الأربعاء ١٤ أيار (مايو) ٢٠٠٨
بقلم باسل محمد البزراوي

داليّةُ العرب

مذكرات شاعر فلسطيني
أشكو إلى الله لا أشكو إلى أحد
من العبيد هوانَ الروح والجسدِ
 
وأستميحُ الهوى العذريّ معذرةً
إذا هذيتُ، وحاد الشعرُ عن قصدي
 
فلي عيونٌ ترى ما لا يرى قلمي
وهمُّ قلبي على قلبي ربا أُحُدِ
 
ولست إلا سليل الشعر قد نهلت
مني القوافي، وفاض البحرُ من كَبَدي
 
فمن جراحي خضبت الشعر فاشتعلت
فيه الحروف لظىً من شدة الوقدِ
 
وفي جراح بلادي قمت أمزجه
فبات صوتي وشعري للربا يصدي
 
يزلزل الحرف ركن الهمّ مرتجلاً
عنف النسور، وتوق الأمِّ للولدِ
 
فالقدس قدسي، وحيفا في دمي زرعت
شموخ كرملها في القلب والكبد
 
فتلك أرضي وقد بانت ملامحها
وحالَ حالُ فلسطين الهوى بَعدي
 
حدائق اللوز لاث الوغد ساحتها
ولوّث الربعَ من رجسٍ ومن حقدِ
 
وقد تغير وجه الصبح من وجلٍ
وراعه البعد بعد البين والبعدِ
 
وتلك أيامنا تبكي أحبّتها
وتستفيق على قهرٍ بها أبدي
 
وقفت دهري على أطلالها شبحاً
أسائل الدار من عهدٍ إلى عهدِ
 
أيا فلسطين هل تسلو الربوع صدى
صوتي على البحر أو نوحي على صفدِ
 
وهل تزقزق فيك الطير من مرحٍ
وتشرق الشمسُ فوق التلِّ والجردِ
 
شعبي يصيحُ وجرحُ الأرض ينزفه
وينتحي الصبحُ جنحَ الليل في الأمدِ
 
يلوح بيرقه، يسمو برابيةٍ
فيبرق السيف من عبسٍ ومن أزدِ
 
أليس تشفي رياح الحقد دامية
في روح روحي لُهىً محلولة العُقَدِ
 
أنا الضمير الذي ذابت حشاشته
وأثقلوه بإيعادٍ بلا وعدِ
 
أموت تحت ضروس الليل منتجعاً
وجه العروبة في قلبي......وملء يدي
 
فينكرون بيَ التاريخ مشرقةً
أيامه الحمرُ في عطر الثرى الوردي
 
أنا فلسطين خلف النهر تنكرها
ربوعنا السمر في أيامها المردِ
 
ولا يجيرونني في أيِّ ناحيةٍ
تعيث فيها خيول الهند والسندِ
 
يقاتلون شموخي دونما خجلٍ
ويُقتلون دفاعاً عن رؤى "كَنَدي"
 
ويستغيث جريح القلب من لهفٍ
فلا مغيث ولا داعي الهوى يجدي
 
فأستقلّ إلى "تشيلي" معابرهم
حتى أموت غريب الدار من وجدي
 
أبكيك حيفا، وأبكي كرملاً عشقت
ذراه روحي،فتاه العشق في خلدي
 
أبكي بلادي ويبكيها غدي حَزَناً
أبكي الأماني التي جفّت من الكمَدِ
 
أبكي الأصيل أصيلاً كان يألفه
على الشواطئ طير النورس الغَرِدِ
 
وسامر البوم والغربان أروقتي
وغلّ جيديَ حبل النار من مسدِ
 
يلهو الغريب بها، والقلب مستعرٌ
ناراً تئنُّ، وشوقاً شاخ كالرّصَدِ
 
فهل يهون دم الأوطان والهفي
لتسعف الروح كأسٌ أو شذى نهد
 
وتستحبُّ لنا الدنيا وبهجتها
إذا عشمنا بكأس الخمر بعد غدِ
 
ستون عاماً وأحلامي مشرّدة
نهب الرحيل وحيداً دونما سندِ
 
أطوف في الليل، لا صبحٌ ولا سمَرٌ
ولا مجير سوى الآلام من أحد
 
أطوف.. أصرخ أبكي الأرض عابقة
بالعطر في الروح.. والآهات في الكبد
 
أهوى الخيام، وتهوى خيمتي وجعي
وأستريح بها عمري مع النكدِ
 
أبيت عند حدود الله منتجعاً
زقاق حلمي، فيذوي الحلم كالوتدِ
 
حملت بؤسي وأحلاماً يجددها
بعدي، وغربة روحي عن ثرى بلدي
 
وتنكر البؤسَ في عينيَّ سادته
وتسلب القلبَ نور القلبِ والرَّشَدِ
 
وتستريحُ بحان الخمرِ في خجلٍ
تراقبُ النبض ما يخفي وما يبدي
 
أعود في الحلم....أحيا في النوى ولِهاً
وأكتبُ الشعرَ في حلمي وفي سهدي
 
كتبت شعري لعينيها أغازلها
فكانت الحبّ من مهدي إلى لحدي
 
فمثل قصف رعود البحر قد هدرت
رعود شعري بلا عدٍّ ولا عدد
مذكرات شاعر فلسطيني

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى