السبت ١٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥
بقلم مصطفى معروفي

تقليد ينبغي الأخذ به في شعرنا العربي

ليس عندنا نحن العرب تقليد يكاد يكون مطّردا كما نلاحظ ذلك في الغرب مثلا،هذا التقليد نحن في حاجة إليه إذ هو ينقصنا نقصا كبيرا إلى درجة قد نعده مثلبة من المثالب في أدبنا العربي وفي شعرنا خاصة،هذا التقليد هو الاحتفال بقصيدة أو بديوان شعري كان حدثا بارزا في إبّانهما أو شكلأ منعطفا خطيرا بحيث كان تأثيرهما على الشعر العربي تأثيرا واضحا لا مشاحة فيه ،واعترف به الشعراء قبل النقاد.

ففي أمريكا مثلا أو في أنجلترا نجد ثمة اهتماما واحتفالا بالمجموعة الشعرية "أوراق العشب" Leaves of Grass التي نشرت أول مرة سنة 1855للشاعر الأمريكي والت ويتمان والتي قضى حياته في تنقيحها ومراجعتها إلى أن وافته المنية سنة 1892،فهي قد طبعت أول مرة ب12قصيدة وانتهت مطبوعة ب400 قصيدة.

فنحن نرى أن الاهتمام يتجدد بهذا الديوان كل سنة ،بحيث يخصص الوسط الأدبي له وجماعات الشعر احتفالا هو بمثابة عيد وكأن الديوان إياه هو فتح ما بعده فتح في حظيرة الشعر الأمريكي والغربي عامة وكل العالم.

وبالمثل يمكن أن نتحدث عن قصيدة رائدة مثل قصيدة:"الأرض الخراب" The Waste land للشاعر تي.إس.إليوت،والتي يستهلها قائلا:

نيسان أقسى الشهور، يخُرج
الليلك من الأرض الموات، يمزج
الذكرى بالرغبة، يحرك
خامل الجذور بغيث الربيع...

ونحن نعرف جيدا مدى كان تأثير هذه القصيدة وتأثير صاحبها على شعرنا العربي الحديث.

وأنا هنا أتساءل بالمناسبة لماذا لا يكون لها نفس الاهتمام ونفس الاحتفال بقصيدة عربية من روائع شعرنا،فنجددها ونزيل عنها صدأ النسيان حتى لا يخمل ذكرها وتصبح من الماضي الذي عفى عليه الزمان.

وأنا لا أريد أن أدخل في نقاش نحدد من خلاله ما هي المعايير التي نتخذها في تعيين قصيدة أو ديوان تتوفر فيهما الروعة والجدارة بالاهتمام والاحتفاء.

لماذا لا يقع الاختيار عندنا في هذا الصدد على قصيدة مثل "أنشودة المطر"لبدر شاكر السياب،التي اعتبر نشرها في مجلة الآداب البيروتية في عام 1954من طرف النقاد والمهتمين فتحا مبينا في الشعر العربي وتجديدا له،وهي بالفعل كانت كذلك.

يقول السياب فيها:

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،
أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ
ويقول :
كَالبَحْرِ سَرَّحَ اليَدَيْنِ فَوْقَـهُ المَسَاء،
دِفءُ الشِّتَاءِ فِيـهِ وَارْتِعَاشَةُ الخَرِيف،
وَالمَوْتُ، وَالميلادُ، والظلامُ، وَالضِّيَاء؛
فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي، رَعْشَةُ البُكَاء
كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر!

إلى آخر هذه القصيدة الرائعة روعة لا تضاهى.

لنرْقَ إلى مستوى روعة بعض قصائد ودواوين شعرنا العربي، ولنقم لها الاحتفلات كل سنة، ولنعلم أن شعرنا كان منذ القديم ولم يزل هو ديوان العرب بلا منازع.

ونسأل الله الإخلاص والصدق في العمل.​


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى