً هذا المصطلح "استوسطوا"
26 شباط (فبراير) 2004, 11:20, بقلم الدكتور ابوعمر
"وما ظلمناكم ولكن كنتم أنفسكم تظلمون"
الظاه يا محترمين ان الذي سيستمتع بهز وسط دينا ليس من العلوج ولكن مننننييينا فلماذا نلوم الدنيا؟
قال ابو ذر الغفاري طيب الله ثراه:
اني لأعجب لإمرىء جاع ولم يخرج للناس بسيفه
والمثل الصريح بيقول:
هيك مطبعة بدها هيك ختم!!
28 شباط (فبراير) 2004, 06:03, بقلم محمود يونس
إنه لموضوع جيد دال على مدى الانحطاط الذي بلغته الدول الاسلامية العربية خلقياً وعلمياً حيث بقدرون العاهرات ويسفهون أحلام العلماء الأدباء ويبيعون الغالي بالرخيص والطهر بالعفاف والقيم والمبادئ بكل انحلال وعفن