الاثنين ١٩ حزيران (يونيو) ٢٠١٧
مسلسل الجماعة 2 وحقيقة
بقلم عمرو صابح

العلاقة بين جمال عبد الناصر وسيد قطب

أثار مسلسل الجماعة 2 منذ بدء عرضه عاصفة من الجدل، بسبب الطريقة التى تناول بها الأستاذ وحيد حامد مؤلف المسلسل، طبيعة صلة الزعيم جمال عبد الناصر بجماعة الإخوان المسلمين، وحقيقة ارتباطه بالكاتب الإخوانى سيد قطب خلال سنوات ما قبل ثورة 1952، وفترة حضانة الثورة بين عامى 1952- 1954.

حرص مؤلف المسلسل منذ بدء ظهور جمال عبد الناصر فى أحداث المسلسل على تأكيد ان جمال عبد الناصر كان من كوادر الإخوان، وله أسم كودى داخل الجماعة هو زغلول عبد القادر، بل ووصل الحال إلى أن جمال عبد الناصر كان مرشحاً لتولى منصب مرشد جماعة الإخوان.

وعندما تعرض مؤلف المسلسل لعلاقة جمال عبد الناصر بسيد قطب، تم تصوير عبد الناصر كتلميذ مخلص وتابع أمين لسيد قطب، يستشيره فى شتى الأمور، بدءً من التخطيط للثورة وصولاً لإختيار مسمى للإنقلاب العسكرى، وكيفية إدارة البلاد، والتعامل مع الأحزاب السياسية وجماعة الإخوان، ويحتوى المسلسل على عدة مشاهد يبدو فيها سيد قطب كزعيم للضباط الأحرار الذين يجلسون بين يديه كالأطفال، يستلهمون حكمته وحنكته السياسية والفكرية!!!
أدى ذلك التناول الدرامى المجافى للوقائع التاريخية لإعتراض الكثيرين على تلك الأحداث التى لم تحدث سوى فى خيال مؤلف المسلسل فقط، ولكن الأستاذ وحيد حامد رفض انتقاد مسلسله، وصرح انه اعتمد على عشرات المراجع التاريخية الموثوق منها فى كتابة أحداث المسلسل، وأصر على إخوانية جمال عبد الناصر.

الحقيقة ان الأستاذ وحيد حامد خلال كتابته للحلقات التى أذيعت حتى الأن من المسلسل، وتتناول علاقة عبد الناصر بجماعة الإخوان وسيد قطب، لم يستعن إلا بكتاب واحد، هو " عبد الناصر والإخوان بين الوفاق والشقاق " للأستاذ سليمان الحكيم، الكتاب صادر عام 2010 عن مكتبة جزيرة الورد.

كتب مؤلف الكتاب فى إهداء الكتاب التالى:

إلى القيادات الجديدة.. إخواناً وناصريين.. الأباء يأكلون الحصرم.. والأبناء يضرسون!!
وإلى مجدى الجلاد الذى ساهم فى أن يعرف المصرى اليوم.. ما فعلوه فى مصر الأمس!!!
ينقسم الكتاب إلى جزءين، الجزء الأول يضم حوار للمؤلف مع المستشار الإخوانى الدمرداش العقالى، من أعضاء الجهاز السرى المسلح فى جماعة الإخوان، وزعيم الطلبة الإخوان بالجامعة، والصديق المقرب من سيد قطب خلال مرحلة الطفولة والشباب، والذى كان زوجاً لإبنة أخت سيد قطب، والذى ينتمى لمحافظة أسيوط مثل سيد قطب.

والجزء الثانى يضم حواراً للمؤلف مع مرشد الإخوان الأسبق مأمون حسن الهضيبى.

عنوان مقدمة الكتاب هو: وصية حسن البنا قبل اغتياله: عبد الناصر مرشد الإخوان من بعدى.
العقالى: عبد الناصر نبتة إخوانية!!! هذا هو عنوان أول فصول الكتاب.

القارئ لصفحات الكتاب من صفحة 7 حتى صفحة 41، سوف يجد ان الأستاذ وحيد حامد قام بتحويل حوار المستشار الدمرداش العقالى مع الأستاذ سليمان الحكيم إلى سيناريو و حوار لمسلسله، ونقل شهادة المستشار العقالى وكأنها أحداث التاريخ كما وقعت فعلاً!!
الصفحات من 43 حتى صفحة 65، تتعرض لحل جماعة الإخوان ثم حادث محاولة الإخوان قتل الرئيس عبد الناصر عام 1954، وهى أحداث لم يصل لها المسلسل بعد لكى نحكم على مدى تطابقها مع شهادة الدمرداش العقالى.

نصل الأن إلى صفحة 67 من الكتاب، والتى يتصدرها عنوان:

عبد الناصر يختار سيد قطب نائباً له فى أول تنظيم للثورة!!

من صفحة 67 حتى صفحة 77، يقدم المستشار الدمرداش العقالى شهادته عن علاقة جمال عبد الناصر بسيد قطب، ومن سيقرأ تلك الصفحات سيجد ان الأستاذ وحيد حامد نقل شهادة العقالى بحذافيرها فى مسلسله لتصوير علاقة عبد الناصر بسيد قطب.

يقول العقالى فى شهادته:

سيد قطب كان مفكر الثورة ومنظرها الأول.

سيد قطب كان رسول جمال عبد الناصر للتجمعات الطلابية.

سيد قطب كان القلم المعبر عن الثورة.

سيد قطب كان يتعامل مع عبد الناصر على أنه "العقل"، وعبد الناصر "الجسد"، ولا يقبل أن يوجه الجسد العقل، بل يجب على العقل أن يوجه الجسد!!

عبد الناصر استعان بأراء سيد قطب حول كيفية التعامل مع الإخوان، ومع الأحزاب السياسية!!
هذا غيض من فيض شهادة الدمرداش العقالى عن علاقة جمال عبد الناصر بسيد قطب، وسيلحظ من تابع الحلقات التى أذيعت من المسلسل حتى الأن، ان علاقة عبد الناصر بسيد قطب فى المسلسل مطابقة لشهادة الدمرداش العقالى.

وهكذا ترك الأستاذ وحيد حامد عشرات المراجع التاريخية الموثقة، واعتمد على شهادة شخص واحد من قادة الإخوان لتصوير حقيقة علاقة جمال عبد الناصر بكلاً من جماعة الإخوان وسيد قطب!!

فى الحوارات التى دارت بين سيد قطب وجمال عبد الناصر خلال المشاهد التى جمعتهما فى المسلسل، قام الأستاذ وحيد حامد بتحويل مقالات الأستاذ سيد قطب المؤيدة للثورة، والتى كتبها فى الفترة من 8 أغسطس 1952 حتى 20 أكتوبر 1952، فى جريدة الأخبار، وفى مجلتى روز اليوسف والرسالة، إلى أراء ومقترحات وأفكار سيد قطب فى المسلسل التى يمليها على جمال عبد الناصر والضباط الأحرار، وهم فى حالة إنبهار بحكمته وبراعته السياسية!!

لو قام الأستاذ وحيد حامد بالاستعانة بمراجع تاريخية أخرى بجوار كتاب مرجعه الرئيسى فى المسلسل كتاب " عبد الناصر والإخوان بين الوفاق والشقاق "، كان سيجد التالى حول التكوين الفكرى والسياسي لعبد الناصر:

- البروفيسور فاتكيوتس فى كتابه "جمال عبد الناصر وجيله" قدم أطروحة علمية تثبت تأثر جمال عبد الناصر بأفكار حركة مصر الفتاة وعضويته بها.

- الدكتور "عصمت سيف الدولة" فى كتابه "حوار مع الشباب العربى" قدم أدلة تاريخية دامغة تثبت تأثر جمال عبد الناصر بأفكار الحزب الوطنى القديم وعضويته به، وانه كان قائد كتيبة عسكرية شكلها الحزب لمقاومة الإنجليز فى القنال.
 كل أدبيات حركة حدتو الشيوعية تؤكد تأثر جمال عبد الناصر بأفكار الحركة وعضويته بها، ودور الحركة فى دعم الثورة.

- أدبيات الإخوان المسلمين تذكر تأثر جمال عبد الناصر بأفكار الإخوان، وانضمامه للجماعة فى عهد حسن البنا، وصداقته الوثيقة بالصاغ محمود لبيب المتوفى عام 1949، وبالمحامى حسن العشماوى، وبالشيخ محمد فرغلى، وبقائد التنظيم الخاص عبد الرحمن السندى.

- مصدران فقط قاما بذكر ان سيد قطب التقى بالضباط الأحرار قبل قيام ثورة 23 يوليو، المصدر الأول هو مقال للأديب الراحل سليمان فياض بمجلة الهلال عدد سبتمبر 1986، كتب فيه ان سيد قطب أخبره انه كان على صلة بالضباط الأحرار، وكان بعضهم يزوره فى منزله بحلوان قبل الثورة

المصدر الثانى هو كتاب "سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد" للكاتب الإخوانى القطبى صلاح الخالدى، و كلا المصدرين لا يمكن الاعتداد به، فسيد قطب لا يوجد شاهد على تلك اللقاءات سواه، وصلاح الخالدى قطبى متزمت،، ذهب إلى ان الإعداد للثورة وتنفيذها كان تخطيط مشترك بين الضباط الأحرار وسيد قطب!!!

 لا توجد صورة واحدة تجمع بين جمال عبد الناصر و سيد قطب، علما بوجود العديد من الصور لعبد الناصر مع حسن الهضيبي ومحمد فرغلى وعبد الحكيم عابدين وعبد القادر عودة وصالح عشماوى وغيرهم من قادة الجماعة.

 سيد قطب ذاته فى كتابه "لماذا أعدمون؟"، وهو كتاب يضم شهادته عن علاقته بالإخوان المسلمين وثورة 23 يوليو، ويعده الإخوان من أدبياتهم، لم يذكر مطلقاً أى علاقة له بجمال عبد الناصر قبل أو بعد الثورة.

 لا يوجد مرجع تاريخى واحد ذكر ان عبد الناصر كان من قراء سيد قطب، أو تأثر بأراءه وكتاباته.

 خلال أحداث المسلسل، يتم تصوير الأستاذ سيد قطب كأول من أطلق على الانقلاب العسكرى مسمى الثورة، بينما فى الحقيقة منذ اليوم الأول لنجاح الانقلاب العسكرى فى 23 يوليو 1952، كان كل الصف الأول من الضباط الأحرار، يطلقون على تحركهم اسم الثورة، اللواء محمد نجيب هو الذى اقترح عليهم اسم الحركة، بحجة ان كلمة الثورة، سوف تثير فزع الناس خاصة الرأسماليين.

- أول مثقف أطلق على الانقلاب العسكرى كلمة الثورة، هو عميد الأديب العربى د.طه حسين، وتبعه الدكتور راشد البراوي الذي أصدر كتابه الشهير "حقيقة الانقلاب الأخير في مصر"، الذى فند فيه أسباب رفضه لوصف حركة الجيش بالانقلاب أو الحركة، مؤكدًا أنها ثورة تؤيدها جماهير الشعب.

- علاقة سيد قطب بثورة 23 يوليو، جاءت عبر البكباشى "عبد المنعم أمين" أحد ضباط سلاح المدفعية، والذى انضم للضباط الأحرار يوم 23 يوليو 1952، لإنحيازه للانقلاب العسكرى فورعلمه به، ولشعبيته داخل سلاح المدفعية، ولذلك تم تعيينه فى مجلس قيادة الثورة، وتكليفه بتولى ملف العمال،عبد المنعم أمين هو من قام بتعيين سيد قطب كمستشار له.

لعب عبد المنعم أمين دور البطولة فى قضية إضراب عمال كفر الدوار، والتى انتهت بإعدام العاملين خميس و البقرى.

الأستاذ سيد قطب عندما حدثت إضرابات كفر الدوار، كتب مقالاً نارياً بجريدة الأخبار فى 15 أغسطس 1952، بعنوان " حركات لا تخيفنا "، يطالب فيه بالضرب بيد من حديد لكل من يثير الاضطرابات، مما جاء فيه:

"لقد أطلع الشيطان قرنيه فى كفر الدوّار، فلنضرب، لنضرب بقوّة ولنضرب بسرعة، أما الشعب فعليه أن يحفر القبر وأن يهيل التراب"

فى مارس 1953 أصدر مجلس قيادة الثورة قرارً بإقالة عبد المنعم أمين من المجلس، وتم إرساله سفيراً لمصر فى هولندا.

فى مارس 1953 وعقب إقالة عبد المنعم أمين وسفره للخارج، انضم سيد قطب رسمياً لجماعة الإخوان المسلمين.

هذه هى كل علاقة سيد قطب بالثورة وقائدها.

صرح الأستاذ وحيد حامد مدافعاً عن مسلسله، انه استعان فى كتابته بمذكرات المرحوم كمال الدين حسين أحد قادة ثورة 23 يوليو، وان تلك المذكرات متاحة وموجودة بالمكتبات، ولكن الحقيقة ان المرحوم كمال الدين حسين لم يترك أى مذكرات له.

كما قال الأستاذ وحيد حامد انه اعتمد فى مراجعة الوقائع التاريخية بمسلسله على مذكرات المرحوم عبد اللطيف البغدادى أحد قادة ثورة 23 يوليو، ولكنى خلال مشاهدتى للحلقة السادسة من المسلسل، لفت نظرى المشهد الأخير بالحلقة، الذى يحتوى على اجتماع للضباط الأحرار يرأسه جمال عبد الناصر بعد حريق القاهرة، وخلال الاجتماع، يقترح جمال عبد الناصر على رفاقه استغلال ظروف البلد عقب الحريق، والإسراع بتنفيذ الثورة ضد النظام الحاكم، ولكن يقوم رفاق عبد الناصر برفض رأيه، وتفنيد ما جاء به، ويطالبونه بالتريث والمزيد من الاستعداد.

هذا ما جاء فى المسلسل.

و عند مراجعتى لمذكرات عبد اللطيف البغدادى -الجزء الأول - طبعة المكتب المصرى الحديث، فى صفحتى 44،45، وجدت التالى:

كتب البغدادى تحت عنوان (مشادة عنيفة مع جمال).

انه طالب عبد الناصر بالتحرك وتنفيذ خطة الثورة فى أسرع وقت، واستغلال ظروف الحريق، ولكن عبد الناصر رفض قبل إتخاذ المزيد من الاجراءات التى تضمن نجاح خطة الانقلاب.
ويقول البغدادى انه إثر ذلك، أعلن لعبد الناصر وزملاءه انسحابه من حضور اجتماعات اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار حتى يقرروا التحرك للقيام بالثورة، وعندها سوف يجدوه معهم هو ورفاقه ضباط القوات الجوية، ثم يذكر البغدادى انه لم يعد لحضور اجتماعات الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار حتى يوم 16 يوليو 1952، عندما قرر الملك فاروق حل نادى الضباط.
هذا هو كلام البغدادى فى مذكراته، وهو مخالف تماماً لأحداث المسلسل، الذى يقول الأستاذ وحيد ان مذكرات البغدادى من مراجعه التاريخية!!.

للأسف الشديد لم تتم عملية مراجعة حقيقة علاقة جمال عبد الناصر بجماعة الإخوان بدقة، وتم اختراع علاقة وهمية ربطت بين جمال عبد الناصر وسيد قطب، لم تحدث إلا فى حلقات المسلسل، مما أعطى جماعة الإخوان وسيد قطب أدواراً غير حقيقة فى تاريخ مصر المعاصر.
تبقى شهادة الرئيس جمال عبد الناصر عن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، وقد جاءت فى مناسبتين، الأولى خلال حديث الرئيس جمال عبد الناصر إلى مندوب صحيفة "الصنداى تايمز" فى 18 يونيو 1962.

وفيه قال الرئيس عبد الناصر:

" وقد كانت لى اتصالات متعددة بالإخوان المسلمين؛ رغم أنى لم أكن قط عضواً فى هذه الجماعة، وأحسست بقوة زعيمهم المرشد العام حسن البنا، وهنا أيضاً وجدت أمامى صعوبات دينية؛ فقد كان تصرف الإخوان المسلمين ضرباً من التعصب الدينى، وما كنت أرضى لا بإنكار عقيدتى ولا بأن تحكم بلادى طائفة متعصبة. كنت واثقاً من أن التسامح الدينى لابد أن يكون ركناً أساسياً من أركان المجتمع الجديد الذى كنت أرجو أن أراه قائماً فى بلادى".

والثانية خلال مناقشات الرئيس جمال عبد الناصر مع الشباب فى معسكر التدريب بحلوان فى 18 نوفمبر 1965، وفيها قال الرئيس عبد الناصر:

" أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة فى البلد، يعنى مثلاً كنت أعرف الشيخ حسن البنا لكن ماكنتش عضو فى الإخوان، وكنت أعرف ناس فى الوفد، وكنت أعرف ناس من الشيوعيين، وأنا باشتغل فى السياسة من أيام ما كنت فى تالتة ثانوى، وفى ثانوى اتحبست مرتين أول ما اشتركت اشتركت فى "مصر الفتاة"، ودا يمكن اللى دخلنى فى السياسة، كنت ماشى فى الإسكندرية ولقيت معركة بين الأهالى والبوليس اشتركت مع الأهالى ضد البوليس؛ قبضوا على ورحت القسم، بعد ما رحت القسم سألت الخناقة كانت ليه؟ (ضحك وتصفيق) - وكنت فى سنة تالتة ثانوى - فقالوا إن رئيس حزب مصر الفتاة بيتكلم والبوليس جاى يمنعه بالقوة. وقعدت يوم.. وثانى يوم طلعت بالضمان الشخصى رحت انضميت لحزب "مصر الفتاة"، وبعدين حصل الخلافات؛ سبت "مصر الفتاة" وانضميت للوفد
وطبعاً أنا الأفكار اللى كانت فى رأسى بدأت تتطور وحصل نوع من خيبة الأمل بالنسبة "لمصر الفتاة".. ورحت الوفد، وبعدين نفس الشئ حصل مع الوفد. وبعدين دخلت الجيش، وبعدين ابتدينا نتصل فى الجيش بكل الحركات السياسية، ولكن ماكناش أبداً فى يوم أعضاء فى الإخوان المسلمين كأعضاء أبداً، ولكن الإخوان المسلمين حاولوا يستغلونا فكانت اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار موجودة فى هذا الوقت، وكان معانا عبد المنعم عبد الرؤوف وكان فى اللجنة التأسيسية، وجا فى يوم وضع اقتراح قال: إننا يجب أن نضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين، أنا سألته ليه؟ قال: إن دى حركة قوية، إذا انقبض على حد مننا تستطيع هذه الحركة إنها تصرف على أولاده وتؤمن مستقبله، فقلنا له اللى عايز يشتغل فى الموضوع الوطنى لا يفكر فى أولاده، ولا يفكر فى مستقبله، ولكن مش ممكن نسلم حركة الضباط الأحرار، علشان مواضيع شخصية بهذا الشكل، وحصل اختلاف كبير.. صمم عبد المنعم عبد الرؤوف على ضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين، احنا كلنا رفضنا.
كان طبعاً فى هذا الوقت الشيخ حسن البنا الله يرحمه مات، وأنا كانت لى به علاقة قوية. ولكن علاقة صداقة ومعرفة، وزى ما قلت لكم أنا ماكنتش أبداً فى الإخوان المسلمين، وأنا لوحدى يمكن اللى كان لى علاقة بحسن البنا، وإخواننا كلهم ما كانلهمش، ولكن كنت باقول لهم على الكلام اللى يحصل معاه. نتج عن هذا ان عبد المنعم عبد الرؤوف استقال - ودا كان قبل الثورة بستة أشهر - استقال عبد المنعم عبد الرؤوف. وأنا كان أيضاً لى علاقة ببعض الناس من الإخوان المسلمين كعلاقة صداقة، وكان هم لهم تنظيم فى داخل الجيش، وكان يرأس هذا التنظيم ضابط اسمه أبو المكارم عبد الحى..

قامت الثورة.. وفى أول يوم من قيام الثورة جالى بالليل عبد المنعم عبد الرؤوف ومعاه أبو المكارم عبد الحى وطلبوا ان احنا نديهم أسلحة علشان الإخوان يقفوا جنباً إلى جنب مع الثورة. وأنا رفضت ان احنا نديهم هذه الأسلحة، قلت لهم ان احنا مستعدين نتعاون، وبدأ التعاون بيننا وبين الإخوان المسلمين. قلت لهم يشتركوا فى الوزارة بعد كده، ورشحوا عدد من الناس للاشتراك فى الوزارة، ولكن جا بعد كده تصادم، اتحلت الأحزاب كلها وما حلناش الإخوان المسلمين. بعد حل الأحزاب وعدم حل الإخوان المسلمين، جالى ثلاثة من الإخوان المسلمين وقدموا لنا شروط:

الشرط الأول: ألا يصدر قانون إلا إذا أقره الإخوان المسلمين.

الشرط الثانى: أنه لا يصدر قرار إلا إذا أقره الإخوان المسلمين؛ أى بمعنى أوضح أن الإخوان المسلمين يحكموا من وراء ستار، ورفضنا هذه الشروط.

قبل كده قابلت حسن الهضيبى اللى كان المرشد العام للإخوان المسلمين فى بيته فى منشية البكرى على أساس تنسيق التعاون بيننا، فهو طلب منى الآتى:

أولاً: إن أنا أعلن الحجاب فى البلد كلها.. إن السيدات كلهم يمشوا محجبات زى اليمن يعنى، وأقفل المسارح والسينمات... إلى آخره، وبعدين أنا قلت له أنا مش فاهم أعمل الكلام دا ليه؟ والناس يقولوا رجع الحاكم بأمر الله، يقولوا إن فيه حاكم مجنون، ولا يمكن قبول هذا الكلام.

كان صلاح سالم - الله يرحمه - له نسايب ساكنين فوق الهضيبى، وأنا كنت باروح له كثير وكنت باشوف عيلة الهضيبى، فقلت له: إنت طالب منى إنى أعلن الحجاب وإنت عندك بنت فى كلية الطب.. وبنتك اللى فى كلية الطب مش لابسة حجاب ولا حاجة، وبتروح كلية الطب تحضر التشريح ولابسة زى البنات فى كلية الطب؟ فإذا كنت أنت مش قادر تعمل الحجاب فى بيتكم عايزنى أنا أعمل حجاب فى الدولة المصرية كلها إزاى؟‍‍‍‍‍! (تصفيق) فأنا بدى تدينى مثل أولاً وأشوف بنتك بتروح كلية الطب وهى لابسة حجاب، وبهذا أقدر أفكر فى الموضوع. طبعاً ماحصلش شىء من هذا القبيل.

بعد كده بدأ تصادم بيننا وبين الإخوان المسلمين، وبدأت المؤامرات.. مؤامرات الاغتيال، ومعروف حكاية ٥٤ وإزاى قرروا اغتيالى فى إسكندرية. واطلع من دا أن حركة الضباط الأحرار كانت حركة مستقلة، كان مبدؤنا الأساسى أن نكون على اتصال بجميع الهيئات السياسية، ولكن لا ننضم إلى هيئة ولا نعطى فرصة لأى هيئة سياسية بأنها تستغلنا".

لم يكن الرئيس جمال عبد الناصر إخوانياً، ولم يكن للإخوان دور فى ثورة 23 يوليو، ولم يكن سيد قطب يفكر لعبد الناصر أو يحركه كالدمية، كما يوحى المسلسل لمشاهديه.


مشاركة منتدى

  • هذا مقال فوق الممتاز .. ولست أدرى من اين جاء الكاتب وحيد حامد بهذه الأفكار عن علاقته بسيد قطب .. لقد أفهمنا من مغالطته الكبرى أنه ربما كان لسيد قطب يد في صناعة الثورة نفسها . والا فكيف له أن يوجه الضباط الاحرار نحو أفكاره وبالشكل الذى بدا لنا في المسلسل وكأنه الأب الروحى للضباط .

    والاضافة التي احب أن أضيفها أنا الى فكركم المتميز هو أين كان محمد حسنين هيكل من علاقة عبد الناصر سيد قطب . لقد كان هيكل مع عبد الناصر قبل قيام الثورة وهو الذى عرفه على محمد نجيب ليطلب منه ان يكون واجهة للثورة . لقد احب ناصر هيكل منذ التقى به وصنع له مكانة خاصة بجانبه منذ لقاءه به .فكيف لسيد قطب ان يقفز على هذه العلاقة القوية بين ناصر وهيكل لدرجة ان يدخل على ناصر وعبد الحكيم عامر فيغلق الراديو الذى يستمعان اليه ويلومهما على ما يسمعانه .. وغير ذلك كثير . وكنت أتمنى ان يفصح لنا الأستاذ وحيد حامد عن مراجعه عن هذه العلاقة بين ناصر وسيد قطب علنا نكون نحن المخطئون .

    ملحوظة واحدة على مقالكم وهى عن وفاة الصاغ محمود لبيب ، فقد توفى في يناير 1951 وشيعه عبد الناصر وحسين حمودة .

    ولترجع سيادتك الى كتاب حديث صدر لى بمناسبة معرض كتاب 2018 .. وعنوانه سرى ومحظور عن الاخوان " المسلمون " حاولت فيه أن أكون محايدا وكتبت على غلافه عبارة للجميع تقول " أن تكتب للتاريخ محايدا ، أو لا تكتبه " مع خالص الود والتحية . عادل حسنين

  • لماذا تطلبون منا أن نعلق اذا كنتم لا تحترمون ما علقنا به على مقالكم فنشر ليقرأه قراء موقعكم .. غريب جدا أمركم .. عادل حسنين

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى