المركز الثقافي
تمر السنوات تتعاقب الأجيال وتبقى بصمات أبناء الوطن في سجل التاريخ...لما نرجع إلى الماضي لحصر ومراجعة مخلفات فترة الجيل الماضية وما بعد الاستقلال من انجازات وإخفاقات لا بد من الوقوف على تأثيرات التيارات الفكرية التي كانت سائدة أنداك قبل انهيار حائط برلين الذي شاهده الجميع وهو ينهار. وبعد دلك تسارعت الأحداث وتغيرت الكثير من المفاهيم. وظهور اتجاه فكري ينادي بكل تقله بالعولمة هدا تزامنا مع صحوة إسلامية في الوطن العربي وما تلاها من ثورات بدأت من تونس ولا تزال نار البوعزيزي تحصد المزيد..
عندما ارجع بالذاكرة إلى سنوات السبعينات اتدكر الطفولة كما اتدكر كيفية البحت عن الذات من خلال البحت عن المعلومة...كما هو معروف لم تكن المعلوميات متوفرة كما هي في المتناول في وقتنا الحالي. كانت المكتبات الملجأ الوحيد أن توفرت في محيطك.وبهده المناسبة اتدكر الخدمة التي كانت توفرها المراكز الثقافية الأجنبية. منها من فتح لي الأبواب بكل سهولة كالمركز الثقافي السوفيتي بالرباط.كان الفضاء مناسبا للمطالعة في قاعة فسيحة والى جانبها توضع المجلات والجرائد مجانا. وبقاعة سينمائية كاملة التجهيزات يعرض كل أسبوع فلما مطولا. لم تكن كتب التاريخ السوفيتي ولا الحزب الشيوعي تهمنا بقدر ما كنا نبحث عن مكان دافئ لمراجعة الدروس. في احد الأيام أثرت انتباه احد الأطر داخل قاعة المطالعة، كلمني المشرف على القاعة بان احد الصحافيين من الاتحاد السوفيتي يريد أن يطرح علي بعض الأسئلة...كان رجلا أنيقا يقترب من الستينات، قدم لي التحية بالفرنسية بلكنة روسية، بعد الأسئلة المتعلقة بالمعلومات الشخصية انتقل إلى جس النبض فيما يتعلق بمعلوماتي حول نظام بلاده...لم أكن اعرف بالطبع التفاصيل المملة فيما يتعلق بالحزب الشيوعي واللجنة المركزية...قبل أن يودعني قدم لي بعض النصائح والعناوين المتوفرة بالمكتبة... تنفست الصعداء لما غادر القاعة، اخدت بعض الوقت لكي أراجع تلك الأسئلة المحرجة، جمعت كتبي وخرجت ..لم اعد أبدا.