السبت ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٥
بقلم ميادة مهنا سليمان

حديقة الطُّفولة

قصة مستوحاة من التراث الإسباني:

ترجمة الدّكتور أحمد زاهر لكحَل

الزهرة البريّة والقبرة الحزينة

في ركن هادئ بجانب طريق ريفي، نبتت زهرة بريّة صغيرة. كل صباح، كانت تفتح تويجاتها الذهبية لتستقبل الشمس، وتتنفس عبق الندى، وتشكر الله على نعمة الهواء النقي والنمو. كانت سعيدة بحياتها البسيطة.

في الجانب المقابل، كانت تقع حديقة فاخرة تزينها ورود قرمزية وياسمين أبيض وتوليب بألوان قوس قزح. لكن جمالها كان يخفي قلوباً تعسة، فكانت الزهور تتشاجر طوال اليوم: "أنا الأجمل!"، "لا، أنا الأكثر أناقة!"، لم تدرك أي منها قيمة السعادة الحقيقية.

ذات يوم، حطت قُبَّرة رشيقة بالقرب من الزهرة البريّة، ورفرفت حولها وهي تزقزق: "ما أجملكِ يا صديقتي! رائحتك عطرة، وألوانك تبهج القلب". داعبتها بمنقارها بلطف، فامتلأت الزهرة البريّة فرحاً.

من وراء السياج، نظرت زهور الحديقة بحسد، متجاهلات القبرة تماماً.

وفجأة، ظهرت طفلة تحمل مقصاً، فانقضت على زهور الحديقة تقطعها واحدة تلو الأخرى دون رحمة. حزنت الزهرة البريّة لأجلهن، لكنها أدركت أن جمالهن لم يحميهن من المصير المحتوم.

في اليوم التالي، سمعت الزهرة البريّة زقزقة حزينة. نظرت فوجدت القبرة محبوسة في قفص، تبكي بحرقة: "أريد حرّيتي! أريد أن أطير!"

لم تتردد الزهرة البريّة، فمدّت ساقها النحيلة ولامسَت القفص، وهمست: "لا تبكي، سأكون معك". ظلت تظلل على القبرة بأوراقها، وتشاركها قطرات الندى.

لكن القبرة لم تتحمّل الأسر، وسرعان ما سكتت زقزقتها للأبد.

عاد الأطفال بعد يوم، فوجدوا القبرة قد رحلت. انهمرت دموعهم ندماً على ما فعلوه. ثم نظروا إلى الزهرة البريّة، فاقتلعوها من جذورها ورمَوها على قارعة الطريق.

استقرت الزهرة البريّة على التراب، محطمة لكنها شامخة. نظرت إلى السماء وهي تبتسم، عالِمة أنها عاشت بحرية وماتت بمحبة، بينما زهور الحديقة ذبلت في إناء دون أن تذق طعم السعادة الحقيقية.

موجز السّيرة الذّاتيّة للدّكتور أحمد الزاهر لكحل

د. أحمد الزاهر لكحل هو أستاذ اللغة الإسبانية ومترجم وباحث متخصص في أدب الطفل في المملكة المغربية.
حصل على درجة الدكتوراه في الآداب والترجمة من مدرسة الملك فهد العليا للترجمة ببحث رائد تحت عنوان "ترجمة أدب الأطفال المغربي كاستراتيجية ديداكتيكية من أجل التربية على القيم"، والذي نال إشادة المشرفين وتوصية بالنشر.
يتميز مساره الأكاديمي بحضور لافت في العديد من المؤتمرات والندوات الوطنية والدولية، حيث قدّم محاضرات ودراسات حول تقنيات ترجمة قصص الأطفال ومسرح الطفل والترجمة المتخصصة، كما أدار حلقات نقاشية مهمة في هذا المجال.

برز د. أحمد الزاهر كمترجم تحريري وفوري غزير الإنتاج، حيث نقل عدداً من الأعمال الأدبية المهمة إلى اللغة الإسبانية، منها ترجمة ديوان "مقامات وقصائد أندلسية" للشاعر بوجمعة العوفي، وقصة الأطفال "الورود تحرس الحدود" للكاتب جمال بوطيب، بالإضافة إلى سلسلة قصصية للناشئة تصدرها الرابطة المحمدية للعلماء.

كما نشر عشرات المقالات والقصص المترجمة في مجلات محكمة وعربية مرموقة عبر العالم، من المغرب والعراق إلى إسبانيا والمكسيك والأرجنتين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى