الأحد ٣ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم مروى هديب

حب مشروط

كانت تهم بالاتصال به لأبلاغه قرارها النهائي الذي قضت فيه قرابة الشهر وهي تحاول ان تتوصل اليه .. فكم قضت اياما وليالي طويلة في التفكير الى ان اهتدت الى القرار في صبيحة هذا اليوم بعد ان استيقظت في تمام الساعة السادسة.

انها النهاية لذلك التعب الطويل الذي لازمها منذ اليوم الذي وضعها فيه بين نارين واجبرها فيه على الاختيار بين البقاء معه والاستمرار في تلك العلاقة التي لا تعرف اين ستودي بها او الانفصال نهائيا وتماما ولاخر مرة .. وعدم العودة الى البقاء مع بعضهما البعض .. لقد قررت نهائيا ما تريده ولم يتبقى عليها سوى اخباره بقرارها .. كانت تردد في يأس بعد تجربتها الاولى في الحب بأن قلبها قد مات لا بل كانت تعتقد اعتقاداً راسخا بأن عواطفها انكسرت والى الابد وانه لا امل لها في عودة قلبها الى الخفقان كانت تؤكد لمن هم حولها من صديقاتها بأنها قد انتهت بعد ان شلتها صدمة فقدان حبها الاول وانها تشعر بآلآم رهيبة تكاد تقتلع روحها منها وظلت فترة طويلة تعيش في كل تلك التفاصيل الصغيرة التي عاشتها مع حبها الاول ومنعت اي رجل من الاقتراب منها لكي لا يقرأ تفاصيل حكايتهامع حبها الذي لم يعد موجود .

لكن ومن قلب كل تلك العتمة التي كانت تعيش فيها دخل الى حياتها فجأة فحل حبه في قلبها كما تحل الارواح في الاجساد فكان كالنسمة التي ازالت كل الضباب الذي كان متراكما فوق سهول قلبها .. اشعل الحياة والروح فيها من جديد بعد ان كانت ميتة وهي على قيد الحياة لكنها لم تشعر يوما بانها قد احبته حبا كافيا كان هناك دوما حاجز كبير بينهما رغم علمها بحبه لها ورغم قناعتها الاكيدة بأنها قد احبته بعض الشيء وبأن قلبها عاد للحياة من جديد الا انها لم تستطع يوما تجاوز ذلك الحاجز الكبير الذي كان يقف بينهما رغم كل تلك الحلول التي قدمها لها ورغم كل تلك التنازلات التي كانت تريد تقديمها له عندما طلب منها الزواج لم تستطع يوما تجاوز حاجز الخوف من الحب والشعور بانها وهي معه ليست سوى طفلة صغيرة لا تعرف ما هو الحب وليست امراة كاملة تضج بالانوثة رغم سنواتها الثماني والعشرون !!! هذا ما كانت تحسه معه بانها مجرد طفلة صغيرة يحركها حسب رغباته واهواءه.

كانت دوما تهرب منه تخشى ان يقرا حزنها وخوفها كانت تهرب من براكين عاطفته المجنونة بكلمات جوفاء وخرساء لا تقدم ولا تؤخر في علاقتهما لكنه كان صابرا وراضيا بصمتها وابتساماتها فقط لم تعرف يوما كيفية التعامل مع حبه الكبير كانت عاجزة عن نطق الكلمات لا تستطيع التعبير او النطق بكلمة احبك مشاعر حبها له حبيسة بداخلها ولا تعرف كيفية تحريرها .. كانت تشعر بان عقلها يمنعها من التمتع بكل تلك العاطفة التي يكنها لها لكنها لا تستطيع الغاءه من علاقتهما لان العقل ان تنحى في الحب ساءت نهايته ... لهذا وفي اخر لقاء بينهما وبعد صبر طويل منه عليها وعلى امل ان تتغير طريقة معاملتها له وصلا الى ما كانت تخاف منه وهو وضعها في موقف صاحب القرار خيرها بين البقاء معه والزواج به او الانفصال والابتعاد نهائيا .. يومها قال لها اريد الزواج بك والعيش معك وكي اكون منصفا معك سأؤجل حلم انجابنا للاولاد مدة سنتين حتى تكوني جاهزة لحمل تلك الاعباء !!! اعترضت يومها على قراره ورجته ان يتراجع عنه لا بل بكت بحرقة بين يديه وتوسلت له ان لا يدع القرار لها وان يتزوجا وان يحاول ان يمنحها المزيد من الوقت بجواره لكي تتجاوز كل ما في داخلها من الآلآم ومخاوف ومتاعب واحزان الا انه لم يرحم ضعفها وتوسلاتها وترك لها القرار والخيار بين الاستمرار معه او الانفصال عنه..

طوال شهر كامل بدا لها قرناً من الزمان وهي تردد لنفسها كيف تستطيع الموافقة على ذلك الطلب ؟ ماذا لو تزوجته الآن وارادت ان تكون اماً! بسرعة ماذا لو اردات ان يكون لديها طفل يلغي كل مخاوفها ويقربها منه ومن حبه كيف تستطيع الغاء حلمها بالانجاب والعيش في تجربة تمتد لعامين ؟؟؟ عامان طويلان من القلق والتعب والترقب ربما لو تزوجا وانجبا طفلا سيكون حالها افضل ولاستطاعت ان تتغلب على كل مخاوفها تجاهه لكن ان تعيش في فترة تجربة فهي لم ولن تستطيع يوما الغاء تلك العاطفة الوحيدة التي تبقت في داخلها والتي تحلم منذ امد بعيد بتحقيقها الا وهي عاطفة الامومة ..الى متى ستظل تكذب على نفسها الى متى ستمسح لمشاعر الحب التي يدعيها تجاهها ان تعمي بصيرتها الآن فقط ادركت لما تشعر حين تكون معه بانها طفلة ... هذا لأنه يظنها طفلة ترضى ان يحركها كيفما شاء ومتى شاء كاللعبة التي يتداولها أيا كان وكانها التلميذه وهو المعلم ربما لانها كانت تفضي له بكل مخاوفها واحزانها ظنها غير ناضجة وغير واثقة من نفسها او ربما لأنها تلجأ اليه وترتمي في احضانه كلما واجهتها مشكلة .. لا تعلم حقيقة ما هو سبب ذلك الطلب الغريب حتى انه لم يرحم توسلاتها وضعفها ..ربما كان يحاول ان يذيقها الماً من نوع خاص بحرمانها من الانجاب !! ام هل تراه يحاول ان يرد لها جزءا بسيطا من معاناته معها الى ان اقنعها بحبه والسماح له بالاقتراب منها؟؟

حقا لم ترد ان تفترض الجانب السيء ولكنها لم تجد تفسيرا لطلبه الغريب ذاك سوى تلك الفكرة التي خطرت على بالها . لكنها وبعد تفكير عميق وطويل .. اليوم توصلت للقرار الذي سيحقق الانتفاضة على نفسها وعلى ضعفها لن تطيل العذاب بينهما اكثر لا تريد التعامل معه من وراء ستار خفي.. ولا تريد الاستمرار مع ذلك الشعور في قلبها الذي يدق بنبضات ملتهبة لا تعرف غير لغة الصمت التي تقتل فيها سعادة قلبها بيدها . لا تريد حبا مشروطا بشروط تقهر روحها وتعذبها اليوم ستخبره بقرارها النهائي الذي لا رجعة عنه.. ستقول له اليوم بأنها لا تريد حبه ابدا !!! لا تريد حبا مشروطا ومقرونا بشروط ستعتزل حب اي رجل لا ثتق بحبه ولا تثق بأنه يريد العيش والاستمرار معها والانجاب منها وتكوين اسرة معها فالامر حينها لن يعدو ان ان يكون مجرد انجذاب عاطفي .. نعم مجرد انجذاب عاطفي لا يريد من خلاله اي رجل حقيقي بناء علاقة قوية لتبقى على مدى الايام وهو يبدو انه لم يشعر يوما وهو معها بأرتياح عقلي ورغبة أكيدة في قضاء أفضل الأوقات من حياته معها والدليل طلبه الغريب ذاك.

اليوم هي النهاية اليوم ستصرخ باعلى صوتها بأنها لم تعد تريده هو أو حبه فليرحل عن سماء عشقها وليجذف باقصى سرعة عن شواطئ قلبها ليرحل معه كل ذلك الألم والتعب والتفكير فلم يعد قلبها قادرا على تحمل وجوده الذي سيقضي يوما ما على ما بقي من فراغ تركه القدر في قلبها لم تعد تريد الحب فهو ليست بارعا فيه.. ما انفكت تقول لنفسها تلك العبارات وهي تسمع رنين الهاتف على الجانب الاخر لانها لن تستطيع ان تمثل بعد اليوم دور العاشقة لسراب رجل يؤجج الوجع في قلبها وينصب لها جحيم الفراق في اي لحظة ... بقربه تحترق وببعده تحترق وبحبه المشروط ذاك هو لم يحبها يوما بل كان يسعى من خلاله الى ان يغيرها ويذيبها في شخصيته لتعيش في حبه أسيرة الخيبة و الاستياء والوجع والألم الذي يهشمها ويحطمها ويبعثر اشلاء قلبها لتعود بعدها وحيدة وغريبة وكئيبة تناضل من اجل بقائها غدا على قيد الحياة .....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى