الأحد ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨
بقلم خولة عزوي

بحث عن الإنسانية

جلست القرفصاء أبحث عني لكي أعي العالم الذي أنتمي إليه ،تأملت مليا فإذا برسوم مبعثرة، لممتها فشكلت كائنات إنسانية فعلمت أن كل من له هذه المواصفات يقبع معنا تحت نفس الدائرة؛ وأدركت بالموازاة أنه ليس اعتباطا ،لم أجد عنصر المشاعر بل لأن هذه الورقة باتت مفقودة، لا مجال للحديث المطول قصد وصفها أو البحث عنها ...

عدت أدراجي شيأ فشيأ فإذا بأبي يقول، لا تبحثي فالدرج أفرغ منذ سنوات من الجوهر ولم يعد احتواؤه ،إلا على الأشكال ورسومات تشكل أجساد ...
آآآآآآه أبي لقد أطفأت شمعدان الأمل في، فبعد أن فرحت بانتمائي لعالم الإنسانية تقول أنها أجساد فارغة وخشب مسندة؛ لماذا؟

لا عليك بنيتي ستكبرين لتعي جيدا ما المقصود بالإنسانية وستتمنين لو أنك لم تبحثي يوما... لماذا ياأبي؟ ألسنا من نرحم ونعطف ونتعايش؟ ألسنا من نناشد الإحترام والتآخي ؟ألسنا...؟
كلا بنيتي بل قولي؛ ألسنا من هنا فسهل الهوان علينا؟ألسنا من الدعينا السلم فحاربنا بعضنا البعض، لا لشيئ سوى للقمة عيش؟ألسنا من هتكنا حرمة التعليم ببلادنا؟ وقلنا نريد شعبا خاليا من الأمية؟ قولي وقولي...

ولكن لا تقولي الإنسانية، فهي كلمة أكبر بكثير من حجمنا في هذا العصر...أدمت كلماته قلبي فرحت أبحث عن خلاص من هذه العتمة التي غيمة على فؤادي .سحبت نفسي خارج البيت؛ فإذا بي أرى حشدا من الناس يهتفون؛ إنه إبن عاق، لقد ضرب أمه وآخرون يقولون إنه تحت التخدير.
فأذرفت دموع الحسرة على زمننا ؛كيف ليافع مثل هذا أن يدمن؟ وكيف لأم مربية أن تضرب من لدن فلذة كبدها؟وكيف ....
دخلت المنزل ونمت بدموع الحسرة، وفي يوم الغد؛ ذهبت إلى المدرسة وكان الدرس يتعلق بقيم المواطنة؛ فإذا بالأستاذ يتحدث عن العدل والديمقراطية، رفعت أصبعي وقلت له أستاذ ما الحقوق التي تكفل لنا العيش بفطرة دون أن نؤدي المجتمع أو يؤدينا؟
قال شكرا بنيتي إنه سؤال وجيه، لكن، لنتركه لحصة مقبلة لأنه سيهدر لنا وقت الحصة ونحن في أمس الحاجة إليه.

فأدركت آن ذاك الجواب؛ والذي يلخص في الإكثار من الطابوهات والموضوعات المسكوت عنها...كتبت التاريخ ووضعت تحته عنوان متى ننضوي تحت لواء الإنسانية
بدأت الكتابة فإذا بالمدرس مار بجانبي، رأى مادونته فأصدر في حقي عقوبة_ نحن أمة إقرأ لا إسأل_ أكتبيها مئة مرة ...
علمت آنذاك أن زمن النور يحتاج منا إلا جرأة زياة وأسئلة ملحاحة، لكي يتقد من جديد، فالقراءة لم تكن يوما للأصوات بل لدلالاتها وما وراء دلالاتها؛ وما دمنا لم نعي ذاك بعد؛ فلا مجال للحديث عن الإنسانية أوالتقدم ...

قصتي ستقف عند منتصف الدائرة، فالجرح عميق وعقيم. أملي أن أكتب لكن، وضعوا حارسا شرطيا وقالوا؛ إحرص الورقة وأية مخالفة في الكلمة أصدر عقوبة زجرية...فسال مداد قلمي ليكتب؛ نناشد الهوية، لكن الورقة ،حولته فصارت الجملة ،نناشد الروية فقلت لما لا، نتروى وننهج الهوينة فيوما ما سنصل ونعلن ميلاد الإنسانية بلغتها وقيمها ومبادئها...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى