

الوعر الأزرق
صدر مؤخراً عن دار الجندي للطباعة والنشر بدمشق الطبعة الثانية للمجموعة القصصية للأديب والقاص السوري إبراهيم صموئيل .. وقـد جاءت المجموعـة ضمـن / 109/ صفحات من القطع المتوسط .
لقد استطاع هذا الأديب المبدع أن يرسم ملامح فن القصة القصيرة في بلاد الشام كما ما لم يرسم من قبل ، وتجسد ذلك ضمن مجموعاته : رائحة الخطو الثقيل ، النحنات ، ثم الوعر الأزرق ، المنزل ذو المدخل الواطئ ، وفضاءات من ورق .. فكان ذلك الرجل الإنسان الذي امتلك ناصية الكتابة والقص فأبدع وأعطى عبر دخول في كينونة المعاناة للناس الناس .. ففي مجموعته هذه ينتقل من العتمة ، نحو الصمت ، مروراً بومضة ، ثم قالت خديجة لخديجة وأبطال الأبطلين ، الوعر الأزرق ، العصبة وفي حافلة صغيرة ، ثم سلاميتان من ورق ، وصولاً إلى المسافة والخانم وأخيراً - طيط - حيث تحولت الحادثة الاجتماعية معه إلى منهل نعب منه لإنشاء الصور المبالغ فيها ، والتخيلات المجنحة والوضعيات الشاذة الغريبة ، متبادلينها سراً فيما بيننا ، فلا نشبع ولا نرتوي ، حتى باتت الواقعة بالنسبة لنا فرصـة تاريخية .
في معاناة البشر ولحظات الألم يكتب بطل قصته رسالة بحجم سلاميتين من إصبع على ورق رقيق ، من نوع ورق الرسائل كُتبت بعض الجمل على الوجهين بحبر أسود وأحرف صغيرة واضحة .
إبراهيم صموئيل يغوص في قعر المجتمع ويحاول اقتلاع ما التصق في أسفل القعر هذا ، وهو الذي يقول في قصه : ما نهضت من حفرة إلا وانزلقت بأخرى ، ولا تعثرت بحجر إلا وسقطت بعرقلة من غيره ، وما اندفعت بحثاً عن وداد إلا وارتطمت بعابر أو شجرة أو عمود حتى بت مثل أعمى حقيقي خلف العصبة السوداء .
ولأنها ومضة فقد تخطى – صموئيل – الوعر الأزرق باتجاه صعود أدبي حلزوني للأمام والأعلى على طول المدى ، فكان ما كان من نصوص قصصية جزلة وسلسة وغاية في الجمال .